جريدة الوطن:
2025-08-01@16:06:53 GMT

أوراق الخريف : الهدنة والاعتراف الدولي بفلسطين

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

أوراق الخريف : الهدنة والاعتراف الدولي بفلسطين

سيظلُّ السَّابع من أكتوبر 2023، في ذاكرة التاريخ، لِمَا سطَّره أهل غزَّة من ملحمة بطوليَّة باسلة لإيقاظ الضمير العالمي تجاه قضيَّتهم الَّتي استمرَّت (75) عامًا دُونَ حلٍّ، وظلَّ الاحتلال الإسرائيلي مسيطرًا على القدس وكُلِّ الأراضي الفلسطينيَّة.
لِيكُونَ «طوفان الأقصى» هو الحراك الرئيس للمقاومة الفلسطينيَّة من غزَّة لطردِ المحتلِّ الصهيوني، واستعادة الأرض والكرامة بكُلِّ قوَّة من خلال قوَّة صغيرة لا تتعدَّى خمسة آلاف جندي، رغم الحصار المفروض عَلَيْهم لسنوات، واليوم يفرضون رأيهم في وقف الحرب والهدنة وتبادل الأسرى، ويكذِّبون كُلَّ الأكاذيب والمُبرِّرات الَّتي كانت تتحدَّث عن حقوق الإنسان والعدالة والحُريَّة وغيرها.


واليوم لا تستطيع أيُّ دَولة في العالَم أن تستمرَّ في موقفها مع «إسرائيل»، فقَدْ تغيَّرت الصورة والمواقف، بعد المجازر والإبادة وقتل الأطفال والنِّساء وضرب المستشفيات والمدارس في جرائم ضدَّ الإنسانيَّة وحرب إبادة، قلبَت الأوضاع لصالح أصحاب الحقِّ، مؤكِّدةً أنَّ موقف الغزَّاويين الفلسطينيِّين أسهَم في تغيير قواعد اللعبة الدوليَّة وأيضًا شركاء «إسرائيل» الَّذين هدَّد البعض مِنْهم بطردِ السفراء ومنع الأسلحة عَنْها إذا لَمْ يتمَّ وقف العدوان الظالم.
لقَدْ نجح رجال المقاومة في إجبار الأعداء على القَبول بشروط المجاهدين ـ بعد حرب 50 يومًا ـ بهدنة لتبادل الأسرى، وبالتَّالي فإنَّ الأوضاع الدوليَّة وتفاعل الشعوب في كافَّة الأقطار مع ما يحدُث في غزَّة من حربٍ وقتلٍ، فرصة سانحة للتحرُّك العربي والإسلامي والعالَم للاعتراف بالدَّولة الفلسطينيَّة وتمكين الفلسطينيِّين من إقامة دَولتهم على أرضهم وعاصمتها القدس.
فهذه الحرب عرَّت الكثير من الدوَل، وكثيرًا من المنظَّمات والقانون الدولي، وكشفت للعالَم صورة أميركا وحلفائها، وأكَّدت أنَّ هناك خفايا لهذه الحرب وأهدافها تفوق التهجير فقط أو احتلال غزَّة، فالوضع لا يقبل التأويل أو التحليل، فسقوط غزَّة بداية الانتشار والتوسُّع والسيطرة على أراضي وثروات دوَل أخرى.
والهدنة الَّتي بدأت يوم الجمعة ولمدَّة أربعة أيام، هي مؤقتة ولالتقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب الأوراق باتفاق الأطراف، ولتبادل السجناء والرهائن (50) إسرائيليًّا مقابل (150) فلسطينيًّا، ولإدخال المساعدات والإغاثة لأهل غزَّة الَّتي تحوَّلت أرضهم إلى كتلة من الركام والدَّمار والخراب. فشكرًا لقطر ومصر؛ لكونهما وسيطَي الهدنة، وشكرًا لكُلِّ الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة والأجنبيَّة الَّتي قامت بإرسال المعونات الضروريَّة العاجلة الغذائيَّة والمواد الأساسيَّة، ونأمل دخول المواد الصحيَّة والغاز والوقود والمياه. لذا يجِبُ لهذه الحرب الإسرائيليَّة أن تتوقفَ بأيِّ طريقة كانت، ويحال المُجرِمون للمحكمة الدوليَّة ويطبَّق ميثاق روما، والقَبول بالحلِّ السِّياسي الَّذي تقوم به حاليًّا اللجنة العربيَّة الإسلاميَّة المُشَكَّلة من القمَّة العربيَّة الإسلاميَّة، خصوصًا وأنَّ المواقف السِّياسيَّة الغربيَّة تحديدًا تغيَّرت نوعًا ما عمَّا كان سابقًا.
فالأهداف الصهيونيَّة انكشفت نتيجة صمود المقاومة الباسلة، فلَنْ تتغيَّرَ خريطة الشَّرق الأوسط كما رسمها «نتنياهو» ولَنْ يتمَّ تهجير سكَّان قِطاع غزَّة إلى مصر والأردن، والفرصة اليوم مواتية أن نكتبَ التاريخ بالاعتراف بالدَّولة الفلسطينيَّة من خلال استغلال خروج الشعوب جماعات مليونيَّة في مظاهرات شملت مُعْظم دوَل العالَم ضدَّ حكَّامهم والمطالَبة بوقف الحرب نهائيًّا. فطوفان الأقصى حرَّك الضمير العالَمي، وحان الوقت الآن لتسريعِ عجلة السَّلام وفق المبادرة السعوديَّة ـ العربيَّة، وقطع الطريق على مَن يسعى لخلق وضعٍ جديد للشَّرق الأوسط والاستيلاء على ثرواته الطبيعيَّة.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا
[email protected]

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

بعد انضمام البرتغال إلى الدول الساعية للاعتراف بفلسطين.. هل ينجو نتنياهو من تصاعد الضغط الدولي؟

في ظل هذا المناخ الدولي المتغيّر، يجد نتنياهو نفسه في مواجهة تحديات سياسية غير مسبوقة حيث تتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل وخارجها لطريقة إدارته للملف الفلسطيني عمومًا، ولأزمة غزة خصوصًا. اعلان

أعلنت الحكومة البرتغالية، الخميس 31 تموز/يوليو، أنها تعتزم الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة في نيويورك في أيلول/سبتمبر، في خطوة تنسجم مع تحرك دبلوماسي دولي متسارع يدعو إلى إعادة إطلاق حل الدولتين. يأتي هذا التطور في سياق ما بات يُعرف بـ"نداء نيويورك"، وهو إعلان سياسي جماعي تقوده فرنسا بمشاركة دول من خارج الاتحاد الأوروبي، وبدعم من السعودية.

مبادرة أوروبية لدعم الاعتراف الدولي بفلسطين

البيان المشترك الذي طُرح في نيويورك، ويحمل توقيع 15 دولة حتى الآن، يدعو صراحة إلى الاعتراف بدولة فلسطين ويشدّد على ضرورة منح الفلسطينيين عضوية كاملة في الأمم المتحدة. والدول الموقعة: فرنسا، أندورا وأستراليا وكندا وفنلندا وآيسلندا وآيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنرويج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وإسبانيا.

ويمثل هذا التحرك محاولة لتجاوز المراوحة السياسية التي طبعت العقود الماضية، والتي اعتمدت على مفاوضات مباشرة غالبًا ما اصطدمت برفض إسرائيلي حاسم للاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير ضمن حدود ما قبل عام 1967.

بحسب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، فإن باريس "لا تستبعد الاعتراف بدولة فلسطين في سياق متزامن مع خطوات مماثلة من دول أخرى"، مشيرًا إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تشكّل منصة مناسبة للإعلان عن هذا الموقف.

أما بريطانيا، فقد أبدت استعدادًا مشروطًا للاعتراف، لكنها تربطه بـ"تحقيق تهدئة دائمة" في قطاع غزة، وهو ما يفتح الباب أمام تطور محتمل في الموقف البريطاني في حال استمرت الحرب ولم يتم التوصل إلى تسوية سياسية. ويُلاحظ أن لندن، رغم هذا التحفّظ، كانت من بين الدول الموقعة على "نداء نيويورك"، في مؤشر على انفتاحها على هذه المبادرة.

Related "ضم الضفة قد يُسرّع الاعتراف بفلسطين".. الخارجية الألمانية: إسرائيل تزداد عزلة على الصعيد الدبلوماسيبسبب اتهامات بـ"مخالفة قيم الجمهورية".. معهد فرنسي يلغي تسجيل طالبة فلسطينية من غزة"بسبب تدويل الأزمة مع إسرائيل".. الولايات المتحدة تعلن عن عقوبات ضد السلطة الفلسطينية واشنطن في موقف حرج

رغم أن الولايات المتحدة لا تزال ترفض الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين خارج إطار التفاوض الثنائي، إلا أن الزخم الدولي الجديد يضع واشنطن في موقف حرج، خاصة بعد تصويت الجمعية العامة في أيار/مايو الماضي لصالح منح فلسطين حقوقًا إضافية داخل الأمم المتحدة.

وفيما تواصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمها السياسي والعسكري لإسرائيل، بدأت تظهر أصوات من داخل الولايات المتحدة تدعو إلى مراجعة هذا الدعم في ظل حجم الدمار في قطاع غزة والانتقادات الحقوقية الدولية المتزايدة. وفي هذا السياق، دعا ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى "تبني مقاربة جديدة في إدارة الأزمة مع غزة"، مشددًا على "ضرورة وقف إطلاق النار"، في إشارة إلى تعثّر الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.

ورغم تأييده التقليدي لإسرائيل، فإن تصريحات ترامب تعكس تصاعد الانتقادات الدولية والإقليمية لإدارة نتنياهو، لا سيما في ما يخص تعامله مع ملف الرهائن وتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، وهي مواقف تُستثمر سياسيًا من أطراف دولية تسعى لدفع إسرائيل نحو حل تفاوضي يشمل الاعتراف بدولة فلسطينية.

نتنياهو في عزلة… انتقادات داخلية وخارجية تحاصره

في ظل هذا المناخ الدولي المتغيّر، يجد نتنياهو نفسه في مواجهة تحديات سياسية غير مسبوقة حيث تتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل وخارجها لطريقة إدارته للملف الفلسطيني عمومًا، ولأزمة غزة خصوصًا.

ورغم زعمه أن الاعتراف بدولة فلسطينية في هذا التوقيت يُعد "مكافأة للإرهاب" فشل نتنياهو في كبح التوجه العام داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، الذي يرى في الاعتراف أداة سياسية ضرورية لدفع إسرائيل نحو تغيير سلوكها على الأرض.

وفي الداخل، يتزايد الحراك الشعبي ضد نتنياهو أسبوعًا بعد أسبوع، لا سيما مع توالي شهادات عائلات الرهائن وقيادات أمنية سابقة تنتقد غياب رؤية واضحة لإنهاء الحرب. كما تشهد صفوف الائتلاف الحاكم انقسامات متزايدة، في ظل توجّه بعض الأطراف نحو الدفع باتجاه انتخابات مبكرة.

مرحلة جديدة من المواجهة الدبلوماسية

الأسابيع المقبلة مرشحة لأن تشهد تحوّلاً في قواعد اللعبة السياسية، مع انكشاف العجز الإسرائيلي عن منع موجة الاعترافات المرتقبة. ويبدو أن "نداء نيويورك" سيكون نقطة تحوّل حقيقية، إذ تعكف دول أوروبية أخرى على دراسة خطوات مشابهة للاعتراف بفلسطين، خاصة إذا ما أقدمت فرنسا وبريطانيا على كسر حاجز التردد.

وفي المقابل، تزداد عزلة حكومة نتنياهو التي تبدو عالقة بين جبهات داخلية مناهضة للحرب، وخارجية تدفع باتجاه تسوية تتضمّن الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. في هذا السياق، لم تعد مسألة الاعتراف بدولة فلسطين مجرّد موقف رمزي، بل تحوّلت إلى أداة سياسية ودبلوماسية لإعادة تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط، وتحدي الرؤية الإسرائيلية الأحادية التي ترفض قيام دولة فلسطينية.

ومن المتوقع أن يشهد أيلول/سبتمبر المقبل لحظة مفصلية داخل أروقة الأمم المتحدة، مع تنامي الحديث عن دعم أوسع لمطلب عضوية فلسطين الكاملة، وهو ما سيضع حكومة نتنياهو أمام اختبار سياسي جديد، فهل تصمد أمام هذه الموجة المتصاعدة؟

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • برلمانية: موقف مصر واضح في حماية القانون الدولي وتحقيق السلام بفلسطين
  • الحرب احتمال قائم.. مفاوضات سلاح المقاومة في لبنان مستمرة
  • ما هو الاعتراف الدولي بالدول وأنواعه وماذا يعني الاعتراف بفلسطين؟
  • بعد انضمام البرتغال إلى الدول الساعية للاعتراف بفلسطين.. هل ينجو نتنياهو من تصاعد الضغط الدولي؟
  • هل يصمد أمام الاعتراف الدولي بفلسطين؟
  • بين الهدنة والانقلاب.. خطة عربية من 22 دولة تربك حماس وتفاجئ إسرائيل
  • أوراق أمريكا المتساقطة في خريف ترامب
  • “إعلان نيويورك”: إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين ومنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة
  • حركة الأحرار الفلسطينية تدين الصمت العربي والعجز الدولي عن وقف جرائم الإبادة في غزة
  • البعريني: خطوة الدول الكبرى اعترافاً بفلسطين تغيّر مسار الصراع العربي–الإسرائيلي