علي جمعة: خطة ماكرة كبرى سعت إلى تهويد القدس الشريف
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
قال الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن بن جوريون يعتبر وحده صاحب مخطط فرض الأمر الواقع على القدس منذ صدور قرار تقسيم فلسطين في نوفمبر 1947م إلى مدينتين، والتهويد المبكر للجزء الغربي منها، حيث تعامل بن جوريون مع قرار تقسيم فلسطين بأسلوب يعتمد على الخداع والمكر لم يفهمه العرب، حيث عمل على أن يكون للقدس كيانًا منفصلا خاضعًا لنظام دولي خاص، تتولى الأمم المتحدة إدارته، وتعين مجلس وصاية ليقوم بأعمال السلطة الإدارية نيابة عن الأمم المتحدة، ولقد أكد القرار حدود المدينة والتي تضمنت بلدية القدس الحالية إضافة إلى القرى والبلدان المجاورة لها.
وأضاف جمعة عبر الفيسبوك أن العرب رفضوا قرار التقسيم؛ انطلاقًا من أن التدويل يسلبهم حقهم التاريخي والشرعي في السيادة على المدينة، إلا أن اليهود قبلوا مشروع التدويل حتى يمكنهم إعلان قيام دولة إسرائيل؛ على أن تعمل بعد ذلك على فرض أمر واقع جديد؛ ولذلك احتلت القوات الصهيونية مزيدًا من الأراضي العربية، ثم أقامت طريقًا يربط بين تل أبيب والقدس، كما بادرت باحتلال حي القطمون الذي له أهمية إستراتيجية في القدس قبل إعلان قيام دولة إسرائيل.
وتابع: لتحقيق الإستراتيجية التي تبناها بن جوريون لم يحترم قرارات مجلس الأمن، حيث لم يلتزم بقرار تجريد القدس من السلاح لحمايتها من الدمار.
وأكمل: تكريسًا للأمر الواقع بادر بن جوريون بنقل العديد من الوزارات إلى القدس، وكان منها وزارة الخارجية؛ حتى تضطر الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلى نقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس، ومن ثم تعترف بالأمر الواقع الذي عمد بن جوريون إلى تثبيته؛ كما بدئ في إقامة مبنى الكنيست الجديد في 14 أكتوبر 1958م، والذي افتتح في 30 أغسطس 1966م، وبذلك يكون بن جوريون قد نجح في تنفيذ إستراتيجيته الهادفة إلى خلق أمر واقع جديد.
كانت هذه هي الخطة الماكرة الكبرى التي سعت إلى تهويد القدس الشريف، وكان اليهود ومن ساعدهم من الدول الغربية هم أطراف هذه النكبة التي يئن العالم العربي والإسلامي تحت وطأتها حتى اليوم، وهو ما يدعو إلى الاهتمام بأمر القدس إلى أن يرجع الحق لذويه {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [إبراهيم:20] .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القدس علي جمعة فلسطين قيام دولة إسرائيل بن جوریون علی جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن يقول سبحانه وتعالى يقول: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: 110].
الفرق بين القلب والفؤاد
إذًا فهناك ما يُسمَّى بالقلب، وهناك ما يُسمَّى بالفؤاد. وكلمة «القلب» في اللغة العربية سُمِّيَت بذلك؛ لأن القلب له أحوال، فهو يتقلَّب في هذه الأحوال. وقال الشاعر:
وما سُمِّيَ القلبُ إلَّا أنَّه يتقلَّبُ * وما أوَّلُ ناسٍ إلَّا أوَّلُ النَّاسِ
فأوَّل مَن نَسِيَ سيدُنا آدمُ عليه السلام.
وسُمِّيَ القلبُ لأنَّه يتقلَّب في الأحوال، ولذلك يقول سيدُنا ﷺ: «إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ». إذًا تقلُّبُ القلب بين الأحوال هو من أمر الله؛ فالله سبحانه وتعالى هو الذي يُثبِّت القلوبَ على حالٍ، أو يُقَلِّبُها بين حالٍ وحالٍ؛ فكلُّ ذلك بيد الله سبحانه وتعالى، يفعل ما يشاء. فإذا كان القلب في حالة الثبات على الخير، فإنَّه يُسمَّى «فؤادًا».
إذًا القلب يتقلَّب بين الأحوال؛ بين الخير والشر، وبين العلو والنقصان، فالإيمان يزيد وينقص. فإذا كان في حالة العلو، وكان في حالة الوضوح، وكان في حالة الثبات، كان «فؤادًا». لكنَّ الإنسان لا ينبغي له أن يأمَنَ مكرَ الله، بل لا بدَّ أن يُراقِبَ نفسَه، وأن يكون دائمَ المراقبة حتى لا يَذِلَّ، ولا يُخطِئ، ولا يتدهور حالُه مع الله سبحانه وتعالى من حيث لا يشعر؛ لأنَّه قد يُستدرَج وتتدهور حالُه دون أن يشعر. قال تعالى في شأن هؤلاء: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: 182، 183].
إذًا فالإنسان العاقل يكون خصيمَ نفسِه، متدبِّرًا في حاله، يخشى أن يُستدرَج. فإن ترك الإنسانُ نفسَه للمعاصي استُدرِج، وتدهوَر؛ فتراه يرتكب المعاصي وهو يُنكِرها أوَّلًا، ثم يألفها ثانيًا فلا يُنكِرها، ويفعل المعصية دون نكير، لا يجد في قلبه حرجًا من فعلها، ثم بعد ذلك يتدهور حالُه مع الله سبحانه وتعالى فيستحلُّها.
في البداية يُبرِّرها لنفسه بقوله: «كلُّ الناس تفعل ذلك»، ثم يألفها حتى لا يرى فيها بأسًا، ثم يستحسنها، ثم يُخطِّئ مَن يُخالِفُه فيها؛ فالمعصية التي يفعلها هي في نظره «الصواب»، وغيرُها هو الخطأ. إذًا هذا استدراج.
في الأولى فعلها وهو مُتوجِّسٌ خيفةً،
وفي الثانية فعلها من غير توجُّس،
وفي الثالثة فعلها مُستَحِلًّا لها،
وفي الرابعة فعلها مُستَحسِنًا لها، ومُخطِّئًا مَن خالفها.
فهل لا يزال قلبُ ذلك الإنسان على حالةِ الفؤاد، أم أنَّه قد خرج من حالة الفؤاد إلى حالةٍ أخرى؟ يبدو أنَّه قد قُلِب.
الفؤاد
إذًا حالةُ الفؤاد قد تكون هي الحالةَ العُليا الصافية، ثم ينقلب على عَقِبَيْه، فإذا انقلب القلبُ لم يَعُدْ يُؤدِّي وظيفتَه، فيدخُل عليه الكِبْر، وهذا الكِبْر يمنعه من أداء وظيفته، فلا تستطيع أن تضع فيه شيئًا، ولا أن تستفيد منه فيما صُنِع له. فيصف الله حالَ هؤلاء بقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ}؛ فما معنى هذا؟
أوَّلًا: أنَّهم كانوا على حالة الفؤاد، وهي حالةٌ خيِّرة.
ثانيًا: أنَّ الله سبحانه وتعالى قد استدرجهم، فأخرجَ الفؤادَ من حالته.
ثالثًا: أنَّه قَلَبَه؛ فنتج عن هذا القلبِ تعطيلُ الوظيفة؛ فالفؤاد الذي كان محلًّا لنظر الله، ولتَنَزُّلِ الرحمات من عند الله، أُغلِق وقُلِب، فذهبت وظيفتُه: وظيفةُ التلقِّي، ووظيفةُ الشفافية، ووظيفةُ البصيرة، ووظيفةُ الرؤية السليمة الربانية الإلهية التي يرضى عنها ربُّنا سبحانه وتعالى.