عززت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والانحياز الأمريكي المطلق للاحتلال، من مسار تعافي وتطور العلاقات الثنائية بين قوى إقليمية، وخاصة بين مصر وتركيا، ومصر وقطر، وإيران ومصر، وإيران والسعودية، بحسب ما أظهرته مواقف وتصريحات منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن أقوى دعم عسكري ودبلوماسي ممكن لإسرائيل، ورفض وقف إطلاق النار، على الرغم من دعوات مكثفة أطلقتها دول كثيرة، بينها حلفاء واشنطن في منطقة الشرق الأوسط، إلى مستوى ظهر معه الدول الأمريكي كشريك فعلي أكثر من كونه حليفا أو داعما.

ويبدو أن التقارب بين القاهرة وأنقرة هو الأبرز على هذا الصعيد منذ تطبيع البلدين علاقتهما بعد سنوات من توترات وخلافات، إذ كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أنه يعتزم زيارة مصر "في أقرب وقت ممكن".

وستكون هذه أول زيارة من نوعها منذ أن تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكم في عام 2014.

وبعد أيام من اندلاع الحرب على غزة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مباحثات في القاهرة مع السيسي، وتوافق البلدان على "تكثيف الجهود الدولية للعمل على الوقف الفوري للعنف في غزة واستعادة التهدئة، واتخاذ إجراءات فورية وفعالة لحماية المدنيين ومنع تعريضهم لمخاطر القتل والتشريد والدمار"، بحسب الرئاسة المصرية.

ووفقا لمصدر دبلوماسي مطلع، طلب عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالحديث للإعلام، فإن "تركيا دعمت موقف مصر بصورة كاملة في ملف الحرب على غزة، ولم تستهدف مزاحمتها ولا تقديم نفسها كمنافس لها، بل كداعم وشريك، وهذا كان محل ترحيب مصري".

ولمدة 48 يوما حتى 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، قتل خلالها 14 ألفا و854 فلسطينيا، بينهم 6 آلاف و150 طفلا وما يزيد على 4 آلاف امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 36 ألف جريح، بينهم ما يزيد عن 75 بالمئة أطفال ونساء. بينما لا يزال عدة آلاف الشهداء تحت أنقاض منازل القطاع المدمرة.

فيما قتلت حركة "حماس" أكثر من 1200 إسرائيلي وأسرت 239، بينهم عسكريون برتب رفيعة، بدأت في مبادلتهم مع الاحتلال، الذي يوجد في سجونه أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

اقرأ أيضاً

في رد على رسالة له.. أمير قطر يوجه شكره إلى الرئيس المصري

وساطة قطرية مصرية

وبوساطة قطرية ومصرية، بدأت في 24 نوفمبر هدنة بين "حماس" وإسرائيل تستمر 4 أيام قابلة للتمديد.

ويتضمن الاتفاق تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة، حيث يعيش نحو 2.3 مليون نسمة يعانون من تداعيات حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

ورغم حساسيات تقليدية تتعلق، وفقا لمراقبين، بالتنافس على دور الوساطة وما يرتبط به من نفوذ إقليمي ودولي، إلا أن مصر وقطر أظهرتا تنسيقا لافتا قاد إلى اتفاق الهدنة، الذي أعلنته الدوحة في ما يبدو مؤشرا على حجم دورها، وفقا للمراقبين.

وحتي في ظل تسريبات تحدثت عن سعي القاهرة إلى الحد من الوساطة القطرية وتمسك "حماس" بالوسيط القطري جنبا إلى جنب مع الوسيط المصري، فإن الإشادات المتبادلة أمس الأحد بين السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بشأن التنسيق في ملف الهدنة توضح أن كلا الطرفين يتجه أكثر إلى التعاون مع الآخر وتبني مقاربة "الجميع رابح"، بحسب المراقبين.

اقرأ أيضاً

أردوغان: قد أزور مصر قريبا.. ويجب أن نتحلى بالوحدة إزاء غزة

رئيسي وبن سلمان

وعلى وقع الحرب على غزة والموقف الأمريكي المتصلب، التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للمرة الأولى منذ أن استأنف البلدان علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق توسطت فيه الصين في 10 مارس/ آذار الماضي.

لقاء رئيسي وبن سلمان جاء على هامش قمة عربية إسلامية مشتركة وغير عادية استضافتها العاصمة السعودية الرياض، في 11 نوفمبر الماضي، لبحث سبل وقف حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة.

وفي مقر اجتماع القمة، حرص ولي العهد السعودي على استقبال ومصافحة رئيسي، وهو أول رئيس إيراني يزور السعودية منذ سنوات شهدت توترات بين البلدين.

وبينما تعد السعودية أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة وكانت قبل الحرب تجري مباحثات لتطلبيع علاقاتها مع إسرائيل، تعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها.

وضمن تنسيق بين الدول الثلاث، زار وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان قطر وتركيا، حيث بحث مع مسؤولين في البلدين سبل الوقف الدائم للحرب على غزة. وكانت زيارته لقطر هي الثانية من نوعها خلال أسبوعين.

اقرأ أيضاً

إيران: لقاء رئيسي والسيسي مهم وحدث مؤثر في مسيرة العلاقات مع مصر

السيسي ورئيسي

وعلى هامش قمة الرياض أيضا، اجتمع السيسي ورئيسي في أول لقاء مباشر بين رئيسي البلدين اللذين يجريان منذ فترة مباحثات لتطبيع كامل للعلاقات بينهما.

وبحث السيسي ورئيسي ملفات، أبرزها الحرب على غزة والعلاقات الثنائية، وقال رئيسي في تصريح صحفي: "ليس لدينا أي عائق أمام توسيع العلاقات مع مصر الصديقة".

وبادله السيسي الترحيب بقوله إن "إرادة مصر السياسية الأكيدة هي إقامة علاقات حقيقية مع إيران، ولهذا كلفنا الوزراء المعنيين بمتابعة الأمر".

اقرأ أيضاً

حرب غزة.. أمريكا تخسر في اختبار توازن المصالح بين العرب وإسرائيل

سياسة واشنطن

كل تلك التطورات في علاقات ثنائية إقليمية هي، بحسب مراقبين، نتاج للانحياز واشنطن المطلق لإسرائيل، وعدم اكتراثها بمصالح حلفائها في المنطقة بصورة مرضية، بل وممارستها ضغوطا عليهم إما لإدانة "حماس" علانية أو القبول بتهجير للفلسطينيين، دون اكتراث باعتبارات دول المنطقة الأمنية والسياسية.

وفجّرت الحرب على غزة وأحاديث متصاعدة عن خطط لتهجير سكان القطاع غضبا شعبيا واسعا في دول المنطقة.

ومقابل موقف إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة، لجأت دول الإقليم، وفقا للمراقبين، إلى تقوية موقف بعضها البعض من خلال زيادة التنسيق وتبني مواقف مشتركة، كما حدث في قمة السلام في القاهرة يوم 21 أكتوبر الماضي.

وفشلت القمة في تبني بيان ختامي؛ إذ طالبت الدول الغربية بإدانة واضحة لـ"حماس"، وتحميلها مسؤولية التصعيد، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وهو ما رفضته الدول العربية، التي وافقت على بيان أصدرته مصر عوضا عن ذلك ودعا إلى وقف فوري للحرب على غزة.

اقرأ أيضاً

بن سلمان ورئيسي يلتقيان للمرة الأولي منذ استئناف العلاقات السعودية الإيرانية

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الحرب على غزة اقرأ أیضا أکثر من

إقرأ أيضاً:

حتمية وقف الحرب في غزة.. الرئيس السيسي يتلقى اتصالًا من ملك البحرين

تلقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، اتصالًا هاتفيًا من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين الشقيقة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الاتصال تناول مجمل العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وسبل مواصلة تعزيزها في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز أواصر الأخوة والتضامن العربي.


وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن الاتصال تطرق كذلك إلى مستجدات الأوضاع الإقليمية، وبشكل خاص تطورات الوضع في قطاع غزة، حيث شدد الزعيمان على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف الحرب في القطاع، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق، فضلًا عن حتمية البدء في عملية إعادة إعمار القطاع بما يكفل عودة الحياة الطبيعية لأهاليه. 

وأكد السيد الرئيس والملك حمد بن عيسى آل خليفة رفضهما القاطع لأي مساعٍ تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مشددين على أن القضية الفلسطينية ستظل في صدارة الاهتمام العربي والدولي. 

كما اتفقا على أهمية التنفيذ الكامل لخطة الرئيس ترامب للسلام، وفقًا لما تم اعتماده في قرار مجلس الأمن ذي الصلة رقم (٢٨٠٣)، باعتبارها إطارًا لتحقيق السلام العادل والشامل.

واضاف المتحدث الرسمي أن السيد الرئيس والملك حمد اتفقا على مواصلة الاتصالات والتنسيق بشأن القضايا محل الاهتمام المشترك، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، بما يعزز وحدة الموقف العربي ويخدم مصالح شعوبها.

طباعة شارك السيسي الملك حمد بن عيسى البحرين

مقالات مشابهة

  • «الفجر» تنشر أبرز تصريحات الاتصال الهاتفي بين الرئيس السيسي وملك البحرين
  • حتمية وقف الحرب في غزة.. الرئيس السيسي يتلقى اتصالًا من ملك البحرين
  • يديعوت أحرنوت: رصد تهديد إيراني على الحدود الشرقية لإسرائيل
  • محلل سياسي: اجتماع طهران يستهدف استعادة العلاقات بين الرياض وإيران
  • أمريكا ترامب: سلامٌ بالقُوّة (القوّة الذّكيّة)
  • أمريكا ترامب: سلامٌ بالقُوّة (القوّة الذّكيّة[1])
  • تقدير إسرائيلي.. تنسيق قطر مع أمريكا بشأن غزة يُضيّق الحيز الاستراتيجي للاحتلال
  • مصادر مصرية: جماعات فلسطينية موالية لإسرائيل تتوسع في غزة
  • إسرائيل تتجسس على أمريكا فى غزة.. و«حماس» مستعدة لتجميد سلاحها
  • السعودية وإيران تؤكدان التزامهما بمسار بكين 2023