سواليف:
2025-06-24@11:08:08 GMT

“إنتَ زَلَمة” / آلاء الظَّريف

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

“إنتَ زَلَمة”

كيف يمكن لهذا المسكِ أن يُعطِّرَ المكان؟! حتى أنه لا توجد بقعةٌ من الأرض إلا وخالَطها.
أرجلٌ كثيرةٌ، أصواتٌ متداخلة ومختلفة، أنوارٌ محترقة، صوتُ #الصافرة يَطغى على كل ذلك، لا أستطيعُ أن آخذ نفسًا من شدة تركيز ذلك المسك، أسعى لأن آخذَ العالم معي لينتبهوا إلى جمال رائحته، إنهم لا يلاحظونها مثلي لربما ليس لديهم أيّة معلومات عنه.


ومن بين #زحمة #الأصوات صوتًا ينادي: “يا الله” كنتُ أحملُ صاحبَ الصوت على ظهري، لا أدري إلى أين أحملُه، ليس لدي أيّة فكرة كيف أنجو به.
المكان المُفترَض أن أنقلَهُ إليه ليس آمنًا، وبينما ألتقطُ أنفاسي متلهثًا من حُرقتي عليه أسمع صوتًا قويًّا قادمًا نَحوِي بعد أن صدرَ صوتٌ أشبهُ بضرب فرامل السيارة، وأنا حينها ما زلت واقفًا أمام المشفى في حالةِ إدراكٍ لذلك الصوت. يتعالى التكبير بلحظتها، لم أعدْ أسمعُ شيئًا، حتى أصبحتُ ملقًى على الأرض أسمع كلامًا من بعيد وكأنه من خلف فولاذ: “ما لنا غيرك يا الله”.
أحاولُ أن استيقظَ لأرى ماذا يحدث، لكنَّني لم أستطع، كنتُ أشعر بصعوبة التنفس، أريد أن أتنفس.
صوت آخر يقول: “لا نستطيع أن نوقف النزيف، نحتاج إلى دم”. فجأةً، شعرتُ وكأن رأسي في بلورة زُجاج باردة جدًا، كان نفَسي قليلًا جدا حتى وجدتُ نفسي على سرير أبيض يسير في ممرٍ طويل مُضيء. أطباء على يمين السرير وشماله، لا أعرف جنسَ هؤلاءِ ذكورًا أم أناثًا! حتى وصلتُ لآخر الممر وإذا أنا أمام فوَّهَة كبيرة وصلت بي إلى السماء الباردة، شعرتُ بالسعادة والفرح وتأملتُ النجوم؛ فكانت وكأنها طاقاتٌ مريحةٌ جدًا، كنتُ أشعرُ أنني ضخمٌ جدًا حتى شدني شيءٌ ما أخذني إلى غرفة في مشفى، رأيتُ الناسَ يستلقون على الأرض بين جريح وقتيل، بين مُقطَّعٍ وفاقدٍ لعضو، والخوفُ والذُّعر يسيطرُ على المكان الأطباء منهكون، الأمهات تركض في الممرات تسأل بين الغرف عن ذويها، الأسماء مكتوبة على كل يد، نظرتُ في زاوية الغرفة وجدتُ عمي “صالح” يقفُ بجانب جسدي ويقول: “شد حيلك يا أبو ناجي إنتَ زَلَمة”.
“كرهان يدخلك ناجي الفردوس بإيده”؟.
“نياله كان عم يحاول ينقذ الشب”.
كان عمي يردِّدُ هذه الكلمات، ووالدي بالجانب الآخر يبكي بحُرقة.
تذكرتُ أنني كنت أحمل شابًا على ظهري، أُغرِقَ بالمسك حتى لم نتعرَّفْ على ملامحه.

“لا يكون أنا متت”، صوتٌ أجاءَني إلى الحقيقة، كنتُ سعيدًا جدًّا، ليتني أستطيعُ أن أُخبرَ أبي بمدى راحتي التي أشعرُ بها، ليتني أستطيع أن أُوصلَ لهم شعورَ الحريةِ الذي يحتويني، لم أستطع أن أخبرَهم أنني حيٌّ، أسمعُ ما يقولونه بكل تفاصيله، خرجتُ من الغرفة إلى ساحة المشفى، رأيتُ نساءً تبكي، وأطفالًا خائفين، ورجالًا يسجدون شكرًا لله على فقد أبناءئِهم.
الأقمشة البيضاء كثيرة، مرصوصةٌ فوق بعضها، كُتِبَ عليها مجهول، وأرقام وتواريخ ووداعات أخيرة، غطَّت وجوهًا مبتسمةً وأصابعَ مرفوعةً نحو السماء.
حين رأيتُ تلك الوجوه عرفتُ أنهم قد ذاقوا شعوري، وفجأةً، قوةٌ تشدُّني إلى الأعلى، كنتُ خفيفًا جدًا، ابتعدتُ عن المشفى، ثم عن المدينة، ثم عن الكرة الأرضية. شعورُ الأمان يحاصرني، إنني أعرفُ الطريق، سعيدٌ لأنني ذاهبٌ إلى شيء جميل أُحبُّهُ وأنتمي إليه، وكأنهُ بيتي، كنتُ حيًّا، وكانوا جميعَهم أمواتًا.
فأنا الشهيدُ لكلِّ أرضٍ خُلِقَتْ للسلام، ولم تعرفِ السلامَ يومًا.
مقالات ذات صلة وجهة نظر .. قصة قصيرة جدا 2023/12/25

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الصافرة زحمة الأصوات

إقرأ أيضاً:

ورقلة..إحباط محاولة تهريب قرابة 15 ألف قرص “صاروخ”

تمكن أعوان الفرقة المتعددة المهام للجمارك في اسطيل بورقلة، التابعة لمفتشية أقسام الجمارك بالوادي، من إحباط محاولة تهريب 14.850 قرصاً مهلوساً. من نوع “بريغابالين 300 ملغ”. كانت مخبأة بإحكام داخل مركبة سياحية.

وأسفرت العملية، عن حجز المركبة وتوقيف شخصين أحيلا على الجهات القضائية المختصة.

مقالات مشابهة

  • طهران: بيان مرتقب حول “فرض وقف الحرب على إسرائيل”
  • سلمى أبو ضيف: كنت دائما أشعر بالخوف من والدي أكثر من الحب
  • سلمى أبو ضيف: كنت دائما أشعر بالجوع خلال فترة الحمل وعانيت كثيرا من التوتر
  • وضع أربعة أجهزة غسيل كلية بالخدمة في مشفى مصياف الوطني
  • ورقلة..إحباط محاولة تهريب قرابة 15 ألف قرص “صاروخ”
  • إحباط محاولة تهريب قرابة 15 ألف قرص “صاروخ”
  • استئناف العمل بوحدة القثطرة الإكليلية وجراحة القلب بمشفى حماة الوطني
  • نجم ريال مدريد: أشعر بأهمية أكبر مع ألونسو ولم أفكر في الرحيل
  • ستونز: اعتقدت أنني لن أعود لكرة القدم مرة أخرى
  • عملية جراحية نوعية لاستئصال ورم غدي في المشفى الجامعي بحمص