سفير مصر بمدريد: زيارة رئيس وزراء إسبانيا للقاهرة دعم وتقدير للموقف المصري ولجهود الرئيس السيسي تجاه الأزمة في غزة
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
أكد سفير مصر لدى مدريد، السفير يوسف مكاوي، أن زيارة رئيس الحكومة الإسبانية "بيدرو سانشيز" إلى مصر تحمل رسائل دعم وتقدير للموقف المصري تجاه الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، ولجهود الرئيس عبد الفتاح السيسي في الوساطة السياسية بين الجانبين، والحد من التداعيات الكارثية للحرب من خلال تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بجانب جهود مصر المُقدرة في المساعدة على إجلاء الرعايا الإسبان مزدوجي الجنسية وغيرهم من الأجانب من قطاع غزة عبر معبر رفح وعودتهم إلى دولهم من الأراضي المصرية، فضلاً عن رسالة إدراك لمدى حجم وثقل الدور المصري الاستراتيجي في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأضاف السفير مكاوي، في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الجمعة -بمناسبة زيارة «بيدرو سانشيز» للقاهرة- أن تلك الزيارة تأتي في توقيت بالغ الأهمية والحساسية في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، وفي ضوء الموقف الإيجابي الذي تتبناه إسبانيا تجاه الصراع الدائر والذي يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين ونفاذ المساعدات الإنسانية بشكل دائم ومتناسب إلى قطاع غزة، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي عاجل للسلام بعد توقف الحرب للتوصل إلى تسوية سياسية قائمة على حل الدولتين، وهو ما يتسق إجمالاً مع الموقف المصري بشأن الأزمة.
وتابع أن زيارة "بيدرو سانشيز" إلى القاهرة تكتسب زخماً كبيراً في ضوء الرئاسة الإسبانية الحالية للاتحاد الأوروبي، وسعي الحكومة الإسبانية إلى تنسيق جهودها مع مصر باعتبارها الطرف الإقليمي الأكثر ارتباطاً وتأثيراً في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وذكر السفير المصري بحرص رئيس الحكومة الإسبانية على تلبية دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمشاركة في "قمة القاهرة للسلام" التي عقدت في 21 أكتوبر الماضي في إطار الجهود المصرية لاحتواء تداعيات الحرب.
ولفت إلى أن تلك الزيارة تعد الثانية من نوعها إلى القاهرة في غضون أقل من شهرين منذ إندلاع الحرب في قطاع غزة، وهو ما يعكس مدى التقارب في وجهات النظر بين قيادتي البلدين حيال الحرب الراهنة.
ونوه السفير مكاوي بأن إسبانيا تضطلع، تاريخياً وخلال رئاستها الحالية للاتحاد الأوروبي أيضاً، بدور إيجابي ومتوازن داخل أروقة الاتحاد الأوروبي إزاء القضايا والمصالح العربية نظراً للتقارب الجغرافي والتفاعل الثقافي بين إسبانيا ودول جنوب المتوسط في ظل تشابك العلاقات والمصالح بين الجانبين، مضيفًا:"وقد تبلور ذلك مؤخراً في الجهود التي تقودها إسبانيا حالياً داخل الاتحاد الأوروبي لإقناع المزيد من الدول الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار سعيها لتحقيق اعتراف إسباني وأوروبي بفلسطين وخاصة من جانب الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، بالإضافة إلى الترويج لمقترحها بعقد مؤتمر دولي للسلام لإنهاء الصراع وتحقيق حل الدولتين".
وسلط السفير المصري الضوء على تبني إسبانيا لمواقف داعمة داخل الاتحاد الأوروبي تجاه تعزيز وتطوير التعاون بين آليات الاتحاد المتنوعة والعالم العربي في مختلف المجالات وخاصة التنمية والبيئة والهجرة والأمن.
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية الإسبانية، شدد السفير مكاوي على أنها تعد نموذجاً إيجابياً للغاية للتعاون بين مصر والدول الأوروبية الصديقة، حيث تتميز علاقات البلدين بمستوى رفيع من التعاون على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، مشيرًا إلى أن العلاقات السياسية تتسم بالتنسيق وتوافق الرؤى حيال العديد من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية في الأطر متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والتكتلات الإقليمية الأخرى وخاصة الاتحاد من أجل المتوسط.
وأبرز التطور الإيجابي الملحوظ الذي شهدته العلاقات الثنائية خلال السنوات الماضية عقب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مدريد في عام 2015 والتي مثلت نقلة نوعية في مستوى الزيارات المتبادلة بين البلدين، وكذلك زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى القاهرة في ديسمبر 2021، وزيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى مدريد في أبريل 2022 لإجراء مشاورات سياسية مع الجانب الإسباني، بالإضافة إلى الزيارات المتبادلة العديدة والمستمرة بين وزراء البلدين في مجالات النقل والتجارة والصناعة والسياحة والاتصالات والشباب والرياضة.
ولفت إلى حرص الجانبين المصري والإسباني على تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري ودفعه إلى آفاق أرحب لما فيه مصلحة البلدين، إذ تم بلورة ذلك العام الماضي في تشكيل مجلس الأعمال المصري الإسباني المشترك بمشاركة كبرى الشركات الإسبانية العاملة في السوق المصري وأهم الشركات المصرية المهتمة بالسوق الإسباني، حيث يقوم المجلس بدور مهم في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين مصر وإسبانيا.
ونوه بالتطور الإيجابي الذي شهدته حركة التبادل التجاري خلال عام 2022، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين حوالي 4، 5 مليار يورو بنسبة نمو حوالي 100% مقارنةً بعام 2021، وتتمثل أهم الصادرات المصرية إلى إسبانيا في الغاز المسال والحديد والسلع الزراعية والمشتقات النفطية.
وعن التعاون الاستثماري والتنموي، قال السفير مكاوي إنه أحد أهم جوانب العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تقوم الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي الإنمائي AECID بتمويل وتنفيذ عدد من المشروعات التنموية الهامة في مصر في مجالات المياه والطاقة وتمكين المرأة وتنمية المجتمعات المحلية بالتعاون مع الجهات المصرية المعنية، كما يحظى الجانب الاستثماري باهتمام كبير من البلدين في ظل وجود العديد من الاستثمارات الإسبانية في السوق المصري بمجالات الطاقة المتجددة والنقل ومعالجة المياه والاستزراع السمكي والبتروكيماويات والصحة والدواء بحجم استثمارات إسبانية تبلغ 825 مليون يورو.
واختتم سفير مصر لدى إسبانيا، حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بالتأكيد على أنه مازال لدى البلدين مجالاً كبيراً من الإمكانات لتطوير العلاقات على كافة المستويات خلال المرحلة الراهنة في ظل الإرادة السياسية الداعمة لذلك من الجانبين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فلسطين القضية الفلسطينية الرئيس السيسي الموقف المصري رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الحرب الإسرائيلية الأزمة في غزة الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية الحکومة الإسبانیة الاتحاد الأوروبی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
قراءة في زيارة الرئيس إلى موسكو
جاءت زيارة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى العاصمة الروسية موسكو لتُشكّل منعطفًا مهمًا في مسار العلاقات اليمنية الروسية التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ منذ أكثر من مائة عام وتحديدًا منذ بدايات القرن العشرين.
هذه الزيارة الرسمية التي تمت بدعوة من القيادة الروسية تؤكد بلاشك عمق العلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية بين البلدين وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاستراتيجي في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة والتحديات التي تواجه اليمن في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.
وفي سلسلة من اللقاءات المثمرة ناقش الرئيس العليمي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين والمسؤولين الروس العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الملف اليمني ومستقبل السلام في البلاد إضافة إلى التعاون الاقتصادي والاستثماري والأمني.
وقد أكد الجانب الروسي دعم موسكو الكامل لوحدة اليمن وسيادته ولجهود مجلس القيادة الرئاسي في إحلال السلام والاستقرار وحرصه على دور روسي متوازن في دعم العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة. وهذا ما عُدّ بمثابة تأكيد على الموقف التاريخي الروسي الثابت تجاه القضايا العربية واليمنية.
تُعد العلاقات اليمنية الروسية من أقدم العلاقات اليمنية مع دول العالم فقد بدأت ملامحها الأولى في القرن التاسع عشر، وتطورت بشكل ملحوظ بعد الثورة اليمنية عام 1962 حيث كانت روسيا (الاتحاد السوفيتي آنذاك) من أوائل الدول التي دعمت اليمن في بناء مؤسساته وتحديث جيشه وبنيته التحتية.
واليوم وبعد مرور أكثر من قرن على هذه العلاقة تجددت الروابط التاريخية برؤية معاصرة تستوعب التغيرات الجديدة وتبحث عن المصالح المشتركة بما يخدم الشعب اليمني ويُسهم في استقرار المنطقة.
ومن أبرز محاور الزيارة حسب ما نشر بحث إمكانية استئناف التعاون في مجالات النفط، والغاز، والطاقة والتعليم، والتبادل التجاري بالإضافة إلى إعادة النظر في برامج المنح الدراسية للطلاب اليمنيين في الجامعات الروسية في خطوة من شأنها رفد اليمن بكفاءات علمية مؤهلة.
كما نوقشت فرص جذب الاستثمارات الروسية إلى القطاعات الحيوية في اليمن، لا سيما في المناطق المحررة مما قد يُسهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل والتخفيف من معاناة المواطنين.
في اعتقادي انه في ظل التحولات الدولية واحتدام التنافس بين القوى الكبرى فهذه الزيارة تعكس توجهًا حكيمًا نحو تنويع الشراكات الدولية وبناء علاقات متوازنة تراعي المصالح الوطنية لليمن وتستفيد من الخبرات المتقدمة للقوى العالمية مثل روسيا.
كما تؤكد أيضا أن اليمن لا يزال فاعلًا على الساحة الدولية ويسعى لاستعادة موقعه الطبيعي عبر سياسة خارجية مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون البناء وإن كانت اليمن تمر في حالة استثنائية منذ مايريوا على عقد من الزمن.
وختاما فإن زيارة فخامة الرئيس ومعه وزير الخارجية د.شائع الزنداني إلى روسيا تمثل محطة فارقة في تاريخ العلاقات الثنائية، وفرصة لإعادة تفعيل الشراكة مع دولة كبرى كانت وما زالت حاضرة في تاريخ اليمن الحديث كون هذه الزيارة تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون وتبعث برسالة قوية مفادها أن اليمن يسعى للسلام والتنمية بدعم من أصدقائه الحقيقيين حول العالم.
د.علي الصباحي - إعلامي وكاتب يمني