دمعة على الموت الأول.. سردية عفاف طبالة عن ثنائية الفقد والألم
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
طرحت خلال الأيام الماضية بالمكتبات، دار نهضة مصر للنشر، أول رواية للكبار للكاتبة الدكتورة عفاف طبالة، والتي تحمل عنوان "دمعة على الموت الأول"، بغلاف للفنانة دعاء العدل.
تدور الرواية حول حياة سيدة تدعى "جميلة رمزي يعقوب" والتي ترقد أخيرًا لتسلم روحها في إحدى مستشفيات القاهرة، بينما تستدعي -قبل سقوطها في غيبوبتها الأخيرة- ابنتها "هند" التي حُرمت منها قسرًا، لتراها قبل موتها.
وبأسلوب يمزج ما بين السرد الروائي وكتابة المذكرات تروي "طبالة" حكاية بطلتها جميلة، حيث تترك الابنة "هند عبد الكريم ياقوت" - التي تشغل منصب معيدة بكلية الآداب بالجامعة - بيت أبيها، وتعيش في بيت أمها. لتتعرف على حكاية الست جميلة كما نسجتها من تتبعها لمذكرات ووثائق وشهادات متناثرة، بكل شخوصها وتجاربها ومشاعرها، لتفهم في النهاية حقيقة أمها وسبب حرمانها منها.
الجدير بالذكر أن د. عفاف طبالة، هي كاتبة، ومخرجةً، ومنتجة متخصصة في الأفلام الوثائقية. كما شغلت العديد من المناصب الإدارية في التلفزيون المصري في مجال التخطيط والبرمجة. وكان آخر منصب لها هو المدير التنفيذي لقناة النيل الدراما، أول قناة مواضيعية في العالم العربي. كما رأست قناة النيل للدراما من عام 1996 إلى عام 2001، واستطاعت خلال رئاستها لتلك القناة الوليدة حينها أن تصعد بها لعنان السماء وتحصل على العديد من الجوائز، وتنتج برامج خاصة بها حققت نجاحات كبيرة.
دخلت طبالة مجال الكتابة الأدبية بعد 5 سنوات من التقاعد، واهتمت بالكتابة للأطفال عام 2005، وتعاونت مع الرسام عدلي رزق الله، لإنتاج أول كتاب لها «السمك الفضي»، الذي حصل على ذكر في فئة الأفق الجديد من جائزة راجزي بولونيا معرض الأطفال للكتاب، وهي لحد أهم جوائز كتب الأطفال على الصعيد الدولي، وجائزة مصر لأدب الأطفال (التي تسمى جائزة سوزان مبارك)، فيما نشرت نشرت بعدها ما يزيد عن 15 كتابا إضافيا للأطفال ومجموعات قصصية قصيرة. وتعاونت مع مجموعة متنوعة من الفنانين مع أساليب وتقنيات مختلفة لتقديم أعمال تخاطب فئات عمرية مختلفة.
حازت أعمالها على العديد من الجوائز الأدبية منها جائزة اتصالات لأدب الطفل، وجائزة الشيخ زايد لأدب الطفل، فضلا عن جائزة الشيخ خليفة التربوية، وغيرها من الجوائز المرموقة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عفاف طبالة دمعة الموت الأول
إقرأ أيضاً:
ثنائية الدين والدولة بين التصادم والتعايش المستدام
بقلم: محسن عصفور الشمري ..
في المجتمعات ذات الجذور الدينية العميقة، يصبح سؤال العلاقة بين الدين والدولة أحد أكثر الأسئلة إلحاحًا. بين من يدعو إلى الفصل التام باسم العلمانية، ومن يريد إخضاع الدولة للدين باسم الشريعة، تتأرجح النماذج السياسية دون الوصول إلى توازن مستقر.
هذه الورقة تقترح تصورًا ثالثًا يقوم على تعايش مستدام بين الدين والدولة، يضمن احترام الدين دون تسييسه، ويصون الدولة دون تأليـهها، من خلال بنية معرفية ومؤسسية يقودها “الراسخون في العلم”.
أولًا: من العلمانية التصادمية إلى العلمانية المتصالحة.
العلمانية التي نشأت في الغرب كرد فعل على تسلط الكنيسة، حينما تُنقل إلى مجتمعاتنا دون تكيّف مع السياق الثقافي والديني، تُنتج توترًا مزمنًا بين الدولة والمجتمع.
هذه العلمانية التصادمية تضع الدين في خانة التهديد، وتقابل حضورَه بالإقصاء، مما يخلق فراغًا أخلاقيًا ويفتح المجال أمام التطرف.
بالمقابل، العلمانية المتصالحة مع الدين لا تلغي الإيمان من المجال العام، بل تنظم العلاقة بين المؤسسات الدينية والمدنية على نحو يضمن التعددية، ويمنع تسييس الدين أو تدين الدولة. إنها توازن بين حرية الاعتقاد، وسيادة القانون، واستقلال المؤسسات.
ثانيًا:العداء للدين وقوده الاستبداد والتطرف.
العداء الإيديولوجي للدين، كما مارسته بعض التيارات الشيوعية واليسارية الراديكالية، لم يُنتج تحريرًا بقدر ما أنتج استبدادًا مضاعفًا.
وقد أظهرت التجربة أن تلك التيارات، رغم خطابها الحداثي، دخلت في تحالفات تكتيكية مع الأحزاب الإسلامية المتطرفة، سنية كانت أم شيعية، انطلاقًا من تشابه عميق في:
• المشرب الفكري: الاشتراكية الراديكالية، وما تحمله من نزعة تأميمية تُقابلها عند الإسلاميين نزعة شمولية باسم “الحاكمية”.
• طريق الوصول إلى السلطة: العنف والترهيب والإقصاء.
• منهج الإدارة: القمع والاستبداد، ومنع التعدد والاختلاف.
هذا التشابه يكشف أن العداء الظاهري بين هذه التيارات ليس اختلافًا في المبادئ، بل تنافسًا على أدوات السيطرة.
ثالثًا: التعايش المستدام من خلال “الراسخين في العلم”
التأسيس لتعايش حقيقي بين الدين والدولة لا يتم عبر حلول وسط هشة، بل من خلال بنية معرفية مؤسسية، تضم فريقًا متعدد التخصصات يُعرف بـ”الراسخين في العلم”، يجمع بين:
• علماء وفلاسفة ومفكرين يمثلون مختلف مجالات المعرفة: الدينية، العلمية، الفلسفية، الاجتماعية، والسياسية.
• فقهاء مجتهدين يتحررون من الانتماء الطائفي ويتجهون نحو تجديد متوازن للخطاب الديني.
• شخصيات تنفيذية ذات خبرة لا تقل عن ثلاثين عامًا في الإدارة العامة، تمتاز بالكفاءة والنزاهة والقدرة على العمل ضمن منظومة شورية.
هذا الفريق يعمل على تأسيس مرجعية معرفية لا تمارس سلطة تنفيذية أو دينية، بل تقدم الرأي والمشورة العلمية، بعيدًا عن منطق الاحتكار أو التفويض المطلق.
ولا يُمنح أي فرد أو تيار في هذا الفريق حق النقض أو الهيمنة على الآخرين، بل يتم اختيار رئيسه من أصحاب الخبرة العميقة في شؤون الدولة، وفق معايير صارمة وليس بالتوافق السياسي.
خاتمة
إن بناء توازن مستدام بين الدين والدولة لا يتحقق بالشعارات، ولا بفرض نموذج أحادي، بل يتطلب تأسيس عقد معرفي ومؤسسي جديد، يتجاوز ثنائية التصادم، ويؤسس لثنائية تعايش طويلة الأمد.
بهذا التوازن، يمكن للدين أن يلعب دوره في ترسيخ القيم دون أن يتحول إلى أداة استبداد، ويمكن للدولة أن تحكم بالقانون والعقل دون أن تقع في العداء لهوية الناس وإيمانهم.
البديل عن هذا التعايش هو الاستقطاب، والتطرف، وتكرار دورات الفشل، وهو ما لم يعد التاريخ ولا الشعوب تحتمله.