المستهلكون يردون على الشركات الداعمة لإسرائيل بلغة الاقتصاد
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
أبدت شركات عالمية كبرى انحيازا لإسرائيل في حربها على قطاع غزة بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى، فيما بدا مخالفة لمبادئ اقتصاد السوق، وأدى إلى فقدان بعضها أكثر من نصف مبيعاتها في بعض البلدان العربية والعالم الإسلامي.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي طرودا ووجبات سريعة مرسلة هدية مع عبارات تضامن لجنود الاحتلال الإسرائيلي، بينما أرسلت شركة "إريال" المنتجة لمساحيق غسل الملابس، مغسلة إلى معسكرات الجيش الإسرائيلي.
في المقابل، أكدت أنماط وميول الاستهلاك في قطاعات واسعة حول العالم رفض ما أبدته الشركات والحكومات لتأييد لإسرائيل في استمرار عدوانها على القطاع المحاصر، الذي أحدث أزمات إنسانية وفق تعبيرات مسؤولين أممين، الأمر الذي لم تُخْفه استطلاعات الرأي حول سياسات الدول الكبرى.
في هذا السياق، أظهر استطلاع أجرته رويترز وإبسوس، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن نحو 32% من المشاركين قالوا، إن الولايات المتحدة عليها أن تدعم إسرائيل، مقابل 41% في 12 و13 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
ارتفعت نسبة من قالوا، إن الولايات المتحدة يجب أن تكون وسيطا محايدا إلى 39% من 27% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، و4% قالوا، إن على بلدهم دعم الفلسطينيين، و15% رأو أنها لا يجب أن تتدخل إطلاقا.
ومن بين الشركات والعلامات التجارية العالمية المسارعة لإظهار تأييدها الكامل للجيش الإسرائيلي مطاعم ماكدونالدز، وبابا جونز وبيرغر كينغ، وشركة كارفور الفرنسية المالكة لسلسلة متاجر البقالة، ومقاهي ستاربكس، وشركات أدوية ومنظفات، ما أدى إلى تراجع مبيعات هذه الشركات في العديد من الدول الإسلامية.
مقاطعة وخسائرمن جانب آخر، نقلت وكالة رويترز عن مصدر في إدارة شركة ماكدونالدز في مصر، لم تسمّه أن مبيعات الامتياز المصري انخفضت 70% على الأقل في شهري أكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، على أساس سنوي.
وقال سامح السادات، هو سياسي مصري وشريك مؤسس في شركة تي بي إس هولدينغ، أحد موردي ستاربكس وماكدونالدز، إنه لاحظ انخفاضا أو تباطؤا بنحو 50% في طلبات العميلتين.
وفي تقرير بعنوان "حملات المقاطعة المرتبطة بحرب غزة تضر بعلامات تجارية غربية في دول عربية"، بثته الشهر الماضي ذكرت الوكالة أن العلامات التجارية الغربية تشعر بوطأة المقاطعة في مصر والأردن، والكويت والمغرب.
وفي الأردن، يدخل السكان المؤيدون للمقاطعة أحيانا إلى فروع ماكدونالدز وستاربكس لتشجيع العملاء القلائل على عدم الشراء، والانتقال إلى أماكن أخرى.
وفي مدينة الكويت رصدت رويترز خلو 7 فروع لستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي فرايد تشيكن تماما تقريبا من المرتادين، وقال عامل في أحد فروع ستاربكس -رفض الكشف عن هُويته-، إن ثمة علامات تجارية أميركية أخرى تأثرت أيضا.
وفي العاصمة المغربية، الرباط، قال عامل في أحد فروع ستاربكس، إن عدد العملاء انخفض بشكل ملحوظ هذا الأسبوع، ولم يقدم العامل ولا الشركة أي أرقام.
وخارج العالم الإسلامي، وتحديدا في الولايات المتحدة خسرت شركة ستاربكس أكثر من 10 مليارات دولار، بعد أن تراجع سهمها إلى 98.11 دولار بنهاية تعاملات أمس الأربعاء، من 107.21 دولارات في 16 نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم.
وجدت الشركة نفسها في مأزق بعد تغريدة من اتحاد عمال المجموعة عبّر فيها عن تضامنه مع الفلسطينيين، لكن الشركة شرعت في إجراءات قانونية ضده، ما أدى إلى إضرابات وحملة مقاطعة ضد الشركة ومنتجاتها، وقد أضيف ذلك إلى إخفاق التسويق في زيادة المبيعات في موسم العطلات الشتوي في الولايات المتحدة، ما قاد إلى تراجع السهم في المجمل.
وضع شديد الحساسيةفي السياق، قالت شركة زارا للأزياء قبل يومين، إنها تأسف "لسوء الفهم" الذي أثارته حملة إعلانية ظهرت فيها تماثيل ملفوفة بأقمشة بيضاء، ما أثار دعوات للمقاطعة أطلقها ناشطون داعمون للفلسطينيين.
وفي وقت لاحق حذفت الشركة صور الحملة التي شملت صورا تشبه صور الجثث الملفوفة في أكفان بيضاء في غزة.
وحسب رويترز، فإن إعلان زارا يعكس التحدي الذي تواجهه العلامات التجارية العالمية في التعامل مع الوضع شديد الحساسية تجاه الحرب في غزة.
وزارا هي أول علامة تجارية غربية كبيرة تتخذ مثل هذه الخطوة حيال ما عدّه بعض المتابعين حملة إعلانية لا تراعي المشاعر.
وقالت شركة بوما الألمانية للملابس الرياضية، إنها ستنهي رعايتها للمنتخب الإسرائيلي لكرة القدم العام المقبل، لكنها قالت، إن الخطوة تأتي في إطار إستراتيجيتها الجديدة، وقبل عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي.
وكان فلسطينيون أطلقوا دعوات لمقاطعة شركة الملابس الرياضية قبل عملية طوفان الأقصى؛ بسبب رعايتها للمنتخب الإسرائيلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة تشرین الثانی أکتوبر تشرین
إقرأ أيضاً:
“المصمك”.. ذاكرة الوطن بلغة المتاحف الحديثة
يُخلد متحف قصر المصمك مسيرة توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-، حاضرًا في وجدان الوطن وتاريخه المجيد، شامخًا منذ شُيد عام (1282هـ – 1865م) في عهد الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود، ولا يزال حتى يومنا رمزًا عريقًا، وأيقونة لمرحلة التوحيد والبناء.
ويواصل “المصمك” رسالته التثقيفية والوطنية تحت إشراف وزارة الثقافة ممثلةً بهيئة المتاحف، عقب الانتهاء من أعمال تحديث شاملة شملت تأهيل المبنى وترميمه وتطوير بنيته التحتية، بوصفه أحد أبرز المعالم التاريخية التي شهدت تحولات مفصلية في تاريخ المملكة، وإسهامًا في تعزيز المشهد الثقافي الوطني، وفق المعايير الحديثة لإثراء تجربة الزائر للمتاحف.
وأطلق المؤرخون أسماء عدة على “المصمك” منها: الحصن، والقلعة، والحصن الداخلي، والمسمك، والمصمك، غير أن الاسم الأخير هو الأكثر تداولًا، ويرى بعض الباحثين أن التسمية تعود إلى “سماكة جدرانه وقوة تحصينه”، مما جعله حصنًا دفاعيًّا بارزًا في المنطقة.
ويحظى بأهمية استثنائية في تاريخ المملكة، فقد شهد في فجر الخامس من شوال عام (1319هـ)، الموافق (15) يناير (1902م)، لحظة حاسمة باسترداد الرياض من قبل الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، إيذانًا ببدء مسيرة التوحيد الكبرى، وعلى فترات متعاقبة استخدم الحصن مستودعًا للأسلحة والذخائر مدة سنتين، إلى أن تقرر ترميمه، وتحويله إلى معلم تاريخي وتراثي يعكس أمجاد الماضي.
ويمتد قصر المصمك على مساحة (3885 م2)، في حي الثميري وسط الرياض، وشُيّد من الطين المخلوط بالتبن، ووضعت أساساته من الحجر، واستخدم الطين لتلييس الجدران من الخارج، أما من الداخل فاستخدم لها الجص.
وقُسم “المصمك” في بنائه إلى طابقين موزعين إلى قسمين، ويضم نحو (44) غرفة، يتألف الطابق الأرضي من (6) أفنية تحيط بها الغرف السفلية والعلوية، وله مدخلان، كما يضم مجلسين ومسجدًا وبئرًا للمياه، إلى جانب (3) أجنحة سكنية ومقرٍ للخدمات، استخدم أول الأجنحة لإقامة الحاكم، والثاني كان بيتًا للمال، وخُصص الأخير لنزول الضيوف. أما الدور الأول فيحتوي على روشن ومجلس، وغرف عدة مطلة على الفناء الرئيس.
وزُخرفت جدران المصمك بفتحات ذات أشكال مثلثة ومستطيلة، وظهرت على جدران الغرف الداخلية زخارف جصية على هيئة مثلثات ودوائر، ورسومات بسيطة مستوحاة من عناصر البيئة المحيطة، كالنخيل والنجوم والأهلّة، وتتميز الجدران الخارجية بنتوءات تسمى “طرمات”، وهي فتحات ذات بروز خشبي تشبه الصندوق، استخدمت للمراقبة.
ويضم الحصن معالم بارزة من بينها البوابة الغربية المصنوعة من جذوع النخل والأثل، ويبلغ ارتفاعها (3.60)م، وعرضها (2.65)م، وبها فتحة صغيرة تُعرف بـ “الخوخة”، كما يحتوي على مسجد داخلي يتوسطه عدد من الأعمدة، ومحراب مجوف، ومجلس تقليدي بديكورات نجدية، إضافةً إلى “بئر” تقع في الركن الشمالي الشرقي، وأربعة أبراج دفاعية في أركانه، وبرج خامس مربع الشكل يُعرف بـ “المربعة” يطل على كامل المبنى.
وفي عام (1400هـ)، وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، أمير منطقة الرياض آنذاك، بالمحافظة على الحصن وترميمه؛ ليكون معلمًا وطنيًّا يعكس مرحلة مهمة في تاريخ المملكة، حيث نفذت أمانة منطقة الرياض مشروع الترميم الكامل في عام (1399هـ)، وسلمته للإدارة العامة للآثار والمتاحف آنذاك عام (1403هـ)، ثم وجه -رعاه الله- بتحويله إلى متحف متخصص يحكي مراحل تأسيس المملكة وتوحيدها، وافتُتح رسميًّا في (13) محرم (1416هـ) الموافق (11) يونيو (1995م).
ويحتوي المتحف على أقسام متنوعة، من بينها قاعة اقتحام المصمك التي تسرد المعركة التاريخية، وتعرض خرائط، وأسلحة قديمة، وصورًا نادرة، إضافةً إلى قاعة العرض المرئي التي تقدم فيلمًا وثائقيًا بلغتين، وقاعة الرواد التي تحتفي بالرجال الذين شاركوا في استرداد الرياض، وقاعة الرياض التاريخية التي توثق مراحل تطور المدينة عبر خرائط وصور تاريخية، علاوةً على “فناء البئر” الذي يعرض أدوات تراثية، ومدافع استخدمت في الجيش، وقاعة حصن المصمك التي تحتوي على مجسمات، ولوحات تعريفية، وقاعة استخدامات المصمك التي تقدم لمحة عن تحولات استخدام الحصن عبر العصور، إلى جانب خزائن تحتوي على أسلحة، وملابس تراثية، وأدوات بناء قديمة.