جريمة قتل عنصرية أم انتحار؟ الغموض يكتنف وفاة شاب أردني في ألمانيا
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
محمد بركات كان طالبا في هامبورغ، وتوفي قبل أسبوع في ظروف لم تتضح تفاصيلها بعد. بعد اتهامات للشرطة بالتستر على جريمة قتل بدوافع الكراهية، كشف الإعلام الألماني عن تفاصيل جديدة للحادثة.
أثارت قضية مقتل الشاب الأردني بركات في مدينة هامبورغ الألمانية لغطًا في الإعلام الألماني والعربي وجدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب الظروف الغامضة التي توفي فيها الطالب ذو الـ21 عاما.
القصة بدأت عندما أعلِن الثلاثاء 19 كانون الأول/ ديسمبر الجاري عن وفاة شاب أردني يدرس الطب في جامعة "أوروبا للعلوم التطبيقية" بمدينة هامبورغ، ثاني أكبر مدن ألمانيا والتي تقع في شمال البلاد.
وسرعان ما انتشر الخبر أن محمد قُتل برصاصتين في الرأس على خلفية منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن دوافع الجريمة هي الكراهية والتطرف والعنصرية. وتناقلت عدة وسائل إعلام عربية معروفة خبر الوفاة والتكهنات حول وقوع محمد بركات ضحية لجريمة قتل عنصري.
لكن شرطة هامبورغ تفاعلت مع الخبر في منشور لها على تويتر قائلة إن هذا الخبر مزيف وإن لا علم لديها بجريمة قتل في هذا السياق. كثيرون فهموا هذا المنشور على أنه نفي لوفاة الشاب أصلا واتهموا على وسائل التواصل الاجتماعي شرطة المدينة الألمانية بمحاولة التستر على جريمة قتل عنصرية ارتكبت في حق مواطن أردني بسبب منشوراته المساندة للفلسطينيين في غزة.
لكن موقع تي أونلاين الألماني (T-Online)كشف يوم الأحد، 24 كانون الأول / ديسمبر عن معلومات جديدة حول ملابسات مقتل محمد بركات. حسب المعلومات "المؤكدة"، كما يقول الموقع، فقد وقع إطلاق نار في نادٍ للرماية بمدينة هامبورغ يدعى هانزياتك غن كْلَب Hanseatic Gun Club. ويتابع الموقع: "أكدت الشرطة، بعد أن سألناها، أن النار أطلِقت من سلاح ناري على رأس الأردني ذي الـ21 عاما، وأنه توفي إثر إصابته بجروح. وحسب معلومات مؤكدة لدى تي أونلاين، فإن هذا الرجل هو نفسه الذي صُوّر في العالم العربي على أنه ضحية جريمة قتل."
ويقول الموقع نقلا عن المتحدث باسم شرطة هامبورغ، هولغر فيرن، إن الشرطة تجزم بأن يكون هناك طرف ثالث مسؤول عن القتل، وأن لا دوافع عنصرية للحادثة. ما يعني أن الشرطة تعدّ الحادثة على أنها انتحار. وتضيف الشرطة أن الادعاء العام ومكتب مكافحة الجريمة الإقليمي يحققان في القضية، وأنها أخبرت السفارة الأردنية في برلين بتفاصيل ما جرى.
تذكرون حادثة إطلاق النار على 3 شباب أمريكيين من أصل فلسطيني في فيرمونت؟ أحدهم أصيب بالشلل!وفي تصريح لموقع moin.de شرحت الشرطة التغريدة التي نشرتها على إكس، قائلة إنها كانت تعني بالـ"خبر الزائف" جريمة القتل، وأنها لم تنفِ وقوع حالة الوفاة أصلا. ما يعني أن الشرطة دافعت عن نفسها ضد الاتهامات القائلة إنها تحاول التستر على جريمة قتل بدوافع عنصرية.
الصحفي الألماني المقيم في برلين، طارق باي، قال في منشوراته على مواقع التواصل إنه على اتصال بعائلة المتوفي، وإنه كان أردنيا من أصل فلسطيني. وكتب الصحفي نقلا عن العائلة إن ابنهم محمد بركات تلقى مؤخرا تهديدات بسبب منشوراته المتضامنة مع غزة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي بيان لها على إكس (تويتر) يوم الجمعة 23 كانون الأول / ديسمبر، قالت وزارة الخارجية الأردنية إن مدير مديرية العمليات والشؤون القنصلية في الوزارة، السفير سفيان القضاة، يتابع حادثة وفاة الشاب محمد بركات، وإن المديرية والسفارة الأردنية في برلين على اتصال بالسلطات الألمانية لمعرفة ملابسات الحادثة. والجدير بالذكر أن بيان وزارة الخارجية لم يتحدث عن جريمة قتل في سياق وفاة الشاب الأردني.
الجدير بالذكر أيضا أن الولايات المتحدة شهدت في الأشهر القليلة الماضية جرائم قتل واعتداءات على مواطنين ذوي أصول عربية في أعقاب تنامي خطاب الكراهية على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة. ففي أحد ضواحي مدينة شيكاغو، قـُتل الطفل وديع الفيومي (6 سنوات) وأصيبت والدته بجروح إثر 12 طعنة، على يد مواطن أمريكي ثارت ثائرته ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
وفي ولاية فيرمونت، أصيب ثلاثة شبان فلسطينيين بجروح خطيرة، بعد أن أطلق عليهم مواطن أمريكي النار عندما كانوا يتحدثون بالعربية ويرتدون كوفيات فلسطينية.
المصادر الإضافية • t-online
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: "ميلاد تحت الأنقاض".. زينة مختلفة في بيت لحم تضامنًا مع قطاع غزة "لمستقبل أكثر إستقلالية".. ألمانيا تتوقف عن قبول أئمة مساجد مبعوثين من تركيا برلين تبدأ محاكمة ألماني بتهمة التجسس لحساب روسيا جامعة إطلاق رصاص ألمانيا غزة جريمة كراهية الأردنالمصدر: euronews
كلمات دلالية: جامعة إطلاق رصاص ألمانيا غزة جريمة كراهية الأردن روسيا عيد الميلاد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلاديمير بوتين إسرائيل غزة حركة حماس فولوديمير زيلينسكي الضفة الغربية سياحة روسيا عيد الميلاد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلاديمير بوتين إسرائيل غزة التواصل الاجتماعی یعرض الآن Next محمد برکات جریمة قتل
إقرأ أيضاً:
مشاريع قوانين عنصرية في إسرائيل تعيد طرح سؤال من هو اليهودي؟
القدس المحتلة- لا تقتصر العنصرية في إسرائيل على استهداف المجتمع العربي الفلسطيني فحسب، بل تمتد جذورها لتطال شرائح واسعة من المجتمع اليهودي نفسه، ولا سيما المهاجرين الذين جرى استقدامهم إلى فلسطين التاريخية منذ بداية المشروع الصهيوني.
كما مارست المؤسسة الإسرائيلية سياسات تمييزية ممنهجة بحق اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين في أواخر الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي من الدول العربية، والمعروفين باليهود الشرقيين.
واستمر هذا النهج العنصري والتمييزي بحق اليهود الإثيوبيين، المعروفين باسم "يهود الفلاشا"، الذين جرى استقدامهم في ثمانينيات القرن الماضي، وكذلك بحق المهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفياتي السابق في مطلع التسعينيات عقب انهياره، علما أن عدد الناطقين بالروسية في إسرائيل يُقدَّر بنحو 1.3 مليون نسمة.
وفي سياق هذا المسار، قدمت وزارة الأديان الإسرائيلية، بالتعاون مع المحاكم الدينية اليهودية، مشروع قانون حكومي يمنح هذه المحاكم صلاحيات واسعة للتحقق من "صحة يهودية" الأفراد، على أن تكون قراراتها ملزمة لكافة السلطات الإسرائيلية.
وينص مشروع القانون، الذي صادق عليه الكنيست بالقراءة الأولى، على منح مدير دائرة استيضاح اليهودية أو مسجل الزواج صلاحية فتح إجراءات للتحقق من يهودية أي شخص، من دون الحاجة إلى الحصول على موافقته، أو حتى إبلاغه ببدء هذه الإجراءات.
وبموجب هذه التشريعات والصلاحيات الممنوحة للمحاكم الدينية اليهودية، سيصبح أي شخص في إسرائيل، ولا سيما من هم من المهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفياتي السابق، عرضة للتحقيق في انتمائهم الديني.
ولا يقتصر أثر هذا التشريع على الفرد وحده، إذ قد يُطالب أقرباؤه وأفراد عائلته أيضا بالاختيار بين الخضوع لإجراءات إثبات يهوديتهم، أو تسجيلهم كممنوعين من الزواج في المحاكم الدينية اليهودية، ما يكرّس الإقصاء والتمييز على أسس دينية وطائفية.
إعلانوبموجب هذه القوانين الدينية، تكون الحاخامية والمحاكم الدينية اليهودية قد منحت صلاحيات واسعة للتحقيق في يهودية أي شخص يُشكّك في انتمائه، تحت ذريعة السعي إلى "نقاء الدولة اليهودية"، وهو ما يعكس تعامل المؤسسة الإسرائيلية بأسلوب عنصري مع فئات مختلفة من المجتمع اليهودي، استنادا إلى الدين والطائفة والعرق واللون، بحسب قراءات وتحليلات متعددة.
ما الجديد؟تقول مراسلة صحيفة "هآرتس" للشؤون البرلمانية نوعا شبيغل، إن هذا النهج "ليس سريا، بل معروف منذ زمن طويل"، مشيرة إلى أن المؤسسة الحاخامية الإسرائيلية لا تزال -حتى اليوم- تشكك في يهودية المهاجرين الإثيوبيين، وتظهر تشددا خاصا تجاه هوية المهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفياتي السابق.
وتوضح شبيغل أن "الجديد في هذا السياق لا يكمن في وجود العنصرية بحد ذاتها، بل في تحولها إلى سياسة معلنة وغير مموهة"، وتضيف "ففي ظل الحكومة الدينية الفاشية الحالية، لم تعد إسرائيل تحاول إخفاء ممارساتها التمييزية تجاه هذه الفئات".
وأشارت إلى أن هذه الحكومة تشكلت قبل 3 سنوات بعد أن اضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى التحالف مع قوى دينية وقومية متطرفة، عقب رفض الأحزاب المصنفة بأنها "علمانية" المشاركة في حكومة يرأسها، على خلفية محاكمته بتهم فساد لازمت مسيرته السياسية.
وبذلك "باتت العنصرية المؤسسية تمارَس اليوم بوضوح ضد شرائح واسعة من اليهود على أسس دينية وعرقية، وبغطاء سياسي وتشريعي رسمي، من دون أي محاولة لتلطيفها أو إنكارها" تضيف الصحفية الإسرائيلية.
في تقدير موقف صادر عن "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" أعده كل من البروفيسور مردخاي كريمنيتسر، والمحامية عنات أشكنازي، والدكتور أمير فوكس، والمحامية دافني بنفنيستي، وجهوا فيه انتقادات حادة للتعديلات والتشريعات الجديدة، مع التحذير من تداعياتها الخطرة على "مكانة إسرائيل كدولة تدّعي الديمقراطية".
وأكد معدو التقرير أن توسيع صلاحيات المحاكم الدينية يشكل انتهاكا مباشرا لسيادة القانون ولمبدأ وحدة النظام القضائي، إضافة إلى المساس بحرية الدين والمعتقد، والإضرار بمبدأ المساواة أمام القانون.
وأشار التقرير إلى أن هذا التوجه قد يؤدي إلى تفكيك النظام القضائي القائم، وتحويله إلى منظومات قضائية متوازية لا تستند بالضرورة إلى القيم والمبادئ الديمقراطية، وقد تتعارض في جوهرها مع القوانين المدنية للدولة.
كما حذر من أن "الفصل في النزاعات وفقا للشريعة الدينية اليهودية قد يتجاهل الحقوق الدستورية الأساسية والضمانات التي يكفلها القانون المدني، ما يشكل مساسا خطيرا بحقوق الأفراد".
ولفت التقرير إلى وجود ضغوط اجتماعية تمارس على فئات من السكان، لإجبارهم على القبول بتحويل نزاعاتهم إلى المحاكم الدينية، في حين يعرض من يرفض هذا المسار نفسه لخطر النبذ والتهميش والعزلة الاجتماعية.
وخص التقرير بالتحذير الانتهاكات المتوقعة لحقوق النساء، مؤكدا أن المحاكم الدينية اليهودية تنتهك هذه الحقوق أصلا، وأن توسيع صلاحياتها ليشمل القضايا المدنية سيعمق الضرر ويجبر نساء كثيرات -تحت الضغط الاجتماعي والقانوني- على الخضوع لإجراءات تفتقر إلى المساواة والعدالة.
هولندي يحكي قصة جدته اليهودية التي رفضت أن تستوطن #فلسطين باعتباره أمرا غير مبرر ويظلم الفلسطينيين #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/CXzIIdHxJe
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) June 23, 2025
من هو اليهودي؟يهدف مشروع القانون إلى تعزيز مكانة المحاكم الدينية اليهودية، وتنظيم موقعها القانوني في كل ما يتعلق بالقرارات المرتبطة بالهوية اليهودية لمواطني إسرائيل.
إعلانونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن مصادر في المحاكم الدينية اليهودية، قولها إن التعديل المقترح ضروري لمنع التناقضات بين سلطات الدولة المختلفة، ولتوحيد السجلات الرسمية.
في المقابل، يرى منتقدو المشروع أن إقراره سيطمس الحدود الفاصلة بين الدين والدولة، ويخضع تسجيل السكان وحقوقهم المدنية لقرارات دينية.
وبحسب ما أفادت به صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن هذا التوجه يثير مخاوف واسعة من تعميق النفوذ الديني داخل مؤسسات الدولة المدنية، كما تظهر المعطيات المتوفرة أن هذا الشك الممنهج غير مبرر، إذ لا يزال مبدأ "افتراض اليهودية" قائما ومعترفا به في الشريعة اليهودية حتى اليوم.
وفي هذا السياق، خلص الدكتور إيلاد كابلان، المدير العام لمؤسسة "التوراة والعمل"، والمحاضر في كلية الحقوق بجامعة بار إيلان، إلى أنه بين عامي 2010 و2023 فتح ما يقارب 50 ألف ملف للتحقيق في الانتماء اليهودي.
وأشار كابلان إلى أن الغالبية الساحقة من هذه الملفات تنتهي بتأكيد يهودية أصحابها، غير أن هذا التأكيد لا يمنح إلا بعد الخضوع لتحقيقات معمقة وطويلة، ما يعكس حجم الشك المؤسسي الذي يقنن اليوم عبر تشريعات تعيد طرح سؤال "من هو اليهودي؟" مجددا.