عربي21:
2025-06-27@16:59:14 GMT

صف الحداثة العربي يندحر في غزة

تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT

سؤال ممض ومزعج: لماذا لم يحرر الحداثيون العرب فلسطين قبل أن يعاود الإسلاميون الظهور في الساحة؟ لقد أخذوا فرصة زمنية كفيلة بإعادة تكوير الكرة الأرضية، لكنهم انتهوا في أوسلو إما منخرطين بمجاميعهم أو متعاطفين أو مبررين لكل الفعل الانهزامي، ولا تزال صورهم قائمين وقاعدين وعلى جنوبهم مع الانقلابات العربية المعادية للديمقراطية؛ تقتحم بيوتنا عبر تلفازاتهم.

لقد حدث أكثر من انقلاب عسكري في تاريخ العرب الحديث بعنوان معلن تحرير فلسطين من العراق إلى مصر عروجا على ليبيا والجزائر، ولكن لم يتم التحرير إلا بالأغاني الثورية التي تستحضر فقط في مناسبات محددة ثم يعود عدوية "بالسح ادح انبو".

لقد بدأ الإسلاميون حرب التحرير منذ ما قبل قيام الكيان، ثم بقدرة قادر طمس جهادهم باسم توحيد الأمة من أجل التحرير الشامل (كأن التحرير يمر أولا بقطع العلاقة مع الجهاد المؤسس)، ثم كانت مرحلة من النضال العجيب في نُزل فخمة انتهت في أوسلو، حتى كانت حماس. هذه أسئلة حول الفشل الحداثي في معارك التحرير.

قوالب الحداثة المضروبة
ما زلنا مضطرين إلى خوض نقاشات عقيمة مع قوم يروجون بعدُ أن الإخوان المسلمين ومن تناسل من فكرتهم هم صناعة المخابرات الإنجليزية؛ التي زرعتهم لتخريب أمة العرب العظيمة ذات الرسالة الخالدة، وتحت هذه اليافطة تم تدمير تنظيمات شعبية وقُتل الآلاف في السجون والمعتقلات حتى لا يكون هناك مخذّل خلف الجيوش الشجاعة التي ستحرر الأرض المحتلة وتبني الأمة الماجدة
ما زلنا مضطرين إلى خوض نقاشات عقيمة مع قوم يروجون بعدُ أن الإخوان المسلمين ومن تناسل من فكرتهم هم صناعة المخابرات الإنجليزية؛ التي زرعتهم لتخريب أمة العرب العظيمة ذات الرسالة الخالدة، وتحت هذه اليافطة تم تدمير تنظيمات شعبية وقُتل الآلاف في السجون والمعتقلات حتى لا يكون هناك مخذّل خلف الجيوش الشجاعة التي ستحرر الأرض المحتلة وتبني الأمة الماجدة. صدر هذا الخطاب من عراق ومن سوريا البعث(ين) ومن مصر الناصرية ومن ورثها وإن أنكر الناصرية، ومن جزائر الجنرالات ومن ليبيا التي لا نجد وصفا لائقا لنظامها العبثي.

في طريق الحرب على التيارات الإسلامية وتنظيماتها تم نسيان فلسطين والادعاء ببناء الحداثة العربية، وروجت الأفكار أن التحرير لا يكون إلا بخطة تحديث تتجاوز الفكر الديني المتخلف والرجعي والظلامي، إلى آخر المعزوفة التي نسمعها لأكثر من سبعين سنة. ومن العجيب أن مشاريع التحديث أخذت بمجامع التحديث الغربي إلا تحديث السياسة عبر إطلاق الحريات وبناء الديمقراطية، حتى صار كل من يحمل علامة دينية يُقصى من الحق في الحياة وصار الذهاب إلى المساجد جريمة في زمن بن علي التونسي.

كان كل خطاب الحداثة يقرن جملة التحديث الاجتماعي بجملة تحرير الأرض ورمي العدو في البحر، وفي الأثناء أرّخت الحداثة لحرب التحرير بنشأة حركة فتح مغفلة ما قبلها، ولا تزال تعتبر أن كل نضال خارج منظمة التحرير هو خيانة للقضية. وقد وصلت الوقاحة بهذا التيار وكثير من رموزه المتحكمة في الإعلام والثقافة والجامعات أن حركة حماس في هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تدعم المشروع الصهيوني؛ إذ ناوشت اليمين الصهيوني ليفح معركة تمهد لحكم اليمين الديني في إسرائيل من أجل تقاسم السلطة معه في فلسطين، ليستقر الأمر لليمين الديني على حكم العرب؛ أي والله لقد قرأنا هذا في مقالات الحداثيين التونسيين وفيهم من يكتب من مقاهي باريس مطمئنا إلى سلامة منطقه.

لكن الحقائق على الأرض مختلفة، ولا يمكن للحداثة وتياراتها من اليسار والليبراليين والقوميين أن يغيروها بعد حرب الطوفان. معركة التحرير تجري الآن وهنا، وتقودها تيارات إسلامية وترفع شعارات دينية وتتحدث عن الشهادة والجنة بينما يقف تيار الحداثة وراء شلة أوسلو.

الطوفان يجرف الحداثيين المزيفين

من بركات الغزوة الطوفانية أن جرفت مفكري الحداثة ومشروعهم في التحرير، وجعلت أفكارهم ومواقفهم محل تندر وسخرية. يُظهر الكثير منهم مواقف جديدة تبدأ غالبا بنعم؛ نعم للتحرير ولكن ليس بخطاب ديني ومرجعيات ظلامية. وهذا التوبة المشروطة هي التي تحول هؤلاء إلى مسخرة.

سؤال كبير يعود إلى سطح النقاشات: ماذا في إسلام التحرير يتناقض مع الأفكار التحديثية التي زعم الحداثيون أنها مدخل المستقبل؟ هل الدين الذي يحتمي به المقاوم في لحظة انتصاره يدخل تحت باب أفيون الشعوب؟ هل التحرير أفيون؟ هل يكون المرء رجعيا مظلم العقل وهو يتسلح ويقاوم وينتصر؟

لقد صحح الطوفان للكثيرين موقفهم، وستمتد المراجعات إلى أبعد من حرب غزة 2023، لذلك نراها تحرر عقولا كثيرة غُم عليها بخطاب حداثة ركب السلطة بالدبابة. حرب الطوفان أسقطت الحداثيين العرب وأطروحاتهم وصارت هي بوابة التحديث، فلا تحديث خارج المرجعيات الأصيلة للشعوب حيث تسقط كل الأطروحات الزائفة التي قادت إلى أوسلو بعد أن أسست لكل الديكتاتوريات العربية؛ من قدم منها على دبابة أو من زيف الصندوق الانتخابي منذ النكبة الكبرى.

حرب الطوفان أسقطت الحداثيين العرب وأطروحاتهم وصارت هي بوابة التحديث، فلا تحديث خارج المرجعيات الأصيلة للشعوب حيث تسقط كل الأطروحات الزائفة التي قادت إلى أوسلو بعد أن أسست لكل الديكتاتوريات العربية؛ من قدم منها على دبابة أو من زيف الصندوق الانتخابي منذ النكبة الكبرى
إننا نرى اليسار بكل مسمياته والقوميين بكل عناوينهم والأنظمة الحاكمة بكل صيغها؛ مجتمعين وراء عباس/ أوسلو وإن تظاهروا بإنكاره هذه الأيام، ونسمعهم ينتظرون اندحار حماس والجهاد ليقولوا "انظروا ماذا فعل الخوانجية بالقضية"، ولكنهم يقفون مبهوتين أمام صمود المقاومة وحاضنتها الشعبية التي كان صمودها بحجم قوة مقاومتها.

أفق الطوفان

طوفان غزة حرر عقولا وحرر إرادات وأعاد وضع القضية في موضعها الذي هي به جديرة، ومنه تكمل مسارها نحو التحرير الشامل ناقضة بذلك نضالات مزيفة كان أغلبها يتم في صالونات مخملية ولم تحمل سلاحا.

هل سيكون الإسلاميون وحدهم في الساحة حتى التحرير الشامل؟ أجيب بلا واضحة، فهناك من يقف معهم بعد، ولكنه لا ينكر عليهم وجودهم ولا دورهم وهو يشاركهم فيما يفعلون دون إدعاءات حداثية كاذبة. هؤلاء جزء من معركة التحرير ورفقاء طريق النصر حتى خطوته الأخيرة، لذلك فإن ما كتبناه أعلاه ليس إنكارا لصدق الصادقين ولا لشهادة من استشهد في معارك حقيقية، بل هو تأكيد على معنى واضح معركة التحرير لا تتناقض مع الحداثة بل هي الحداثة نفسها، فلم نعرف شعبا عاش حداثته تحت الاحتلال أو بالتنسيق الأمني المقدس معه. ولأنها كذلك فإن الإسلامي جزء مكين منها وقد يكون الأقدر عليها بحسب مجريات المعارك الحقيقة لا معارك المؤتمرات الخمس نجوم.. الطوفان ينظف ويفرز ويفتح الطريق نحو حداثة مستقلة ستكتب نصوصها في قادم الأيام.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين الحداثة اليسار المقاومة فلسطين المقاومة الإسلاميين اليسار الحداثة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

محافظ الغربية في جولة ميدانية مفاجئة بسمنود.. ويتابع مشروع الصرف الصحي بمنشية التحرير ويوجه بتكثيف الأعمال ورفع معدلات الإنجاز

 أجرى اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية ظهر اليوم جولة مفاجئة في سمنود تفقد خلالها منطقة منشية التحرير (عزبة الناموس)، لمتابعه سير الأعمال الجارية بمشروع الصرف الصحي الذي يُعد من المشروعات الحيوية التي تخدم أكثر من 21 ألف نسمة من سكان مناطق عزبة الناموس، والصنايع، والمعهد الديني.

جولة ميدانية محافظ الغربية 

وجاء ذلك في إطار المتابعة الميدانية المستمرة للمشروعات الخدمية والتنموية بمحافظة الغربية.

رئيس جامعة طنطا يواصل جولاته الخارجية لتعزيز العلاقات الدوليةقرار عاجل من النيابة العامة.. حبس المتهمين بإنهاء حياة طبيب طنطا 4 أيامحكيم ينشر صور جديدة من حفلته في طنطاحيلة عملتها المتسولة | كشف غموض مقتل طبيب شهير في طنطامحكمة جنح طنطا تنظر ثالث جلسات محاكمة "أنوسة كوتة" بتهمة الإهمالللعام الثالث.. طب طنطـا تحصل على رخصة شهادتي الأيزو في النظم الإداريةلخدمة المرضي.. افتتاح عيادة متخصصة لجراحات مناظير الركبة والكتف بمستشفى طنطا العامجامعة طنطا تتقدم 103 مراكز في تصنيف US News لتصبح بين أفضل 500 جامعة عالميامبادرة لتعلم الأطفال الشطرنج بقصر ثقافة طنطا.. صورمحافظ الغربية في زيارة مفاجئة لمستشفى طنطا العام الجديد |تفاصيل

وخلال الجولة، وجّه محافظ الغربية الجهات المنفذة بتكثيف الأعمال ورفع معدلات التنفيذ وفق جدول زمني محدد، مشددًا على ضرورة الالتزام الكامل بالمواصفات الفنية ومعايير الجودة المعتمدة، لضمان تقديم خدمة مستدامة تُراعي احتياجات المواطنين وتلبي تطلعاتهم في تحسين مستوى البنية الأساسية.

دعم محافظ الغربية 

وأوضح اللواء أشرف الجندي أن المشروع الجاري تنفيذه يتضمن إنشاء محطة رفع حديثة على مساحة 445 مترًا مربعًا، إلى جانب تنفيذ شبكات انحدار بطول 32 كيلومترًا، وخط طرد رئيسي بطول 1.3 كيلومتر بخامة البولي إيثيلين المعتمدة، بالإضافة إلى تنفيذ عداية دفع نفقي دقيق أسفل كوبري أبو إسماعيل، مشيرًا إلى أن المشروع يُمثّل نقلة نوعية في تحسين البنية التحتية لقرى ونجوع المنطقة، كما يسهم في إنهاء معاناة الأهالي من مشكلات الصرف الصحي القديمة بشكل جذري.

حل مشكلات سمنود 

وأكد المحافظ أن المحافظة لا تدّخر جهدًا في دعم ومتابعة المشروعات الخدمية والتنموية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بضرورة تحسين جودة الحياة في مختلف القرى والمناطق، وبما يتسق مع رؤية الدولة في بناء بنية تحتية قوية تواكب احتياجات الحاضر والمستقبل.

دعم محافظ الغربية 

وخلال الجولة، شدد اللواء الجندي على أهمية التنسيق الكامل بين كافة الجهات المعنية لتذليل أي معوقات قد تواجه التنفيذ، مع المتابعة اليومية والتقارير الميدانية الدورية لضمان تسليم المشروع في التوقيت المحدد وبأعلى كفاءة ممكنة.

حل مشكلات المواطنين 

وأشار محافظ الغربية إلى أن الجهاز التنفيذي بالمحافظة يتعامل بمنتهى الجدية مع ملف البنية التحتية، مؤكدًا أن العمل الميداني والرقابة المباشرة على مواقع العمل هما السبيل الأمثل لضمان تحقيق النتائج المأمولة، وأنه لن يتم السماح بأي تأخير أو تهاون في مشروعات تخدم المواطنين وتؤثر مباشرة على جودة حياتهم.

طباعة شارك محافظ الغربية جهود تنفيذية حل مشكلات مواطنين دعم المشروعات الخدمية

مقالات مشابهة

  • عن هول الإبادة في غزة وهول التطبيع العربي….! / نواف الزرو
  • محاضرة فكرية في حمص.. مفاهيم الدولة والأمة بعد التحرير
  • تريليون ليرة بحماية كوادر شركة كابلات دمشق فجر التحرير
  • مكافحة المخدرات في سوريا: منذ التحرير ركزنا على تفكيك شبكات التهريب والترويج
  • آفاق العمل المدني بعد التحرير في سوريا
  • الشركة العامة لصناعة الكابلات.. قصة بطولة في ليلة التحرير
  • محافظ الغربية في جولة ميدانية مفاجئة بسمنود.. ويتابع مشروع الصرف الصحي بمنشية التحرير ويوجه بتكثيف الأعمال ورفع معدلات الإنجاز
  • نيويورك تايمز: رحلة عبر مدن سوريا بعد التحرير
  • قائدُ الأنصارِ.. ناصرُ الطوفان
  • الطوفانُ الكونيُّ… بشائرُ الفتحِ وعذابُ الأممِ