سرايا - الحرب الصهيونية الطاحنة المستمرة على غزة منذ الـ 7 من أكتوبر الماضي، والتي لم ترحم بشرًا ولا حجرًا ولا حتى شجرًا ودمرت الأخضر واليابس، وتركت ويلات ومآسي وأوجاع لا يمكن أن تُنسى حتى مع مرور الزمن، يبدو أنها لن تتوقف عند حدود القطاع الذي يتعرض للإبادة جماعية، فهناك الكثير من المخفي لم يفصح عنه بعد.




في الأيام الأخيرة الماضية فُتح أحد أخطر وأكثر الملفات حساسية والتي يمكن أن تُشعل توترًا لن توقفه التصريحات الدبلوماسية “الجميلة”، بين الكيان الصهيوني ومصر، حين ركزت الصحف العبرية في مقالاتها وتحليلاتها وتصريحات مسؤوليها على السيطرة على محور “فيلادلفيا”.



الاحتلال الصهيوني استخدم في هذا الملف طريقة “بالون الاختبار” لجس نبض القاهرة، ومعرفة موقفها في حال تم تنفيذ مخططها الأخطر بالسيطرة على هذا المحور الحساس، فيما يبدو أن مصر تلعب هي الأخرى بأوراق حساسة قد تجبر " إسرائيل "على التراجع عن هذا المخطط.


وكشفت وسائل إعلام عبرية وفلسطينية، أن جيش الاحتلال أبلغ مصر نيته احتلال منطقة “محور فيلادلفيا” الحدودية بين قطاع غزة ومصر، القريبة من معبر رفح، وبدأ عملية عسكرية هناك بالفعل.


ونقلت “شبكة قدس” الفلسطينية عن مصادر، قولها إن الاحتلال أبلغ مصر نيته احتلال منطقة الحدود في محور “فيلادلفيا” على الحدود بين رفح وقطاع غزة، وطلب من الجنود المصريين إخلاء الحدود، وأضافت الشبكة أن الاحتلال أخبر مصر بأنه “غير مسؤول عن سلامة أي جندي مصري خلال محاولته احتلال الحدود معها، وأن العملية العسكرية في المنطقة مستمرة سواء قبلت مصر أو رفضت”.


وقال موقع “واللا” العبري، إن الجيش "ال" إسرائيلي"" قام بإدخال العديد من القوات إلى المنطقة الواقعة بين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا، وقام بمناورة قصيرة، حيث أطلقت المقاومة النار على القوات "ال" إسرائيلي"ة"، وتم الهجوم عليهم، مضيفًا نقلاً عن مصادر عسكرية: “تصرف جيش الاحتلال (السبت) بطريقة غير عادية بين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا”.


في الوقت نفسه، نفت الهيئة العامة للمعابر والحدود بغزة، في بيان رسمي، أن يكون هناك أي عملية عسكرية للاحتلال في محور الحدود الفلسطينية المصرية وبالتحديد في ممر فيلادلفيا، وأضافت الهيئة في بيان رسمي: “الجانب المصري نفى لنا أي معلومات لديه عن نية العدو التحرك عسكرياً في محور الحدود الفلسطينية المصرية، وأن كل المعلومات الميدانية عن تحركات عسكرية على الحدود مع مصر انطلاقاً من كرم أبو سالم غير صحيحة”.


لكن في 10 ديسمبر/كانون الأول 2023، كشف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال حديثه عن “خطته لمستقبل غزة” بعد الحرب، عن نيته “السيطرة على محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة والحدود المصرية”، وكرر نتنياهو ذلك في تصريحات أخرى بعد 5 أيام، رغم تحذيرات القاهرة السابقة من تنفيذ أي عمليات أو أنشطة عسكرية في هذه المنطقة العازلة.


رغم ذلك٬ فهذا الهجوم ليس الأول من نوعه الذي تشنه قوات الاحتلال على المنطقة الحدودية الفاصلة بين مصر وغزة، لكن تلك الهجمات اشتدت وتيرتها مؤخراً مع مخاوف من اجتياح بريّ للمنطقة، عقب ارتفاع وتيرة الهجمات العسكرية على جنوب القطاع.


– ما هو محور “فيلادليفا”؟
يعد محور فيلادلفيا (أو صلاح الدين) شريطاً حدودياً ضيقاً داخل أراضي قطاع غزة، يمتد المحور بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر من معبر كرم أبو سالم وحتى البحر الأبيض المتوسط.
 

ووفقاً لأحكام معاهدة السلام المصرية ال" إسرائيلي"ة لعام 1979، تم الاتفاق بين مصر و" إسرائيل "على اعتبار هذا المحور منطقة عازلة، كان يخضع لسيطرة وحراسة " إسرائيل "قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة في عام 2005.
 

وفي العام نفسه وقعت " إسرائيل "مع مصر بروتوكول “فيلادلفيا” الذي سمح للقاهرة بنشر مئات الجنود لتأمين هذه المنطقة٬ كقوة شرطية خفيفة التسليح “لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود”.
 

وكان أحد الأهداف الرئيسية من هذه الاتفاقية منع تهريب المواد غير المشروعة (وضمن ذلك الأسلحة والذخائر للمقاومة في غزة)، وأيضاً منع الهجرة بين المنطقتين. وتتكون القوات المصرية الموجودة بموجب الاتفاق على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، من نحو 750 جندياً “متخصصين في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب”.
 

وبعد سيطرة حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” على الحكم في غزة عام 2007، أصبح المحور خاضعاً لها من الجانب الفلسطيني، وهو الوضع الذي يسعى رئيس الوزراء ال" إسرائيلي" بنيامين نتنياهو، إلى تغييره في الحرب الحالية، ضمن خطة يسعى خلالها للسيطرة على جميع المعابر البرية الخاصة بقطاع غزة.
 

– موقف مصر
العودة ال" إسرائيلي"ة للسيطرة على الجانب الفلسطيني من محور “فيلادلفيا” وإن كانت مرهونة بانتصارها في الحرب القائمة، إلا أنها تستوجب كذلك تنسيقا أمنيا مع مصر، كما يقول سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية.

ويرى مراقبون أن سيطرة " إسرائيل "على “فيلادلفيا”، تتطلب توقيع بروتوكول ملحق باتفاقية السلام، مماثل للذي تم إقراره عام 2005 بعد انسحاب " إسرائيل "الأحادي من قطاع غزة.
 

الموقف المصري لم يُعلن رسميا من تلك الخطط ال" إسرائيلي"ة. ويرى خالد عكاشة المدير العام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الإدارة المصرية الحالية ستتحفظ “سياسيا”، بحسب تعبيره، باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية.
 

يفسر عكاشة ذلك، بأن انتقال إدارة الجانب الفلسطيني من هذا الشريط الحدودي إلى " إسرائيل "يعني السيطرة على معبر رفح الذي يُعد حاليا المنفذ الوحيد إلى القطاع الذي يقع خارج سيطرة إسرائيل، بموجب اتفاقية المعابر، وهو ما قد يضيق الخناق على الفلسطينيين.
 

وتخشى مصر من أن سيطرة " إسرائيل "على فيلادلفيا “سيطبق أسوار السجن المفتوح” في غزة، وهو ما سيدفع سكان القطاع للهجرة الطوعية خارجه، في نهاية المطاف، بحسب سمير غطاس.
 

والنائب المصري المقرب، مصطفى بكري، وصف في منشور على منصة “إكس”، العملية بالخطيرة وأن لها عواقب وخيمة، قبل أن يحذف التدوينة وينقل نفي المواقع المصرية.
 

من جانبه، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن تحرك جيش الاحتلال باتجاه محور فيلادلفيا يهدف إلى فصل قطاع غزة عن صحراء سيناء ومصر، لكنه استبعد أن يتحقق هذا الهدف.
 

ويرى الدويري أن الاحتلال، وبعد خسارته على المستوى الاستراتيجي، يسعى لجعل كافة نقاط العبور التي تؤدي إلى قطاع غزة تحت سيطرته المطلقة، ووصف التحرك ال" إسرائيلي" باتجاه محور فيلادلفيا بـ”الأمر الخطير”.

وبخصوص المنطقة العازلة التي يسعى الاحتلال لإنشائها في قطاع غزة، رجح الدويري -في تحليله لقناة الجزيرة- أنها ستكون من 3 اتجاهات، الجبهة الشمالية وطول الشريط والحدود مع جمهورية مصر، وسيضيف إليها محاولة تموضعه في وادي غزة لفصل الشمال عن الجنوب.
 

تستخدم حكومة نتنياهو منذ بدء العدوان، حجة الأنقاق ووجود قيادات للمقاومة، كذريعة لمهاجمة أي منطقة في غزة، ويبدو أنها ستكون عنوانا للعملية العسكرية على الحدود، خصوصا مع أحاديث سابقة عن وجود أنفاق بين مصر والقطاع، الأمر الذي نفته القاهرة مرارا.

والأحد الماضي نقلت هيئة البث التابعة للاحتلال عن مسؤول أمني " إسرائيلي" قوله، “إن تل أبيب تخطط لبناء جدار تحت الأرض مضاد للأنفاق بين قطاع غزة ومصر”.

وبصرف النظر عن النفي المصري، فإن مجريات المعركة على الميدان تؤكد عزم حكومة نتنياهو احتلال الشريط الحدودي مع مصر.

والخميس الماضي، قصفت مقاتلات الاحتلال، معبر كرم أبو سالم، ما أدى إلى استشهاد 4 فلسطينيين، بينهم مدير المعبر، العقيد بسام أبو غبن.

وأفادت مصادر فلسطينية، بأن جيش الاحتلال قصف المعبر، خلال فترة العمل فيه، علما بأن بعض المساعدات تدخل عبر المكان، بعد إعادة تشغيله.

وأمام هذا التطور الخطير..
هل ستسمح مصر لـ " إسرائيل " بالسيطرة على هذا المحور الحساس؟ أم هناك أوراق يمكن اللعب بها لإفشال المخطط؟.


رأي اليوم 
إقرأ أيضاً : بالفيديو .. القسام تمطر الأراضي المحتلة بوابل من الصواريخ إقرأ أيضاً : مشاهد من استهداف مجاهدي سرايا القدس لآليات وجنود العدو في محاور التقدم شرق غزةإقرأ أيضاً : الاحتلال يفخّخ الكلاب ويطلقها على الفلسطينيين داخل غزة والضفة الغربية




المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: غزة القطاع مصر الاحتلال مصر غزة الاحتلال مصر الاحتلال مصر المنطقة مصر القوات المنطقة سالم القوات الاحتلال سالم مصر سالم الاحتلال غزة القاهرة المنطقة الاحتلال المنطقة مصر صلاح غزة سالم مصر غزة مصر القوات غزة الوضع رئيس الوزراء رئيس القطاع مصر القطاع الاحتلال غزة غزة المنطقة الاحتلال الشمالية غزة مصر القاهرة غزة الاحتلال العمل مصر سرايا مصر المنطقة الشمالية الوضع القاهرة اليوم العمل القدس غزة الاحتلال صلاح لمصر سالم رئيس الوزراء القوات القطاع معبر کرم أبو سالم محور فیلادلفیا جیش الاحتلال السیطرة على على الحدود قطاع غزة الذی ی فی غزة مع مصر

إقرأ أيضاً:

مسؤول أممي: غزة تعيش أخطر أزمة صحية ونفسية

#سواليف

وصف #مفوض_الأمم_المتحدة السامي لحقوق الإنسان، #فولكر_تورك #الصدمة_النفسية الجماعية التي يعيشها #سكان_غزة بأنها ” #أخطر_أزمة #صحية #نفسية يمكن تصورها”، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى من السكان، وخاصة #الأطفال، يعانون من #صدمات_نفسية شديدة.

وقال تورك، في مؤتمر صحفي، بمناسبة الاحتفال السنوي بيوم حقوق الإنسان العالمي، إن قطاع غزة لا يزال “مكانًا للمعاناة والخسائر والخوف”.

وجدّد تورك، إدانته لاستمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة، بما في ذلك قصف الأفراد الذين يقتربون من “الخط الأصفر”، والمباني السكنية، وخيام النازحين، وملاجئهم، وغيرها من الأهداف المدنية.

مقالات ذات صلة الكشف عن تورط جهة عربية في تدريب عناصر المرتزقة في غزة 2025/12/12

وأكد تورك أن قرار مجلس الأمن رقم 2803 لعام 2025، “واضح تمامًا” في عدم الاعتراف بأي حدود أو خطوط، بل يتعلق بأرض يجب احترامها بالكامل، مشيرًا إلى القرار الذي اعتمده المجلس في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لدعم خطة شاملة لإنهاء الصراع.

ودعا جميع الأطراف إلى التقيد الفوري بوقف إطلاق النار، وضمان الانتقال السلس إلى المرحلة التالية من خطة السلام.

وارتكبت دولة الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 241 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال.

مقالات مشابهة

  • الإطاحة بأحد أخطر المطلوبين أمنيًا شقيق قائد محور تعز
  • غرق 27 ألف خيمة.. كارثة إنسانية في غزة بسبب المنخفض الجوي وتضرر مليون نازح «عاجل»
  • أونروا: إسرائيل ما زالت تمنعنا من إيصال المساعدات مباشرة لغزة
  • صحيفة عبرية: مليشيات عراقية تهدد بالوصول إلى إسرائيل عبر الأردن
  • عاجل | مجمع الشفاء الطبي: شهيد بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي خارج مناطق انتشاره بجباليا شمالي قطاع غزة
  • عاجل.. الأمم المتحدة تعتمد مشروع قرار يطالب إسرائيل بالسماح بالوصول الإنساني الكامل إلى غزة
  • عاجل | الجمعية العامة للأمم المتحدة: اعتمدنا قرارا يدعو إسرائيل إلى تطبيق قرار محكمة العدل بإدخال المساعدات إلى غزة
  • غوتيريش: الوضع في غزة كارثي والانتهاكات بالضفة في أخطر حالاتها
  • مسؤول أممي: غزة تعيش أخطر أزمة صحية ونفسية
  • دبلوماسي أمريكي سابق: إسرائيل تسعى لاستعادة السيطرة الكاملة على غزة إذا سنحت لها الفرصة