جريدة الوطن:
2025-06-04@21:28:26 GMT

حقوق الإنسان بين الإهمال والاقتناص

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

حقوق الإنسان بين الإهمال والاقتناص

لَمْ يُستَغلْ نَصٌّ دولي لغير أهدافهِ المرسومةِ مِثلما تمَّ استغلال الإعلان العالَمي لحقوق الإنسان بنسخته الصادرة يوم العاشر من كانون الأوَّل ١٩٤٨.
لقَدْ تضمَّن هذا الإعلان ثلاثين مادَّة توزَّعت على حقِّ الإنسان في الحياة والصحَّة والتعليم والعمل والتنقل والتعبير عن حقوقه الشخصيَّة، وتأكيد هُوِيَّته وضمان علاقة أمينة مع الآخرين وصيانة حقوق أخرى.


لقَدْ تمَّ دعم هذا الإعلان بنصَّيْنِ دوليَّيْنِ آخرَيْنِ هما، العهد الدولي الخاصُّ بالحقوق المدنيَّة والسِّياسيَّة، والعهد الدولي الخاصُّ بالحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة…
والمؤسف في التعاطي مع الإعلان العالَمي لحقوق الإنسان استخدامه من دوَل النفوذ الأقوى لصالح أجندة سياسيَّة حين تسعى لتمريرها، إذ تقيم الدُّنيا ولا تقعدها في التباكي على الحقوق المهدورة وتَعدُّ ما حصل خرقًا فاضحًا لحقوق الإنسان، بَيْنَما تغضُّ النظر عن المساس بحقوق تتعارض مع مصالحها، أو عِندما يتطلب مِنْها التنازل عن أهداف معيَّنة كانت قَدْ اعتمدتها بغير وجْه حقٍّ لتعزيزِ سطوتها.
هو الكَيْل بمكيالَيْنِ ليس إلَّا مع هامش من ازدواجيَّة المعايير، الأمْرُ الَّذي أخرج الإعلان إلى حد بعيد من فرصته الاعتباريَّة في التطبيق بمعايير متساوية.
إنَّ هناك عيِّنات عديدة على منهج الانتقائيَّة الَّتي يتمُّ التعاطي بها على حساب شموليَّة العدالة، وإذا كان من عيِّنةٍ مدَوَّرةٍ يتكرر مشهدها منذ أربعينيَّات القرن الماضي فتكفي الإشارة إلى مظلوميَّة الشَّعب الفلسطيني وهو يناضل من أجْل حقِّه في أرضه ومستقبله، بَيْنَما تواصل دوَل معيَّنة استخدام الإعلان للتنديد بالموقف الروسي إزاء أوكرانيا.
إنَّ التستُّر وإيجاد مسوِّغات واهية للانحراف عن حقوق الإنسان الَّذي يمارسه الإسرائيليون انتهاكٌ صارخ لحقوق الإنسان. لماذا لا يكُونُ هناك ما يُدين هذه الانتهاكات؟ ولماذا يقتصر استخدام هوامش تمنِّي أن يتوخَّى الإسرائيليون الحذر من المسِّ بحقوق المَدنيِّين الفلسطينيِّين، هل يكفي ذلك؟!
يقتضي الإنصاف التعامل مع هذا الملف بمنطق وجود احتلال ينبغي أن يزاح، وأن تكُونَ هناك عدالة في الاستجابة لهذا المنطق على الأقل مع صدور أكثر من (300) قرار وتوصية من مجلس الأمن الدولي والأُمم المُتَّحدة تحثُّ على الاعتراف بالحقوق الفلسطينيَّة في تقرير المصير، وإقامة الدَّولة الفلسطينيَّة.
إنَّ المفاضلة بَيْنَ حقوق الأشخاص، أو المُجتمعات، أو الدوَل تتناقض وبنود هذا الإعلان. وإذا كان لا بُدَّ من إضافة هنا، فلَنَا أن نشيرَ إلى ثمَّة انتهاكات تتمثل بقطع الطريق على أيِّ منهج تشاركي يُتيح للشعوب الحصول على فرصها التقنيَّة والمعلوماتيَّة أُسوة بدوَل أخرى. كما ليس من المنطق أن تكُونَ هناك مواقف وإجراءات تعتمد التنكيل والتشفِّي على حساب مصير البَشَريَّة المشترك، وكيف يجوز مثلًا احتكار التقنيَّة الَّتي تُحقِّق التنمية البَشَريَّة المستدامة بذريعة حقوق الملكيَّة الفكريَّة؟ وكيف يجوز احتكار أسرار صناعة بعض الأدوية وطرحها ضِمْن أسبقيَّات الرِّبح التجاري؟ وأيُّ منطق حقوقي عادل يُجيز أن تكُونَ العهدة الدوليَّة بِيَدِ مجموعة معيَّنة من الدوَل لها الحقُّ في التلاعب بمصائر دوَل أخرى؟ وكيف يجوز لها تلويث مناطق عديدة من العالَم دُونَ أن يحتِّمَ عَلَيْها أن تدفعَ ضرائب معيَّنة بسبب الأذى.
إنَّ انتشار المعايير المزدوجة الَّتي تُلحق الضَّرر بحقوق دوَل هو في النتيجة النهائيَّة انتهاك بالنسخة الفرديَّة لحقوق الإنسان، كما أنَّ انتهاك الحقوق التراثيَّة والهُوِيَّات السكَّانيَّة واستحالة استدامة فرص الحياة الكريمة للشعوب يُمثِّل هو الآخر ذات الانتهاك.
بخلاصة معلوماتيَّة تحليليَّة، لا أمْرَ يُعطِّل الإعلان العالَمي لحقوق الإنسان بنسخته العادلة أكثر من الانتقائيَّة وركَنِه على رفِّ الإهمال واستجلابه حسب المصالح.

عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: لحقوق الإنسان حقوق الإنسان العال م

إقرأ أيضاً:

عاجل. المرصد السوري لحقوق الإنسان: مقتل 8 مدنيين علويين بإطلاق نار من عناصر حاجز أمني في ريف حماة

في ظل فلتان أمني مستمر بدمشق، عُثر على 5 جثث لعمال من الطائفة العلوية بعد اختفائهم فجر الأحد، إثر خروجهم من عملهم في مطعم قاسيون. الجثث أظهرت آثار إعدام ميداني، الحادثة أثارت قلقاً واسعاً لدى الأهالي وسط غياب تعليق رسمي من الداخلية. اعلان

قتل ثمانية مدنيين من الأقلية العلوية بإطلاق النار عليهم من "عناصر حاجز أمني" الأربعاء في محافظة حماة وسط سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأفاد المرصد عن "إقدام عناصر حاجز أمني على إعدام ميداني لثمانية مدنيين، بينهم ثلاث نساء، وإصابة خمسة آخرين بجروح، جميعهم من أبناء الطائفة العلوية، بعد استهداف حافلة نقل ركاب مدنية" في ريف حماة الغربي.

ويُظهر الوضع الأمني في العاصمة السورية دمشق تدهوراً واضحاً، مع تصاعد عمليات العنف والتجاوزات التي طالت مختلف المناطق، وسط عجز واضح من الحكومة المؤقتة عن فرض سيطرتها الكاملة على الأجهزة الأمنية أو ضبط الفصائل العسكرية المتعددة.

وشهدت دمشق خلال الفترة الأخيرة حالة من الفلتان الأمني، حيث سجلت العديد من الوقائع التي طالت المواطنين من مختلف الطوائف، بما فيها اعتداءات على محال تجارية تعود لأفراد من الطائفة المسيحية، وأخرى استهدفت أفراداً من الطائفة العلوية.

ومع ذلك، لم يصدر أي موقف رسمي واضح من وزارة الداخلية برئاسة أنس خطاب، سوى إقراره بوجود "انتهاكات" من قبل بعض العناصر دون تحديد هوياتهم أو الكشف عن الإجراءات المتخذة بحقهم.

في هذا السياق، شهدت العاصمة خلال الساعات الماضية حادثة اختفاء مُفاجئة لسبعة مواطنين من أبناء حي عش الورور، جميعهم يعملون في أحد المطاعم بمنطقة مساكن برزة، تطورت لاحقاً إلى العثور على جثامين خمسة منهم في منطقة القابون، فيما نجا أحدهم بعد أن سبقهم في العودة إلى المنزل.

وبحسب ما أفاد به "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، فإن الشباب السبعة غادروا المطعم الواقع فوق مول قاسيون فجر يوم الأحد–الاثنين، على متن مركبة من نوع "فان" كانت تنقلهم بشكل يومي من مكان عملهم إلى حي عش الورور.

وبعد دقائق من انطلاقهم، انقطع الاتصال بهم قرب جامع السلام ومقبرة برزة، دون أي مؤشرات واضحة حول مصيرهم أو ظروف اختفائهم.

فيما تم العثور على المركبة متوقفة بالقرب من مشفى الشرطة على الأوتوستراد الدولي، خالية من الركاب ومن دون أي دليل يشير إلى الجهة التي أخذتهم أو طبيعة الحادث الذي تعرضوا له.

Relatedدُمرت محالّهم وطُلب منهم دفع الجزية.. مسيحيو سوريا ضحايا انتهاكات الفصائل المتطرفةدروز يغلقون الطرق في الجليل ويطالبون نتنياهو بالتدخل بعد الاشتباكات في سوريا"نحمل أحمد الشرع المسؤولية".. الجيش الإسرائيلي يعلن سقوط مقذوفين أطلقا من سوريا في مناطق غير مأهولة

وأكد مجلس حي عش الورور عبر صفحة الحي على موقع "فيسبوك"، أن الواردية الأخيرة من العمال خرجت بين الساعة الثانية والنصف والثالثة صباحاً، وكان ضمنها ستة أشخاص على متن الفان بقيادة السائق، بينما سبقهم السابع، على دراجة نارية مع صديق له.

وأوضح المجلس أنه تم العثور صباح أمس الثلاثاء على جثامين خمسة من المفقودين، إضافة إلى شخص جريح، في منطقة البعلة قرب شركة الكهرباء في القابون، حيث تم نقل الجريح إلى مشفى ابن النفيس، ونقل الجثامين إلى مشفى المجتهد.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • عاجل. المرصد السوري لحقوق الإنسان: مقتل 8 مدنيين علويين بإطلاق نار من عناصر حاجز أمني في ريف حماة
  • الأمم المتحدة: العثور على 77 جثة في طرابلس داخل مناطق يسيطر عليها فصيل مسلح
  • بسبب مهمة دولية.. استقالة مشيرة خطاب من رئاسة المجلس القومي لحقوق الإنسان
  • القومي لحقوق الإنسان يقبل استقالة مشيرة خطاب ويكلف كارم بالرئاسة
  • قارة إفريقيا تختار قيادتها الحقوقية.. مالي تتصدر والجزائر تحجز مقعد النيابة
  • لجنة الحقوق الاجتماعية بالقومي لحقوق الإنسان تزور مستشفى أهل مصر
  • انتخابات البرلمان.. توجيه مهم من القومي لحقوق الإنسان للأحزاب السياسية
  • المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان تنتخب ماليا رئيسا وجزائرية نائبة له
  • خالد أبو بكر: منصب المجلس القومي لحقوق الإنسان ليس تشريفيًا
  • مجزرة جديدة يرتكبها الاحتلال بمواقع توزيع المساعدات في رفح