على الرغم من إعلان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، موافقتها على صفقة تبادل الأسرى مع فصائل المقاومة الفلسطينية، والتي تفضي إلى إقرار هدنة إنسانية تستمر لمدة أربعة أيام، إلا أن هناك أصوات معارضة داخل إسرائيل كانت تقف ضد هذه الصفقة.
وقبل إعلان موافقة تل أبيب على الصفقة، وقع اشتباك بين العضو في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني جانتس ووزير المالية بتسئليل سموتريتش خلال اجتماع حكومة الاحتلال للمصادقة على صفقة الأسرى ووقف النار المؤقت.


وأكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن سموتريتش أعرب عن "قلقه" من تمديد حركة حماس الهدنة إلى ما بعد ما تم الاتفاق عليه في الصفقة "المتوقع أن تكون 4 أو 5 أيام"، وأن تعلن العثور على المزيد من الأسرى لدى أطراف أخرى، في إشارة من سموتريتش أن المقاومة الفلسطينية ستكسب مزيدا من أيام الهدنة مقابل تسليمها مزيد الأسرى غير عسكريين.

وجاء رد جانتس غاضبا من الأمر، موجها حديثه إلى سموتريتش: "أي نوع من الأسئلة هذا؟ نحن نخبرك أن هذه هي الصفقة. ماذا؟.. تثقون بنا أقل من السينوار؟".

وعقد نتنياهو، مساء أمس الثلاثاء، ثلاثة اجتماعات استمرت 6 ساعات لبحث الموافقة على صفقة تبادل الأسرى، وفقا لما كشفه مسؤول إسرائيلي في تصريحات لشبكة سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.

وقال المسؤول إن اجتماع حكومة الاحتلال بشأن صفقة الأسرى استمر حوالي 6 ساعات، وجاء متوترا وحساسا في بعض الأحيان، لكنه انتهى بموافقة الحكومة بأغلبية ساحقة على الصفقة.

وفي السياق نفسه، هاجمت عضو الكنيست الإسرائيلي تالي جوتليب، اليوم الأربعاء، بشدة موافقة الحكومة الإسرائيلية على صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل.
وقالت عضو الكنيست في تغريدة عبر حسابها الرسمي بموقع "إكس": "يا له من عار.. عار وطني"، وأضافت أن أيا من وزراء الحكومة لم يطالب بتلقي إشارة عن حياة جميع الأسرى قبل التصويت.
وواصلت عضو الكنيست هجومها على قرار حكومة نتنياهو قائلة: "لقد أذلوا شعبنا عند اندلاع الحرب، وهذا الاتفاق الذي لا يجمع جميع الأسرى هو إذلال آخر".
وتابعت: وافقتم على وقف إطلاق النار بدلًا من استمرار القصف الذي كان سيدفع حماس إلى استجداء وقف إطلاق النار! وفي هذه الأثناء، ستكون حماس فخورة وقوية".

وأعلن نتنياهو، أمس الثلاثاء، أنه سيتم إطلاق سراح الأسري من الجانبين على مراحل، وشدد على أن الحكومة الإسرائيلية تواجه قرارا صعبا لكنه القرار الصحيح، لافتا إلى أن استعادة الرهائن مهمة مقدسة وأنا ملتزم بذلك، مشيرا إلى أنه طلب من الرئيس الأمريكي جو بايدن التدخل لتحسين ظروف الاتفاق ليشمل المزيد من الأسرى، وقد حصل ذلك فعلا.
وقال نتنياهو إن القيادات الأمنية الإسرائيلية تدعم القرار بالكامل وتقول إن الاتفاق سيسمح للجيش بالاستعداد لمواصلة القتال.
وأكد أن الحرب مستمرة وستستمر حتى نحقق جميع أهدافها ويتم القضاء على حركة حماس واستعادة جميع الأسرى.
وعلى جانب آخر، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن صفقة تبادل الأسرى مع حماس ستسمح للصليب الأحمر بزيارة المحتجزين الإسرائيليين لدى الحركة.

وبهذه الصفقة يتوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، والذي تسبب في استشهاد أكثر من 14 ألف فلسطيني في غزة، مع إجبار الاحتلال سكان القطاع على النزوح من الشمال إلى الجنوب.

وكانت المقاومة الفلسطينية شنت عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي، ضد مستوطنات غلاف غزة، ما أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر حوالي 240 أسيرًا. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: خلافات إسرائيلية صفقة تبادل الأسرى فصائل المقاومة الفلسطينية نتنياهو هدنة إنسانية المقاومة الفلسطینیة صفقة تبادل الأسرى على صفقة

إقرأ أيضاً:

أسطرة المقاومة في مواجهة عوالم الموت الإسرائيلية

يعتمد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كحال سائر المستعمرين والمحتلين، على أشكال متطورة ومتجددة من العنف بهدف إخضاع الشعب الفلسطيني الواقع تحت سيطرته وتشكيل وعي متواطئ معه، يقبل بالخضوع، بحسب خلاصة مستمدة من أعمال خبراء ومختصين في دراسات "ما بعد الاستعمار".

وترصد العديد من هذه الدراسات، مثل أعمال الطبيب الفرنسي فرانز فانون، والفيلسوف الكاميروني أشيل مبيمبي، وأستاذة الأدب في جامعة هارفارد "إيلين سكاري"، أشكال العنف الاستعماري وأهدافه، وإمكانات الشعوب المقهورة في التعامل معه، وما يسمى بتقنيات إدارة الألم فرديا وجماعيا.

وبحسب هذه الأعمال، فإن نجاح شعب ما في التحرر مرهون بقدرته على الانعتاق من القيود الفكرية التي يفرضها الاستعمار والصبر على الألم وتحويله إلى دافع لتشكيل هوية مناضلة وفعل مقاوم طويل الأمد.

نجاح أي شعب في التحرر مرهون بقدرته على الانعتاق من القيود الفكرية التي يفرضها الاستعمار والصبر على الألم (الفرنسية) الصدمة والترويع

ويسعى الاحتلال من خلال "الصدمة والترويع" إلى خلق قدر من الألم الهائل والمفاجئ على شكل موجات تهدف إلى تجاوز قدرة الشعب على التحمل، وتوجيه أثر هذا العنف إلى داخله، تفككا وتآكلا للثقة وهو ما يجعله جاهزا للخضوع ونبذ المقاومة.

وردا على ذلك، تسعى أي حركة تحرر إلى استيعاب عنف المستعمر من خلال إستراتيجيات، منها "أسطرة البطولة" وجعلها مدخلا لتجنيد الشعب في أعمال المقاومة، وتحقيق الإنجازات التي تقنع الشعب بجدوى المقاومة.

ويضاف لذلك توثيق جرائم الاحتلال وجعلها أساسا لنزع شرعيته الدولية، والسعي لإيقاع أكبر قدر من الألم المادي والمعنوي في الاحتلال، مع تركيز الأنظار إلى حجم ألم العدو.

مسعفون فلسطينيون يقومون بإجلاء الجرحى من موقع غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز) طبيعة الاستعمار

قدم الطبيب الفرنسي فانز فانون نظرية واسعة التأثير بشأن طبيعة الاستعمار وطرق مواجهته، وذلك من وحي معايشته لاستعمار بلاده للجزائر، حيث كان يعالج جرحى الفرنسيين والجزائريين ويتفكر في دلالات مشاهداته، ولاحقا ألهمت أفكاره العديد من حركات التحرر حول العالم، وحفزت أعمالا موافقة لها وأخرى معارضة.

إعلان

ويرى فانون في كتابه "معذبو الأرض" أن الاستعمار نظام عنيف يعيد تشكيل الإنسان المستعمَر ليصبح "شيئا" وليس إنسانا طبيعيا، إذ يصور ضحاياه كمصدر للشر، يجب تدميره أو تهذيبه.

وبناء عدواني بهذه الدرجة لا يمكن تفكيكه بلغة الإصلاح، بل يتطلب -وفقا لفانون- تحطيما جذريا باستخدام القوة. مؤكدا أن "اللقاء الأول بين المستعمِر والمستعمَر كان عنيفا، واستمرار العلاقة بينهما قائم على اللغة نفسها، إلا أن أحد أخطر آثار الاستعمار هو "التواطؤ النفسي"، حيث يبدأ المضطهَد في تبني نظرة المستعمِر إليه.

وفي مواجهة عنف الاحتلال تكون نقطة التحول هي احتضان الألم والمعاناة، والتوقف عن الهرب ومواجهة الاحتلال وجها لوجه، وحينها فإن "الشيء الذي تم استعماره يعود إنسانا في العملية نفسها التي يتحرر فيها"، وذلك عند مواجهة عنف الاحتلال بالعنف الذي يستحقه ويستدعيه.

وبحسب فانون، فـ"العنف قوة تطهير.. تحرر المستعمَر من عقدة النقص والخمول"، وتعيد له احترامه لذاته، وتمنحه شعورا بالسيادة والسيطرة بعد طول إخضاع واستضعاف.

وفي هذه العملية لا يمكن للفرد أن يتحرر وحده، بل وحدة الجماعة الثورية أمر أساسي، والقاعدة هي "نجاة الجميع أو لا أحد".

سياسات الموت

وذهب الفيلسوف الكاميروني، أشيل مبيمبي، أبعد من ذلك في وصف السلوك الاستعماري، مبتكرا مصطلح "سياسات الموت" الذي جعله عنوانا لكتابه بهذا الشأن، والذي يلحظ أن الاستعمار يفرض سيادة يكمن التعبير النهائي عنها في "تحديد من يجوز له أن يعيش ومن يجب عليه أن يموت".

ويلاحظ مبيمبي أن انتزاع الجسد والحياة في ظل الاستعمار لا يحصل "باعتبارهما مجرد أشياء تُحكم، بل بوصفهما ساحة لظهور سلطة السيد الحاكم".

وتشير "سياسات الموت" إلى الطرق المتعددة التي تستخدم فيها الأسلحة في عالمنا المعاصر، من أجل أقصى قدر من التدمير البشري، وبذلك فإن الحصار والحدود والمخيمات والسجون وساحات القتال تقوم بإنتاج "عوالم موت"، تكون فيها حياة الشعب المستعمر على حافة الموت بشكل مستمر.

إعلان

وفي الحرب الجارية في قطاع غزة يمكن ملاحظة تبني الاحتلال الإسرائيلي لإستراتيجية "عوالم الموت"، بدءا من حصار القطاع على مدار 17 عاما قبل الحرب، مرورا بتكثيف الموت والإصابة بين الفلسطينيين.

كما حوّل الاحتلال كل مناحي حياة الفلسطينيين إلى معاناة، كالحصول على المياه والغذاء والعلاج، وتدمير المساجد وتعطيل عملها في تعزيز الروح المعنوية، وإنهاك المجتمع من خلال إدخاله في متواليات من الأمل ثم اليأس، إذ تتناوب عليه أنباء الانفراج القريب التي يتلوها التصعيد والتهجير الداخلي، ويتم تحويل مراكز المساعدات إلى محطات للقتل كما حصل في العديد من المجازر على مدار الحرب.

حول الاحتلال الإسرائيلي كافة مناحي حياة الفلسطينيين إلى معاناة (أسوشييتد برس) إستراتيجيات إدارة الألم

درست أستاذة الأدب في جامعة هارفارد، إيلين سكاري، توظيف الألم كأداة سياسية في كتابها "الجسد المتألم.. صنع العالم وتفكيكه"، مشيرة إلى أن "النشاط المركزي في الحرب هو الإيذاء الجسدي، والهدف الأساسي منها هو التفوق في إلحاق الأذى بالطرف الآخر".

وذلك رغم أن "واقع الإيذاء الجسدي غالبا ما يكون غائبا عن الأوصاف الإستراتيجية والسياسية للحرب"، كما يظهر لدى مراجعة كتابات كلاوزفيتز وليدل هارت وتشرشل وسوكولوفسكي وغيرهم من منظري الحرب.

ففي الحرب "تحاول كل جهة أن تُحدث تفككا في الجهة الأخرى بجعل واقع الإيذاء نفسه هو القضية التي يُخاض النزاع حولها. ولا يكون النصر بالضرورة إلى جانب الطرف الذي يُلحق بخصمه أكبر قدر من الأذى من حيث الكمية المطلقة، بل إلى الطرف الذي ينجح في تفكيك عزيمة الطرف الآخر، سواء عزيمته على مواصلة الإيذاء أو على مواصلة تحمّله".

وتسلط سكاري الضوء على خاصية أساسية في الألم الجسدي، وهي الصعوبة البالغة للتعبير عنه ونقل الشعور به إلى الآخرين لتعظيم أثره النفسي، مما يستدعي البحث عن وسائل "تكسبه الصوت" بهدف التخفيف منه.

في الحالة الفلسطينية كان للأبعاد الدينية والروحية دور أساسي في استيعاب الألم والصدمات (وكالة الأناضول) التخفيف من الألم

وتتابع المدرسة في جامعة هارفارد أنه "كما أن التعذيب يتكوّن من أفعال تُضخم الطريقة التي يدمر بها الألم عالم الشخص وذاته وصوته، فإن الأفعال الأخرى التي تُعيد الصوت لا تكون مجرد إدانة للألم، بل تُصبح أيضا شكلا من التخفيف من الألم، بل انقلابا جزئيا على عملية التعذيب نفسها".

إعلان

وتقول "إن الاعتراف بالألم، ومحاولة التعبير عنه، تُعدّ شكلا من الامتداد الذاتي في العالم، بحيث يُمنح المتألم إمكانية استعادة صوته، ومن ثم استعادة إنسانيته".

ومن هذه الوسائل ضرورة الاعتراف بالألم، والتعبير عنه، وبناء شبكات التعاطف الاجتماعي مع المتألمين، إذ "إن التعاطف، حين يمنح الألم مكانا في العالم عبر اللغة، يقلل من قوة الألم ويقاوم قدرة الجسد -حين يتألم- على ابتلاع الشخص بالكامل".

وفي الحالة الفلسطينية، كان للأبعاد الدينية والروحية دور أساسي في استيعاب الألم والصدمات التي خلقها الاحتلال الإسرائيلي، إذ وفرت البنية العقائدية للمقاومة قدرا عاليا من الصلابة، ومكنتها من الاستمرار في العمل العسكري بدرجات متفاوتة على مدار 18 شهرا، رغم تقدير الاحتلال أنه قد قتل ما يزيد على 10 آلاف مقاتل، إضافة إلى الأعداد الهائلة من الشهداء والجرحى الذين يتركزون في أهالي المقاتلين ومحيطهم الاجتماعي.

ووفرت مفاهيم مثل الشهادة والصبر والاحتساب، وآيات القرآن من قبيل "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون" أساسا للتعبئة الشعبية، وهي نتاج ثقافة تعززت بشكل خاص مع صعود دور المقاومة الإسلامية وإدارتها قطاع غزة منذ العام 2006.

التمحور حول الألم

ويتضح مما سبق أن مقدار الألم في الحرب ليس محددا للهزيمة أو النصر بحد ذاته، بل كيفية التعامل معه هي الأمر الحاسم بهذا الشأن، فإذا ترافق الشعور بالألم بالمعنى وبالتضامن فمن الممكن أن يكون معزّزا للإرادة في وجه الاحتلال، أما حينما يسود خطاب "عبثية الألم" مترافقا مع التفكك الاجتماعي والسياسي فيكون الألم دافعا إلى الانهيار.

ويمكن لمركزية الألم في سياق الاستعمار أن تتخذ منحى إيجابيا أو سلبيا، وفقا لما تظهره الأعمال النظرية السابقة والتجارب العملية بهذا الشأن، إذ يمكن أن يكون الألم حافزا وأداة للتحرر حينما يحوّل إلى طاقة حشد وتعبئة، ويدار بروح جماعية صلبة، من خلال التضامن الاجتماعي والخطاب المقاوم، وحينما يعرّي العدو أخلاقيا ويقوض سرديته التي يقدم نفسه فيها مركزا للخير والحضارة.

إعلان

وبالمقابل، يعمل الاستعمار على إيصال الألم إلى مستوى لا يقدر المجتمع المستعمَر على تحمله بهدف تفكيك التضامن والروح المعنوية، ولتعزيز الشقاق الداخلي، مع الحرص على عدم إعطاء تنازلات يراها الواقعون تحت الاحتلال إنجازات تعزز صمودهم وثباتهم.

وهكذا، فإن مآل الحرب لا ينفك عن صراع الإرادة بين صنع الألم وإدارته لدى طرفي الصراع، بما يتطلب وضع الألم دائما في سياقه، وتوجيه رد الفعل عليه نحو الاحتلال، مع السعي الدائم إلى تقليل مقداره في سياق إدامة مقاومة الاحتلال وليس الاستسلام لإرادته.

مقالات مشابهة

  • بعد تحذير القسام.. مظاهرات حاشدة في تل أبيب تطالب بإبرام صفقة تبادل أسرى
  • أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو
  • عائلات إسرائيلية توجه طلبا لـ ويتكوف
  • فصائل فلسطينية: أوقعنا قوة إسرائيلية تحصنت في منزل بكمين محكم
  • أسطرة المقاومة في مواجهة عوالم الموت الإسرائيلية
  • الحوثي تتحدث عن استعدادها لإجراء عملية تبادل كاملة للأسرى
  • كيف قضت المقاومة على قوة نخبة إسرائيلية في كمين خان يونس؟
  • عمليات نوعية لمجاهدي المقاومة الفلسطينية تكبّد العدو خسائر في الأرواح والعتاد
  • الحية: لم نرفض مقترح ويتكوف وقدمنا تعديلات وجاهزون لتسليم حكومة غزة
  • نتنياهو يعترف بتسليح فصائل ضد حماس