ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة القديسين مار مرقس ومار لوقا بمنطقة المقطم، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.

وكَرَّمَ قداسة البابا الحاصلة على المركز الأول في كلية هندسة التخطيط العمراني فيرونيكا بيتر وهي من بنات كنيسة الرسولين مار مرقس ومار لوقا.

واختتم قداسته سلسلة "صلوات قصيرة قوية من القداس"، وتناول جزءًا من الأصحاح الأول في رسالة بطرس الرسول الثانية والأعداد (٥ - ١١)، مشيرًا إلى طِلبة قصيرة من الطِلبات التي ترفعها الكنيسة في القداس الغريغوري، وهي: "ونحن كلنا احسبنا في وحدانية التقوى"، وشرح أن التقوى هي أن يجعل الإنسان الله أمامه ليلًا ونهارًا، وأن الوحدانية هي أن نصير جميعنا واحدًا في خدمتنا وحياتنا، ولذلك في سر الإفخارستيا المسيح يُسلمنا جسده ودمه لكي تصير الكنيسة واحدة.

وأعطى قداسة البابا صورًا للوحدانية كالتالي:

١- صلاة القداس.

٢- فترات الأصوام.

٣- ليالي التسبحة.

٤- صلوات الأجبية.

ووضع قداسته علامات للإنسان الذي يسير في طريق التقوى، هي:

١- راضيًا وغير متذمر ويشعر بالخير، "لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ. أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ" (في ٤: ١١، ١٢).

٢- فرحًا ومتهللًا بالروح في شتى نواحي حياته، "الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ" (مت ٤: ١٦).

٣- مطمئنًا وليس لديه قلقًا أو همومًا، "أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي" (مز ٢٣: ٤).

٤- قلبه متسعًا، ويواجه مواقف الحياة بقلب متسعًا، ليس كالابن الأكبر في مَثَل الابن الضال، الذي عندما عَلِم بعودة أخيه لم يدخل البيت، "فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُلَ" (لو ١٥: ٢٨).

٥- محروسًا من عدو الخير، لأن الله يحافظ عليه ويحيطه بالملاك الحارس.

وشرح قداسة البابا أوجه التشابه بين التقوى والتجارة من خلال الآية "وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ" (١تي ٦: ٦)، كالتالي:

١- في التجارة يتم استخدام الموارد بطريقة صحيحة، "قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى" (٢بط ١: ٥، ٦)، وينبغي أن يستثمر الإنسان كل الفضائل التي لديه.

٢- في التجارة توجد مخاطرة، وإذا اعتمد الإنسان على الله تتكلل المخاطرة بالنجاح، "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، "فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا" (مت ١٦: ٢٤، ٢٥).

٣- في التجارة يوجد ربح، "وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ" (مت ١٩: ٢٩).

كما أشار قداسته إلى أصحاب التقوى المزيفة، حيث يكون الإنسان محبًا لذَاته، ويحيا غارقًا في الخطايا، "لكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ،... لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا" (٢تي ٣: ١ - ٥).

وأوصى قداسة البابا أن يعيش الإنسان في وحدانية التقوى من خلال:

١- سلوك المحبة الدائمة، وأن يحب الإنسان الآخر ولا يحب سلوكه الخاطئ، ويقدم المحبة الصافية والخالصة، "فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً" (١يو ٥: ٣).

٢- وضع الأبدية والسماء هدفًا دائمًا أمام عينيه، "تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ" (رؤ ٣: ١١).

٣- ممارسة وسائط النعمة على الدوام، من خلال الإنجيل والصلاة والأسرار، والحياة في التقوى، "فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: «إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ»" (مز ١٢٢: ١).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عظته الأسبوعية اجتماع الاربعاء قداسة البابا

إقرأ أيضاً:

الإنسانية في خطر

 

 

سعيد بن حميد الهطالي

saidalhatali75@gmail.com

 

في صباحٍ عادي خرجت من بيتي متوجهًا في الطريق إلى عملي ككل يوم، لم أكن أعلم أن شيئًا صغيرًا سيعلّق قلبي طوال اليوم.
طائرٌ صغير، ربما كان في رحلة بحثٍ عن رزقه، أو عائدًا لعشه، اصطدم بزجاج سيارتي فجأة، فارتجف قلبي قبل أن ألتفت إليه، لم أره بعد تلك اللحظة، لا أدري أين مضى، وهل أكمل طيرانه مثقلًا بالألم، أم هوى إلى حيث لا يُرى؟
لكن الذي أعلمه أن صورته لم تغادرني، كأن الله أرسل لي بهذا الطائر رسالة، مذ تلك اللحظة وأنا أدعو له بصدق: "اللهم سلّمه، اللهم الطف به، اللهم لا تجعلني سبب أذية لأحدٍ من خلقك وسوّيته برحمتك."
أيقنت أن الرحمة لا تحتاج أسبابًا، وأن دعاءً صادقًا لكائنٍ ضعيف قد يكون أحب إلى الله من آلاف الكلمات التي لا خير يناله الإنسان منها.
ما عاد الأمر مجرد حادث عابر، بل ومضة استيقظت فيها روحي، وكأن الطائر جاء ليوقظ في عقلي شيئًا من الإنسانية التي ماتت في قلوب بعض البشر!
وهنا فقط، يتفجر السؤال الموجع: إذا كانت هذه الرحمة تولد في قلب إنسانٍ تجاه طائر، فبأي قلب يُباد الأبرياء في غزة؟! وبأي ضمير يُقطع عنهم الماء والغذاء؟! بأي منطق يُقتّل الأطفال وهم نيام؟ وتُدفن العائلات تحت الركام؟!
لقد صار الإنسان – في أزمنة الخذلان – وحشًا لا يرحم، ولا يتردد في أن يُسكت صوت البراءة بالقنابل، وأن يُجفف أنهار الحياة بالحصار!
تحوّل الكائن الذي كرّمه الله إلى أداة قتل تتغذى على مشاهد الدمار، وتتعطّش للمزيد من الدماء، غير عابئٍ بمن يسقط، ولا مكترثٍ بمن يستغيث!
في غزة، لا تنكسر الجدران فقط؛ بل تنفطر القلوب أيضًا، هناك حيث تصرخ الإنسانية، وتبكي العصافير، وتُذبح الطفولة تحت أعين عالمٍ صامت، أصم، بلا قلب!
ننظر إلى الصور، ونسمع الأخبار، فنغرق في الدهشة: كيف تموت الرحمة في بعض البشر؟ كيف يتلذذون بالمجازر كأنهم يحتفلون بمشاهد الخراب؟!
أهذه هي الحضارة التي بلغناها؟ حضارة تغطي عريها الأخلاقي بأزياء التقنية الحديثة، وتجمّل وجهها الدموي بشعارات حقوق الإنسان التي لا تسري إلا على بعض البشر دون غيرهم؟
في غزة، كُتب على الإنسان أن يُذبح بلا محاكمة، وأن يُحاصر بلا ذنب، وأن يُهمل بلا خجل!
وفي غزة، يُمتحن صدق الإيمان، وحرارة الدم، وصدق المشاعر؛ فإما أن نبكي وننتفض ونقف مع الحق، أو نصمت فيسقط ما تبقى من ضميرٍ فينا!
أكتب هذا وأنا لا زلت أفكر في ذلك الطائر، لكنني الآن أفكر أكثر في البشر الذين ماتت فيهم الرحمة، فصاروا أشد فتكًا من الوحوش!
وأسأل الله أن يُحيي ما تبقى من إنسانية، قبل أن تغرق الأرض كلها في طوفانٍ من الوحشية والخذلان!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الزين عقدت سلسلة اجتماعات مع الجهات المانحة لتحسين ادارة النفايات الصلبة
  • الإنسانية في خطر
  • سلسلة انفجارات جديدة.. عمود هائل من الدخان الأبيض فوق طهران
  • البابا تواضروس يدعو لتشجيع السياحة الدينية بين مصر وصربيا.. صور
  • البابا تواضروس الثاني يستقبل رئيس وزراء صربيا
  • بتكليف من البابا.. الكنيسة تشارك في الاحتفال بالعيد القومي لإيطاليا
  • إسرائيل تنفذ سلسلة ضربات على طهران.. وفيديو لانفجار ضخم
  • اجتماع لجنة الحج المركزية ليوم الثلاثاء 21 ذي الحجة 1446هـ
  • بعد نياحة الأنبا باخوميوس.. تنظيم إيبارشية برج العرب والعامرية لتجليس الأنبا مينا بالقطاع الصحراوي في الإسكندرية
  • اجتماع كهنة بنها وقويسنا بدير مارجرجس بالخطاطبة