الصاد يدعو إلى رص الصفوف والتلاحم ووحدة الهدف والترفع عن الصغائر والاختلافات التي تعيق عملية التحرير والاستقلال
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
لودر (عدن الغد) خالد الكابر
يوما بهيج واحتفالي شهدته حاضنة المنطقة الوسطى مدينة لودر صباح الاثنين الماضي، من خلال إقامة الفعالية الاحتفالية خطابية والفنية التي نظمها المجلس الإنتقالي الجنوبي في مديرية لودر بإشراف القيادة المحلية بالمحافظة تحت شعار على طريق الإستقلال الثاني واحتفاء بالذكرى ال 56 للاستقلال الوطني المجيد 30 نوفمبر.
حيث ألقى رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرية لودر المناضل والشخصية الاجتماعية صالح الخصر الصاد كلمة في افتتاح المهرجان الخطابي والفني
قال فيها : ان نضالات وتضحيات أبناء الجنوب والذين رووا بدمائهم الزكية تربة هذا الوطن منذ انطلاق ثورة 14 أكتوبر 1963م وحتى يومنا هذا لينعم وطننا الجنوب وشعبة بحريته واستقلاله وبناء دولته والعيش بكرامة على أرضه..وأن هذه المناسبة التي نحتفل بها اليوم جاءت نتاج لنضال وتضحيات كوكبة من خيرة أبناء الجنوب الذين قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن وفي طليعتهم الشهيد عبد النبي مدرم والشهيد غالب بن راجح لبوزة وغيرهم من الشهداء الأبطال.
وأكد الصاد من خلال هذه المناسبة العظيمة ومن المنطقة الوسطى مصنع الثوار والقادة والرجال وقوفها إلى جانب القيادة السياسية ممثلة باللواء عيدروس الزبيدي، وأنها جاهزة لكافة الخيارات لتحقيق الهدف الأسمى للجنوب المتمثل في الحرية والاستقلال واستعادة الدولة كاملة الريادة وعلى حدود ما قبل عام 90.
وأعلن راعي الحفل الخطابي والفني والثقافي الشيخ الصاد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي مديرية لودر للقاصي والداني في الإقليم والعالم بأننا نرفض رفضا قاطعا إعادة تدوير الوحدة المشؤومة بأي شكل وتحت أي مسمى وفاء لتضحيات شعبنا ودماء شهدائنا وجرحانا..
ودعا الخضر الصاد جميع أبناء الجنوب في هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية في تاريخ شعبنا الجنوبي إلى رص الصفوف والتلاحم ووحدة الهدف ووحدة النضال والترفع عن الصغائر والاختلافات التي تضر بنضال شعبنا وقضيته الوطنية وان نتعلم من أعدائنا فبالرغم من خلافاتهم ومن نختلف مواقعهم ومناطقهم إلا أنهم متفقون على هدف واحد ووحيد وهو كيفية الحفاظ على هيمنتهم واحتلالهم لشعب الجنوب وأرضه ونهب مقدراته.
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
في إتجاه مخاطبة قوى التحرير وحواضنها الأجتماعية…مأرب: ميدان النزال والحسم وصناعة النصر
(1) الأهمية الجغرافية والأجتماعية والحضارية
حين نتحدث عن مأرب من زاوية جغرافية، لا يمكن عزلها عن موقعها كمركز قيادي واستراتيجي لما يُعرف بـ”المَشرِق” اليمني، ومرجعية قبلية كبرى لـ”مذحج”، وعاصمة حالية لإقليم سبأ الذي يضم محافظات مأرب، الجوف، والبيضاء.
لكن مأرب ليست مجرد موقع جغرافي أو كيان إداري؛ فهي روح حضارة وسِجل لأصل نساني عريق – إنها بإختصار : آية في كتاب الله العزيز “بلدة طيبة ورب غفور”، ومشهد من نبوءة نبي الله سليمان، وموطن العرش والسد، وجذور المجد السُبئي.
هي مهد حضارة سبأ، وأصل قحطان، وراية مذحج، وعمق اليمن الشرقي الذي شكّل عبر التاريخ بموروثه الحضاري والأسلامي النقيض الموضوعي لقبة الهادي ومركزها الكهنوتي في صعدة،
و خط الدفاع الأول في وجه المشروع الإمامي بنسختيه: المذهبية المتعصبة، والسلالية المتعالية، لاسيما وأن الإمامة كانت كيانًا دخيلًا على اليمن، وعبّرت باستمرار عن عداء واضح لكل مفردات الهوية اليمنية، من سبأ إلى قحطان، ومن معين إلى حمير، حتى أن الإمام يحيى حميد الدين – كما يُروى – كان يحمل كراهية دفينة لمسمى سورة “سبأ”، متمنّيًا لو لم يكن هذا المسمى في المصحف الشريف، في تعبير فاضح عن نزعة طمس للتاريخ اليمني، بما فيه من موروث حضاري وإسلامي سابق لعصر إمامة الهادي ، وكأن اليمن لم يولد الا بمجيئه الى صعدة.
■ الإنسان
يحمل الإنسان في مأرب ملامح الإنسان اليمني الشرقي بأمتياز فهو : يقِظ، حذِر، متحفّز على الدوام ، كما وصفه الروائي الأستاذ محمود ياسين- هذه السمات لم تكن طارئة، بل تشكّلت عبر تراكم زمني منذ انفجار سد مأرب العظيم، وما تبعه من سيول مفاجئة وغزوات مباغتة من صحارى مفتوحة، خلقت إنسانًا شديد الحذر والانتباه لأي خطر قادم من هنا او هناك ، وحتى لا يُؤخذ على حين غِرّة.
■ الصحراء
تحيط بمأرب مساحات شاسعة من الصحارى المنبسطة، ما يجعلها جغرافيًا عصية على الاجتياح، خاصة من قِبل مليشيات الحوثي الإرهابية القادمة من الجبال والكهوف ، فقد ثبت أن البيئة الصحراوية المفتوحة لا تلائم طبيعة قتالها، وأن هذه المساحات الصحراوية يمكن أن تبتلعها دون ان تبقي لها أثرا ، ومع ذلك، لم يكن اندفاع الحوثيين نحو مأرب محض مغامرة، بل خضع لحسابات اقتصادية بحتة، بدفع من شركات نفط إيرانية كانت تطمح للسيطرة على ثروات مأرب من النفط والغاز، كمقدمة للوصول إلى حضرموت.
كان منسّق هذا التوجه هو ما عُرف بـ”إيرلو”، السفير الإيراني لدى الحوثيين، والذي لم يكن في حقيقته سوى سمسار نفطي يعمل لصالح ثلاث شركات إيرانية كبرى موّلت جانبا من المعركة طمعًا في عقود استثمارية ضخمة بعد سقوط مأرب.
■ الأهمية الكفاحية
لمأرب سجل نضالي ضارب في عمق التاريخ، حيث كانت دومًا في طليعة القوى التي واجهت المشروع الإمامي، وأسهمت بفاعلية في تقويضه. وقد أشار الباحث اليمني بلال الطيب في دراسته “مأرب.. تاريخ من الرفض” إلى أن الإمام يحيى حميد الدين، بعد استلامه الحكم عام 1904، حاول مدّ سلطته إلى الجنوب والشرق، لكن مأرب والجوف تصدّتا له بتحالف قبلي ضم أيضًا أمير بيحان “الهبيلي”، فشكّل هذا التحالف سدًا منيعًا أمام التوسع الإمامي.
لم تكن مأرب مجرد ممر للمقاومة، بل كانت في صدارة الفعل الثوري. ففي عام 1948، دوّى صوت الشهيد الشيخ علي ناصر القردعي برصاصته التي أنهت حياة الإمام يحيى، وأسقطت رأس الحكم الكهنوتي، في لحظة كانت بمثابة الشرارة الأولى على طريق ثورة 26 سبتمبر 1962.
“وفي عام 1957، سطرت قبائل صرواح ملحمة جديدة حين أطلقت انتفاضة مسلحة ضد الإمام أحمد حميد الدين. ورغم أنها لم تُكلل بالنجاح، إلا أنها جسّدت مجددًا روح التمرّد الكامنة في وجدان أبناء مأرب”، تلك الروح التي لم تخمد قط، لا في وجه الإمام يحيى ولا في وجه وريثه أحمد.
لقد كانت مأرب “جمهورية بالهوى والانتماء، حتى قبل أن يُعلن النظام الجمهوري رسميًا”. وعندما اندلعت ثورة 26 سبتمبر، كانت في مقدمة الحواضن الشعبية للثوار، واحتضنت الجيش الجمهوري بقيادة الشهيد علي عبد المغني، وقاتلت معه ببسالة حتى ارتفعت رايات الجمهورية على رمالها وجبالها.
وفي لحظات مفصلية، مثل حصار السبعين يومًا في صنعاء ، حاولت فلول الإمامة الالتفاف على العاصمة من الشرق، لكن قبائل مأرب تصدّت لهم، وخاضت معارك ضارية أسهمت في فك الحصار، وإنقاذ الجمهورية من السقوط.
يتبع…