قصة سلاح استراتيجي للمقاومة أوجع الاحتلال الصهيوني في غزة
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتوسع العمليات البرية، برزت شبكة الأنفاق التي بنتها "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، كواحدة من أبرز الأسلحة التي أعطت المقاومة الأفضلية في المعارك.
وتسعى قوات الاحتلال الإسرائيلي بمختلف الطرق للقضاء على الأنفاق، خاصة بعد تعرضها لعدة إحراجات بسبب تعدد هزائمها وخسائرها في الحرب البرية الأخيرة.
بداية التأسيس
وبدأت عمليات حفر الأنفاق بقطاع غزة في التسعينيات من القرن الماضي، حيث قامت بعض العائلات التي تسكن على جانبي السياج الفاصل بين مدينة رفح في الأراضي الفلسطينية والجانب المصري بحفر أنفاق بسيطة لا تتجاوز أقطارها 50 سنتيمتراً، وكانت تستخدم لأغراض تهريب السلاح الخفيف والبضائع.
وشكّلت تلك البدايات البسيطة لحفر الأنفاق جزءاً من التحديات التي واجهها سكان القطاع في ظل القيود والحصار الذي فرض عليهم.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى في عام 2000، استغلت الفصائل الفلسطينية بحذر شديد هذه الأنفاق لغايات تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.
وبعد عام على الانتفاضة، وتحديداً في 26 سبتمبر 2001، نُفذت عملية تفجير استراتيجية من قبل كتائب القسام في موقع "ترميد" العسكري الإسرائيلي برفح جنوب قطاع غزة.
ونفذت العملية عبر نفق يبلغ طوله 150 متراً، حُفِر لزرع عبوات ناسفة أسفل الموقع العسكري، نتج عن التفجير مصرع 5 جنود إسرائيليين وإصابة عدد آخر.
ويعد هذا التاريخ انطلاقاً لظاهرة متسارعة تعرف لاحقاً بـ"سلاح الأنفاق"، الذي أصبح للمقاومة الفلسطينية وسيلة فعّالة تتصدى للقوات الإسرائيلية.
سلاح نوعي
وتعد الأنفاق في قطاع غزة عنصراً أساسياً في استراتيجية الصمود وتعزيز القدرة التنظيمية للفلسطينيين في مواجهة التحديات الناجمة عن الحصار والاحتلال.
وكانت الأنفاق في القطاع تُستخدم كممرات ضيقة ومحدودة لنقل المؤن والوقود لسكان القطاع عام 2006، لكن مع مرور الوقت تطورت لتصبح شبكات معقدة لا حصر لها، وتمتد كمتاهات تحت الأرض يصعب تعقبها.
وبحسب التقديرات، تضم شبكة الأنفاق 1300 نفق يبلغ طولها نحو 500 كيلومتر، ويصل عمق بعضها إلى 70 متراً تحت سطح الأرض، بينما تشير التقارير إلى أن معظم هذه الأنفاق يبلغ ارتفاعها مترين فقط، وعرضها مترين.
وتمثل شبكة الأنفاق تحت قطاع غزة أحد أكبر التحديات التي تواجه الجيش الإسرائيلي في مواجهاته مع الفلسطينيين، ولمواجهة هذا التحدي، قررت المنظومة الأمنية والعسكرية إنشاء وحدة خاصة تحمل اسم "الجهالوم"، عملها هو البحث عن الممرات والأنفاق.
وتضم هذه الوحدة في صفوفها مهندسين محترفين مجهزين بأحدث التقنيات، من ضمنها رادارات أرضية ومعدات حفر وأجهزة استشعار، مما يتيح لهم تحديد الحركات تحت سطح الأرض بكفاءة عالية.
واعترفت صحيفة "معاريف" العبرية، في تقرير سابق لها، بأن شبكة الأنفاق التي بنتها "حماس" في غزة تشكل تحدياً كبيراً لأي توغل عسكري إسرائيلي بري في القطاع.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي كبير سابق إن كلمة "أنفاق" لا تنصف ما أنشأته "حماس" تحت قطاع غزة، واصفاً إياها بـ "المدن تحت الأرض".
وأفاد مايك مارتن، الخبير في شؤون الحرب لموقع "روسيا اليوم"، في 26 أكتوبر الماضي، أنه "باختصار، هذه الأنفاق تحدث توازناً، لأنها تحيد مزايا إسرائيل التسليحية، والتكتيكية، والتكنولوجية والتنظيمية، كما أنها تحيد خطر انعدام القدرة على التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية التي تتطلب الفحص وفق القانون الدولي".
ويضيف مارتن: "بناء عليه فإن الجيش الإسرائيلي يواجه مشاكل عندما يتعلق الأمر بالعمليات العسكرية داخل المناطق المدنية، والتي يمكن تعريفها بأنها حرب ثلاثية الأبعاد".
وقالت مصادر لصحيفة "فايننشال تايمز"، في ديسمبر الجاري، إن شبكة الأنفاق التي أنشأتها "حماس" في قطاع غزة، أكبر من شبكة قطار أنفاق لندن، كما أنها محصنة ضد طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بدون طيار.
وتنقسم الأنفاق لثلاثة أنواع رئيسية مستخدمة في القطاع، أولها الأنفاق الهجومية، وهي التي تستخدم لاختراق وتنفيذ الهجمات على قوات الاحتلال، كما أنها تستخدم كمرابض لراجمات الصواريخ.
وأما النوع الثاني، فهي الأنفاق الدفاعية، حيث تستخدم داخل الأراضي الفلسطينية لإقامة الكمائن ونقل المقاتلين بعيداً عن الرؤية الجوية للطائرات الإسرائيلية والغارات.
والنوع الأخير هو الأنفاق اللوجستية، التي تستخدم كمراكز للقيادة والسيطرة على العمليات العسكرية وتوجيه المقاتلين، فضلاً عن استخدامها لتخزين الذخائر والعتاد العسكري وتجميع القوات.
محاربة الأنفاق
وتواجه "إسرائيل" وقوات جيشها، المُصنَّفة من ضمن أقوى 18 جيشاً في العالم، تحديات هائلة في محاولتها للقضاء على شبكة الأنفاق تحت قطاع غزة.
وقد استخدمت جميع أجهزة الاستخبارات لتحديد مواقع وتدمير هذا "السلاح الاستراتيجي" الذي أطلقته "حماس" في عام 2001.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في منتصف نوفمبر الماضي، ونقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن "إسرائيل" أقامت نظاماً كبيراً من المضخات قد يستخدم لغمر الأنفاق أسفل قطاع غزة في محاولة لإخراج مقاتليها.
وأكمل الجيش الإسرائيلي وضع ما لا يقل عن خمس مضخات على بعد ميل تقريباً إلى الشمال من مخيم الشاطئ للاجئين، يمكنها نقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه في الساعة وإغراق الأنفاق في غضون أسابيع.
وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، في منتصف نوفمبر الماضي، إن "إسرائيل" تدرس استخدام "القنابل الإسفنجية"، لمحاولة إغلاق الأنفاق المحفورة في أقبية قطاع غزة، وهي قنابل لا تحتوي على أي مادة متفجرة، لكنها تنتِج من خلال تفاعل كيميائي "انفجاراً مفاجئاً للرغوة التي تتوسع بسرعة ثم تتصلب".
وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز"، في ديسمبر الحالي، أن "الخطوة الأولى للقضاء على الأنفاق هي تحديد موقعها، ومن الممكن أن تفيد أجهزة الرادار وأجهزة الاستشعار الصوتية التي تخترق الأرض. وهناك تكتيك أبسط، يعرف باسم "الشعر الأرجواني"، يتضمن إلقاء قنبلة دخان في مدخل النفق، ثم يتم إغلاقه بعد ذلك برغوة متوسعة لمعرفة ما إذا كان الدخان سيظهر في مكان آخر".
فيما اعتبر مسؤول أمني لم يكشف عن اسمه، أن "مثل هذه الأساليب الشبيهة بالخيال العلمي تسلط الضوء على الصعوبات والوقت الطويل اللازم لتدمير عالم حماس السري".
فشل إسرائيلي
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي واصف عريقات إن سلاح الأنفاق هو سلاح استراتيجي بيد المقاومة الفلسطينية، خاصة أنه السلاح الوحيد في مواجهة التفوق الجوي والمدفعي والبري لدى قوات الاحتلال.
وأشار، في حديثه لموقع"الخليج أونلاين"، إلى أن "المقاومة لا تملك دفاعات جوية ولا أسلحة إسناد كالتي تملكها "إسرائيل"، لذلك الأنفاق تعتبر السلاح الوحيد الذي يؤمن للمقاومة القدرة على الاتصال والتواصل والتنسيق وإخفاء سلاح المدفعية وسلاح الصواريخ".
ويضيف عريقات أن كل الإمكانيات التي تحتاج إليها المقاومة الفلسطينية موجودة في الأنفاق تحت الأرض، وهي مدينة متكاملة، و"هذا ما يزعج "إسرائيل" ويقلقها؛ لأنها غير قادرة على معرفة أماكن هذه الأنفاق أو تفاصيلها، وهو ما يعطل العمليات البرية داخل القطاع؛ لكونها تشكل خطراً كبيراً على الجيش الإسرائيلي".
ويعتقد الخبير العسكري أن "إسرائيل" يصعب عليها "مواجهة سلاح الأنفاق؛ لأنها تجهل أماكن وجود هذه الشبكة في القطاع، كما أنها لا تعرف التفاصيل الفنية في إنشائها، ولا كيف بنيت، وذلك يشكل عقبة كبيرة في معالجة الاحتلال لهذه الأنفاق".
ولفت عريقات إلى أن "إسرائيل لم تنجح على مدى شهرين كاملين وهي تبحث عن هذه الأنفاق، رغم أن هناك عمليات مشتركة بين قوة الدلتا الأمريكية وبين الوحدات الخاصة الإسرائيلية لمحاولة الوصول إلى هذه الشبكات ومعالجتها".
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يُطالب بإخلاء مستشفى العودة شمال غزة
طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، مدير مستشفى العودة الواقع في منطقة تل الزعتر شمال قطاع غزة ، بإخلاء المستشفى على الفور، رغم وجود نحو 160 شخصًا داخله، بينهم طواقم طبية ومرضى وجرحى.
وقال مستشفى العودة - تل الزعتر في تصريح، "الاحتلال الإسرائيلي يُطالب إدارة المستشفى بالإخلاء الفوري وحتى الآن لم يتم الإخلاء حيث لا يزال داخل المستشفى 97 شخصًا بينهم 13 مريضًا ومصابًا و84 من الكوادر الطبية".
ويأتي هذا الطلب بعد أيام من تعرض المستشفى ومحيطه لإطلاق نار وقصف مباشر، وفي ظل كارثة صحية متفاقمة نتيجة تدمير المنظومة الطبية في القطاع، خصوصًا في شمال غزة، حيث تتواصل الهجمات الإسرائيلية على المرافق الصحية.
وتواصل قوات الاحتلال، لليوم الـ601 على التوالي، عدوانها العسكري على غزة، وسط تصعيد دموي مستمر ومجازر متلاحقة تطال النازحين والمدنيين في مختلف أنحاء القطاع. وتستهدف الغارات الإسرائيلية منازل مأهولة على مدار الساعة.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار غزة المحلية مُجدّدا.. فوضى وفقدان للسيطرة على مركز توزيع المساعدات جنوب "نتساريم" 67 شهيدا وصلوا مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الأخيرة مقرر أممي: إسرائيل أوصلت غزة لأخطر مراحل التجويع وآثاره ستستمر لأجيال الأكثر قراءة إسرائيل تقرر سحب كامل وفدها للمفاوضات من الدوحة تحقيقات 7 أكتوبر: الجيش الإسرائيلي فشل بالدفاع عن كيبوتس "كيسوفيم" وسكانه تفاصيل اجتماع الرئيس عباس مع رئيس الوزراء اللبناني إصابة شاب برصاص الاحتلال في قباطية عاجل
جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025