سودانايل:
2024-06-02@00:23:37 GMT

عَلَم دار مساليت وأشياء أخرى

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

mohkh69@gmail.com

دار مساليت أو ولاية غرب دارفور وفق التقسيم الأخير للسودان. تسكنها قبيلة المساليت العريقة، ومعها قبائل أخرى، تتمايز في قبائل القِمِر والتاما والسنجار والفور والبرقو والداجو والبرنو والعرب على سبيل المثال لا الحصر. تتمازج كل تلك القبائل وتتزاوج، وتتصاهر متداخلةً في بعضها بعضا. حتى دخلت بعضها كبطنٍ أصيلٍ في النسيج الداخلي للمساليت.

والذي يتكون من أكثر من مائة بطنٍ يتفرع لأفخاذ. فتظهر بعض القبائل الكبيرة الشهيرة كبطون داخل قبيلة المساليت. مثل قبيلة الداجو العريقة صاحبة مملكة الداجو. ومثل شعبة الكنجارة التي منها سلاطين الفور، في قبيلة الفور العظيمة. هذه بعض الشواهد على تسامح هذه القبيلة وتقبلها للآخر، واحتفائها به، حتى يذوب فيها ويصبح جزءاً منها، له ما لهم من ديارٍ وحواكير وحقوق، وعليه ما عليهم من واجبات ومسئوليات تجاه القبيلة. ولذلك فسلطان دارمساليت هو سلطانٌ لكل القبائل التي تقطن دارمساليت بكل ومللها ونحلها بدون فرز. فهي تتبع للسلطان ممثلةً في سلاطينها وفرشها وعمودياتها وإماراتها لا يشذ منهم أحد ولا يتخلف.
وقد مرت دارمساليت في تاريخها الحديث بمنعطفاتٍ فارقة. إذ اجتاح الاستعمار الفرنسي إفريقيا من الغرب ومن الشمال الغربي. فاحتل تونس والجزائر والمغرب. ودلف على السنغال وساحل العاج وأفريقيا الوسطى في العمق، وتشاد التي قضى فيها على مملكة البرقو أوالودّاي الإسلامية العظيمة. ثم أرسل الفرنسيون رسلهم إلى سلطنة المساليت المتاخمة للتسليم أوالحرب. وكان يحكمها السلطان البطل محمد تاج الدين، الذي تجاهله التاريخ السوداني، فجهلت به أجيالٌ من أبناء السودان. رد عليهم السلطان بأنه لن يسلم بلده للعدو، وأنه سيحارب من أجله لآخر قطرةٍ من الدم.
وقعت المعركة الأولى في كرندينق سنة ١٩١٠م، بين الجيش الفرنسي الحديث، المدجج بآخر ما أنتجته مصانع أوربا من السلاح الفتاك، وجيش المساليت الذين يحملون السيوف والحراب والسفاريك وبعض البنادق القديمة، ويتسلحون بالإيمان والشجاعة وحب الوطن. فكانت المفاجأة الصادمة للعدو، هزيمةً نكراء مدويةً، ترجعت أصداؤها في أركان الدنيا كلها. وترنحت لها حكومة الجمهورية الفرنسية في باريس، ووثقتها دوائر الصحافة العالمية وقتها. فكانت فضيحةً مجلجلةً في حق فرنسا العظمى، أن تُهزم جيوشها المرعبة أمام قبيلةٍ مغمورةٍ في أحراش إفريقيا. وأن يقتل قائدها المظفر الكابتن مول.
أزمعت حكومة الجمهورية في نفس العام أكتوبر ١٩١٠م، الانتقام لهزيمتها وإنقاذ سمعتها السياسية، وهي على أعتاب الانتخابات. فعبّأت جيشاً جراراً حشدت فيه خيرة مقاتليها، لاسيما من المستعمرات. وانتدبت واحداً من أشرس قادتها، ومن رتبةٍ أرفع، هو الكولونيل فلقنشو، ليؤدب المساليت، ويجعلهم عبرةً لغيرهم. فتنادت دارمساليت قيادةً وقبائل. وأعدت ما استطاعت من عتاد مع ما غنمته من معركة كرندينق من ذخائر وأسلحة. فالتفت الزمان ليشهد واحدةً من أكبر المعارك، وأكثرها ضراوةً دماً. هناك على سهول دروتي الممتدة، حيث أبيد الجيش الفرنسي على آخره، وضع السلطان محمد تاج الدين وجنوده أرواحهم فداءً للوطن. وسالت الدماء غاسلةً الأرض. وارتفعت الأرواح مهراً له رخيص. وكان بين تلك الأرواح روح أعظم سلاطين أفريقيا قاطبة، السلطان البطل محمد تاج الدين، وقد صور ذلك الشاعر الكبير محمد مفتاح الفيتوري، في قصيدته الخالدة: (مقتل السلطان تاج الدين) ومنها:

وكان هنالك بحرالدين
وأشار إلينا تاج الدين
وأطل بعينيه كالحالم
في قلب السهل الممتدْ
ثم تنهدْ:
هذا زمن الشدة يا إخواني
هذا زمن الأحزانِ
سيموت كثير منا
وستشهد هذي الوديان
حزناً لم تشهده من قبل
ولا من بعد ...

واقتنع الفرنسيون بألا سبيل لدارمساليت بقوة السلاح. فكانت اتفاقية: قُلاني في سبتمبر ١٩١٩م، وتعني بلغة المساليت (لن تستطيع أخذه بالقوة). وبها أصبح لدارمساليت حق الاستقلال كدولةٍ مستقلةٍ، أوالانضمام للسودان، أوالانضمام لتشاد، فاختارت الانضمام للسودان طوعاً واختيارا. وبذلك أضافت إليه آلاف الكيلومترات من الأراضي الخصبة ظهرا، والمليئة بالثروات بطنا. هذا إلى كتلةٍ بشريةٍ ضخمةٍ ذات تنوعٍ ثقافيٍ ثر.

ولكن هل انتهت الأحزان في دارمساليت !!؟
كرندينق التي كانت تغتسل بدماء الشهداء من أبطال دار مساليت وشهدائها، أصبحت تسيل فيها الدماء هدراً، بقتل الأبرياء من العزّل والنساء والأطفال. وتغتصب فيها الأبكار، ويدفن فيها أحياءً أحفاد السلطان تاج الدين. شبابٌ في عمر الزهور ، في ظاهرةٍ شاذة، لم تشهدها البشرية حتى في عهود البرابرة من التتر والنازيين والصرب.
يحدث ذلك تحت سمع وبصر حكومة السودان منذ الديمقراطية الثالثة أواخر الثمانينيات. ثم بلغ القتل والتشريد والإذلال أوجه في عهد الإنقاذ في ٢٠٠٣م، وبتعتيم إعلاميٍ مقصود. ثم يتكرر ذلك مراتٍ ومرات. ولولا ثورة الميديا في السنوات الأخيرة لمضت جرائم دارمساليت كالعهد بسابقاتها. وهي فظائع ارتقت إلى أبشع توصيفات الجرائم الجنائية الدولية، من قتلٍ واغتصابٍ وتطهيرٍ عرقيٍ وتهجيرٍ وإبادةٍ جماعية. ويلاحظ أن الجرائم في دارمساليت تعود كل مرةٍ أكثر بشاعةً وضراوةً من سابقاتها. وهي تُرتكب بذات الأيدي والأدوات.
والآن، فإن العقل الذي صنع آلة القتل لإبادة أهل دارمساليت يعود بوسائل ناعمة، لا يُأبه لها، وهي أكثر خطراً من الجرائم المباشرة المرصودة بقوالب القانون وكاميرات الميديا. ومنها أدوات بث الشكوك والريب في النفوس. والتي توعز بالخيانة، وتنتهي بالكراهية والتآمر. فتباعد بين القريبين، وتفرق المتلاقين. نذكر منها : الحديث حول اتفاقية قُلاني سالفة الذكر بين سلطنة دارمساليت والفرنسيين، بما يوحي أن المساليت يعملون على الانفصال عن السودان. ثم ظهر في الوسائط الإعلامية والميديا علمٌ ذوثلاثة ألوانٍ على أنه علم (دولة دار مساليت) المرتقبة.
والسؤال هو:
من الذي صمم علم دار مساليت المزعوم هذا !؟.
ومن الذي نشره!؟.
يقيني أن البعض يستعمل هذا العلم بكل براءةٍ وجهل!! ... ولا عزاء لأولئك.
ولكنني أكثر إيقاناً أن هناك من ينشره بقصدٍ مع سبق الإصرار، وهو يدرك ما يفعل.
وهناك من يرصد كل ذلك، ويسر له... ويبتسم لسريان السم الزعاف الذي دسه!!!.
واعتقد باطمئنان أن ذلك العَلَم خرج من ذات الأضابير التي انهالت منها المصائب على دارمساليت.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: دار مسالیت تاج الدین

إقرأ أيضاً:

في الرد على أنصار طه حسين وأتباعه من مدعي الحداثة والتنوير

من هم أطفال طه حسين؟

كلما حاولت فهم المنطق الذي يخضع له "اجتهاد" التحديث في بلاد العرب وثمراته خلال القرنين الـ19 والـ20 وربع القرن الـ21  بالمقارنة مع ثمرات من بدأوا معهم نفس التجربة من أمم الشرق هالني الفشل الذريع الذي يقبل الوصف بالإدبار التام والنكوص العجيب للمزيد من التخلف والتحلل والتبعية.

فهبنا نظرنا للأمر بصورة إجماعية اعتمادا على المجموعات الخمس التي تتألف منها مناطق الجماعة التي تنتسب إلى جماعة الدول (=المحميات) العربية دون اعتبار مراحل دخولها لهذا المسار التحديثي أو باعتبارها فإن النتيجة واحدة: كلها غرقت في التحديث المقلوب: من وهم إمكان الغاية باستيراد النهاية.

وسأسمح لنفسي بوصف هذا الوهم بمنطق ما يسمى بثورة محمد علي وما تلا غزو نابليون لمصر والانبهار بثقافة فرنسا وبأخلاق الباشوات أو بسذاجة طه حسين التي تتصور تغريب ثقافة مصر علاجا سويا يكفي فيه استيراد نمط العيش لتحقيق شروط النهوض دون شروطه الفعلية التي لا يغني عنها الاستيراد الغفل.

لذلك فقد صرت أعتبر طه حسين رمز هذا الوهم الذي جعله يتصور نفسه ديكارتيا حتى سمح لنفسه بزرع جرثومتي احتقار الذات والتراث دون فهم يتجاوز وهمه حول ديكارتيته الدالة على سطحية قراءة ديكارت حتى صار يهزأ من ابن خلدون الذي هو الوحيد الذي يمكن اعتباره ديكارتيا بل ومتجاوزا لديكارت في مجاله.

طبعا سيقول من يغفل عن ثمرات رؤية طه حسين لاستراتيحية النهوض في علاقة بالنقد التاريخي للحضارات في مآل الفكر في بلاد العرب أعني ما يحصل حاليا في نخب التحديث والنقد أعني ما يمثله مفكرو مؤسستي مؤمنون بلا حدود وتناسخها في"تكوين" من مآل صار فيه القمني عالما والجماعة الذين دشنوا تكوين.

ديكارت الذي ينطلق منه طه حسين ليس ديكارت في بداية الحداثة الغربية بل هو ديكارت بعد أن صارت الحداثة التي أسسها إيديولوجيا وصف الاستعمار الغربي بـ"مهمة تحضيرية" لشعوب الحضارات التي يعتبرها المتمركز على حضارة الغرب بوصفها حضارة الإنسانية وما عداها ثقافة من لم يصلوا إلى منزلة الإنسان.ولن أستغرب من الاعتراض علي بالقول: ما علاقة هؤلاء بطه حسين وهو الأديب الكبير. طبعا لست أهلا للحكم في رؤية طه حسين الأدبية وهي ليست من مشاغلي ولا من اختصاصي. العلاقة هي برؤيته للتحديث والنهوض وتوهم تغريب مصر كافيا لتحقيق ما فهم من الديكارتية التي تنتسب إلى ما أستطيع الحكم فيه.

ديكارت الذي ينطلق منه طه حسين ليس ديكارت في بداية الحداثة الغربية بل هو ديكارت بعد أن صارت الحداثة التي أسسها إيديولوجيا وصف الاستعمار الغربي بـ"مهمة تحضيرية" لشعوب الحضارات التي يعتبرها المتمركز على حضارة الغرب بوصفها حضارة الإنسانية وما عداها ثقافة من لم يصلوا إلى منزلة الإنسان.

لذلك فالنتيجة في ديكارت طه حسين أنتج عكس نتيجة ديكارت الذي يجهله طه حسين: فديكارت استعمل  التشكيك في المدارك للوصول إلى حل الضمانة الإلهية لشروط إمكان العلم بحيث كان شعاره أن إثبات وجود الله شرط إثبات وضمانته لوجود العالم وعلم الإنسان شرط كون الإنسان مالك الطبيعة وسيادته عليها.

وذلك يعني أن ديكارت بالتشكيك ونقده خرج بنتيجة الشك المنهجي لإثبات شروط استعمار الإنسان في الأرض والاستخلاف فيها (مالك الطبيعة وسيدها) بفضل الضمانة الإلهية لوجود الحقيقة والقدرة على علمها وكلاهما مشروطة بالإيمان بضمانة إلهية أعني جوهر ما يعتمده القرآن لإثبات الحاجة إلى الدين.

لكن ديكارت الذي ينطلق منه طه حسين هو صورته في ذهن التابع الخاضع للانبهار بالثقافة الفرنسية خاصة والغربية عامة أي الثقافة التي وضعت إيديولوجية تبرير الاستعمار بالمهمة التحضيرية لم يبلغوا منزلة الإنسان العاقل: فلنذكر 1 مع من أعد رسالته حول ابن خلدون 2 وعلاقة المغلوب بتقليد الغالب.

ديكارت لم ينقد المسيحية حتى وإن وعد بالمحافظة بأخلاقه التقليدية في انتظار الوصول إلى تصور للأخلاق الأسمى منها بعد تحقيق شروط ما توصل إليه في تأملاته التي أسست بعدي الوجود على الإيمان بضمانة إلهية (جوهر الدين) لوجود الحقيقة ولقدرة الإنسان على علمها ليعمر الأرض ويستخلف فيها.

لو لم يكن طه حسين ضحية عقدة المغلوب وعقدة دارس علم الاجتماع في رؤية أستاذه في أطروحته حول ابن خلدون لكان يحق له أن يتكلم على الديكارتية وأن يدعيها. هو إذن أب كل ما نراه في جل تحديثيي العرب وخاصة أدعياء النقد الديني من الأميين في "تكوين" ورموز "إصلاح الإسلام" ممن لا يؤمنون به.

فهؤلاء السكرى بالزبيبة من "فلاسفة عقاب الزمان" يتوهون أنفسهم أعمق علما وفهما من ديكارت ولايبنتس وباسكال وكنط حديث ومن أرسطو وإفلاطون وأفلوطين وكل ذي عقل في العلاقة الوطيدة بين النظر والعقد في كل علم وبين العمل والشرع في كل عمل. لكن حداثيينا لا علم لهم ولا عمل هم مرتزقة الاستبداد.

لذلك فهم مليشيات القلم لدى مؤمنون (بالنقود) بلا حدود التي انهارت بعد فضيحتها في الأردن وتناسخها في "تكوين" التي ستنهار في مصر، أولاهما سبقت الدين الإبراهيمي الجديد والثانية تلته وكلتاهما من أدوات مديح التطبيع والخضوع النهائي للتبعية والتحديث القشري بالتوريد وهذا التقليد البليد.

وحتى لا يظن أن ما يعنيني من المشكل هو الوجه السياسي أي الصراع بين أدعياء التحديث وأدعياء التأصيل من النخب الخادمة لمشروعي النهوض أي المعركة بين اليسار والإخوان. فلست إخوانيا ولا يساريا ولا من المهتمين بهذه المعركة دون أن أبخسها حقها أو أقلل من أهميتها: فهي مفعول جانبي  للدواء.

ما أهتم به هو الدواء: فالرؤية التي تجعل المعركة كاريكاتورا من البحث عن شروط النهوض سواء:1 بظن التأصيل ممكنا من دون إبداع شروط تحديثه.. 2 أو ظن التحديث ممكنا من دون إحياء شروط تأصيله. وهذان هما الكاريكاتوران اللذان صارا مآل تخريف طه حسين حول ديكارت بعقلية المغلوب بإيديولوجية أستاذه.

ولولا وجود من قاوم خيارات طه حسين في النظر والعقد ومن قاوم خياراته في العمل والشرع لفقدت الأمل في نهاية ظاهرة "تكوين" كما انتهت ظاهرة مؤمنون (بالنقود) بلا حدود: عندما يتم اكتشاف طبيعتها. وقد مرت ظاهرة طه حسين بمرحلتين: ما تلا هزيمة 67 وما تلا ثورة الربيع وانتصار الطوفان العالمي.

هزيمة 67 أنتجت الدعاة ونقاد الدين من خريجي أقسام العربية في المغرب والمشرق وهما من نفس الطبيعة لأنهما كليهما من تجار الدين إما بمدحه أو بذمه ولا علاقة لهما بالعلم فضلا عن العلاقة بالإيمان به إيجابا أو سلبا: ذلك أن من ينفي الدين متدين سلبا لأن مؤله للنظام الطبيع وهو معنى الإلحاد.

لو كان طه حسين فاهما لديكارت أي متخلصا من عقد المغلوب ومصدقا صورته بعد أن صارت الحداثة إيديولوجيا مهمة التحضير لحضارة تتصور نفسها الممثل الوحيد للإنسان بالقياس على المستعمرين الذين ما زالوا دون الإنسانية ـ أرواح الشعوب الهيغلية ـ لما خبط خبط عشواء فتوهم أنه مؤرخ وفيلسوف أديان.

لما اطلعت على أدبيات حامد أبي زيد (مصر) اركون (الجزائر)  والشرفي (تونس) ورأيت سطحية فهمهم للأديان عامة وللإسلام خاصة سميتهم "أطفال طه حسين" وهي مقارنة بمفهوم "أطفال بورقيقة" في تونس أي كل الأطفال مجهولي الأهل من جنس أطفال الشارع في مصر حول مرقد الحسين.

من يعتقد أنه يقاضي القرآن بأرخنته لا يؤمن به لأن أول صفة للوحي أنه فوق التاريخ. وإذن فالقمني أصدق منهم رغم أميته لما قال من يؤمن بأن دينه صالح لكل زمان ومكان إرهابي حتما. هم إذن يعتقدون مثل الإسلاموفوبيين أن من يؤيمن بالقرآن إرهابي لكن بتقية. ومشغلوهم صرحاء: الإسلامي إرهابي.وقد حاولت أن أفهم المنطق الذي يقرأ به ناصر حامد أبي زيد القرآن بإخضاعه للنقد العقلاني بعرضه على الواقع التاريخي اضطررت لوضع مفهوم وثني المفكرين العرب الموروث عن هيجل الذي وضع خرافة: العقل واقعي والواقع عقلي.

فالمعادلة بين مجهولين لا ينتج عنهما معلوم: نحن نجهل ما العقل ونجهل ما الواقع فكيف نعلم المعادلة بينهما بحيث نعرف كل منهما بالثاني. لذلك فحامد أبي زيد لا يتلكم على الواقع بل على صورته عند ماركس. وليس له عقل لأن العقل عنده هو عقل ماركس. وهو من ثم دون ابن رشد فهما بما لا يتناهى.

ويمكن أن أعمم ما قلته عن أبي زيد ليشمل كل من ذكرت من نقاد الدين من المختصين في العربية: فشلوا في اختصاصهم الذي لم يثروه بشيء فحوموا على ما يمكن أن ينالوا به حظوة ونجومية عند الإسلاموفوبيين لأن النياشين العلمية تستمد منهم مثل السياسية.

فمن يعتقد أنه يقاضي القرآن بأرخنته لا يؤمن به لأن أول صفة للوحي أنه فوق التاريخ. وإذن فالقمني أصدق منهم رغم أميته لما قال من يؤمن بأن دينه صالح لكل زمان ومكان إرهابي حتما. هم إذن يعتقدون مثل الإسلاموفوبيين أن من يؤيمن بالقرآن إرهابي لكن بتقية. ومشغلوهم صرحاء: الإسلامي إرهابي.

ولا معنى للمقابلة بين إسلامي ومسلم، فهذا الفرق من ثمرات التقية. ذلك أن الأشعري يسمي المسلمين كلهم إسلاميين ومثله عبد الرحمن بدوي. لكن التقية جعلت الإسلاموفوبيين الجبناء يميزون بينهما تقية وليس حقيقة. ولست معنيا بذلك بل بجهلهم وضحالة فهمهم للحداثة والدين معا: مليشيات قلم فحسب.

مقالات مشابهة

  • د. محمد فؤاد يكتب: عن الفيل الأبيض.. الدعم وأشياء أخرى
  • في الرد على أنصار طه حسين وأتباعه من مدعي الحداثة والتنوير
  • في الرد على أنصار طه حسين وأتباعه من مدعي الحداثة والتنموير
  • رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا من رابطة قبيلة بني حميدة
  • ممر صلاح الدين/فيلادلفيا: المنطقة العازلة بين مصر وغزة
  • فييرا يعيد عقارب منصات التتويج مع السيب بثلاثية تاريخية
  • جيش الاحتلال نفذ محرقة تل السلطان برفح الفلسطينية بقذائف أمريكية الصنع (شاهد)
  • «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل نفذت محرقة تل السلطان بقذائف أمريكية الصنع
  • القاهرة الإخبارية: قذائف أمريكية الصنع اغتالت عشرات الغزيين بمحرقة الخيام
  • لافروف: اتفاق زيادة التعاون الدفاعي مع الصين ليس موجهًا ضد أي دول أخرى