يحتفي العالم غدا، الاثنين 18 ديسمبر، بـاليوم الدولي لـ اللغة العربية، ويتساءل البعض عن حكم قراءة القرآن الكريم وكتابته بغير العربية. 

هل يجوز قراءة القرآن الكريم وكتابته بغير العربية؟ 

وقالت دار الإفتاء: “يجوز شرعًا قراءة القرآن الكريم وكتابته بغير العربية؛ لأن هذا من شأنه الحفاظ على قدسية القرآن الكريم، وفيه تلبية لحاجات الإنسان، وتسهيل القرآن على البشر، ومعنى ذلك الحكاية الصوتية لحروف اللغة العربية التي نـزل بها القرآن الكريم”.

وأضافت أنه يجب وضع ضوابط لحفظ القرآن من التحريف والتبديل، وهذه الضوابط تتمثل في عدم طبع هذه الترجمة مستقلة عن المصحف الشريف، بل يجب كتابتها مع نص المصحف المتداول باعتبارها تفسيرًا له، مع التنبيه في مقدمة هذا العمل على أمورٍ؛ مِن مثل كون هذا النص هو رواية فلان -كـ"حفص عن عاصم الكوفي" مثلًا-، وذلك كما يكتب في مقدمة أو مؤخرة طبعات المصحف الشريف حتى لا يختلط الأمر على القارئ. 

وتابعت: “إلى جانب قيام لجنة علمية مختصة مشتركة ذات مصداقية من أهل اللسانين العربي والآخر الذي يتم حكاية ألفاظ القرآن الكريم به بوضع مفتاح للعمل للوصول إلى أدق عمل علمي في هذا الصدد”.

وبينت أن القرآن الكريم هو كلام رب العالمين المنزَّل على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بلسان عربي مبين، الذي أُمر بتبليغه للعالمين؛ فقال عز شأنه: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 9]، فرسالته صلى الله عليه وآله وسلم عامة لجميع الناس، وليست قاصرة على جنس دون جنس، ولا زمن دون آخر، وإنما هي ليوم القيامة؛ ولذلك فإن العمل على تبليغ القرآن الكريم وتعليمه لجميع المسلمين هو من المهمات في الدين، ولا شك أن ذلك يقتضي أحد أمرين: إما أن يعرف هؤلاء المسلمون اللغة العربية فلا إشكال، أو أنهم لا يعرفونها فيحتاجون حينئذٍ لمن ينقل لهم القرآن الكريم بلغتهم، ومن هنا فإن العلماء قد بحثوا حكم ترجمة القرآن الكريم وبيان جوازها من عدمه وانتهوا إلى فريقين:

المحرصاوي: المحافظون على اللغة العربية لهم ثواب كالداعي إلى الله عز وجل واعظ بالأزهر: القرآن الكريم كان سببا رئيسيا في حفظ اللغة العربية

الفريق الأول: يرى عدم جواز ترجمة القرآن الكريم إلى لغة أخرى، واستدلوا بعدد من الأدلة، من أهمها: استحالة ذلك؛ إذ ليس في مقدور البشر الإتيان بمثل القرآن في نظمه، وبراعة أسلوبه ودقة تصويره وحسن بيانه، وهو مما تحدى الله به الإنس والجن؛ إذ يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: 88] فالترجمة مهما بلغت من الدقة والإتقان لن تأتي بمثل القرآن، ولعل المترجَم إلى لغتهم يكتفون بالنص المترجم -مع ما فيه من قصور- عن تعلم القرآن العربي مما يبعدهم عن جمال معاني القرآن في لغته الأم، مع الخوف من أن تذهب الترجمة بعيدًا عن مقصد القرآن أصلًا فتعد تحريفًا وتبديلًا له والعياذ بالله.

واستطردت: “غير أن الفريق الآخر ارتأى –وهو الرأي الذي نرجحه- أن ذلك كله لا ينتهض لمنع ترجمة القرآن الكريم شرعًا، خاصة أن أحدًا لم يدِّع في الترجمة أنها تماثل القرآن الكريم ولا أنها كلام الله قطعًا، بل هي عبارة عن تفسير لكلام الله بلغة غير العربية، وإذا كان التفسير عبارة عن كشف معاني القرآن الكريم التي يفهمها المفسر بحسب طاقته، ولا يقطع المفسر ولا أحد غيره بأن ما وصل إليه هو كلمة الفصل في معنى الآيات، فكذلك يكون الشأن في ترجمة القرآن الكريم إذا اعتمدنا أنها ليست لنفس الألفاظ كترجمة حرفية وإنما للمعنى المتحصل من الآية، ولذلك فالسبيل الأقوم لذلك أن تعقد لجنة من علماء التفسير وعلماء التربية ونحوهم من المختصين؛ فيعتمدون تفسيرًا معينًا للقرآن الكريم يناسب الفئة التي تقصد بتوجيه هذه الترجمة لهم، وتقوم لجنة أخرى من المختصين بشأن الترجمة؛ فتترجم ما اعتمدته اللجنة الأولى إلى اللغة المراد الترجمة لها، هذا بشأن القرآن الكريم وحكم ترجمته”.

وبينت أيضا أن التوجه في مجمع البحوث الإسلامية بمصر وغيره من المجامع في خارجها هو منع هذه الكتابة، كما ورد في قرارات الدورة الرابعة عشرة لمجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية برقم 67، وذلك نابع من عدة تخوفات، منها: الخوف على المصحف الشريف من التحريف نتيجة اختلاف اصطلاحات الكتابة من كاتب لآخر أو من هيئة لأخرى، ونتيجة لكون هذه اللغات الأجنبية تتطور وتتغير وهذا مظنة إدخال التحريف على القرآن الكريم، ومنها الظن أن هذا يُضعِف الإقبالَ على تعلم العربية وبالتالي تعلم أحكام القرآن الكريم في تلاوته وتشريعاته، وأنه يجب الحفاظ على ما تركه السلف الصالح –الصحابة فمَن بعدهم- مِن كتابة المصحف الشريف بالعربية مع وجود الأعاجم والدواعي إلى هذه الكتابة، ولكنها مع ذلك لم تُفعَل في عهودهم.

ويُدَعِّم هذا الاتجاهُ رأيَه بمثل ميل الزركشي في "البرهان" إلى منع ذلك، ونقل السيوطي لذلك في "الإتقان" بدون نقضه، فكأنه يوافق عليه، ومنع الشيخ رشيد رضا لذلك أيضًا في "المنار"، وقالوا: إن ابن حجر الهيتمي في "فتاويه" ذهب إلى تحريم كتابة القرآن بالعجمية، ولو كان لمصلحة التعليم، وقالوا إنه نسبه للإمام مالك.

وقد سبق إلى القول بالمنع بعض العلماء والكاتبين والباحثين، منهم الشيخ حسين والي مسئول قسم الفتوى بالأزهر فيما نشره في مجلة "الأزهر" في مقالة له بعنوان: "كتابة القرآن الكريم بالحروف اللاتينية" نشرت سنة 1355هـ- 1936م، ونحا فيها إلى المنع؛ معللًا بأن بعض الحروف العربية لا تتأدى باللغات الأخرى، وكذلك الأستاذ محمود أبو دقيقة في مقالة له في مجلة "نور الإسلام" صادرة في عام 1351هـ بعنوان "كلمة في ترجمة القرآن الكريم".

وقالت: "ولكننا نرى أن الأمر أهون من ذلك: فإن الأمر من ناحية ليس مجمعًا عليه بين العلماء، فـالزركشي نفسه فيما نقله عنه السيوطي في "الإتقان" وإن رجح المنع إلا أنه نقل عنه أنه قال: [هذا مما لم أرَ فيه كلامًا لأحد من العلماء، ويحتمل الجواز؛ لأنه قد يحسنه مَن يقرؤه بالعربية] اهـ".

وكذلك يقول الزرقاني في "مناهل العرفان": [ونسترعي نظرك إلى أمور مهمة، أولها أن علماءنا حظروا كتابة القرآن بحروف غير عربية، وعلى هذا يجب عند ترجمة القرآن بهذا المعنى إلى أية لغة أن تكتب الآيات القرآنية إذا كتبت بالحروف العربية كي لا يقع إخلال وتحريف في لفظه فيتبعهما تغير وفساد في معناه] اهـ.

وكذلك المنصوص عند الحنفية جواز قراءة وكتابة القرآن بغير العربية للعاجز عنها بشروط، وأن الأحوط أن يكتبه بالعربية ثم يكتب تفسير كل حرف وترجمته بغيرها كالإنكليزية؛ فإن عندهم تجوز قراءة وكتابة القرآن الكريم بغير العربية للعاجز عنها بشرط أن لا يختل اللفظ ولا المعنى؛ ففي"النهاية والدراية": أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي بأن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية، فكتب، فكانوا يقرءون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم، وفي "النفحة القدسية في أحكام قراءة القرآن وكتابته بالفارسية" ما يؤخذ منه حرمة كتابة القرآن بالفارسية إلا أن يكتب بالعربية ويكتب تفسير كل حرف وترجمته، ويحرم مسه لغير الطاهر اتفاقًا.
وفي كتب المالكية أن ما كتب بغير العربية ليس بقرآن، بل يعتبر تفسيرًا له.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القران الكريم اللغة العربية مجمع البحوث الاسلامية دار الإفتاء ترجمة القرآن الکریم اللغة العربیة المصحف الشریف

إقرأ أيضاً:

موقع اللغة العربية في التعليم

قرأت قبل فترة مقالا -نُشرَ في موقع ثمانية- للأكاديمي السعودي الدكتور عبدالله بن حمدان بعنوان «هل يجب أن ندرّس العربية في جامعتنا؟ ولعلّ ثمّة مقاربات تخصصية وما يتعلق بالتجربة العلمية والأكاديمية تجمعني بالكاتب تتوافق مع حدوث انسجام فيما طرحه؛ فأيقظ في داخلي بركان الحماس في العودة إلى نبش هذا الموضوع الذي سبق لي -قبل عام- تناوله من حيث تحديد أزمة اللغة والهُوية الثقافية في العالم العربي، ولكن الدكتور عبدالله بمقاله هذا أشعل جذوة الأفكار في قضيّة اللغة العربية وانطلق بمقترحاته الكثيرة في بعث روح اللغة العربية في جامعاتنا العربية التي فقدت -إلا ما رحم ربي- هُويتها العربية وآثرت أن تُبقى لغتها الأم بعيدا عن مواضع التأثير العلمي في العالم، وكأنها نست أو تناست أن التعليم ومؤسساته شرارةُ البعث الأولى لكل ما يصل بالبناء الحضاري للأمم والدول. لا أرغب في إعادة ما طرحه الدكتور عبدالله، ولكنني لا أجد أنني سأبتعد كثيرا عن مذهبه، وسأحاول أن أتناول الموضوع بأسلوبي الخاص بغيةً في إيصال هدف المقال وطرح حلوله وبدائله الممكنة.

أسترجع -وأنا أكتب هذا المقال- قرارا مشرّفًا أصدرته الأمانة العامة لمجلس الوزراء في سلطنة عُمان بعنوان «أحوال وجوبية استعمال اللغة العربية»؛ فجاء البيان واضحا وموضحا أهمية الالتزام باستعمال اللغة العربية السليمة في جميع الأعمال الرسمية للوحدات الحكومية التي تشمل المؤتمرات واللقاءات والندوات والاجتماعات وما يضارعها، وكذلك تُعتمد العربيةُ لغة تدريس في جميع مؤسسات التعليم المدرسية والجامعية -الحكومية والخاصة- مع وجود الاستثناءات وفقَ الضرورات المصاحبة، وكذلك اعتمادها لغةً مكتوبةً للتقارير الطبية والعلمية ولأسماء المشروعات الحكومية ذات الطابع الحكومي. يستوقفني هذا القرار -رغم مرور فترة زمنية منذ صدوره واعتماده- مسجلا حالة الوعي الوطني العُماني المستمر والمتجدد لأجل صون الهُوية العربية ولغتها.

في خضّم هذه المراجعة والدعوة الجادة لإعادة العربية لغةً وهُويةً إلى ميادين المعرفة والتعليم؛ فإنني أؤكد ما سبق أن ذكرته -في مقالات سابقة- بأننا لسنا في حرب مع اللغات الأخرى مثل الإنجليزية؛ فهي لغة ما زلت أعتمدها في عملي الأكاديمي والبحث العلمي، وأكتب بها أوراقي العلمية وأنشرها في مجلات علمية محكّمة تعتمد الإنجليزية لغةً للنشر، وهذا ما يستدعي الوقوف عليه؛ لنؤكد أن آلية تفعيل اللغة العربية ممكنة مع مواصلتنا الالتقاء باللغات الأخرى التي تبرز فيها القوة العلمية؛ فكل ما نحتاجه أن نصنع واقعا متوازنا نحفظ فيه اتصالنا بالعالم وعلومه ونحفظ في الوقت نفسه علاقتنا بلغتنا العربية وممارساتها السليمة في جميع مفاصل حياتنا بما فيها العلمية والتعليمية؛ فلا يمنع أن نَطَّلِعَ على تجارب الأمم الأخرى في العلوم ومستجداته المتصاعدة وننهل من ما يملكونه من محصول علمي بكل السبل المتاحة منها تعلّم اللغة المستعملة في تلك العلوم، ويشمل ذلك تشجيع الابتعاث التعليمي للجامعات الخارجية؛ فإن كان الابتعاث -مثلا- إلى بريطانيا أو أمريكا؛ فستكون اللغة الممارسة والمُلزم تعلمها الإنجليزية، وإن كان الابتعاث إلى الصين أو اليابان؛ فنجد أن اللغتين الصينية واليابانية حاضرتان في التعليم الجامعي في هاتين الدولتين -مع بعض الاستثناء لعدد قليل من الجامعات التي تعتمد الإنجليزية لارتباطات خارجية ودولية-؛ فيعود كل المبتعثين بالحصيلة العلمية المطلوبة التي يمكن توطينها وتفعيل مخرجاتها في أرض الوطن بملامحها المتعددة دون أن نجعل من هاجس اللغة حاجزا يعوق عملية الإنتاج أو التواصل؛ فيمتلك الطالب المبتعث عقلا مشبّعًا بالتأسيس العلمي الجاهز إلى التحوّل المهني بأنواعه؛ فنفترض -بدهيّةً- أن لغته العربية كفيلة وكافية لإجراء عمليات التواصل المهني بكل يسر، بما في ذلك مع غير المتحدثين بالعربية عبر تقنيات الترجمة؛ لتكون العربية لغة التواصل الرسمية؛ فنحفظ لها هيبتها ومركزيتها على أرضها العربية، ويمكن للمؤسسات المعنية الأخرى أن تكمل هذا المشوار الذي بدأته وزارات التعليم العالي عبر إلزام الخرّيج أن يعتمد لغته العربية في ممارسة تخصصه وتيسير سبل تحويل المكتسبات العلمية من اللغة المُتعلم بها إلى اللغة العربية عبر عملية التعريب الإلزامية، ولعلّ ذلك يمكن أن يكون شرطا تضعه وزارات التعليم العالي -كما يقترح الدكتور عبدالله بن حمدان- عن طريق إلزام كل مبتعث بترجمة مخرجات التعليم النهائية بأنواعها مثل رسائل الماجستير أو الدكتوراة إلى اللغة العربية وإدراجها كنوزا معرفيةً في المكتبات الوطنية؛ لتكون مرجعا يمكننا بواسطته وضع اللبنة لإعادة البعث العلمي للعربية وأمتها المغيّبة عن المشهد العلمي في العالم؛ لتذكّرنا هذه الممارسة بنشاط الترجمة العربية للمخطوطات اليونانية وكتبها الذي قام به العرب في أواخر الدولة الأموية والعصر العباسي الأول؛ فساهم في تأسيس الحضارة العلمية العربية والإسلامية التي عمّ خيرها العالم أجمع.

عطفا على ما أوردناه آنفا؛ فإنني لست مع إلغاء اكتشاف الثقافات الأخرى وتعلّم لغاتها وتعليمها، ولكنني مع المذهب المؤيّد لفصل تعلّم اللغات وما يتصل بها من أدب وثقافة عن التعليم التخصصي مثل الهندسة والطب والإدارة وغيرها من التخصصات التي لا يحتاج تعلمها إلى لغة أجنبية؛ فاللغة العربية بثرائها اللغوي المدهش كفيلة أن ترفد هذه التخصصات وتزيد من كفاءة مخرجاتها العربية البشرية؛ فتؤكد المؤشرات العلمية التي أجرتها كثيرٌ من الدراسات أن الإنسانَ يبدع في التخصص العلمي أكثر حال استعماله لغته الأم في التعلّم، وأن الدول الرائدة في العلوم والصناعة -في وقتنا الحاضر- تعتمد لغتها الأم في تعليمها المدرسي والجامعي التخصصي دون أن تفقد تواصلها بالعالم الخارجي ومستجداته العلمية، وهذا ما نلمسه بأنفسنا في مؤسسات التعليم الجامعي؛ فنضطر أحيانا -بعد الانتهاء من المحاضرات التي نلقيها للطلبة باللغة الإنجليزية- أن نستقبل استفسارات بعض الطلبة خارج قاعات الدراسة؛ فنختصر شرح بعض المفاهيم العلمية وتبسيطها باللغة العربية؛ لنجد أن الطالب العربي أكثر قدرةً على الانسجام مع المادة العلمية.

نحتاج أن نعامل اللغةَ الأجنبية -بجانب أنها جسر يصل العقول بعضها بعضا- باعتبارها تخصصا وأن نسوقها إلى حيّزها التخصصي الصحيح مثل الأدب، ولنعد اللغةَ العربية إلى موقعها المستحق في الحقل العلمي التخصصي باعتبارها أداة نفهم بواسطتها معارفنا ونتواصل عن طريقها ونتطور؛ لتكون بدايةً نحو إعادة النهضة العربية في العلوم؛ فاللغة وسيلة للتواصل ولمنح الدماغ سبلا لفك «الشفرات» العلمية، وكلما كانت اللغة أقرب وأيسر للدماغ البشري؛ كانت معينة له في فهم العلم وتخصصاته، وكانت معينة على تسريع الارتباط المعرفي ومضاعفة فهمه والشروع في تطبيقه واقعا. نحن في عصر رقمي تقني متطور؛ فأصبح من السهل أن نترجم أيّ لغة في العالم إلى لغتنا الأم ونفهم الإنسانَ الآخر مختلفَ اللسان عنا في غضون ثوانٍ قليلة عبر تطبيق هاتفي ذكي وفي أيّ بقعة جغرافية في العالم.

تتجدد هذه الدعوة من قبل أكاديميين ومتخصصين درس كثيرٌ منهم في جامعات غربية -وأنا منهم- ويجيدون لغة أو لغات بجانب لغتهم العربية الأم؛ لأهمية هذا المشروع الذي نسعى بواسطته أن نعيد للعربية وهُويتها دورها المسلوب؛ فلا ينبغي أن تكون هذه اللغة الجميلة الثرية محصورةً في حدود التعاملات الاجتماعية التي هي الأخرى لم تسلم من التداخلات اللغوية والثقافية غير العربية؛ فأفسدت اللسان العربي وأعجمته بدخول المصطلحات الأجنبية، وأركست الثقافة العربية المتمثلة في الفنون والسلوك واللباس والعادات، وتتطلب هذه كلها معالجة عاجلة تبدأ من التعليم الذي نراه بحاجة أن نعيد نقله إلى تربة عربية صميمة؛ فتحرث وتزرع وتسقى بوسائل وبذور وماء عربي فصيح؛ لنجد التغييرات المجتمعية والثقافية تطرأ بشكل تلقائي بعد ذلك ولو بعد عدد من السنين.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

مقالات مشابهة

  • موقع اللغة العربية في التعليم
  • الأوقاف تعقد 27 ندوة علمية كبرى بعنوان «فضائل مصر في القرآن الكريم»
  • «الشارقة الثقافية» ترصد سؤال الهوية في الرواية العربية
  • «سلمان العالمي للغة العربية» يطلق برنامج «شهر اللغة العربية» في أذربيجان
  • مجمع القرآن الكريم بالشارقة يختتم برنامجه الصيفي الثالث
  • فتاوى وأحكام| هل يجوز للمرأة قراءة القرآن وهي كاشفة شعرها؟.. هل المتوفى بسبب السرطان يُعتبر من الشهداء؟
  • هل يجوز للمرأة قراءة القرآن وهي كاشفة شعرها؟.. أمين الفتوى يجيب
  • قطر تشارك في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم
  • هل يجوز إهداء ثواب قراءة القرآن للحي والميت؟.. الإفتاء توضح
  • الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم