اختتمَ معهدُ المخطوطات العربيَّةُ بالقاهرة  فعالياتِ مؤتمرِه الدوليِّ الأولِ حولَ التُّراث الحضاريِّ للمخطوط العربي، بعنوان “نُسخة المؤلِّف.. إشكاليات وقضايا”، والذي  أقيم خلال الفترة من 20 وحتى 21 من ديسمبر الجاري، برعايةٍ من المنظمة العربية للتربيَّةِ والثقافة والعلوم (ألكسو) ومديرها العام  الدكتور محمد ولد أعمر، ورعايةٍ كريمةٍ ـ أيضًا ـ مِن وقفيَّةِ الشيخ صالحِ حمزةَ صَيْرفيِّ، ومؤسَّسةِ المدادِ للتراثِ والثقافةِ والفنونِ.


وقد انتظمَ في هَيْئتِه العلميَّةِ ثمانيةُ أساتذةٍ، ينتمون إلى سِتِّ دولٍ، هي: تونس، والسعودية، والعراق، والكويت، ومصر، والمغربِ، وتخلَّفَ منهم عن الحضور لعارضٍ مرضيٍّ اثنان.
كما بلغَ عددُ جلساتِ المؤتمر سِتَّةً، أُلقيت فيها ثلاثٌ وعشرون مداخلةً علميَّةً، وانتمى الباحثون المشاركون إلى عشرِ دولٍ، هي: الأردن، وبنجلاديش، وتونس، والجزائر، والسعودية، والعراق، والكويت، ومصر، والمغرب، واليمن.
وقد تغيَّتْ مُشَارَكاتُ الباحثين إعادةَ النظر بمزيدٍ مِنَ التأمَّل الدقيقِ في تُراثنا العربيِّ المخطوطِ، وإنزالَه منزلَ الدَّرْسِ والبَحْثِ والتَّمْحيصِ، والكشفَ عن نُسَخِ المؤلِّفين في الحضَارةِ العربيَّةِ؛ بُغْيةَ إلقاء الضوءِ على بعضِ الإشكالاتِ والقضايا التي تدورُ في فَلَكِها.
جديرٌ بالذكرِ أنَّ أُولى جلسات المؤتمر شَهِدَتْ خمسَ كلماتٍ رسميَّةٍ، كانَتْ أُولاهَا لسعادة الأستاذ الدكتور مراد الريفي (مدير معهد المخطوطات، ورئيس المؤتمر)، وقد عبَّرَ فيها سيادته عن سعادتِه البالغة في تنظيم المعهد لهذا الحدثِ المهمِّ، وقد حضرَتْهُ تلك الكوكبةُ من الضيوفِ الكرام، وعلى رأسِهم معالي الأستاذ الدكتور أحمد فكَّاك البَدْراني (وزيرِ الثقافةِ والسياحةِ والآثارِ العراقيِّ)، وسعادةِ المهندسِ أنس صالحِ صيرفيّ (الأمينِ العامِّ لمؤسِّسةِ المدادِ للتراثِ والثقافةِ والفنونِ)، إضافةً إلى أكابر عُلماء الفنِّ مِن المُحقِّقين والكوديكولوجيين والدارسين. كما توجَّه مدير المعهدُ بالشكرِ الجزيلِ إلى معالي الأستاذِ الدكتور / محمد وِلْد أعمر (المديرِ العامِّ للمنظمةِ العربيَّةِ للتربيَّةِ والثقافَةِ والعُلومِ ـ ألكسو)؛ على رعايةِ مَعاليه الكريمة للمؤتمر، ومُتَابعتِه الحَثِيثةِ، وحِرْصِه الشديد على حضور فعاليَّات المؤتمر، لولا ارتباطُه بمناسبةٍ مجدولةٍ له قبل موعدِ المؤتمر.
وفي كلمةِ ضَيْفِ المؤتمر معالي الأستاذ الدكتور أحمد فكَّاك البَدْراني (وزيرِ الثقافةِ والسياحةِ والآثارِ العراقيِّ)، نوَّهَ معاليه بجهود المعهدِ المبذولة في مجال المخطوط العربيِّ، وبذلك التعاون الذي تمَّ بين الوزارة والمعهد في يوليو الفائت؛ حيث استضافت بغدادُ اختتامَ فعاليات يوم المخطوط العربيِّ  (2023م). وأضاف معاليه: إنَّ موضوعَ هذا المؤتمر الفريد بقاماتِه العلميَّةِ وضيوفِه الذين جاءوا مِن كل حدبٍ، يُعَدُّ نقطةَ انطلاقٍ مُهمَّة في تاريخ حضارتِنا وتُراثِنا؛ لما نملكُه مِن رصيدٍ معرفيٍّ ضخمٍ تمثَّلِ في ذلك التراث المخطوط، الذي يُشكِّلُ ركائزَ مهمةً في دائرةِ المعارف العامة قديمًا وحديثًا.
وفي كلمة الراعي الرسميِّ للمؤتمر عبَّرَ سعادة المهندس أنس صالح صيرفي (الأمين العام لمؤسَّسة المداد للتراث والثقافة والفنون) عن شُكره وتقديرِه البالغِ لمعهد المخطوطات العربيَّة؛ أنْ أتاحَ لمؤسَّسة (المداد) المشاركةِ في دَعْمِ جهودِ المعهدِ لتنظيم وإقامةِ هذا المؤتمر الدوليِّ الأوَّل، وهو مؤتمرٌ غيرُ مسبوقٍ في فكرتِه وموضوعه ومناقشتِه للإشكاليَّاتِ والقضايَا التي صاحبت نُسخةَ المؤلِّف، وإنجازٌ ثقافيٌّ متفرِّدٌ للبحثِ في آليَّاتِ التعرُّفِ على نُسخةِ المؤلِّف من حيثُ التعريفُ والتحقيقُ والفهرسةُ والنشرُ النقديُّ. كما أوضحَ سعادته عن سَعَادَتِه في رعاية تنظيم هذا المؤتمر الدوليِّ في نُسَخِه الأخرى المُقبلةِ؛ وهو ما يُعَدُّ امتدادًا طبيعيًّا لدورِ مؤسَّسة المداد ودعمها للمبادرة الثقافية، وذلك مِن خلال مذكرة التعاونِ التي تمَّ توقيعُها بين الجانبين في ختام هذه الجلسة الافتتاحية.
تَلَتْ هذه الجلسةَ الافتتاحيَّةَ أربعُ جلساتٍ علميَّةٍ، وأخرى خُتاميَّةٌ شَهِدَتْ قراءةَ التقرير الختامي والتوصيَّاتِ، إضافةً إلى تَوْزيعِ الدُّروعِ التذكارية للهيئة العلميَّة للمؤتمر، وشهاداتِ الشُّكْرِ والتَّقْديرِ والمشاركة.
هذا، وقد خَلُصت الهيئةُ العلميَّةُ للمؤتمرِ إلى مجموعةٍ مِن التوصيَّاتِ، منها:
أنَّ (نُسْخَةَ المؤلِّفِ) لا تنحصرُ في ما كتبَه المؤلِّفُ بخطِّه فحسب، بل يجوزُ إطلاقُها ـ في حال غيابِ تلك التي كتبَها صاحبُها ـ على تلك النُّسَخِ  التي أجَازَها المؤلِّفُ أو قُرِئت عليه، ويكونُ في النُّسخةِ ـ معَ ذلك ـ ما يُفيد اطِّلاعَهُ عليها أو إقرارَهُ لها.
الاتجاهُ بـ (نُسخة المؤلِّف) إلى الأنماطِ غير التقليديَّة للنصوص، كتلك الخرائط والرسوم والتصاوير التي خطَّها أصحابها، والتمييز بينها وبين الزَّائفِ منها.
أهمية اضطلاعِ معهد المخطوطاتِ العربية بإنشاء قاعدةِ بياناتٍ لنُسخ المؤلِّفين الخطية، مع دعوةِ الباحثين في أنحاء العالم للإسهام فيها بطُرقٍ شتَّى.
عودةُ بعثات المعهدِ الخارجيَّة بشكلٍ منتظمٍ، والاتجاهُ بها نحو الخزانات الخاصة النائية التي لم تصل إليها أيدي الباحثين بعدُ؛ استمرارًا لجهود المعهد التاريخية.
تعزيزُ التعاونِ بين المؤسَّسات المعنيَّةِ بالمخطوطات داخلَ الوطنِ العربيِّ وخارجَه، والكشفُ عمَّا تحويه خزائنُها مِن نُسخِ المؤلِّفين الخطيَّةِ.
التوجيهُ بإنشاء معهدٍ للبحثِ وتاريخ النُّصوص على مستوى العالَم العربيِّ لدراسة الكوديكولوجية.
التوجيهُ بنشرِ الأعمال المُشاركة بالمؤتمر، مع التشديد على مراعاةِ ملحوظاتِ المُعقِّبين، وإجراء كافة التصويبات اللازمة.
يُوكَلُ إلى الهيئة العلميَّةِ للمؤتمر اختيارُ الموضوع المُقبل للمؤتمر الدولي الثاني حول التراث الحضاري للمخطوطات العربيَّةِ.

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

في مؤتمر دولي… مدير عام الآثار والمتاحف يؤكد ضرورة التضامن الدولي لحماية الآثار والتراث السوري

باريس-سانا

قدم المدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف الدكتور أنس حج زيدان، عرضاً حول استراتيجية المديرية لحماية الآثار والتراث السوري والحفاظ عليه، بعد تحرير سوريا وسقوط النظام البائد، مؤكداً أن التراث السوري جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني العالمي، وحمايته تتطلب تضامناً دولياً حقيقياً، وذلك خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الرابع عشر لآثار الشرق الأدنى القديم المقام في مدينة ليون الفرنسية.

 وفي كلمة ألقاها الدكتور حج زيدان خلال المؤتمر، أكد الدكتور زيدان أن الشعب السوري يعتز بتراثه الثقافي رغم الأضرار التي تعرض لها خلال السنوات 14 الماضية، حيث يحظى بمكانة راسخة في الوجدان السوري، لما يعكسه من غنى حضاري وتنوع ثقافي وديني، ولما له من دور في تعزيز الوحدة الوطنية والعيش المشترك، ولا سيما في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ سوريا.

ولفت زيدان إلى أهمية إدماج التراث الثقافي ضمن الخطط الاقتصادية للحكومة الجديدة، باعتباره محركاً للتنمية، وركيزة أساسية في دعم المجتمعات المحلية، وضمان استدامة إعادة الإعمار على المدى الطويل.

وأوضح أن السياسة الأثرية الراهنة تركز على تقييم الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية، وإجراء عمليات الصيانة، وتجهيز البنية التحتية للمواقع، تمهيداً لاستئناف أعمال التنقيب ضمن خطة جديدة.

كما تحدث زيدان عن ضرورة حصر الأضرار في التراث المعماري، وتوثيق الوضع الراهن، وتنفيذ تدعيمات إسعافية للمباني المتضررة، إلى جانب إعداد المخططات التوجيهية لتعافي مواقع التراث العالمي، والعمل على رفعها من قائمة اليونسكو للمواقع المعرضة للخطر.

وعن ملف التحديات الكبيرة التي تواجه المتاحف في سوريا، أوضح زيدان حاجتها الماسة للتأهيل من خلال وضع خطة تشمل تصميم سيناريوهات عرض حديثة، وترميم القطع الأثرية، وتدريب الكوادر المحلية، إضافة إلى تعزيز التعاون الدولي لاستعادة الآثار المسروقة، وتحسين أنظمة الأمن والتخزين.

واختتم الدكتور زيدان عرضه بالتأكيد على أن التراث السوري لا يمثل إرثاً وطنياً فحسب، بل هو جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني العالمي، وأن حمايته تتطلب تضامناً دولياً حقيقياً يعكس التزام العالم بصون هذا الإرث الحضاري للأجيال القادمة.

ويُعد هذا المؤتمر الذي عقد في الـ 2 من حزيران الجاري ويختتم في الـ 7 منه، منصة علمية مرموقة تجمع نخبة من الباحثين المتخصصين في دراسة آثار الشرق الأدنى.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • وفد برلماني أردني يشارك بمؤتمر العمل الدولي في جنيف
  • نيس تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات
  • ندوة بعنوان التخطيط الاستراتيجي لطلاب كلية السياسة والاقتصاد بجامعة بني سويف
  • نيس تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات على خلفية تهديد كائناتها الحية
  • مدينة نيس الفرنسية تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات
  • «ربدان» تُطلق النسخة الأولى من مؤتمر «الشمولية في السلامة»
  • فرنسا وبريطانيا يتراجعان: لا اعتراف بالدولة الفلسطينية في الوقت الحال
  • الصحة تنظم المؤتمر الدولي «Cairo Valves 2025» بأكاديمية قلب مبرة مصر القديمة
  • بمشاركة خبراء وباحثين ومختصين حول العالم.. حمد الطبية: مؤتمر طب النساء والتوليد ينطلق 12 سبتمبر
  • في مؤتمر دولي… مدير عام الآثار والمتاحف يؤكد ضرورة التضامن الدولي لحماية الآثار والتراث السوري