طلاب من أجل العدالة في فلسطين.. ماذا تعرف عن الحركة التي أشعلت الجامعات الأميركية ضد إسرائيل؟
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
أمام المكتبة التذكارية بجامعة كولومبيا، تراصت على الدرج (1) سبعة أكفان صغيرة ملفوفة وملطخة باللون الأحمر، بجانبها وُضعت أعلام فلسطينية وصور أشجار الزيتون وألواح من الخشب كُتبت عليها عبارات مثل "10,600 روح أُزهقت"، و"4,412 طفلا"، و"دعوا غزة تعيش"، في إشارة إلى ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حتى ذلك الحين.
هذا الاحتجاج البسيط الذي حضره مئات الطلاب عُدَّ "خطاب تهديد وترهيب"، وأوقفت جامعة كولومبيا على إثره فرع "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" وغيره من المجموعات الطلابية المتضامنة مع فلسطين حتى نهاية الفصل الدراسي، وهو الإجراء الذي لاقى معارضة شديدة بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. في المقابل، أشادت منظمة "StandWithUS" الإسرائيلية التي تصف نفسها بأنها منظمة تعليمية غير حزبية بقرار جامعة كولومبيا على صفحاتها الخاصة (2) بوسائل التواصل الاجتماعي، هذا بعدما راسلت المنظمة عدة جامعات أميركية لحثهم على محاسبة مثل هذه المجموعات الطلابية، التي بحسبهم "تبث روح الكراهية" في الحرم الجامعي.
لم يكن هذا هو التضييق الوحيد الذي تعرضت له حركة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، فقد حُظر فرع الحركة الطلابية في "جامعة برانديز" الأميركية بدعوى أنهم "يؤيدون حماس علنا"، كما حُظر فرع الحركة في جامعة "جورج واشنطن" بعدما رفع ثلاثة من أعضائها شعار "المجد لشهدائنا" على أحد مباني الدراسة، وذلك خلال موجة قمع متزايدة طالت أعضاء الحركة بالجامعات الأميركية في كل أنحاء البلاد، وكان آخرها دعوة أحد المشرعين الجمهوريين (3) بسحب الزمالات والمنح الدراسية من طلبة الجامعات المؤيدين للمقاومة الفلسطينية علنا في فلوريدا.
مَن هم "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"؟
في الآونة الأخيرة، انتقلت أصداء الحرب من غزة إلى أروقة الجامعات الأميركية، ولعبت التنظيمات الطلابية دورا محوريا في التعبئة العامة وتنظيم المظاهرات والمسيرات الحاشدة تضامنا مع الشعب الفلسطيني، داعين إلى وقف إطلاق النار، ومنددين بدعم وتمويل الولايات المتحدة للعدوان الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة، نتيجة لذلك حُلَّت المجموعات الطلابية المؤيدة للقضية الفلسطينية وحُظرت نشاطاتها الطلابية، وكان من بين هذه المجموعات "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" (SJP)، التي تُعَدُّ الحركة الأبرز والأكثر نشاطا ضد إسرائيل والاحتلال الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية.
تأسست (4) الحركة الطلابية عام 1993، وأصبح لها على مدار العقود الفائتة أكثر من 200 فرع داخل مختلف الجامعات الأميركية، وتسعى الحركة لتثقيف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على حدٍّ سواء بماهية الوضع الحالي في فلسطين والقضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني. تشير الحركة في صفحاتها الرسمية (5) إلى أن مهمتها هي الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وكذلك المطالبة بالعدالة والمساواة لكل المضطهدين في جميع أنحاء العالم. وينصب تركيز المجموعة على زيادة الوعي بالقضية الفلسطينية وفهم النضال الفلسطيني من أجل الحرية والعدالة والمساواة، لكنها في الوقت ذاته تقف ضد جميع أنواع التمييز والعنصرية، بما في ذلك كراهية النساء ومعاداة الإسلام ومعاداة السامية والطبقية والاستعمار والتعصب، كما تهدف الحركة إلى تعزيز الوعي السياسي بحركات التحرير الأخرى، مثل حركة تحرير السود وحركة تحرير السكان الأصليين (6).
منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، وما تبعها من عدوان إسرائيلي غير مسبوق على قطاع غزة، نظمت مختلف (7) الجماعات العربية والفلسطينية واليهودية العديد من المسيرات والتظاهرات، وساندت مجموعةُ "إس جيه بي" الطلابية المقاومةَ الفلسطينية علنا من خلال تنظيم فعاليات للتنديد بالاحتلال الإسرائيلي، وشملت الاحتجاجات حملات للمقاطعة ودعوات لسحب الاستثمارات من الشركات التي تتعامل مع إسرائيل، كما رفعوا شعارات تندد بجرائم الحرب المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني، واتهموا إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وتطهير عِرقي، الأمر الذي جعل اتهامات معاداة السامية ومناصرة "الإرهاب" تلاحق "إس جيه بي" داخل أروقة الجامعات الأميركية.
يشير العديد من الطلاب الذين تضامنوا بجرأة (8) مع الفلسطينيين إلى أنهم تعرضوا لحملات شيطنة وتشهير وترهيب وطرد واستهداف، وأن مناصرتهم للقضية الفلسطينية جرت مساواتها مع دعم الإرهاب من قِبل الحكومة ورؤساء الجامعات ورؤساء العمل والسياسيين من كل المستويات. ويحكي ستيفن حمد (اسم مستعار)، ممثل طلابي في حركة "إس جيه بي" بجامعة جورج واشنطن، في تصريح لمنصة "PRISM" الإعلامية المستقلة أن فرع الحركة تعرض للتدقيق المكثف في الأسابيع الأخيرة، سواء من قِبل إدارة الجامعة أو وسائل الإعلام المحلية.
بعد أنشطتها الأخيرة ضد القمع الإسرائيلي، تلقّت الحركة بيانا (9) حاد اللهجة من رئيسة جامعة جورج واشنطن شددت فيه على كراهية -ما وصفته- مظاهر الاحتفال بالإرهاب والترويج للخطابات والصور التي تمجد العنف. مثل هذه التعليقات هي تكتيكات -بحسب حمد- تستخدمها إدارات الجامعات للتخويف، وكأنهم يرون في الحركات الطلابية المناصرة لفلسطين تهديدا للكيان الصهيوني أو الكيانات التي تدعمه.
لهذا رفعوا قضية على ولاية فلوريدا
أثناء حفل تخرجهم في "جامعة كولومبيا" الأميركية قبل أيام، وقف نشطاء (10) مجموعة "إس جيه بي" أمام الحرم الجامعي يلقون عباءات التخرج والقبعات على الأرض احتجاجا على ما تعرضوا له في الآونة الأخيرة من تضييق وتهديدات منذ بدء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وذلك لمساندتهم الصريحة والمعلنة للقضية الفلسطينية، ليتحول الأمر بعدها إلى صراع بين حرية التعبير و"معاداة السامية".
كانت حركة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" قد شاركت بطريقة نشطة في تنظيم العديد من الاحتجاجات والمظاهرات المتضامنة مع فلسطين داخل الأروقة الجامعية الأميركية خلال الأسابيع الماضية، ففي "جامعة ستانفورد" نشر فرع الحركة بيانا (11) أعقب عملية "طوفان الأقصى" مباشرة، أشاروا فيه إلى أن أحداث يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول هي جزء من نضال مستمر منذ عقود ضد قمع الاحتلال الإسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما، منددين بالتغطية الإعلامية المختزلة التي صوّرته وكأنه هجوم أتى من العدم بلا مقدمات، من دون إظهار الحصار الذي تفرضه إسرائيل جوا وبرا وبحرا على قطاع غزة، والطريقة التي يتحكم بها الاحتلال الإسرائيلي في المياه والكهرباء وحتى عدد السعرات الحرارية التي يمكن أن تدخل إلى القطاع يوميا، وهو ما حوَّل غزة إلى أكبر سجن مفتوح في التاريخ بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش". كما أقر بيان فرع الحركة (12) بجامعة كولومبيا حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال بموجب نصوص القانون الدولي.
مثل هذه البيانات التي رفضت إدانة المقاومة الفلسطينية وانتزاعها من سياقها هي التي جعلت "إس جيه بي" محاطة باتهامات معاداة السامية من كل جانب، ولم تمضِ سوى أيام قليلة حتى بدأت الجامعات الأميركية تباعا في حظر "إس جيه بي" وتعليق أنشطتها الطلابية بدعوى خطاب الكراهية وانتهاك سياسات الجامعات وتنظيم فعاليات داخل الحرم الجامعي دون تصريح.
تفاقم الأمر (13) عندما أمر رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري، جامعات الولاية بحل فروع حركة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، زاعما دون أي دليل مثبت أن المجموعة الطلابية تقدم دعما ماديا للجماعات الإرهابية، وهو ما يُعد "جناية" بموجب قانون فلوريدا.
من المعروف عن ديسانتيس، وهو أحد المرشحين المرتقبين للرئاسة الأميركية، موقفه الداعم لإسرائيل، فلم يتوانَ حاكم فلوريدا عن إرسال الإمدادات إلى إسرائيل منذ بدء الحرب الوحشية على قطاع غزة، كما دعم عقد جلسة تشريعية خاصة لفرض عقوبات جديدة على إيران زاعما دعمها لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، وذلك رغم عدم وجود أي أدلة تشير إلى تورط إيران في الأحداث الجارية (14).
في المقابل دافعت (15) أليكس موري، مديرة الدفاع عن حقوق الحرم الجامعي في منظمة "FIRE"، عن المجموعة الطلابية قائلة إنها لم تتجاوز الخطوط الحمراء لحرية التعبير. وقامت موري بمراسلة العديد من الجامعات الأميركية مطالبة إياها بعدم معاقبة الطلاب على مشاعرهم المتضامنة مع فلسطين. وأشارت إلى أنها غير متفاجئة من رد الفعل العنيف تجاه "إس جيه بي"، وذلك لأن خطابهم لا يحظى بالشعبية في مثل هذه الأوقات التي تتعرض فيها المؤسسات التعليمية لضغوط هائلة من أجل مكافحة ما يعتبرونه "معاداة للسامية"؛ إذ يهدد الجمهوريون الآن بوقف تمويل الجامعات التي لا تتخذ إجراءات جدية تجاه الطلاب المؤيدين لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس).
في النهاية، قررت مجموعة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" رفع دعوى قضائية (16) ضد الولاية والجامعة وإدارة ديسانتيس في محكمة فيدرالية، وذلك ردا على قرار ديسانتيس بحل فروع المجموعة داخل الولاية. وأشارت "إس جيه بي" أن مثل هذه الإجراءات التي اتُّخِذت ضدهم ترقى إلى مستوى فرض الدولة رقابة على حرية التعبير، كما أصدرت المجموعة بيانا أكدوا فيه حقهم بوصفهم طلابا داخل الحرم الجامعي الأميركي في المدافعة عن حقوق الإنسان وتعزيز الوعي العام والمطالبة بحل عادل ومعقول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك دون إسكات أصواتهم بالقوة من قِبل الحكومة.
المصادر: STUDENT PROTESTS FOR GAZA TARGETED BY PRO-ISRAEL GROUPS FOR ALLEGED CIVIL RIGHTS VIOLATIONS StandWithUs Florida Republicans target scholarships, grants for students supporting Hamas Students for Justice in Palestine STUDENTS FOR JUSTICE IN PALESTINE – KENT Students for Justice in Palestine – 2 أميركا.. من وراء المظاهرات المؤيدة لغزة والمنددة بإسرائيل؟ College students face backlash while voicing support for Palestine Thoughts on Recent Campus Events and the War in Israel and Gaza Columbia University Grads Throw Away Caps and Gowns in Protest of Banning of Pro-Palestine Groups From the Community | Stanford Students for Justice in Palestine Columbia Students for Justice in Palestine Statement of Solidarity Florida orders state universities to disband pro-Palestinian student group, saying it backs Hamas هل تنجح ضغوط الجامعات الأميركية على طلابها المؤيدين لفلسطين؟ Students for Justice in Palestine becomes flashpoint in college antisemitism, free speech debate Pro-Palestinian student group in Florida sues DeSantis
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة الجامعات الأمیرکیة جامعة کولومبیا معاداة السامیة الحرم الجامعی على قطاع غزة العدید من مع فلسطین مثل هذه إلى أن
إقرأ أيضاً:
أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة
تملك إسرائيل ترسانة أسلحة يحل فيها الذكاء الاصطناعي محل البشر، وقد استخدمتها في عدوانها على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي الحرب التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "السيوف الحديدية".
وتشير تقارير في الصحافة الإسرائيلية إلى أن أسلحة الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الاحتلال تتوسع وتتطور باطراد، بعضها صنعته شركات إسرائيلية، وبعضها زودتها به الولايات المتحدة الأميركية.
وفي عام 2023 تفاخر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك أفيف كوخافي بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي منحت جيشه "جهازا استخباراتيا متطورا آنيا".
إنتاجات مركز موشي ديانبدأ الجيش الإسرائيلي استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي عام 2019، فقد أنشأت الوحدة 8200 المتخصصة في التنصت وفك الشفرات والحرب السيبرانية مركز "موشي ديان" لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي الذي يضم مئات الضباط والجنود، في محاولة لتسريع عملية توليد الأهداف بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
وكان برنامج "فاير فاكتوري" لتوليد الأهداف وتحديد كميات الذخيرة المناسبة هو الأول الذي أنتجه مركز "موشي ديان". وبحسب تقرير لمجلة "ذا نايشن" الأميركية، نشر في 12 أبريل/نيسان 2024 فإن الوحدة المذكورة تتعاون بشكل وثيق مع شركات أميركية تزودها بأعداد كبيرة من الأجهزة وبرامج الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وحسب الصحيفة نفسها، فإن تلك البرامج والأجهزة تعتمد على كمية بيانات هائلة مصدرها التقارير الاستخباراتية السرية، ومنها الواردة من وكالة الأمن القومي الأميركي، لتحديد الأهداف وضربها.
إعلانوفي مؤتمر عقد يومي 15 و16 فبراير/شباط 2023 في مدينة لاهاي بهولندا وشاركت فيه أكثر من 60 دولة، رفضت إسرائيل التوقيع على معاهدة "الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة".
مجالات الاستعمال وأنواع الأنظمةيستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في أنشطة عسكرية متنوعة، منها:
التنبؤ الاستباقي. التنبيه على التهديدات العسكرية والأنظمة الدفاعية للخصوم. تحليل المعلومات الاستخبارية وتحديد الأهداف العسكرية والذخائر المستخدمة.أما أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة فهي:
نظام "لافندر"تستعمل إسرائيل نظام "لافندر" في عملها العسكري بغزة، وهو آلة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة لتوليد آلاف الأهداف المحتملة للضربات العسكرية في خضم الحرب.
ونقلت مجلة "972+" الإسرائيلية عن قائد الوحدة 8200 العميد يوسي شارئيل قوله إن النظام يحل محل البشر في تحديد الأهداف الجديدة واتخاذ القرارات اللازمة للموافقة عليها"، وخلص إلى أن البرنامج حقق معدل دقة بنسبة 90%، وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الموافقة على استخدامه من أجل التوصية بالأهداف المراد قصفها.
ووفقا لما نقلته المجلة عن 6 ضباط مخابرات إسرائيليين، شاركوا بشكل مباشر في نظام الذكاء الاصطناعي أثناء الحرب على غزة، فإن "لافندر كان له دور محوري في القصف غير المسبوق للفلسطينيين، وخاصة في المراحل الأولى من الحرب".
ويقول أحد ضباط المخابرات الذين استخدموا لافندر "كنت أخصص 20 ثانية لكل هدف في هذه المرحلة، وأجري العشرات منها يوميا. لم تكن لدي أي قيمة مضافة سوى أنني كنت أبصم بالموافقة. لقد وفر ذلك كثيرا من الوقت".
نظام "أين أبي؟"نظام "أين أبي؟" من أنظمة الذكاء الاصطناعي الخطيرة التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، وخاصة لتتبّع الأفراد المستهدفين، وتنفيذ عمليات تفجير عند دخولهم ليلا إلى منازل عائلاتهم، وذلك بحسب موقع "ديموكراسي ناو" الأميركي.
إعلانوبحسب مجلة "+972" وموقع "لوكال كول" الإسرائيليين، فإن نظام "أين أبي؟"، أدى إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها، وهو ما يفسر الأعداد الكبيرة من الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا في حرب الإبادة الإسرائيلية، خاصة من النساء والأطفال والمسنين.
نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"أعلن الجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن وحدة الأهداف في الاستخبارات الإسرائيلية استخدمت نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"، وهو أحد أخطر أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ فهو يُحدد المباني والمنشآت التي يدّعي الجيش الإسرائيلي أن المسلحين الفلسطينيين ينطلقون منها لتنفيذ مهامهم، ويقصفها على رؤوس ساكنيها.
وقال الجيش الإسرائيلي وقتئذ إن "الإنجيل" ساعده في قصف 12 ألف هدف في غزة، إذ يتم تزويد القوات على الأرض وفي الجو وفي البحر بالمعلومات الاستخباراتية من مصنع الأهداف بالذكاء الاصطناعي، فيتيح ذلك "تنفيذ مئات الهجمات في اللحظة نفسها".
ويعمل النظام عبر إنتاج عدد كبير من الأهداف بوتيرة متسارعة (نحو 100 هدف في اليوم الواحد) بناء على أحدث المعلومات الاستخباراتية التي تغذي النظام أولا بأول، بينما كانت الاستخبارات الإسرائيلية سابقا تنجز 50 هدفا في السنة.
وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريرا قالت فيه إن هذا النظام "يعمل على اقتراح الأهداف الأكثر صلة بالهجوم، داخل محيط معين"، مشيرة إلى أن خوارزمية "غوسبل" تأخذ الخسائر المدنية من بين العناصر التي تعتبرها في تحديد أهداف جديدة للقصف.
يقدم النظام الذي طورته الوحدة 8200 توصياته لموظفي الجيش، وهم يقدرون إذا كانوا سيمررونها إلى الجنود والطيارين الذين يتولون عمليات القصف في الميدان، وبعدئذ يمكن لوحدة الأهداف إرسال تلك التوصيات إلى قوات الجيش عبر تطبيق يعرف باسم "عمود النار".
نظام "فاير فاكتوري"كشف عنه في عام 2023، واستخدمه الجيش الإسرائيلي لتحسين خطط الهجوم للطائرات والمسيرات اعتمادا على طبيعة الأهداف المختارة.
إعلانيحلل هذا النظام مجموعات بيانات واسعة، منها البيانات التاريخية عن الأهداف السابقة التي قصفت من قبل، فيُتيح للخوارزميات حساب كميات الذخيرة اللازمة للقضاء على الأهداف، واقتراح الجداول الزمنية المثلى، وتحديد أولويات الأهداف وتخصيصها.
وهو نظام يحلل بيانات ضخمة ويرسم خريطة لشبكة الأنفاق التي تديرها المقاومة في غزة، وذلك برسم صورة كاملة للشبكة فوق الأرض وتحتها مع التفاصيل المهمة، مثل عمق الأنفاق وسمكها وطبيعة الطرق.
نظام "الكيميائي"كشف عنه عام 2021، وهو من أبرز الأنظمة التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة. ويوفر البرنامج لقادة الوحدات تنبيهات فورية للتهديدات المحتملة على الأرض، تُرسل مباشرة إلى أجهزتهم اللوحية المحمولة.
وللنظام قدرات دفاعية وهجومية، فهو يدمج البيانات التي يحصل عليها على منصة موحدة، كما أن لديه القدرة على تحديد الأهداف وإبلاغ قوات الجيش فورا بالتهديدات وتحركات المقاتلين على الأرض.
نظام "فاير ويفر"نظام طورته شركة رافائيل الإسرائيلية للصناعات العسكرية، ويوفر الاتصال بين الجنود الإسرائيليين المنتشرين في ساحة المعركة والمعلومات الاستخباراتية التي جمعت من المستشعر إلى مطلق النار.
وبحسب موقع "آي إتش إل إس" الإسرائيلي، فإن النظام يقدم خيارات للعمل بناء على عوامل مثل الموقع وخط الرؤية والكفاءة والذخيرة المتاحة، بهدف "زيادة الدقة والحد من خطر الأضرار الجانبية".
صُمم النظام لأداء اشتباكات متعددة في قتال عالي الكثافة، إذ يمكّن الجنود من الاشتباك مع الهدف المعادي في ثوان، بدلا من دقائق.
نظام "فلو"وهو نظام يسمح للجنود على الأرض بالاستعلام عن مجموعة مختلفة من البيانات التي تساعدهم في أداء مهامهم.
إعلان نظام "هنتر"وهو نظام يسمح للجنود في ساحة المعركة بالوصول المباشر إلى المعلومات.
نظام "زد-تيوب"وهو نظام يمكن جنود الجيش الإسرائيلي في المعركة من مشاهدة مقاطع فيديو حية للمناطق التي يوشكون أن يدخلوها.
بعد أيام من انطلاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن طلبات تقدمت بها إسرائيل إلى شركة أميركية مختصة في إنتاج المسيرات، لتزويدها بطائرات استطلاع قصيرة المدى تعتمد في تحركها على الذكاء الاصطناعي.
ويستخدم هذا النوع من الطائرات في إجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل الهندسية المعقدة مثل المباني بمختلف أشكالها، وهو ما يساعد في تحديد الأهداف بدقة أكبر.
كذلك استخدمت إسرائيل في حربها طائرات "نوفا 2" الذاتية القيادة وهي صناعة أميركية، وهذا النوع من المسيرات يستخدم داخل المباني، إذ يعتمد على تخطيط المسارات وخوارزميات الرؤية الحاسوبية للتحرك الذاتي داخل المباني من دون الحاجة إلى نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" أو إلى التدخل البشري.
والمسيرات الانتحارية من طراز "سويتش بليد 600″، أبرز الطائرات المطورة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، استخدمتها أيضا إسرائيل في حربها على غزة، وفيها كاميرا متطورة وتحمل كمية من المواد المتفجرة.
وهذا النوع من المسيرات قادر على استقبال المعلومات من الطائرات من دون طيار القريبة منها، وتستخدم في مهاجمة الأهداف القريبة، ويصل مداها إلى 40 كيلومترا، وتمتلك قدرة على الطيران مدة 40 دقيقة.
دبابات تعمل بالذكاء الاصطناعي دبابة إيتان إيه بي سيفي يناير/كانون الثاني 2022، كشفت شركة "رافائيل" للصناعات العسكرية الإسرائيلية عن مركبة عسكرية أطلقت عليها اسم "إيتان إيه بي سي"، تعمل بالذكاء الاصطناعي وتسمح للسائق أن يوجّه المركبة بالنظر فقط.
إعلانوركبت على مركبات رفائيل صواريخ من نوع "غيل"، ومنظومات دفاعية نشطة من نوع "معطف الريح"، وهي قادرة على العثور على العديد من الأهداف وتحييدها في وقت واحد، وتعتمد على كوكبة من المستشعرات القادرة على مراقبة محيطها بشكل دائم وتنبيه الجنود داخلها.
مراقبة الحدود بالذكاء الاصطناعييستخدم الجيش الإسرائيلي أيضا الذكاء الاصطناعي لأغراض مراقبة حدوده لا سيما مع قطاع غزة والضفة الغربية، بحيث ينشر على طول الحدود شبكة واسعة من كاميرات الفيديو التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتنقل البيانات إلى مراكز التحكم والمراقبين لتحليل البيانات وتحديد هوية الأشخاص والمركبات والحيوانات، ومقارنة الصور بمعلومات أخرى ذات صلة، وإرسال تنبيه طارئ عند الضرورة.
ومن أبرز أنظمة كاميرات المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ويستخدمها الجيش الإسرائيلي:
نظام "قطيع الذئاب": وهو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة للغاية تحتوي على جميع المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين. نظام "الذئب الأزرق": وهو تطبيق تستطيع القوات الإسرائيلية الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويعرض فورا المعلومات المخزنة في قاعدة بيانات "قطيع الذئاب". نظام "الذئب الأحمر": ويستخدم هذا النظام للتعرف على الوجه، إذ يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين ويضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة من دون موافقتهم. انتقادات واسعةوجهت انتقادات كثيرة للجيش الإسرائيلي على خلفية استخدامه الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة.
فقد قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه في الحروب السابقة كان تحديد شخص ما واعتباره هدفا مشروعا تتم مناقشته ثم التوقيع عليه من قبل مستشار قانوني، لكن بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تسارعت العملية بشكل كبير، وكان هناك ضغط لإيجاد مزيد من الأهداف.
ولتلبية هذا الطلب، اعتمد الجيش الإسرائيلي اعتمادا كبيرا على برنامج "لافندر" في توفير قاعدة بيانات للأفراد الذين يعتقد أن لديهم خصائص مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إن "الخوارزميات التي طورتها إسرائيل أو شركات خاصة تعد أحد أكثر طرق القصف تدميرا وفتكا في القرن 21".
وفي أبريل/نسيان 2024، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بيانا أعرب فيه عن انزعاجه من التقارير التي تفيد بأن إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي في حملتها العسكرية في غزة، قائلا "إن هذه الممارسة تعرض المدنيين للخطر وتطمس المساءلة".
إعلانمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أدانت أيضا استخدام الجيش الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة، إذ قالت في تقرير لها نشرته في 10 سبتمبر/أيلول 2024 إن "استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في تعقب أهداف هجماته في غزة يلحق أضرارا بالغة بالمدنيين ويثير مخاوف أخلاقية وقانونية خطيرة".
وتابعت أن "الأدوات الرقمية هذه يفترض أنها تعتمد على بيانات خاطئة وتقديرات تقريبية غير دقيقة لتزويد الأعمال العسكرية بالمعلومات بطرق قد تتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني، وخاصة قواعد التمييز والحيطة".
أما مديرة هندسة ضمان الذكاء الاصطناعي في معهد الذكاء الاصطناعي بأميركا هايدي خلاف فقالت إنه "نظرا لسجل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحافل بمعدلات الخطأ المرتفعة، فإن أتمتة الأهداف بشكل غير دقيق ومتحيز لا يختلف في الواقع عن الاستهداف العشوائي".
كذلك وجهت الباحثة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام مارتا بو انتقادات لاستخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها على قطاع غزة، وقالت إن "الاعتماد المفرط على أنظمة الذكاء الاصطناعي يمنحها تأثيرا كبيرا على القرارات التي يجب على البشر اتخاذها".
وانتقد المحامي السابق في الجيش الإسرائيلي لتال ميمران استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في الحرب، فقال "أشعر بالقلق بشأن دقة عملية صنع القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي في ضباب الحرب. هل سيحدث هذا الأمر تغييرا جذريا من حيث الجودة؟ لا أعتقد ذلك".
وقالت كاثرين كونولي الباحثة في مجموعة "ستوب كيلر روبوت" إن أي تغيير في البرمجيات "يمكن أن يجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تصبح شبه مستقلة، بل تصبح مستقلة تماما في اتخاذ القرار".