في الذكرى الثامنة.. كيف ضلت العدالة طريقها إلى محافظ عدن الأسبق جعفر محمد سعد؟ "تقرير"
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
مرت أمس الأربعاء السادس من ديسمبر الذكرى الثامنة لاستشهاد محافظ عدن الأسبق اللواء جعفر محمد سعد، وسط دعوات في العاصمة المؤقتة عدن، للكشف عن مرتكبي جريمة اغتياله.
وبهذه المناسبة وضع عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، الأمين العام للأمانة العامة للمجلس فضل محمد الجعدي بمعية أحمد حامد لملس وزير الدولة، محافظ العاصمة عدن أمس الأربعاء، إكليل من الزهور، أمام اللوحة التذكارية بموقع استشهاد اللواء جعفر محمد سعد محافظ العاصمة عدن الأسبق، في ذكرى استشهاده الثامنة.
وفي الفعالية التي حضرها عبده علي النقيب مساعد الأمين العام، نزار هيثم رئيس الهيئة الشبابية، تمت قراءة سورة الفاتحة على روح الشهيد ومرافقيه، والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة.
وقال الجعدي إن الشهيد جعفر قدم أعظم التضحية من أجل الحق والعدل، وكان رمزاً من رموز الشجاعة والإيمان بقضية شعب الجنوب وقائداً مخلصا تشهد بصماته أثناء تحرير العاصمة عدن، وتحمل مسئولية إدارة العاصمة في ظل الظروف الصعبة، وقدم حياته ثمناً لمواقفه البطولية بعد أن طالته أيادي الغدر والإرهاب.
وبعد ثماني سنوات من اغتياله تتساءل أسرته ومحبيه: هل تصل العدالة إلى ضريح جعفر محمد سعد، أم تبدو الإجابة على سؤال كهذا صعبة للغاية؟ فالرجل خذله الجميع وأسرته وحدها لاتزال تناشد الكشف عن هوية القتلة.
> عدن تدعو للكشف عن مرتكبي الجريمة
على الرغم من مرور ثماني سنوات من اغتيال اللواء جعفر محمد سعد إلا أن هذه الذكرى لم تمر مرور الكرام على أقاربه وأسرته ومحبيه في العاصمة المؤقتة عدن.
ففي العاصمة المؤقتة عدن، أصدرت رابطة أسر ضحايا الاغتيالات ومبادرة قوى ومكونات الحراك الجنوبي لشؤون القتلى والمعتقلين والمخفيين والهيئة الشعبية الجنوبية، بيانًا هامًا مشتركا، بمناسبة الذكرى الثامنة لاستشهاد محافظ عدن الأسبق اللواء جعفر محمد سعد.
وأكد البيان وقوفه الكامل إلى جانب أسرة المحافظ الأسبق جعفر الذي اغتيل قبل ثماني سنوات حيث لم تقم العدالة بواجبها تجاه القتلة والمجرمين الذين اغتالوه وخمسة من مرافقيه.
ودعا البيان للكشف عن مرتكبي جريمة الاغتيال التي طالت اللواء جعفر محمد سعد محافظ عدن الأسبق، مناشدا كافة الجهات المعنية بالعدالة داخلياً وخارجياً، أن يتحملوا مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والإنسانية بسرعة البت في قضية اغتيال الشهيد جعفر ورفاقه وجميع ضحايا الاغتيالات.
وجاء في البيان "تلك الجريمة الشنعاء لأيادي الغدر والإرهاب، هزت كيان ووجدان كل أبناء عدن والجنوب كافة، تلك الجريمة التي أقدم عليها من لا يروق لهم رؤية عدن بأفضل حال، ومن رأوا الشهيد جعفر قد وضع قدميه على الطريق الصحيح، ومن أول خطوة له بدأ الناس يشعرون بجديتها ومردودها ومصداقية من يقودها".
وأضاف البيان: "شهران فقط من قيادته لعدن تمكن خلالها من اختراق قلوب الجميع، لتوافق أقواله بأفعاله وبحجم تلك المحبة كانت الصدمة عظيمة وعامة برحيله".
وتابع البيان: "ثماني سنوات عجاف مضت على أولياء دم جعفر ورفاقه في الشهادة ومحبيهم ولم يهدأ لهم بال من يومها وحتى اليوم سعياً للعدالة ورؤية القتلة المجرمين وقد نالوا جزاءهم العادل".
وأشار البيان إلى حالة الارتياح لدى أولياء دم جعفر ورفاقه في الشهادة ومحبيه، بعد أن أعلن أمن عدن ومديره إلقاء القبض على القتلة بعد الجريمة بزمن قصير، لكن لا نخفي أن مشاعر الإحباط وعدم الرضى والطمأنينة قد دبت في النفوس، كون العدالة لم تتحقق إلى اليوم ولم ينل أولئك المجرمون جزاءهم العادل، بل إن طول أمد تأخر العدالة والمتابعة من قبل أولياء الدم قد أرهقتهم وأضافت على كاهلهم أعباء كبيرة لا يقوون على احتمالها، حسب وصف البيان.
وذكر البيان أن رابطة أسر ضحايا الاغتيالات التي تم تشكيلها هي من ستتولى متابعة قضاياهم، وتم تشكيل مبادرة قوى ومكونات الحراك الجنوبي لشؤون القتلى والمعتقلين والمخفيين وذلك لدعم الرابطة وغيرها من الروابط، مشيرين إلى أنه بتكامل جهود الرابطة والمبادرة شعبياً وإعلاميا وقانونياً وميدانياً، قد تم إبراز تلك القضايا كقضايا رأي عام، وتمت العديد من الوقفات والمسيرات والندوات والمحاضرات واللقاءات بمختلف الجهات الرسمية والمنظمات والهيئات المحلية والدولية المعنية ووسائل الإعلام الداخلية والخارجية.
وأوضح البيان أن نتائج التحقيق داخلياً غير مرضية في الوصول للعدالة، لافتا إلى أنه تم النجاح خارجياً على مستوى العديد من المنظمات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والجرائم بحق الإنسانية، وكذا مكاتب محاماة دولية تبنت العديد من ملفات قضايا الاغتيالات، وتعمل على تقديمها للمحاكم الدولية بعد ثبوت تعثر سير إجراءات العدالة داخلياً.
وناشد البيان كافة الجهات المعنية بالعدالة داخلياً وخارجياً، أن يتحملوا مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والإنسانية، وخص القائمين على القضاء بالداخل وعدن على وجه الخصوص، بتوجيه النيابات والمحاكم بالتسريع بالبت في قضية اغتيال الشهيد جعفر ورفاقه وجميع ضحايا الاغتيالات، والتسريع في سير العدالة وإحاطة رابطة أسر ضحايا الاغتيالات، بكل ما يتعلق بمقترفي تلك الجرائم بحق ذويهم وسير التحقيقات معهم وأسباب تأخير محاكماتهم ليقول القضاء كلمته بحقهم، وفي مقدمتهم مقترفي جريمة اغتيال الشهيد جعفر ورفاقه.
وفي الختام أهاب البيان بكافة أبناء الشعب وعدن خاصة إلى المضي في موقفهم الداعم للرابطة والمبادرة حتى تحقيق العدالة، شاكرا كل الجهات والهيئات والمنظمات والأفراد الذين وقفوا ومازالوا إلى جانبهم.
> ذكرى لا تموت.. لا تعولوا على النسيان
بدورها استهلت زوجة المحافظ الأسبق جعفر محمد سعد الناشطة السياسية كوثر شاذلي في ذكراه الثامنة وفي منشور لها على حائطها في موقع "فيسبوك" ببيت شعري لأبو العتاهية: "أما والله الظلم لؤم ومازال المُسيء هو الظلوم.. إلى الديّان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم".
وأضافت: "نعم سنجتمع عند الله نختصمكم لا للإساءة ولكن لدم الشهيد الذي اغتلتموه بغدر وخسة وحقد أسود، سنختصم مع من اغتاله ومن خطط ومن نفذ ومن تواطأ بالصمت الجبان أو المباركة أو بحجب الأدلة، والإهمال المقصود والتقاعس لجريمة كهذه بلا تحقيق ولا قصاص من القتلة".
واختتمت منشورها بالقول: "تحل علينا الذكرى الثامنة لاغتيال قائد تحرير عدن ومحافظها وابن عدن البطل جعفر محمد سعد، فلا تنسوه، 6 ديسمبر يوم لا يُنسى ولن يُنسى، فلا تعوّلوا على نسياننا".
يذكر أن محافظ المدينة جعفر محمد سعد اغتيل في الـ 6 من ديسمبر 2015 بتفجير سيارة استهدفت موكبه الخارج من حي جولد مور، ولم يكد يمضي على جعفر في منصبه محافظا لمدينة عدن سوى أشهر قليلة حينما تعرض للاغتيال، ومنذ ذلك الحين لاتزال أسرته ومئات الآلاف من أبناء العاصمة المؤقتة عدن ينتظرون الكشف عن قتلة الرجل، كان الانفجار هائلا دمر رتلا من السيارات التابعة للرجل.
ورغم تعالي الدعوات الداعية لكشف تفاصيل وملابسات الواقعة إلا أن الرجل ومظلمته يبدو أن ثمة نسيانا طواهما، ويشعر الآلاف من الناس بالأسى في مواجهة أول تجربة حكم عدنية للمدينة منذ العام 1967.
وحتى العام 1967 كان العدنيون يحكمون مدينتهم قبل أن تنهي تجربة ثورية الحكم المدني للمدينة.
وعقب تعيينه تفاءل عدنيون كثر بتولي جعفر محمد سعد وهو ابن المدينة لقيادة السلطة المحلية فيها، لكن هذه التجربة اجهضت خلال شهورها الأولى.
وحتى اليوم ورغم مرور ثماني سنوات لايزال الرجل حاضرا في وعي الناس باعتباره واحدا من أبرز الوجوه المدنية التي حاولت النهوض بعدن.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: العاصمة المؤقتة عدن الذکرى الثامنة الشهید جعفر ثمانی سنوات
إقرأ أيضاً:
تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «5- 11»
تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «5- 11»
بقلم الدكتور عبد الله الفكي البشير
ختمت البروفيسور آمال قرامي تقديمها للطبعة الثانية التي ستصدر قريباً من كتاب: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، قائلة:
“يصدر المُؤلَف في فترة حرجة من تاريخ السودان استشرى فيها العنف وتفتت فيه النسيج الاجتماعي، وكثرت فيها الخيبات والمآسي وبرزت فيها علامات التراجع عن أهداف الثورة السودانية. فهل يكون هذا المُؤلَف ملاذ الحائرين/ات والباحثين عن فهم أسباب ما يجري؟”
البروفيسور آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية، تونس
قلنا في مستهل الحلقة الأولى من سلسلة هذه المقالات: “بتخطيط وتنسيق مسبق وبمؤامرة شارك فيها قطاع واسع ممن يسمون برجال الدين في الفضاء الإسلامي، والقضاة الشرعيين، و هيئة علماء السودان، و جماعة الإخوان المسلمين، وبعض رجال الطائفية والقادة السياسيين في السودان، ومشايخ جامعة أم درمان الإسلامية السودان)، ومشايخ الأزهر (مصر)، كان انعقاد المحكمة المهزلة، محكمة الردة في مثل هذا اليوم، 18 نوفمبر من العام 1968. مثَّل انعقاد المحكمة وصدور حكمها الباطل، بداية المواجهة بين الفهم القديم للإسلام، و الفهم الجديد للإسلام، كما طرحه المفكر محمود محمد طه. أتبع الأزهر شراكة مشايخه في مؤامرة المحكمة، بإصدار فتوى بكفر المفكر محمود محمد طه “الكفر الصراح”. كما لحق بالأزهر رابطة العالم الإسلامي حيث أفتى مجلسها التأسيسي وبالإجماع بردة محمود محمد طه عن الإسلام. يتكون المجلس التأسيسي للرابطة من ستين عضواً يمثلون مختلف دول العالم الإسلامي، وتتخذ الرابطة من المملكة العربية السعودية مقراً لها”.
شكَّل حكم محكمة الردة الذي صدر في 18 نوفمبر 1968، سابقة خطيرة، حيث تم استدعاؤه والأخذ به مع فتوتي الأزهر و رابطة العالم الإسلامي في محاكمة يناير 1985، التي حكمت على المفكر الإنساني محمود محمد طه بالإعدام، كما سيرد التفصيل لاحقاً. نواصل الحديث عن المؤامرات المحلية، فبعد أن وقفنا عند تآمر رئيس وأعضاء مجلس السيادة السوداني، نقف اليوم عند مؤامرات القضاة. (ملاحظة: كل ما يرد في هذه السلسلة يجد سنده التوثيقي في الكتاب المشار إليه، أعلاه، وقد أخذنا فيه بمنهج توثيقي صارم).
مؤامرات القضاةكشف المدعي الأول في محكمة الردة الأمين داود في كتاباته، عن شراكة قاضي القضاة والقضاة الشرعيين في المؤامرة. فقبل أن يتم تقديم الدعوى للمحكمة، قام الأمين داود بالاتصال بقاضي القضاة وبالقاضي الذي ترأس محكمة الردة فيما بعد، وقد أوضح موقف كل منهما.
موقف قاضي القضاة، عبد الماجد أبو قصيصةحكى الأمين داود في كتابه: نقض مفتريات محمود محمد طه وبيان موقف القضاء منه، وتحت عنوان: “موقف القضاء من محمود محمد طه”، مبيناً بأنه تقدم بالدعوى بعدما رأى “استعداداً طيباً وروحاً عالياً من حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الماجد أبوقصيصة قاضي قضاة السودان لقبول دعوى الحسبة”. كما أضاف بأن قاضي القاضي قد قال له بأن الدعوى من صميم عمل المحاكم الشرعية.
قاضي محكمة الردةروى الأمين داود في كتابه آنف الذكر، بأنه قد أتصل بالقاضي توفيق أحمد صديق، وطرح عليه خطته قبل انعقاد المحكمة، بل لم يتقدم بالدعوى، كما قال، إلا بعد ما لمسه من الهمة العالية والوقوف مع الحق من الشيخ توفيق أحمد صديق عضو محكمة الاستئناف العليا الشرعية، وبعد ذلك: “تقدمنا بدعوى الحسبة”.
تبين من الاعترافات الموثقة أن قرار محكمة الردة قد تم الاتفاق عليه قبل تقديم الدعوى نفسها. فالمدعي الأول، كما أورد في كتابه، رتب الأمر مع قاضي القضاة ومع رئيس المحكمة، ووجد موافقتهم وقبولهم فماذا بقى؟ لا شيء سوى تنفيذ المؤامرة.
يتضح مما تقدم أن التحالف الذي تشكل من رجال الدين والطائفية والزعماء السياسيين والقضاة الشرعيين، قد اجتمع على التآمر على المفكر محمود محمد طه، فدبروا تلك المكيدة السياسية. ومما لا شك فيه أن معظم هؤلاء السياسيين من الطائفيين والقضاة الشرعيين والفقهاء، لهم امتداداتهم الخارجية في مصر والسعودية، كما أن كثير منهم يتحرك بتوجيهات مصر الرسمية وبتوجيهات مشايخ الأزهر وبالتنسيق بينهما. وقد فصلنا كل ذلك في كتبنا.
إكتمال حلقات التنسيق والتآمر“ولكن لا بأس، فإن من جَهِلَ العزيز لا يَعِزَّه!! ومتى عرف القضاة الشرعيون رجولة الرجال، وعزة الأحرار، وصمود أصحاب الأفكار؟”.
محمود محمد طه، 19 نوفمبر 1968
بعد اكتمال حلقات التنسيق والتآمر بين القضاة الشرعيين، ورجال الدين، والقادة والسياسيين، تقدم الأمين داود، الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية (مدعي أول)، وحسين محمد زكي، الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية (مدعي ثاني)، بدعوى ضد محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري، بالردة عن دين الإسلام، حسبة لله تعالى. تم تقييد الدعوى لتكون القضية رقم 1035/1968 أمام محكمة الخرطوم العليا الشرعية، التي تشكلت برئاسة القاضي توفيق أحمد صديق، عضو محكمة الاستئناف العليا الشرعية المنتدب للنظر والفصل في الدعوى.
عدم اختصاص المحكمةإن المحكمة التي عُهد إليها بالنظر في القضية رقم 1035/1968، وهي محكمة الخرطوم العليا الشرعية، لم يكن من اختصاصها إصدار حكم بإعلان ردة أي إنسان من الإسلام. فالمحاكم الشرعية في السودان أنشأها الاستعمار بموجب قانون أصدره الحاكم العام، وهو قانون المحاكم الشرعية السودانية لعام 1902. ولم يتضمن هذا القانون أي نص يدل على صلاحية المحكمة الشرعية في الحكم بردة أو تكفير مسلم. فاختصاص هذه المحاكم قد حددته المادة السادسة التي تنص على أن للمحاكم الشرعية الصلاحية للفصل في:
أ. أية مسألة تتعلق بالزواج والطلاق والولاية والعلاقات العائلية بشرط أن يكون الزواج قد عقد على الشريعة الإسلامية أو أن يكون الخصوم من المسلمين.
ب. أية مسألة تتعلق بالوقف أو الهبة أو الميراث أو الوصية … إلخ.
ج. أية مسألة سوى ما ذكر في الفقرتين السابقتين على شرط أن تتقدم الأطراف المتنازعة بطلب كتابي ممهور بتوقيعاتهم يلتمسون فيه من المحكمة أن تقضي بينهم مؤكدين أنهم عازمون على الالتزام بحكم الشريعة في الأمر المتنازع عليه.
مما يدل على عدم اختصاص المحكمة التي نظرت في القضية، أن حكمها جاء غيابياً، بسبب عجزها عن احضار المتهم أمامها أو إجباره على الحضور، كما أنها لم تستطع تنفيذ الحكم الذي أصدرته، لا في ذلك الوقت، ولا في أي وقت لاحق، وهو ما لم يكن يحول دونه غياب المحكوم عليه، خاصة وأن للحكم عقوبة مقررة شرعاً هي أعلى مراتب العقوبات المدنية. وهذا ما أكدته المحكمة العليا/ الدائرة الدستورية في العام 1986 حينما قررت عدم اختصاص المحكمة الشرعية العليا، وقضت ببطلان حكمها، كما سيرد التفصيل لاحقاً.
ما يجب التأكيد عليه هو أن المحاكم الشرعية غير مختصة في إصدار حكم بإعلان ردة أو تكفير أي إنسان من الإسلام. إن تسمية هذه المحاكم محاكم شرعية فيه تضليل وإيهام للناس بأن شريعتهم قائمة. والاسم الصحيح لهذه المحاكم إنما هو “المحاكم الملية” أي أن الحكم الاستعماري كان عندما يحتل بلداً يخصص محاكم لكل ملة من أهل ذلك البلد مسلمين، نصارى، يهود، لتحكم لهم في قضايا الأحوال الشخصية حسب أديانهم، وأسوأ من ذلك فإن ما يسمى عندنا بالمحاكم الشرعية لم يكن ينفذ حكماً من أحكامها إلا بواسطة المفتش الإنجليزي لأن السلطة التنفيذية قد كانت بيده هو لا بيد (القضاة الشرعيين). نقف هنا ونلتقي في الحلقة السادسة.
[email protected]
تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام (4-11)
الوسومالأمين داود الدكتور عبد الله الفكي البشير الزواج الطلاق توفيق أحمد صديق عبد الماجد أبو قصيصة محكمة الردة محمود محمد طه