ألكسندر نازاروف أوردت وسائل الإعلام الروسية معلومات عن بدء وصول عدد كبير من المرتزقة إلى أوكرانيا من الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا في سوريا ومن العراق للمشاركة في الحرب ضد روسيا. وبشكل عام، يكمن السبب الوحيد الذي منع الولايات المتحدة الأمريكية من شن حرب مباشرة ضد روسيا، منذ تفكك الاتحاد السوفيتي هو افتقارها للجنود الراغبين في التضحية بأنفسهم.

إن الحرب، حتى باستخدام الأسلحة التقليدية، وحتى لو كانت ضد روسيا الضعيفة، تنذر بدمويتها الفائقة، ما يعتبر غير مقبول للمجتمع الأمريكي. في التسعينيات، تمكن الأنجلو ساكسون، من العثور على مورد بشري، تمثل في الانفصاليين والإسلامويين في الشيشان وداغستان، غير أن أعدادهم كانت نسبيا غير كبيرة، وحسم ذلك النزاع بفضل جهود بوتين وأحمد قديروف. بيد أن الحظ ابتسم للأنجلو ساكسون عام 2014، بظهور دولة كبيرة نسبيا في العالم، وغبية بما يكفي لاختيار مهرج لرئاستها والاستعداد للتضحية بنفسها، بالدخول في حرب ضد روسيا، من أجل المصالح الأمريكية. ويحاول الناتو، بأي حال، استبعاد الصدام المباشر مع روسيا، بتعويض نقص الأسلحة الحديثة لدى القوات المسلحة الأوكرانية بإرسال القوى البشرية إلى “مفرمة اللحم” أثناء المعركة. لذا نجد أن ضخامة حجم الخسائر الأوكرانية غير مستغربة. فقدت أوكرانيا، منذ بدء الهجوم في 4 من يونيو 26 ألف جندي، وفق وزارة الدفاع الروسية. وتستنفد أوكرانيا تدريجيا إمكانياتها للتعبئة، إذ غادر البلاد قرابة ثمانية ملايين أوكراني، ويتهرب الرجال الأوكرانيون، على نطاق واسع، من التجنيد، ويلتقطونهم من الشوارع والمحلات التجارية ليرسلوهم إلى الجبهة. بالطبع، مع هذه الظروف، يصبح المرتزقة الأجانب، موردا ثمينا. ووفق تقديرات وزارة الدفاع الروسية بلغ المجموع الإجمالي للمرتزقة الأجانب في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية، منذ بداية الحرب، 11 ألف شخص، وأن المجموعة الأكثر عددا بينهم وصلت من بولندا (أكثر من 2,6 ألف شخص)، ثم الولايات المتحدة الأمريكية وكندا (900 شخص)، من جورجيا (800 شخص)، تليها بريطانيا ورومانيا (من كل دولة 700 شخص وأكثر)، ثم كرواتيا (أكثر من 300 شخص)، وفرنسا والمناطق التي تسيطر عليها تركيا في سوريا (200 شخص وأكثر من كل منها). قتل منهم حوالي 4,9 ألف وغادر حوالي 4,8 ألف، لأنهم رأوا أن ما يجري لا يبدو كنزاعمع عدو ضعيف التسليح في الشرق الأوسط. الآن يقاتل في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية حوالي ألفي مرتزق أجنبي. في ذات الوقت، وكقاعدة عامة، يعتبر هؤلاء مقاتلين مدربين جيدا وذوي خبرة، وتستخدمهم القيادة الأوكرانية في الهجوم الحاسم. في العام الماضي، لعب المرتزقة الأجانب دورا هاما، أثناء الهجوم الأوكراني على مقاطعة خاركوف. الآن، أيضا، يتم نشرهم في العمق، وفي المواقع التي تنجح القوات الروسية في اختراقها على جبهة كوبيانسك في مقاطعة خاركوف. وفي هذا الوقت يبدو أن الرئيس التركي يقترب من نفاد إمكانياته في اتباع سياسة خارجية فاعلة ومستقلة. الاحتراق السريع لاحتياطيات النقد الأجنبي لدعم الليرة قبل الانتخابات الرئاسية أدى اقتراب تركيا من الإفلاس. أردوغان، يحتاج، على وجه السرعة، إلى إيجاد ممول على استعداد لسد الثغرات العملاقة في ميزانية البلاد. روسيا لا يمكنها حمل مهمة الصرف على تركيا على عاتقها إضافة إلى أنها أصبحت أقل سعيا لشراء ولائها. كذلك، أصبحت إمكانيات دول الخليج العربية لمساعدة تركيا، أيضا محدودة. يمكن للصين شراء تركيا، ولكن فقط مع موقفها السياسي، ما يعتبر غير مقبول لأردوغان لأسباب عديدة. وهكذا، تبقى الولايات المتحدة، والأهم من ذلك أوروبا. أعتقد، لا ينبغي تقييم خطوات أردوغان الأخيرة كتغيير حاد ونهائي في سياسته للمناورة بين الأقطاب. أذكِر، بأنه، في الأيام الأخيرة، أطلق سراح النازيين الأوكرانيين من فوج آزوف، ووافق على قبول ضم السويد إلى الناتو، وأعلن عن صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى تجديده لطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي حصل فيه على دعم الولايات المتحدة الأمريكية.. إلخ. مع ذلك، وحسب وجهة نظري، هذا ليس تغيير لقواعد اللعبة، بل، هو رفع قيمة الرهان في اللعبة السابقة، لأن أردوغان يحتاج الآن إلى مبلغ أكبر بكثير. وكبائع الآيس كريم التركي، لوّح أمام أنف الغرب بجائزة حلوى، بيد أن على واشنطن الآن بذل الجهد للحصول على ما تبغيه. إلى جانب ذلك، سيتوجب على بروكسل رفع القيود التجارية ودفع مبالغ لأردوغان، حتى لا يطالب بعضوية الاتحاد الأوروبي. في المقابل، روسيا ستنتظرها مواجهة جرعة من ابتزازات أردوغان، لأن، طعنة الظهر من تركيا، في ظروف الهجوم الأوكراني، أكثر حساسية. أعتقد أننا سنشاهد في الخطوة التالية السفن الحربية التركية لمرافقة الحبوب الأوكرانية، وإرسال المسلحين الذين تسيطر عليهمتركيا إلى أوكرانيا. واللافت أن سوريا لديها “أوكرانيوها”، الذين يعتقدون أن تدمير بلادهم بمساعدة رعاة أجانب هو أفضل سبل السعادة والازدهار. القسم الأكبر منهم يقع تحت سيطرة أردوغان وسيستخدمه الآن في ألعابه القاتلة.     (روسيا اليوم) محلل سياسي

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة ضد روسیا

إقرأ أيضاً:

تركيا تستدعي ممثلي روسيا وأوكرانيا بشأن استهداف سفن بالبحر الأسود

استدعت وزارة الخارجية التركية سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة للتعبير عن قلقها إزاء سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بروسيا داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة بالبحر الأسود، في حين أكدت موسكو أن استهداف سفنها يهدف لتقويض حل الأزمة الأوكرانية.

وقال بيريس إكينجي نائب وزير الخارجية التركي، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اليوم الخميس "استدعينا أمس واليوم القائم بالأعمال الروسي بالإنابة وسفير أوكرانيا للتعبير عن قلقنا".

وأضاف إكينجي "شهدنا تصعيدا خطيرا للغاية في الأسابيع القليلة الماضية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث شهدنا هجمات متبادلة. وأخيرا، وقعت هجمات محددة في البحر الأسود داخل منطقتنا الاقتصادية الخالصة أيضا".

مشاهد تُوثّق هجوما أوكرانيّا استهدف ناقلتي نفط تابعتين لأسطول الظل الروسي في البحر الأسود#فيديو pic.twitter.com/isCfcFnCIv

— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 29, 2025

من جانبه، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار إن بلاده حثّت كلا من روسيا وأوكرانيا على الامتناع عن استهداف البنية التحتية للطاقة، وإبقائها بمنأى عن الحرب؛ وذلك عقب هجمات بطائرات مسيّرة، أعلنت كييف مسؤوليتها عنها، على ناقلات متجهة إلى روسيا في البحر الأسود.

وأضاف وزير الطاقة التركي أن أنقرة حذرت من أن أي خلل سيؤثر سلبًا على الأسواق العالمية وعلى حياة الناس.

وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد حذر -أمس الأربعاء- من اتساع رقعة الحرب الروسية الأوكرانية عقب استهداف سفن تجارية في البحر الأسود مؤخرا.

وأوضح فيدان أن "الهجمات الأخيرة في البحر الأسود، على وجه الخصوص، أظهرت بوضوح مدى صحة تحذيراتنا التي أطلقناها منذ البداية، فرقعة الحرب تتسع بشكل متزايد، وهذا أمر مُخيف للغاية".

إعلان

وأشار إلى تعرض سفينتين لهجوم أثناء إبحارهما في المنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا.

وتابع "هذا الهجوم لا يُهدد سلامة الملاحة في البحر الأسود فحسب، بل يُحوله أيضًا إلى منطقة مغلقة أمام حركة التجارة والنقل البشري".

روسيا تتوعد

من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا -الخميس- إن الهجوم الذي استهدف سفنا في البحر الأسود يهدف إلى تقويض مسار حلّ الأزمة الأوكرانية والإضرار بأمن الملاحة.

واتهمت زاخاروفا أوكرانيا بشن هجوم على سفينتي كايروس وفيرات اللتين كانتا تُبحران في المياه الدولية بالبحر الأسود الأسبوع الماضي، إضافة إلى استهدافها اتحاد خط أنابيب بحر قزوين.

ويُعرَف خط أنابيب بحر قزوين بأنه خط أنابيب رئيسي، إذ يوفر الوصول إلى الأسواق العالمية للنفط المستخرج من حقلي تنغيز وكراشيغاناك في كازاخستان عبر ميناء نوفوروسيسك الروسي على ساحل البحر الأسود.

وذكرت زاخاروفا أن "ما حدث يُعد عملا إرهابيا". وشددت على أن "تلك الهجمات جاءت لتقويض مسار حل القضية الأوكرانية والإضرار بأمن الملاحة في البحر الأسود".

وقالت زاخاروفا، متوعدة "سيكون هناك ثمن لذلك". وأضافت أن "أسواق الطاقة تحولت إلى ساحة صراع، ما أدى إلى تعطل سلاسل التوريد وتصاعد التوتر الجيوسياسي، وخلق مخاطر على أمن البنية التحتية للطاقة".

والثلاثاء، أعلنت السلطات التركية أن سفينة تحمل اسم "ميدفولغا 2" تعرضت لهجوم بالمياه الدولية في البحر الأسود، في حين كشفت وكالة النقل البحري والنهري الروسية أن السفينة تعرضت لهجوم بطائرة مسيّرة ألحق أضرارا طفيفة بالهيكل العلوي للسفينة دون أن تتسرب إليه المياه.

جدير بالذكر أن هذه الحادثة جاءت في أعقاب هجوم مشابه أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استهدف سفينتي كايروس وفيرات في البحر الأسود أثناء إبحارهما من مصر إلى روسيا.

مقالات مشابهة

  • خلال مشاركتها في قمة إسطنبول للتعليم.. الدروبي زوجة الشرع: لن ننسى معروف تركيا
  • زيلينسكي يبحث عن ضمانات لحماية الأراضي الأوكرانية ومنع الاعتراف بسيطرة روسيا
  • أردوغان يغيّر مجرى علاقة نجم تركي شهير.. نصيحة تؤجل طلاقه عام كامل
  • تقدم بالمباحثات الأميركية الأوكرانية وأوروبا قلقة من مكافأة روسيا
  • السفير الأمريكي يعلن قرب حل أزمة مقاتلات إف-35 مع تركيا
  • روسيا تحذر من عواقب بعيدة المدى لتمويل أوكرانيا من أصولها المجمدة
  • مندوب روسيا لمندوب القبائل السورية: علاقاتنا يجب أن تكون أقوى من السابق
  • اتهام ابنة رئيس جنوب أفريقيا السابق باستدراج رجال للقتال بصفوف روسيا.. إليكم ما نعرفه
  • تركيا تناشد روسيا وأوكرانيا عدم استهدف البنى التحتية للطاقة
  • تركيا تستدعي ممثلي روسيا وأوكرانيا بشأن استهداف سفن بالبحر الأسود