كأنَّك منْذورٌ لِدَرْءِ المَآثِم (في ذِكْرَى كَمَالِنَا الجَزل)
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
alim.nor@gmail.com
بَكَيْتُكَ حَتَّى أنَّ دَمْعِيَ عَقَّنِي،
وحتّى احْتَوَى حُزْنِي حَشَايَ وأَعْظُمِي.
رأيْتُكَ تَمْضي تارِكاً لي مصائباً،
أغالِبُها وحْدِي، وقَدْ كُنْتَ سيِّدي،
لِساني الذي أدْعُو إذا عَقَّنِي فَمِي.
وما كان عهدي مُنْذُ خمسين حِجَّةً
عَرَفْتُكَ فيها لا تُجيبُ تَكَلُّمِي!
أَتَتْركُني فيما هُنا نهْبَ عُصْبةٍ
تَيَاسَرْنَ لَحْمِي في سُعَارٍ جَهَنَّمِي.
وعَهْدُكَ ما أَخْلَفْتَ وَعْداً لِصاحِبٍ
أتاكَ، وما دافَعْتَ إلّا بِصارِمِ.
وما اسْتَصْرخَ الضُعَفاءُ إلّا نَصَرْتَهُمْ،
كأنَّكَ مَنْذُورٌ لِدَرْءِ المَآثِمِ.
سَتَذْكُرُ ساحاتُ العدَالَةِ كُلُّهَا
وقوفَكَ فيها كالسِّنانِ المُثَلَّمِ
وسيفُكَ بَتَّارٌ على كُلِّ غاشِمٍ
وكُلِّ غَوِيٍّ فاجِرٍ وغَشَمْشَمِ.
وتَزْأَرُ حتَّى تَقْشَعِرَّ فَرائِصٌ
تُزَلْزِلُ أرْكانَ الْجُيُوشِ العَرَمْرَمِ
بِقَوْلٍ يَشُدُّ الحَقُّ بُنْيانَ مَتْنِهِ
يُزَيِّنُهُ سَبْكُ البيان المُقَوَّمِ
تُرافِعُ في أُمِّ القضايا بِمَنْطِقٍ،
يُثَقِّفُهُ عِلْمٌ كما الشَّهْدُ في الفَمِ
جَعَلْتَ من القانون لوحَةَ شاعِرٍ
رشيقَ الحَوَاشِي مُشْرِقَ الوَجْهِ باسِمِ،
وكُنَّا عهدْناهُ نُصوصاً عَوِيصَةً
كَئِيبَ المَبَانِي، كالِحَ الوَجْهِ أسْحَمِ
فَعَالَجْتَهُ حتّى ألَنْتَ عَصِيَّهُ
فأصْبَحَ (في بُرْدَيكَ) سَهْلَ التَرَنُّمِ.
دَلَفْتَ إلَى دارِ الصحافةِ فارِساً
على قَلَمٍ سَهْلِ القِيَادِ مُطَهَّمِ
تَدَرَّبْتَ فيها مُنْذُ أَنْ كُنْتَ يافِعاً
تُصارِعُ في هذا العُبابِ المُلاطِمِ
تُحَطِّمُ في الأِصْنامِ ما هِبْتَ زاجِراً
يُدافِعُ عن ذاك الحُطامِ المُهَشَّمِ
تُطَرِّزُهَا روزْنامةً ذاتَ بَهْجَةٍ
تُحَلِّقُ في شَأْوٍ من الفِكْرِ عَيْلَمِ
حديقةُ أفْكارٍ، وروضةُ شاعرٍ،
ومأْرِزُ إبْداعٍ نضيرِ البَراعِمِ.
جَمَالٌ مِن الألْفاظِ والحِلْمِ والنُّهَى
قلائِدُ من سَبْكِ الكلامِ المُنَظَّمِ
هُوَ الطَّوْدُ، لا تُخْطِئْهُ مُقْلَةُ باصَرٍ
ويَلْمَسُهُ من كان ذا بَصَرٍ عَمِي!
تَعَمَّقْتَ في بحر العلوم مُشَمِّراً
بِهِمَّةِ غَوَّاصٍ جَرِئٍ مُخَضْرَمِ
تُعالِجُ في أَصْدافِهِ غيْرَ عابِئٍ
بمِوَجْ ٍعَتِيٍّ أَوْ ظلامٍ مُخَيِّمِ،
وتُنْفِذُ في الأَعْماقِ سَهْماً مُسَدَّداً
لتصطادَ دُرَّاً منْ فُرَادَى وتَوْأَمِ
لك القلَمُ الأَعْلاَ الذي بِشَبَاتِهِ
أَصَبْتَ فَلَمْ تُخْطِئْ ولَمْ تَتَلَعْثَمِ
ألَا يا طاهِرَ الأَرْدانِ واليَدِ والْفَمِ
ويا طَيِّبَ الأكْنَافِ بالنُبْلِ مُحْتَمِي
ويا عاشِقَ امْ دُرْمانَ لا عِشْقَ غيْرَها،
وهَلْ غَيْرَ أُمْ دُرْمانَ قُلْتَ لها اسْلَمِي؟
وما أخْلَفَتْ يوماً قِطاراً لِمَوْعدٍ
وما اسْتَأْنَسَتْ إلَّا بِتِلْكَ العَوَاصِمِ
وما بَرَزَتْ إلّا لِتَلْقاكَ جَهْرةً
على مَلإٍ شُوسٍ، أُسُودٍ، ضَيَاغِمِ.
تُحِبُّكَ أُمْ دُرْمانُ حُبَّاً مُضاعَفاً
لِحُبَّكَ إيَّاهَا هَوَىً ذا تَضَرُِّمِ.
وحَقِّكَ، حَتَّى أنَّهَا سَفَرَتْ ضُحَىً
تُبَارِزُ بالبِيضِ الصِّقالِ الصَّوارِمِ
تَخَيَّرْتَها لمَّا رأيْتَ جمُوعَهُمْ
تَنَادَوْا عليها، خاطبينَ لِوُدِّهَا
فَكُنْتَ فتاها الفَرْدَ لا عَنْ تَوَهُّمِ.
هِيَ امْ دُرْمَانَ ذاتُ العَزائِمِ،
وهِيَ أمْ دُرْمانُ أُمُّ الكَرائِمِ،
وَهِي امْدُرْمانُ أنْتَ كَمَالُهَا
ولَمْ تَكُ بِدْعاً في الخِصالِ المُتَمَّمِ.
فَتىً حَاذِقٌ، حازَ الكَمالاتِ كُلِّهَا
إيْ، ورَبِّي، للمَكارِمِ يَنْتَمِي
أُعَزِّيكِ أُمْ دُرْمانَ في فَقْدِ شاعرٍ
صديقٍ، صدُوقٍ، صادِقِ الوُدِّ حازِمِ
وتَبْقَى المَوَدَّاتُ الّتيِ لا يَشُوبُهَا
رياءٌ، ولا يعتادُهَا عِطْرُ مَنْشَمِ.
عليه شآبيبٌ من اللهِ رحْمَةً
على قبره النَّائِي عن الوطن الظَّمِي
لقدْ كانَ يَرْجُو أَنْ يُجِنَّكَ تُرْبُهُ ولوْ كانَ قبْراً في جدارٍ مهدم
ومنْ وطنٍ يشتاقُ ضَمَّكَ قُرْبُهُ،
لِتَرْقُدَ في أحْضانِهِ المُتَأَلِّمِ.
سَنَبْكِي كثيراً، إنَّ فَقْدَكَ مُوجِعٌ،
وأَوْجَعُ مِنْهُ ما سَفَحْناهُ مِنْ دَمِ
وأَوْجَعُ مِنْهُ ما أَضَعْنَاهُ كُلُّنَا
وما سَفَحَتْهُ الحرب فوق الجماجم!!
عالم عباس
جدة/ نوفمبر٢٠٢٣
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: د ر مان
إقرأ أيضاً:
الإعلامي الحكومي في غزة: مجزرة صهيونية وحشية استشهد فيها 31 مدنياً بينهم 18 طفلاً
الثورة نت/
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن جيش العدو الصهيوني ارتكب، اليوم الاثنين، مجزرة وحشية في مدرسة فهمي الجرجاوي في حي الدرج بمدينة غزة، تؤوي آلاف النازحين.
وأفاد المكتب، في بيان، أن المجزرة الفظيعة أسفرت عن استشهاد 31 مدنياً، بينهم 18 طفلاً و6 نساء، إضافة إلى إصابة عشرات المصابين بجراح متفاوتة.
وأشارت إلى أن هذه الجريمة تُعد امتداداً مباشراً لجريمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي يواصل جيش العدو ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني منذ قرابة 600 يوم على التوالي.
أفاد بأن العدو الإسرائيلي، واصل استهداف مراكز الإيواء والنزوح بشكل متعمّد وممنهج، وقد بلغ عدد هذه المراكز التي تعرضت للقصف 241 مركزاً للإيواء والنزوح القسري حتى الآن، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية، وفي محاولة مكشوفة لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين.
ولفت إلى أن هذه المجازر تأتي في ظل إسقاط العدو الإسرائيلي للمنظومة الصحية وتدمير المستشفيات وإخراجها عن الخدمة، ومعاناة الطواقم الطبية من ضغط هائل، ونقص حاد في المستلزمات الصحية، وإغلاق المعابر أمام الجرحى والمرضى، ومنع إدخال الوقود والمواد الغذائية والأدوية والعلاجات، ما يفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة.
وأدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بأشد العبارات، هذه المجزرة المروّعة ضد المدنيين، واصطفاف الإدارة الأمريكية مع العدو في جريمة الإبادة الجماعية المستمرة ضد المدنيين في قطاع غزة.
وحمّل العدو الإسرائيلي والإدارة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والدول المشاركة في الإبادة الجماعية المسئولية الكاملة عن استمرار هذه المجازر.
وطالب المكتب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة وكل دول العالم الحر بالتحرك العاجل للضغط من أجل وقف جريمة الإبادة الجماعية، وإنهاء شلال الدم المتدفق في قطاع غزة.