للمرة الرابعة على التوالي، يعاد انتخاب وزير الثقافة الفرنسي الأسبق جاك لانج على رأس معهد العالم العربي بباريس، والذي يمثل واجهة دبلوماسية لفرنسا. 

يذكر أن لانج يدير المعهد منذ 2013 ولم ينجح أي منافس له في خوض الانتخابات أمامه، حيث انسحب آخرهم وزير الدفاع والخارجية السابق جان إيف لودريان من السباق ليترك لانج وحيدا ليفوز بتزكية الرئيس الفرنسي.

 وبذلك أعلن مجلس إدارة معهد العالم العربي إعادة انتخاب جاك لانج ورئيس المعهد الحالي لولاية رابعة على التوالي. 

وقال في بيان إنه تمت المصادقة بالإجماع على هذا القرار، بعد أشهر من التكهنات، وبذلك جدّد مجلس إدارة معهد العالم العربي بإجماع أعضائه، رئاسة جاك لانج. 

وبذلك، يؤكد رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون ثقته الكاملة بلانج الذي جدّد في المعهد وأضفى عليه لمسته.
وتعهد بجعل المعهد أهم متحف للفن العربي الحديث والمعاصر بالغرب، وقد شهد المعهد في الأعوام الأخيرة معارض أسطورية نالت إعجاب وإشادة الفرنسيين والعرب والسواح الأجانب على السواء مثل "أوريان إكسبرس"، و"الحج"، و"مسيحيو المشرق"، و"حبيبي، ثورات الحب"، و"العلا، عجائب العرب"، و"على طرق سمرقند" و"ما تقدمه فلسطين للعالم". وفيما ضجّت أروقة المعهد بحلقات النقاش والأنشطة الثقافية والفنية المتعدّدة، استُحدثت الشهادة الدولية لقياس الكفاءة باللغة العربية، وتضاعف اشعاع المعهد على الصعد الفرنسية والعربية والدولية. وينتظر المعهد مستقبلًا، العديد من الأفكار والمشاريع، مثل "كليوباترا، امرأة دولة"، و"عرب المستقبل"، و"إيتيان نصر الدين دينيه"كذلك، يُحضّر لمعارض وفعاليات متخصصة بـ "الطب في العالم العربي"، و"صقلية العربية"، و"الزواج والحب في العالم العربي" بناء على اقتراح من كامل داود.
إلى ذلك، تُستكمل "أنوار معهد العالم العربي" بقمة الفكر العربي، مع مواصلة حركة الترجمة، والبرنامج المتنوّع من الشعر، والتاريخ والتصميم، وصولًا إلى المطبخ والرياضة، على أن تُتوّج بإنشاء أكبر متحف للفن العربي الحديث والمعاصر. 

يبقى أن معهد العالم العربي جوهرة، يُواصَلُ الاعتناء بها برفق وتفانٍ. إنها مؤسسة فريدة من نوعها في العالم، ويجب أن تظل مكانًا للحياة والذكاء، ومنارة للتنوع والنشاط. وقد أشاد المجلس بـ"حوكمة تستند الى إدارة صارمة وبرمجة عالية النوعية ومشاريع طموحة، في فرنسا كما على المستوى الدولي".
لا ينص النظام الأساسي لمعهد العالم العربي على عمر محدد ولا على عدد الولايات لرئاسته خلافا لمؤسسات ثقافية أخرى. وقال جاك لانج، بأن لديه "الطموح" بجعل المعهد "أهم متحف للفن العربي الحديث والمعاصر في الغرب، مع الحفاظ على وفائه لمهمته الأساسية وهي اكتشاف تاريخ واللغة والثقافة العربية.  وقال بأن هذا الهدف، المرفق برغبة في "تعزيز انتقال المعارض والأعمال الفنية في فرنسا والخارج" يستند إلى هبة استثنائية من صاحب معرض اللبناني كلود لومان عام 2018، ما أتاح حصول المتحف على أكثر من 1800 عمل. وحول ما حققه معرض "ما تقدمه فلسطين للعالم" الذي افتتح في 31 مايو الماضي، نجاحًا إعلاميًا وشعبيًا. قال لانج بأن 50% من زواره المعرض هم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 26 عامًا ويرغبون في الفهم والاطلاع والاكتشاف وأنه سعيد للغاية بهذا النجاح ولذلك قرر تمديد فترة المعرض. 
هذا وهناك منحة استثنائية من ستة ملايين يورو من وزارة الثقافة الفرنسية سوف تتيح له إنجاز أعمال صيانة للمعهد فيما مع موازنته المحدودة البالغة 26 مليون يورو، لا ينافس المعهد التابع لوزارة الخارجية المتاحف الباريسية الكبرى.
جاك لانغ الذي اختاره الرئيس السابق فرانسوا هولاند لخلافة رينو موسيلييه قام منذ ذلك الحين بإنهاض مؤسسة كانت تتراجع. طريقته استندت على معارض دينامية مربحة كما طور سياسة رعاية. ففي 2017، أعلنت السعودية أنها ستساهم في تحديث المؤسسة بسعر خمسة ملايين يورو. فيما ساهمت قطر بثلاثة ملايين أورو منذ خمسة سنوات.
جدير بالذكر أن معهد العالم العربي جاء بفكرة من وزير الثقافة جاك لانج خلال ولاية الرئيس فرانسوا ميتران أنشأه عام 1987، كمؤسسة خاصة، كنتيجة شراكة بين فرنسا ودول الجامعة العربية،. وقد كانت فكرة التمويل المتساوي بين الدول العربية وفرنسا هي القاعدة منذ إنشائه، لكن تم التخلي عنها في نهاية التسعينيات، حيث لم تدفع بعض الدول مستحقاتها على الإطلاق.
نجح معهد العالم العربي غي أن يكون واجهة ثقافية رائعة في فرنسا فمن جانب الحضور، تجاوز عدد الزوار الـ 600 ألف شخص في 2022 وراهن جاك لانج على "ارتفاع بنسبة 20% تقريبا" لعام 2023 المنتهي.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الثقافية والفنية الجمهورية الفرنسية العالم العربي اللغة العربية معهد العالم العربی

إقرأ أيضاً:

منطق الاعتراف بالدولة الفلسطينية

لا يمكن قراءة توجه فرنسا ونيتها في الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات منظمة الأمم المتحدة سبتمبر القادم فعلا معزولا عن التحولات البنيوية التي تحدث في العالم وتعيد ترتيب المفاهيم الأساسية للعدالة وشرعية الدولة. فالاهتزازات العميقة التي يشهدها العالم

ليس بدءا بسقوط أطروحة «نهاية التاريخ» مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية وليس انتهاء بتداعي السرديات الصهيونية ليس في العالم العربي ولكن في عمق الغرب الذي كان مستلبا بالرواية الإسرائيلية التي بقيت لعقود طويلة يقينية ولا تقبل الشك من قريب ولا من بعيد.

ولذلك من المتوقع جدا أن تحذو دول أخرى حذو فرنسا في الاعتراف بالدول الفلسطينية المستقلة، ويمكن أن تكون مملكة بلجيكا الدولة القادمة إذا ما تم قراءة خطاب ملكها لويس فيليب ليوبولد ماري الأسبوع الماضي في نفس سياق الإعلان الفرنسي.. ما يؤكد أن العالم يتغير متأثرا بالتحولات الجوهرية والصدمات التي مر بها خلال العقدين الماضيين.

والدول التي تقيم دعائم خطابها السياسي على مبدأ حقوق الإنسان، مثل فرنسا، التي تأسست جمهوريتها على مثل هذه المبادئ، رغم المسافة بين النظرية والتطبيق، لا يمكنها أمام تكسر وتداعي السرديات الأخلاقية أن تتجاهل مأساة شعب يُحرم منذ أكثر من سبعة عقود من أبسط حقوقه؛ في أن يكون له وطن، وأن تكون له كرامة وأن يستطيع تقرير مصيره.

لن تكون فرنسا منحازة للقضية الفلسطينية على حساب علاقاتها مع إسرائيل عندما تعلن رسميا اعترافها بالدولة الفلسطينية، ولكنها تبحث عما يمكن أن يسمى في السياسة الدولية «التوازن»، وهذا ليس جديدا في السياسية الفرنسية فقد كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك يقوم بهذا الدور، حيث قام بزيارة رمزية في تسعينيات القرن الماضي إلى القدس الشرقية وعندما تعرض لبعض المضايقات من الإسرائيليين قال: «ما تفعلونه ليس ديمقراطيا.. وإذا لم تسمحوا لي بالتحرك بحرية، سأعود إلى طائرتي فورا».

ورغم تغير المشهد السياسي بين زيارة شراك للقدس الشرقية في عام 1996 واللحظة المنتظرة لإعلان فرنسا الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية إلا أن الرابط المشترك بين الموقفين يكمن في إعادة تشكيل الخطاب السياسي ليعطي أهمية لمنظومة القيم والمبادئ الإنسانية.. فإذا كانت السيادة الوطنية مقدسة، فهل يجوز أن تبقى فلسطين الاستثناء الدائم؟!

ويبقى الاعتراف بالدولة الفلسطينية سواء من قبل فرنسا أو دول أخرى في الاتحاد الأوروبي والعالم، وإن لم يكن الحل السحري لإنهاء الاحتلال، إلا أنه يملك قدرة رمزية وتشريعية مهمة على وقف تآكل مشروع «حل الدولتين»، الذي بات مهددا بالزوال التام.

ولكن ليست فرنسا وحدها المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولكن كل دول العالم التي تتغنى بالديمقراطية والتعددية وكرامة الإنسان، مدعوة لاتخاذ موقف يتسق مع خطابها ومع مبادئها.. وإلا بقيت «الازدواجية الأخلاقية» وصمت عار في جبين مبادئها.

ولا بدّ أن ينطلق الاعتراف بالدولة الفلسطينية من مبدأ أنه حق أصيل للشعب الفلسطيني تأخر العالم أجمع في الاعتراف به.. واستمرار التأخير من شأنه أن يتسبب في المزيد من المآسي الإنسانية التي لم تعد محتملة.

مقالات مشابهة

  • أثرى العالم العربي بأجمل الأعمال..حسن الرداد ينعي زياد الرحباني
  • رئيس إفريقيا الوسطى يعلن ترشحه لولاية ثالثة وسط جدل دستوري وسياسي محتدم
  • معهد "سرب" يعلن فتح باب التسجيل في البرامج التدريبية
  • ترامب يُدخل الإعلام الأميركي بمعضلة.. كيف يغطي أخبار رئيس يتهم سلفه بالخيانة؟
  • رئيس أفريقيا الوسطى يؤكد ترشحه لولاية ثالثة وسط جدل دستوري
  • اعتراف فرنسي وكسر للصمت الأوروبي .. هل تبدأ باريس شرارة التحوّل في الموقف الغربي من فلسطين؟
  • منطق الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • من باريس إلى الرباط.. الفيفا يوسع خارطة مكاتبه حول العالم
  • رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى يترشح لولاية ثالثة
  • حقل واحدة من أندر الإطلالات في العالم العربي