موظفو واشنطن بوست يضربون عن العمل بعد فشل المفاوضات
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
أضرب موظفو صحيفة واشنطن بوست الأمريكية العريقة، الخميس، عن العمل لمدة 24 ساعة، وفق ما أفادت نقابتهم، بعد وصول المفاوضات بشأن عقودهم التي استمرت على مدى 18 شهرا إلى حائط مسدود.
وجاء الإضراب وسط مشهد إعلامي مضطرب في الولايات المتحدة لم تسلم منه الصحيفة التابعة لـ"جيف بيزوس"، أحد أثرى رجال العالم، ومؤسس شركة أمازون التي تعارض بشدة جهود النقابات.
وسجّل قطاع الإعلام الأمريكي إلغاء نحو 17500 وظيفة في النصف الأول من عام 2023 وحده، وفقا لمؤسسة "تشالنجر وغراي وكريسماس" الاستشارية في مجال الموارد البشرية.
كما أغلقت نحو 2500 صحيفة بالكامل على مدى العقدين الماضيين مع تآكل عائدات الإعلانات التقليدية لصالح الإنترنت.
لكن بعض الصحف مثل نيويورك تايمز المنافسة للبوست عرفت في الوقت نفسه ازدهارا مع وصول عدد مشتركيها مؤخرا إلى 10 ملايين، وذلك بعد توسع محتواها ليشمل مجالات إعداد الطعام والألعاب والرياضة.
وأعلنت نقابة العاملين في واشنطن بوست بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق جديد حول الأجور وشروط أخرى، الإضراب في رسالة قالت فيها "بسبب سوء إدارة ناشرنا السابق، حاولت الشركة ضبط حساباتها من خلال تسريح نحو 40 شخصا العام الماضي".
وأشارت تقارير إعلامية إلى أنه منذ أن وصلت اشتراكات الصحيفة إلى أعلى مستوياتها عند ثلاثة ملايين مشترك خلال عهد دونالد ترامب، عادت لتنخفض منذ ذلك الحين إلى 2,5 مليون.
وأضافت النقابة أن الصحيفة "هددت بأنه إذا لم يغادر عدد كاف من الأشخاص، فسيتبع ذلك المزيد من عمليات التسريح".
واتهمت النقابة صحيفة واشنطت بوست بـ"رفض التفاوض بحسن نية" و"خرق القانون".
ويترافق إضراب البوست مع تجدد النشاط النقابي في الولايات المتحدة، حيث لجأ الجميع من كتاب وممثلي هوليوود إلى عمال مصانع السيارات ومعدّي القهوة للاعتصامات للتعبير عن مطالبهم في الأشهر الأخيرة.
وأظهر مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي الخميس موظفي واشنطن بوست يحتجون أمام مقرها في وسط العاصمة الأمريكية، ويقدر الموظفون أن أكثر من 700 شخص سيشاركون في الإضرابات.
وكتب أحد مراسلي الصحيفة المضربين على منصة "إكس": "الجميع يستحق عقودا عادلة (مع) أجور عادلة".
وسبق النشاط العمالي لموظفي واشنطن بوست إضراب في وقت سابق من هذا العام للعاملين في شركة غانيت، أكبر ناشر للصحف في الولايات المتحدة، وإضراب آخر قبل عام أيضا لمدة 24 ساعة نفذه موظفو "نيويورك تايمز".
ونظم العاملون في وكالة أسوشيتد برس توقفا قصيرا عن العمل الشهر الماضي بعدما رفضت نقابتهم زيادة بقيمة 2 في المئة على أجورهم عرضتها الإدارة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية المفاوضات الإضراب الولايات المتحدة النقابات الولايات المتحدة إضراب المفاوضات النقابات الاعلام الاميركي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة واشنطن بوست
إقرأ أيضاً:
العقوبات النفطية قد تقوِّض نفوذ الولايات المتحدة
قبل 600 سنة تقريبا عندما فتح العثمانيون القسطنطينية تعلَّموا خطرَ الإفراط في التمدد الإمبراطوري.
ففي محاولة لمعاقبة التجار الأوروبيين الذين كانوا يكرهونهم فرض العثمانيون رسوما وعقوبات على سلوكهم طريق الحرير المشهور. رد البرتغاليون بتطوير طرق بحرية إلى آسيا. وقاد الصراع الذي نتج عن ذلك إلى تدهور طويل الأمد لطريق الحرير. لقد أتى الإفراط في ممارسة النفوذ بنتيجة عكسية.
هل يحدث هذا الآن مرة أخرى؟ يجدر بنا أن ننظر في ذلك.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يفرض تعريفات جمركية شديدة التقلب فقط ولكنه يطبق عقوبات أيضا. بالمناسبة كلمة تاريف (تعريف) الإنجليزية والتي تعني الرسم الجمركي مُقترضة من اللغة العربية.
في الأسبوع الماضي فقط وأثناء جولته الشرق أوسطية أعلن ترامب عن عقوبات على الشركات الآسيوية التي تنقل النفط الإيراني إلى الصين. كما يدرس أيضا فرض عقوبات جديدة ضد روسيا في أعقاب تحرُّك من أوروبا.
يقينا، ترامب ليس أول رئيس أمريكي يفعل هذا. فأسلافه من الرؤساء الأمريكيين تبنوا باطراد فكرة العقوبات منذ عام2001. لكن البيت الأبيض يبدو متلهفا وبشدة لاستخدام هذه الأسلحة الآن ليس فقط في مجال النفط ولكن أيضا في التقنية الحساسة كالرقائق الإلكترونية وفي المال (بإقصاء البلدان عن نظام سويفت للمدفوعات). أو كما كتب إدوارد فيشمان في كتابه الجديد الذي صدر تحت عنوان نقاط الاختناق: النفوذ الأمريكي في عصر الحرب التجارية «القوى العظمى قديما نهضت وعاشت بالسيطرة على نقاط الاختناق الجغرافية كمضيق البسفور. النفوذ الأمريكي في الاقتصاد المعولم يعتمد على نقاط اختناق من نوع مختلف».
على أية حال هنالك مفارقة معيَّنة هنا. فكما رد البرتغاليون على قيود العثمانيين بتطوير طرق تجارية بديلة قوضت نفوذهم، تهدد أهداف ترامب اليوم بفعل نفس الشيء (إيجاد بدائل تقوِّض نفوذ أمريكا- المترجم) وبأسرع من ذلك.
لننظر في أمر النفط. في عام 2022 بعد غزو أوكرانيا فرضت أمريكا وأوروبا عقوبات على صادرات النفط الروسية بأمل ضرب اقتصادها. تماما كما فعلت العقوبات قبل ذلك مع إيران. لكن الحلفاء الغربيين خشوا أيضا من أن يرفع فرضُ حظرٍ كامل أسعارَ النفط. لذلك حاولوا أنصاف الحلول. فقد سمحوا لروسيا بالبيع للبلدان غير الغربية لكن عند أسعار أدنى من السوق أو أقل من 60 دولارا مع فرض العقوبات على المخالفين.
ألْحَقَ ذلك الإجراءُ بعضَ الضرر بروسيا. ويشير بحث اقتصادي صدر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي بولاية دالاس أن روسيا عندما حولت وجهة صادراتها النفطية إلى الهند لزمها «قبول خصم حوالي 32 دولارا في مارس 2023 من سعر نفط «أورالز» في يناير 2022 بسبب ارتفاع تكاليف الشحن البحري وقوة المساومة الجديدة التي حصلت عليها الهند.
لكن هذا الضرر خفَّ مع شروع روسيا في استخدام «أساطيل الظل» لنقل النفط. وهي الناقلات التي تتجنب الرصد بإغلاق أجهزة الإرسال والاستقبال.
وفي حين كانت مثل هذه الأساطيل صغيرة في السابق إلا أنها تكاثرت الآن وأوجدت «نظاما دائما وموازيا لتجارة النفط لا يخضع للسياسات والضوابط المعترف بها دوليا»، حسب تقرير للمعهد الملكي للخدمات (الدفاعية) المتحدة.
في الواقع، يشير تحليل اقتصادي حديث استخدم نماذج تعلُّم الآلة إلى أن السفن المظلمة (سفن التهريب التي تتخفَّى عن التتبُّع) نقلت ما يُقدَّر بحوالي 9.3 مليون طن متري من النفط شهريا في الفترة بين 2017 و2023 أو ما يقارب نصف صادرات النفط العالمية عن طريق البحر. وتشكل واردات الصين 15% من هذه التجارة.
يحاول المسؤولون الأمريكيون الحيلولة دون ذلك. ولهذا الغرض صدرت العقوبات الأخيرة ضد الشركات التي تتخذ مقرها في هونج كونج. لكن وكما ذكرت أغات ديماري الباحثة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في كتابها «رد الفعل العكسي» توحي التجارب السابقة بأن العقوبات تنجح حقا عندما تُطبَّق بسرعة وتكون أهدافها واضحة ومدعومة بواسطة الحلفاء (وهذا الشرط الأخير حاسم في أهميته).
ليس واضحا ما إذا كان في مقدور ترامب تحقيق ذلك. فسياسة الرسوم الجمركية التي يتّبعها قضت على ثقة الحلفاء. ومساعي الإدارات الأمريكية السابقة للحد من صادرات التقنية إلى الصين ترتبت عنها جزئيا نتائج عكسية. فبكين تطوّر تقنياتها الخاصة بها وتستخدم أطرافا ثالثة لتهريب الرقائق الإلكترونية.
نفس الشيء حدث مع التمويل. فعندما أقصت أمريكا روسيا من نظام «سويفت» للمدفوعات «قللت بقدر مهم من حجم التجارة الروسية مع الشركات في الغرب». لكنها كانت غير فعالة في خفض التجارة الروسية مع البلدان غير الغربية، حسب ورقة غير منشورة أعدها اقتصاديون ببنك التسويات الدولية. السبب في ذلك «ازدياد استخدام عملات الشركاء في تجارة روسيا مع البلدان النامية». فقد ساعد على التخفيف من آثار عقوبات نظام «سويفت».
كالعادة، لجأ ترامب إلى التشدد. فقد هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على البلدان التي تطور أنظمة مدفوعات غير دولارية. ربما سينجح في ذلك على ضوء الهيمنة الحالية للدولار. لكن وكما أشارت أغات ديماري في حين توضح التجارب السابقة إلى أن العقوبات قد تكون فعالة أحيانا إلا أن ذلك يستلزم استخدامها على نحو حاسم ومع الحلفاء. حتى مع ذلك يمكن أن تترتب عنها عواقب غير مقصودة.
لذلك كل الأبصار مصوَّبة نحو النفط الإيراني. ربما يسحب ترامب تهديداته. فأسعار النفط هبطت يوم الأربعاء الماضي عندما قال إنه يحرز تقدما في محادثاته مع طهران. لكن إذا لم يحدث ذلك سيشكل نشاط سفن التهريب اختبارا حاسما للتحقق مما إذا كانت لدى فريق ترامب حقا القدرة على تقييد صادرات النفط الإيرانية كما يعتقد. لقد حان الوقت لأخذ العبرة مما حدث لطريق الحرير.
جيليان تيت كاتبة رأي ورئيسة هيئة التحرير بصحيفة الفاينانشال تايمز
عن الفاينانشال تايمز