سواليف:
2025-12-09@17:21:20 GMT

“إنتَ زَلَمة” / آلاء الظَّريف

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

“إنتَ زَلَمة”

كيف يمكن لهذا المسكِ أن يُعطِّرَ المكان؟! حتى أنه لا توجد بقعةٌ من الأرض إلا وخالَطها.
أرجلٌ كثيرةٌ، أصواتٌ متداخلة ومختلفة، أنوارٌ محترقة، صوتُ #الصافرة يَطغى على كل ذلك، لا أستطيعُ أن آخذ نفسًا من شدة تركيز ذلك المسك، أسعى لأن آخذَ العالم معي لينتبهوا إلى جمال رائحته، إنهم لا يلاحظونها مثلي لربما ليس لديهم أيّة معلومات عنه.


ومن بين #زحمة #الأصوات صوتًا ينادي: “يا الله” كنتُ أحملُ صاحبَ الصوت على ظهري، لا أدري إلى أين أحملُه، ليس لدي أيّة فكرة كيف أنجو به.
المكان المُفترَض أن أنقلَهُ إليه ليس آمنًا، وبينما ألتقطُ أنفاسي متلهثًا من حُرقتي عليه أسمع صوتًا قويًّا قادمًا نَحوِي بعد أن صدرَ صوتٌ أشبهُ بضرب فرامل السيارة، وأنا حينها ما زلت واقفًا أمام المشفى في حالةِ إدراكٍ لذلك الصوت. يتعالى التكبير بلحظتها، لم أعدْ أسمعُ شيئًا، حتى أصبحتُ ملقًى على الأرض أسمع كلامًا من بعيد وكأنه من خلف فولاذ: “ما لنا غيرك يا الله”.
أحاولُ أن استيقظَ لأرى ماذا يحدث، لكنَّني لم أستطع، كنتُ أشعر بصعوبة التنفس، أريد أن أتنفس.
صوت آخر يقول: “لا نستطيع أن نوقف النزيف، نحتاج إلى دم”. فجأةً، شعرتُ وكأن رأسي في بلورة زُجاج باردة جدًا، كان نفَسي قليلًا جدا حتى وجدتُ نفسي على سرير أبيض يسير في ممرٍ طويل مُضيء. أطباء على يمين السرير وشماله، لا أعرف جنسَ هؤلاءِ ذكورًا أم أناثًا! حتى وصلتُ لآخر الممر وإذا أنا أمام فوَّهَة كبيرة وصلت بي إلى السماء الباردة، شعرتُ بالسعادة والفرح وتأملتُ النجوم؛ فكانت وكأنها طاقاتٌ مريحةٌ جدًا، كنتُ أشعرُ أنني ضخمٌ جدًا حتى شدني شيءٌ ما أخذني إلى غرفة في مشفى، رأيتُ الناسَ يستلقون على الأرض بين جريح وقتيل، بين مُقطَّعٍ وفاقدٍ لعضو، والخوفُ والذُّعر يسيطرُ على المكان الأطباء منهكون، الأمهات تركض في الممرات تسأل بين الغرف عن ذويها، الأسماء مكتوبة على كل يد، نظرتُ في زاوية الغرفة وجدتُ عمي “صالح” يقفُ بجانب جسدي ويقول: “شد حيلك يا أبو ناجي إنتَ زَلَمة”.
“كرهان يدخلك ناجي الفردوس بإيده”؟.
“نياله كان عم يحاول ينقذ الشب”.
كان عمي يردِّدُ هذه الكلمات، ووالدي بالجانب الآخر يبكي بحُرقة.
تذكرتُ أنني كنت أحمل شابًا على ظهري، أُغرِقَ بالمسك حتى لم نتعرَّفْ على ملامحه.

“لا يكون أنا متت”، صوتٌ أجاءَني إلى الحقيقة، كنتُ سعيدًا جدًّا، ليتني أستطيعُ أن أُخبرَ أبي بمدى راحتي التي أشعرُ بها، ليتني أستطيع أن أُوصلَ لهم شعورَ الحريةِ الذي يحتويني، لم أستطع أن أخبرَهم أنني حيٌّ، أسمعُ ما يقولونه بكل تفاصيله، خرجتُ من الغرفة إلى ساحة المشفى، رأيتُ نساءً تبكي، وأطفالًا خائفين، ورجالًا يسجدون شكرًا لله على فقد أبناءئِهم.
الأقمشة البيضاء كثيرة، مرصوصةٌ فوق بعضها، كُتِبَ عليها مجهول، وأرقام وتواريخ ووداعات أخيرة، غطَّت وجوهًا مبتسمةً وأصابعَ مرفوعةً نحو السماء.
حين رأيتُ تلك الوجوه عرفتُ أنهم قد ذاقوا شعوري، وفجأةً، قوةٌ تشدُّني إلى الأعلى، كنتُ خفيفًا جدًا، ابتعدتُ عن المشفى، ثم عن المدينة، ثم عن الكرة الأرضية. شعورُ الأمان يحاصرني، إنني أعرفُ الطريق، سعيدٌ لأنني ذاهبٌ إلى شيء جميل أُحبُّهُ وأنتمي إليه، وكأنهُ بيتي، كنتُ حيًّا، وكانوا جميعَهم أمواتًا.
فأنا الشهيدُ لكلِّ أرضٍ خُلِقَتْ للسلام، ولم تعرفِ السلامَ يومًا.
مقالات ذات صلة وجهة نظر .. قصة قصيرة جدا 2023/12/25

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الصافرة زحمة الأصوات

إقرأ أيضاً:

فيدان: نريد إخراج العناصر غير السورية من “قسد”

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، السبت، إن تركيا تطالب بإخراج العناصر غير السورية من صفوف تنظيم “قسد” الذي يستخدمه تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي واجهة له.

وأشار فيدان، إلى أن هذه العناصر القادمة من دول الجوار لا هدف لها سوى مواجهة تركيا.

جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة ضمن أعمال “منتدى الدوحة” الـ23، حيث أجاب فيدان، عن أسئلة محرّر الشؤون الدبلوماسية في صحيفة الغارديان البريطانية، باتريك وينتور.

وقال فيدان، إن لسوريا مكانة بالغة الأهمية دائماً بالنسبة لتركيا.

ولفت إلى أن كل تطور يحصل في العراق وسوريا ينعكس مباشرة على تركيا.

وأضاف فيدان، أن تركيا تحملت أعباءً كبيرة نتيجة الحرب السورية، وأن الرئيس رجب طيب أردوغان، انتهج سياسة “الباب المفتوح” أمام ملايين السوريين الفارين من بطش النظام.

وتابع: “حظي نظام الأسد بدعم واسع من روسيا وإيران، بينما تخلى المجتمع الدولي عن دعم المعارضة السورية، وتُركت تركيا وقطر وحدهما في هذا المسار الداعم للمعارضة، لأن الأمريكيين والغرب تلقوا نصائح من بعض الدوائر لمساعدة (بي كي كي) في إطار معارضتهم بسوريا”.

وفيما يتعلق بدمج “قسد” في الجيش السوري، شدد فيدان، على أن تركيا أوضحت موقفها بجلاء، كما أن دمشق أعلنت بدورها ما تريده من التنظيم.

وأوضح: “الحكومة السورية قد تبرم اتفاقاً مع قسد، لأنها حكومة ذات سيادة، لكننا نعلم أن داخل قسد عناصر تابعة لبي كي كي، هدفها الوحيد هو محاربة تركيا. لذلك نطالب بإخراج العناصر غير السورية فوراً، سواء جاءت من العراق أو إيران أو تركيا. هذا سيكون بداية جيدة”.

وأضاف أن كل العناصر المتموضعة بما يتعارض مع مصالح تركيا وأمنها يجب إخراجها من سوريا.

وأشار فيدان، إلى أن عملية دمج تشكيلات قوامها 50 إلى 60 ألف عنصر ضمن هيكلية الجيش السوري ليست عملية سهلة، وتحتاج إلى حسن نية وآليات فنية دقيقة.

وأوضح أن قسد، تحاول عبر عملية شكلية ورمزية فقط، لخلق انطباع لدى العالم بأنها تسعى لعملية الاندماج، وعدم اتخاذ خطوات عملية وواقعية بهذا الخصوص الأمر الذي لن يكون مقنعاً.

وأكد وزير الخارجية التركي، أن أنقرة تنتظر “انخراطاً حقيقياً” من الطرفين بهذا الصدد.

وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت الاتصالات السابقة مع زعيم “بي كي كي” عبدالله أوجلان يمكن أن تلعب دوراً في مسار الاندماج، قال فيدان: “قد تلعب دورا”.

وأكمل: “خلال رئاستي للاستخبارات بين 2009 و2013 أجريت اتصالات مع قيادة التنظيم، وكدنا نتوصل إلى تفاهم مشترك وشيك، لكن بي كي كي تخلى عنه بسبب سوريا”.

وتابع فيدان قائلا: “يبقى أن نرى ما إذا كان أوجلان سيستخدم هذا الأمر كرافعة، أم سيرغب بلعب دور فعلاً في هذا الشأن”.

– “انتهاكات إسرائيل للهدنة غير قابلة للوصف”

وحول سؤال بشأن ما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سحب قواته من غزة، قال فيدان، إن على ترامب إجراء “اتصال موسع جدا” مع نتنياهو.

ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية هي صاحبة مبادرة السلام في المنطقة، وعليها مسؤوليات كبيرة.

وتابع: “الهدنة قد تنهار. الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق وصلت إلى مستوى لا يوصف، والعملية باتت على وشك التوقف. لهذا السبب سيجري الرئيس ترامب محادثة مفصلة مع نتنياهو”.

وأوضح فيدان، أن نتنياهو، لا يخفي رغبته في عدم إشراك قوات تركية ضمن “قوة الاستقرار الدولية” المزمع تشكيلها في غزة.

وأشار إلى أن مصر وإسرائيل من الدول التي يتطلب التشاور معها في هذا الشأن وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي.

ورداً على سؤال حول أن دولاً أخرى قالت إنها لن تشارك في القوة إذا غابت عنها تركيا؟ أجاب قائلاً: “وجودنا سيُسهِم في تسهيل الأمور وكسب دعم السكان المحليين. نعمل عن قرب مع إندونيسيا وأذربيجان ودول عربية مسلمة أخرى ترغب برؤية تركيا ضمن هذا التشكيل”.

ودعا فيدان، إلى الواقعية بشأن القوة الدولية، مؤكداً أن الأولوية هي وقف الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين، وأن وجود قوة كهذه ضروري لمنع تجدد القتال وفصل الجانبين عن بعضهما.

ولفت إلى ضرورة وضع الإدارة الفلسطينية والأجهزة الأمنية على المسار الصحيح، وتشغيل لجنة السلام، وضمان ألا تكون غزة تهديداً لإسرائيل، وأن لا تكون إسرائيل تهديداً لغزة.

وقال فيدان: “إذا تُركت إسرائيل ورئيس وزرائها وحدهما، فإن ما يدور في ذهنهما هو أمر واحد فقط: دخول غزة وتصفيتها من الفلسطينيين. ولهما منهجيتان لتحقيق ذلك، إما تحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة بحيث يمكنهما إرسال من تبقى من الفلسطينيين إلى مكان آخر، أو الاستمرار في قتل السكان الفلسطينيين كما يفعلان حتى الآن”.

وبشأن توقعات حركة حماس، قال فيدان: “نزع السلاح لا يمكن أن يكون الخطوة الأولى في العملية. يجب أن نفعل كل شيء وفق التسلسل الصحيح. يجب أن نكون واقعيين، فليس الهدف إخفاء المشكلة أو تجاهلها. إذا أردنا النجاح، فعلينا أن نتحلى بالواقعية”.

وأضاف أن نشر قوة الاستقرار الدولية، يجب أن يكون الخطوة الأولى.

وأوضح: “يجب بناء قوات الأمن الفلسطينية تدريجياً وتسلّمها الإدارة. ينبغي أن نأخذ مهام الشرطة والأمن من حماس حتى يتسنى تدفق المساعدات الإنسانية بسهولة إلى غزة”.

وأكد فيدان، على ضرورة إعادة الحياة الطبيعية في فلسطين.

وأردف: “يجب أن نمنح الناس الأمل حتى نتمكن من مناقشة عملية نقل المهام”.

وتعليقاً على خطر فقدان الزخم في عمل قوة الاستقرار الدولية، قال فيدان: “الأشخاص من الجانب الأمريكي يقومون بالوساطة في غزة، وهم أنفسهم يتولون الوساطة بين أوكرانيا وروسيا. جدول أعمالهم مزدحم، لكنني على اتصال بالمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، وكذلك بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو”.

اقرأ أيضا

بواسطة محرك هجين.. قمر “فرغاني” التركي يعدل…

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يعيد فتح معبر “اللنبي” لنقل المساعدات إلى غزة
  • ترامب يوافق على شحن رقائق “إنفيديا” إلى الصين بشروط
  • “الخيرية الهاشمية” تواصل توزيع الوجبات في قطاع غزة
  • “أطباء بلا حدود”: الهدنة لم تُحسّن أوضاع القطاع الصحي في غزة
  • تحويل الدراسة الحضورية غدًا في تعليم القصيم “عن بعد”
  • غوتيريش يدين اقتحام إسرائيل لمقر “أونروا” بالقدس الشرقية
  • براهيمي: “نحترم منتخب العراق وسنلعب من أجل الفوز”
  • قوات الاحتلال تقتحم مقر “الأونروا” في حي الشيخ جراح
  • “اغاثي الملك سلمان” يوزّع (275) سلة غذائية في أفغانستان
  • فيدان: نريد إخراج العناصر غير السورية من “قسد”