سوق السيارات الكهربائية في المنطقة
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
تشهدُ المنطقة الخليجية وبعض دول الشرق الأوسط وأفريقيا عمليات استيراد السيارات الكهربائية بالرغم من تواضع البنية التحتية لهذا النوع من السيارات كمحطات التعبئة ومحلات البطاريات والكراجات المتخصصة لتصليحها وغيرها من الالتزامات الأخرى.
هناك اليوم عدة أنواع من السيارات الكهربائية متوفرة في دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وأصحبت متوفرة في أسواقها كالسعودية والإمارات وجنوب أفريقيا، ومصر، وبقية دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
تأثرت سوق السيارات الكهربائية أثناء فترة جائحة كوفيد-19 وأدت إلى تراجع مبيعاتها في عام 2020؛ بما في ذلك إغلاق بعض وحدات التصنيع، إلّا أن العام الماضي شهد نموًا في صناعة السيارات الكهربائية، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو خلال السنوات المقبلة. ونظرًا لاهتمام دول العالم ومنها دول المنطقة وتشجيعها على استخدام السيارات الكهربائية، وزيادة الوعي حول حلول تخزين الطاقة في قطاع الطاقة المتجددة، فإنَّ ذلك يؤدي إلى زيادة حركة الأسواق تجاه استيرادها. كما أن توسيع شبكة الاتصالات القائمة على الجيل الخامس وتنفيذ رؤية بعض دول المنطقة وغيرها من الدول الأخرى يؤدي إلى ازدهار سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط وأفريقيا خلال السنوات المقبلة.
لقد كانت السعودية والإمارات من أوائل الدول التي تتبنى السيارات الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط، فيما تخطط هيئات المواصفات والمقاييس في تلك الدول لإصدار اللوائح والتشريعات لاستخدامها، وتطوير محطات الشحن بها. وبالرغم من أن المصادر النفطية والغاز تشكّل مصادر رئيسية للإيرادات الوطنية في عدد من دول المنطقة والشرق الأوسط، فإن الحكومات المعنية تعمل على تأسيس مشاريع الطاقة المتجددة وتقنيات النقل النظيفة. كما أن المبادرات الحكومية المتزايدة لبناء البنية التحتية للشحن في جميع أنحاء المنطقة تعمل على ترويج وزيادرة مبيعات السيارات الكهربائية، حيث هناك المليارات التي يتم ضخها في تلك المشاريع من حيث توفير البنية التحتية لها، وكيفية إدارة معداتها وإمداداتها من الطاقة لمنشآت الشحن، وآلية التسعير للعملاء.
إن دخول السيارات الكهربائية في العالم أدى إلى هزَّ صناعة السيارات بالكامل، وخلقت منافسة كبيرة بين الصناعيين المنافسين بين الصين وأمريكا والاتحاد الاوروبي، فيما يعمل الجميع على التسريع من عملية تخصيص الموارد لإنشاء نماذج كهربائية بالكامل في دولها. ويعد ذلك جزءًا من الخطط التي وضعتها تلك الدول لقطاع المواصلات خلال العقد المقبل. وهذا ما أدى ببعض الدول الأفريقية بالعمل على إنشاء مرافق جديدة لتطوير المنتجات، مما يزيد من وجودهم في السوق. ومن المتوقع أن يتصاعد زخم الاعتماد على السيارات الكهربائية بعد أن اقترح الاتحاد الأوروبي في منتصف يوليو الماضي بالتخلص التدريجي من مبيعات السيارات التي تعمل بالديزل والبنزين في تحول كبير في السوق بحلول عام 2035. وسيؤثر هذا القرار بشكل إيجابي على البلدان الأفريقية مثل جنوب أفريقيا، التي تصدر ما يقرب من 64% من احتياجاتها ومركباتها المصنعة إلى الأسواق العالمية. كما يساعد برنامج الأمم المتحدة للبيئة البلدان الأفريقية على تطوير السياسات الصحيحة للتحول والتنقل من الوقود الأحفوري إلى التنقل الكهربائي، فيما تشير بعض المصادر إلى قيام 19 بلدا بتخصيص جزء من تمويل مرافق البيئة العالمية للتنقل الكهربائي، واعتماد سياسات ومعايير المركبات الكهربائية لصالح استيعابها بدلا من السيارات التي تعمل بالطاقة الاحفورية.
وعمومًا.. إنَّ عددًا من حكومات الدول الافريقية تعمل على تقديم حوافز ضريبية لتعزيز بيع السيارات الكهربائية وتشجيع وارداتها من هذا النوع من السيارات، فيما من المتوقع أن يدخل اعتماد السيارات الكهربائية المسار السريع في المنطقة الخليجية، خاصة في المراكز الحضرية ذات الخبرات التكنولوجية العالية كتوفير محطات الشحن المجانية، وقروض من البنوك التي تعمل من أجل حماية البيئة، فيما من المتوقع أن تشهد المنطقة إنشاء مشاريع تجريبية للسيارات الكهربائية أيضًا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مستقبل الصراع بين إيران وأمريكا
د. عبدالله الأشعل **
الصراع بين إيران والولايات المتحدة سببه الأساسي زرع إسرائيل في المنطقة ثمَّ هناك أسباب فرعية أخرى؛ وهي أنَّ إيران دولة مركزية وقديمة تُماثل مصر، وعندما كان الشاه يحكم إيران كانت المصالح الأمنية الأمريكية والإسرائيلية مضمونة، ولكن الثورة الإسلامية هي المشكلة، ولذلك فالصراع بين الطرفين صراع وجودي وعقائدي؛ بمعنى أن "إيران الثورة" قامت لتحرير إيران من السطوة الأمريكية وسطوة أسرة الشاه؛ ولذلك منذ اليوم الأول أعلنت الثورة العداء لإسرائيل والولايات المتحدة معًا.
وتعتقد إيران- عن حق- أن الولايات المتحدة هي صانعة إسرائيل وأن إسرائيل توظف لخدمة المصالح الأمريكية والغربية عمومًا؛ لذلك فالصراع بين أمريكا وإيران صراع من أجل النفوذ. وتصر إيران على أنها مستقلة، ومن ناحية أخرى ترفع شعار الدفاع عن القدس والأماكن المقدسة وكذلك الدفاع عن المستضعفين.
والحق أن سلوك إيران الإسلامية كان منسجمًا مع شعاراتها؛ ذلك أن إيران أيَّدت انتفاضة الأقصى وأيدت المقاومة ضد إسرائيل، لسببين؛ الأول: نصرة المشروع الإيراني وهذا جانب سياسي، والسبب الثاني هو نصرة الأقصى، لكن سلوك إيران تجاه السببين لم يرق للوسط العربي والإسلامي لأسباب كثيرة.
والولايات المتحدة وإسرائيل تنظران لإيران الإسلامية على أساس أنها تهديد وجودي لإسرائيل لأنَّ المقاومة تنفرد إيران بمساندتها، أما بقية أطراف المنطقة، فهي تُقيم أفضل العلاقات مع الولايات المتحدة لكي تكون إسرائيل جارة مسالمة لهم ولا شأن لهم بفلسطين. وأذكر عندما اتهمت الدول العربية مصر بأنها عقدت صلحًا منفردًا مع إسرائيل، فهمته واشنطن على أنه بسبب نزاعات بين الدول العربية وانحياز الولايات المتحدة الكامل لإسرائيل. وقطعت الدول العربية كل علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية والاقتصادية والثقافية مع مصر، أملًا في أن ترجع مصر عن هذه الخطوة. وقد قطعت معظم الدول العربية علاقاتها بمصر، واستمر هذا الانقطاع عشر سنوات كاملة من 1979 إلى 1989، لكن سلطنة عُمان والسودان وجيبوتي رفضت قطع العلاقات مع مصر؛ لأسباب كثيرة فصلها الباحثون في الشؤون العربية.
الصراع بين إيران والولايات المتحدة بدأ عام 1979 عندما قامت الثورة الإسلامية، وهو صراع سياسي بطبيعته ومفتاح لكل الصراعات في المنطقة العربية، ويُخطئ من يعتقد أنَّ إسرائيل دولة عادية؛ بل إنها دولة وظيفية ومافياوية، وأن زرعها في المنطقة مقصود، ولذلك.. فإنَّ الصراع بين إيران والولايات المتحدة يُلقى بظلاله على المنطقة بأسرها، والموقف الأمريكي من إيران ناتج عن حرص أمريكا على تسيُّد إسرائيل في المنطقة ودعم المشروع الصهيوني.
وقد لاحظتْ الولايات المتحدة وإسرائيل أن غزو بيروت في 5 يونيو 1982 هو الذي أدى إلى إنشاء "حزب الله"، وأن إيران أصبح لها وجود في المنطقة منذ ذلك الوقت، وكلما اشتد التحالف بين الولايات المتحدة والدول العربية، انحازت هذه الدول العربية إلى الموقف الأمريكي والإسرائيلي، وهذا هو التفسير الجزئي لموقف معظم الدول العربية من المقاومة ضد إسرائيل.
ولن تقنع واشنطن إلّا بإزالة النظام الإسلامي في إيران، ولذلك حرضت إسرائيل على تنفيذ المخطط المشترك ضد إيران عسكريًا.
لكن.. هل يجوز لإسرائيل العدوان والتذرُّع بأنها تريد إزالة البرنامج النووي الإيراني؟
إسرائيل برَّرت عدوانها على إيران بأنَّها تريد أن تمارس حق الدفاع الشرعي الوقائي لتفكيك عناصر البرنامج النووي الإيراني، والذي تعتبره إسرائيل تهديدًا وجوديًا لها، لكن إسرائيل تُبرِّر هجومها على إيران واغتيالها الشخصيات القيادية للحرس الثوري والجيش الإيراني، بأنها تدافع عن نفسها. وسبق لإسرائيل أن اعتدت على مصر وسوريا والأردن عام 1967، بنفس الزعم، وقد نوقشت الحجة الإسرائيلية في مجلس الأمن في نوفمبر 1967، وأجمع مجلس الأمن على تضمين القرار رقم 242، المبدأ القانوني وهو عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، وكان يجب على المجلس- آنذاك- أن يحظر العدوان على الدول. لأن العدوان يؤدي إلى الاحتلال، وحاولت إسرائيل والولايات المتحدة الترويج لفكرة الدفاع الشرعي الوقائي، لكن المجلس تمسك بمفهوم الدفاع الشرعي الوارد في المادة 51 من الميثاق، ورفض نظرية إسرائيل في الدفاع الشرعي الوقائي، وتفادت المادة 51 المصطلحات الخلافية في هذا الشأن.
ويُقر القانون الدولي حق جميع الدول في امتلاك السلاح النووي ومن قبله الاستخدام السلمي للطاقة النووية، لكن القانون الدولي لا يحظر سوى استخدام السلاح النووي بالنظر إلى خطورته. ولذلك أباحت اتفاقية منع الانتشار النووي في المادة العاشرة للدول الأطراف الانسحاب من المعاهدة دون إبداء الأسباب. وما دامت إيران قد اتهمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتواطؤ مع إسرائيل وأمريكا، وأن نقدها لسلوك إيران النووي شجَّع إسرائيل على العدوان على عناصر البرنامج النووي الإيراني، يفتح الباب لانسحاب إيران- إذا أرادت- من اتفاقية منع الانتشار النووي، وإذا فعلت ذلك مثل كوريا الشمالية، فلن يكون للوكالة الحق في مساءلة إيران.
الخلاصة.. أن الصراع الأمريكي الإيراني يختلف عن الصراع الإسرائيلي الإيراني في أمر واحد، وهو أن إيران تعتبر المشروع الإسرائيلي مُهدِّدًا لوجودها، وإسرائيل تعتقد المثل، لكن المشروع النووي الإيراني ليس مُهدِّدًا لوجود الولايات المتحدة، وإذا تحوَّل الصراع السياسي إلى صراع عسكري؛ فسوف ينتهى بتوسيع نطاق الحرب، مما يحوله من صراع ثنائي إلى حرب عالمية ثالثة، وهذا الاحتمال وارد في التحليل؛ لذلك فإن أطرافًا كثيرة سوف تتدخل للوساطة بين الطرفين المتصارعين، وهذه النقلة تعتمد على الموقف الأمريكي الذى يتماهى مع الموقف الإسرائيلي.
والسؤال: هل تخضع إيران لرغبة إسرائيل وواشنطن في التوقيع على اتفاق استسلام في الملف النووي والصاروخي، والبديل هو سحق أمريكا للمنشآت النووية الإيرانية؟
الموقف الإيراني بالغ الدقة؛ حيث إن إيران لا تحتمل الثور الأمريكي، وحتى إذا تدخلت دول أخرى لمساندة إيران، فإن استسلمت تُشجِّع على إزالة النظام وربما احتلال إيران، وإن رفضت الإنذار الأمريكي، فلربما تتسع الحرب، وربما تنطلق بعض العمليات في المنطقة لتخريب المصالح الامريكية.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر