عربي21:
2025-05-12@11:09:50 GMT

صف الحداثة العربي يندحر في غزة

تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT

سؤال ممض ومزعج: لماذا لم يحرر الحداثيون العرب فلسطين قبل أن يعاود الإسلاميون الظهور في الساحة؟ لقد أخذوا فرصة زمنية كفيلة بإعادة تكوير الكرة الأرضية، لكنهم انتهوا في أوسلو إما منخرطين بمجاميعهم أو متعاطفين أو مبررين لكل الفعل الانهزامي، ولا تزال صورهم قائمين وقاعدين وعلى جنوبهم مع الانقلابات العربية المعادية للديمقراطية؛ تقتحم بيوتنا عبر تلفازاتهم.

لقد حدث أكثر من انقلاب عسكري في تاريخ العرب الحديث بعنوان معلن تحرير فلسطين من العراق إلى مصر عروجا على ليبيا والجزائر، ولكن لم يتم التحرير إلا بالأغاني الثورية التي تستحضر فقط في مناسبات محددة ثم يعود عدوية "بالسح ادح انبو".

لقد بدأ الإسلاميون حرب التحرير منذ ما قبل قيام الكيان، ثم بقدرة قادر طمس جهادهم باسم توحيد الأمة من أجل التحرير الشامل (كأن التحرير يمر أولا بقطع العلاقة مع الجهاد المؤسس)، ثم كانت مرحلة من النضال العجيب في نُزل فخمة انتهت في أوسلو، حتى كانت حماس. هذه أسئلة حول الفشل الحداثي في معارك التحرير.

قوالب الحداثة المضروبة
ما زلنا مضطرين إلى خوض نقاشات عقيمة مع قوم يروجون بعدُ أن الإخوان المسلمين ومن تناسل من فكرتهم هم صناعة المخابرات الإنجليزية؛ التي زرعتهم لتخريب أمة العرب العظيمة ذات الرسالة الخالدة، وتحت هذه اليافطة تم تدمير تنظيمات شعبية وقُتل الآلاف في السجون والمعتقلات حتى لا يكون هناك مخذّل خلف الجيوش الشجاعة التي ستحرر الأرض المحتلة وتبني الأمة الماجدة
ما زلنا مضطرين إلى خوض نقاشات عقيمة مع قوم يروجون بعدُ أن الإخوان المسلمين ومن تناسل من فكرتهم هم صناعة المخابرات الإنجليزية؛ التي زرعتهم لتخريب أمة العرب العظيمة ذات الرسالة الخالدة، وتحت هذه اليافطة تم تدمير تنظيمات شعبية وقُتل الآلاف في السجون والمعتقلات حتى لا يكون هناك مخذّل خلف الجيوش الشجاعة التي ستحرر الأرض المحتلة وتبني الأمة الماجدة. صدر هذا الخطاب من عراق ومن سوريا البعث(ين) ومن مصر الناصرية ومن ورثها وإن أنكر الناصرية، ومن جزائر الجنرالات ومن ليبيا التي لا نجد وصفا لائقا لنظامها العبثي.

في طريق الحرب على التيارات الإسلامية وتنظيماتها تم نسيان فلسطين والادعاء ببناء الحداثة العربية، وروجت الأفكار أن التحرير لا يكون إلا بخطة تحديث تتجاوز الفكر الديني المتخلف والرجعي والظلامي، إلى آخر المعزوفة التي نسمعها لأكثر من سبعين سنة. ومن العجيب أن مشاريع التحديث أخذت بمجامع التحديث الغربي إلا تحديث السياسة عبر إطلاق الحريات وبناء الديمقراطية، حتى صار كل من يحمل علامة دينية يُقصى من الحق في الحياة وصار الذهاب إلى المساجد جريمة في زمن بن علي التونسي.

كان كل خطاب الحداثة يقرن جملة التحديث الاجتماعي بجملة تحرير الأرض ورمي العدو في البحر، وفي الأثناء أرّخت الحداثة لحرب التحرير بنشأة حركة فتح مغفلة ما قبلها، ولا تزال تعتبر أن كل نضال خارج منظمة التحرير هو خيانة للقضية. وقد وصلت الوقاحة بهذا التيار وكثير من رموزه المتحكمة في الإعلام والثقافة والجامعات أن حركة حماس في هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تدعم المشروع الصهيوني؛ إذ ناوشت اليمين الصهيوني ليفح معركة تمهد لحكم اليمين الديني في إسرائيل من أجل تقاسم السلطة معه في فلسطين، ليستقر الأمر لليمين الديني على حكم العرب؛ أي والله لقد قرأنا هذا في مقالات الحداثيين التونسيين وفيهم من يكتب من مقاهي باريس مطمئنا إلى سلامة منطقه.

لكن الحقائق على الأرض مختلفة، ولا يمكن للحداثة وتياراتها من اليسار والليبراليين والقوميين أن يغيروها بعد حرب الطوفان. معركة التحرير تجري الآن وهنا، وتقودها تيارات إسلامية وترفع شعارات دينية وتتحدث عن الشهادة والجنة بينما يقف تيار الحداثة وراء شلة أوسلو.

الطوفان يجرف الحداثيين المزيفين

من بركات الغزوة الطوفانية أن جرفت مفكري الحداثة ومشروعهم في التحرير، وجعلت أفكارهم ومواقفهم محل تندر وسخرية. يُظهر الكثير منهم مواقف جديدة تبدأ غالبا بنعم؛ نعم للتحرير ولكن ليس بخطاب ديني ومرجعيات ظلامية. وهذا التوبة المشروطة هي التي تحول هؤلاء إلى مسخرة.

سؤال كبير يعود إلى سطح النقاشات: ماذا في إسلام التحرير يتناقض مع الأفكار التحديثية التي زعم الحداثيون أنها مدخل المستقبل؟ هل الدين الذي يحتمي به المقاوم في لحظة انتصاره يدخل تحت باب أفيون الشعوب؟ هل التحرير أفيون؟ هل يكون المرء رجعيا مظلم العقل وهو يتسلح ويقاوم وينتصر؟

لقد صحح الطوفان للكثيرين موقفهم، وستمتد المراجعات إلى أبعد من حرب غزة 2023، لذلك نراها تحرر عقولا كثيرة غُم عليها بخطاب حداثة ركب السلطة بالدبابة. حرب الطوفان أسقطت الحداثيين العرب وأطروحاتهم وصارت هي بوابة التحديث، فلا تحديث خارج المرجعيات الأصيلة للشعوب حيث تسقط كل الأطروحات الزائفة التي قادت إلى أوسلو بعد أن أسست لكل الديكتاتوريات العربية؛ من قدم منها على دبابة أو من زيف الصندوق الانتخابي منذ النكبة الكبرى.

حرب الطوفان أسقطت الحداثيين العرب وأطروحاتهم وصارت هي بوابة التحديث، فلا تحديث خارج المرجعيات الأصيلة للشعوب حيث تسقط كل الأطروحات الزائفة التي قادت إلى أوسلو بعد أن أسست لكل الديكتاتوريات العربية؛ من قدم منها على دبابة أو من زيف الصندوق الانتخابي منذ النكبة الكبرى
إننا نرى اليسار بكل مسمياته والقوميين بكل عناوينهم والأنظمة الحاكمة بكل صيغها؛ مجتمعين وراء عباس/ أوسلو وإن تظاهروا بإنكاره هذه الأيام، ونسمعهم ينتظرون اندحار حماس والجهاد ليقولوا "انظروا ماذا فعل الخوانجية بالقضية"، ولكنهم يقفون مبهوتين أمام صمود المقاومة وحاضنتها الشعبية التي كان صمودها بحجم قوة مقاومتها.

أفق الطوفان

طوفان غزة حرر عقولا وحرر إرادات وأعاد وضع القضية في موضعها الذي هي به جديرة، ومنه تكمل مسارها نحو التحرير الشامل ناقضة بذلك نضالات مزيفة كان أغلبها يتم في صالونات مخملية ولم تحمل سلاحا.

هل سيكون الإسلاميون وحدهم في الساحة حتى التحرير الشامل؟ أجيب بلا واضحة، فهناك من يقف معهم بعد، ولكنه لا ينكر عليهم وجودهم ولا دورهم وهو يشاركهم فيما يفعلون دون إدعاءات حداثية كاذبة. هؤلاء جزء من معركة التحرير ورفقاء طريق النصر حتى خطوته الأخيرة، لذلك فإن ما كتبناه أعلاه ليس إنكارا لصدق الصادقين ولا لشهادة من استشهد في معارك حقيقية، بل هو تأكيد على معنى واضح معركة التحرير لا تتناقض مع الحداثة بل هي الحداثة نفسها، فلم نعرف شعبا عاش حداثته تحت الاحتلال أو بالتنسيق الأمني المقدس معه. ولأنها كذلك فإن الإسلامي جزء مكين منها وقد يكون الأقدر عليها بحسب مجريات المعارك الحقيقة لا معارك المؤتمرات الخمس نجوم.. الطوفان ينظف ويفرز ويفتح الطريق نحو حداثة مستقلة ستكتب نصوصها في قادم الأيام.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين الحداثة اليسار المقاومة فلسطين المقاومة الإسلاميين اليسار الحداثة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

كيف تعرف أن عدوك مهزوم وفاشل!

 

 

في مؤتمره الصحفي الذي أعقب عدوانه على اليمن حاول رئيس الوزراء الصهيوني أن يظهر عدوانه بأنه إنجاز خارق، متباهيا ومتفاخرا ومسكوناً بنشوة نصر مصطنعة، قائلا إنه أخرج مطار صنعاء عن الخدمة، وكلنا يعلم أن المطار خارج عن الخدمة من مارس 2015م..
وأضاف انه دمر ميناء الحديدة لأنها تستقبل أسلحة لحكومة صنعاء، وكلنا يعرف ان كل سفينة تدخل لميناءي الحديدة ورأس عيسى، تفتش من قبل قوات التحالف والأمم المتحدة، وكل ما يدخل لهذه الموانئ يندرج في سياق الخدمات الإنسانية، وقود، أغذية، وإن كانت هناك أسلحة فهذا يعني أن قوات التحالف والأمم المتحدة من مؤيدي سلطة صنعاء..!
وتابع قائلا: إن مصانع الأسمنت تبني تحصينات وخنادق لأنه يجهل الجغرافية اليمنية ففيها كهوف وتحصينات صنعها الخالق سبحانه وتعالى وبالتالي لا نحتاج لأن نبني مثلها.
(نتنياهو) بدا في مؤتمره محاولاً اصطناع النصر وإرسال رسائل لمستوطنيه بأن لكيانهم قوة وسلطة وتفوقاً ويمكنه أن يضرب حيث يريد من المحيط إلى الخليج، السماء والأرض مفتوحتان أمامه وانه القوة المسيطرة القادرة على تركيع الأمة من محيطها إلى خليجها، وما خلفها وفي تخومها..!
قال انه ضرب رأس الأفعى أو إليها وجه التحذير ويقصد إيران..
وهذا هو سلوك المهزوم الحقيقي، فلو كان فعلا كما ظهر بمؤتمره الصحفي لتوجه نحو إيران واقتصر الطريق وتكون الخسارة واحدة..!
فهل يجرؤ (نتنياهو) على مهاجمة طهران؟ بكل لغات العالم اتحداه وأتحدى معه أمريكا.
نتنياهو وكيانه تهديداته وعربدته وغطرسته ومعه أمريكا محصورة في العرب والعرب وحدهم الذين يخشون نتنياهو ويقبلون أحذيته، وأقصد العرب هنا الحكام والأنظمة الرسمية ومعهم بعض الاتباع الذين يسبحون بحمدهم، لكن من يواجه المقاومة منذ عام ونصف ودمر القطاع والضفة وعجز عن هزيمة المقاومة وفشل في استعادة أسراه، وأخفقت قواته وأجهزته في تحقيق أي من أهداف الحرب التي أعلنها في يومها الأول، من يبحث عن الانتصار في استهداف القادة واغتيالهم أو في تدمير لبنان أو سوريا التي أسقط (أثوارها وعجولها) نظامها ليتحرروا، فخدموا (نتنياهو) وكيانه، ومع ذلك راح منذ أول لحظة يهين ويدوس بأحذيته على حلفائه في الأمس (الأثوار والعجول)، ساخرا منهم ومن ثورتهم ومن سلطتهم الجديدة.. وجزء من استعراض المهزوم هو الهجوم على اليمن ليضرب منشآت خدمية معلومة ومعروفة وليست ذات طبيعة عسكرية، ثم نجده يتباهي ويتفاخر، من يقتل النساء والأطفال والشيوخ في فلسطين ويدمر المستشفيات وخزانات المياه والطرق والبيوت بهدمها على رؤوس من فيها، ويتفاخر، هذا هو المهزوم.. الذي استخدم كل الطرق القذرة والوحشية والهمجية والتي تمثل عاراً تاريخياً لأي جيش يقوم بها ووصمة عار تلاحقه وتحط من قدره ومن كل القيم والأخلاقيات العسكرية، ورغم ذلك يفشل في تحقيق أهداف، ثم يذهب للابتزاز ويحاول أن يحقق ما عجز عنه بالحرب والنار والحصار والتجويع، إلى تحقيقه عن طريق المفاوضات.. هنا من المعروف أن من يفعل كل هذا الأساليب القذرة هو المهزوم، وهو الفاشل، وهو الذي سيدفع الثمن غاليا عما قريب..!
بكل المعاير العسكرية والحضارية والسياسية وبكل القيم والأعراف والتقاليد، فإن الكيان الصهيوني مهزوم، رغم كل جرائمه في فلسطين وفي بقية النطاقات الجغرافية العربية، هو مهزوم يستعرض القوة ليخوف بها من ناحية أنظمة الارتهان من سفلة الأمة، أو يخاطب بغطرسته وهمجيته عدوا بعيدا يخشاه..!
الصهاينة في كل تصرفاتهم يدلون على انهم مهزومون وأن الهزيمة تستوطنهم وحالة رعب تعيش في تجاويف أنفسهم.. ترامب قد لا يختلف عن نتنياهو وإن بصورة أخرى وهي الهزيمة الاقتصادية التي تعيشها أمريكا ويريد ترامب تجاوزها من خلال سياسة ابتزاز العالم ولكنها سياسة سوف ترتد على بلاده واقتصاده والأيام بيننا.

مقالات مشابهة

  • قطر تُتوج بكأس العرب لكرة اليد في الكويت
  • كيف تعرف أن عدوك مهزوم وفاشل!
  • بغداد تُصافح العرب
  • رئيس مجلس النواب يتفقد أنشطة الدورات الصيفية في عدد من المراكز بمديرية التحرير
  • الراعي يتفقد أنشطة الدورات في عدد من المراكز الصيفية بمديرية التحرير
  • وزير‎ الخارجية والهجرة يستقبل نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائب رئيس دولة فلسطين
  • كرة يد العراق تواجه تونس بالأدوار الترتيبية لبطولة كأس العرب في الكويت
  • مأرب.. قبائل عبيدة تؤكد جاهزيتها لمعركة التحرير وتدعو لإنهاء سياسية الإقصاء
  • مارب.. قبائل عبيدة تؤكد استعدادها لمعركة التحرير وتطالب بإنهاء التهميش والإقصاء
  • عاجل .. قبائل عبيدة بمحافظة مأرب تؤكد جاهزيها لمعركة التحرير وتدعو لإنهاء سياسية الإقصاء والتهميش