من موظفة إلى فنانة.. «جيهان» تتحدى التقاليد وتصبح «فنانة أراجوز»
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
«أنا أول سيدة في مصر تتدرب على لعبة الأراجوز، منذ ما يزيد على 5 سنوات بدأت على سبيل التجربة لكشف الغموض المحيط بعمل عروسة الأراجوز، وأحببت اللعبة وارتبطت بها بشكل كبير، حتى إنها لا تخرج من حقيبة يدي».. بفخر كبير وحماس واضح، تحدّثت جيهان موسى، موظفة في المركز القومي لثقافة الطفل بالحديقة الثقافية، عن ارتباطها بـ«الأراجوز» الذي تحوّل من مجرد هواية إلى تحدٍ ثم نجاح مُبهر.
التحقت «جيهان» بالورش التدريبية في البداية، وكان لديها رغبة شديدة في معرفة كيف يخرج الصوت والانفعالات من اللعبة الصغير، وكان التحدي الأكبر أنّها «سيدة»، في حين أنّ معظم اللاعبين رجال، أكدوا لها أنّ «الستات» لا يمتلكن مهارات تعلم فن الأراجوز.
عندما أعلن المركز تدشين أول ورشة لتعليم فن الأراجوز اشتركت في 2018 لإحياء هذا الفن والحفاظ عليه من الاندثار، بدأت كهاوية لديها رغبة في فك أسرار فن الأراجوز، لكنها ارتبطت به إلى درجة كبيرة: «عجبني الأراجوز لأنه يتيح لي التعبير الفني عن نفسي، وتوصيل الأفكار والمشاعر للجمهور خاصة الأطفال».
ردود فعل الأطفال وتفاعلهم معها خلال العرض هو أكثر ما يشجعها على مواصلة تقديم هذا الفن: «يمكنني توصيل الرسائل الإيجابية للطفل الذي يتقبل بصورة أكبر النصائح التي تقدمها العروسة، وأستطيع إخراج الطاقة الفنية الموجودة داخلي».. قالت «جيهان»، موضحة أنّ عرض الأراجوز يعتمد على الارتجال: «لا نخرج بنص إلا إذا كانت مسابقة نظمها المركز، وقد حصلت على المركز الأول وشهادة تميز في المسابقة».
الغموض المحيط باللعبة يسبّب متعة أيضا للجمهور، وما يميز لعبة الأراجوز عن غيرها أنّها شيء ملموس ومحسوس، وغموض الأمانة «الزمارة» وحدها من شأنه أن يثير خيال الجمهور، تُكمل «جيهان»: «الزمارة تحتاج إلى مهارة خاصة وتحكم لإتقان استخدامها، خاصة أنّها توضع في أقصى سقف الفم من الداخل، وأول شيء يكون الشخص لديه رغبة في التعلم بجدية، ويُسعدني أنّي أول سيدة أراجوز منتقبة تقدر تعمل أي حاجة حتى الأراجوز».
إقبال من الأطفال على الأراجوزوعن طريقة تحريك العروسة، تقول: «ألبس الأراجوز في يدى اليمنى على 3 أصابع، وأختفي خلف البارفان، ويظهر الأراجوز للجمهور والمايك في يدي الشمال، وأقوم بالعمل على التحريك ونبرة الصوت مع الزمارة»، مؤكدة أنّ هناك إقبالا كبيرا من الأطفال على مشاهدة الأراجوز، لأنه يتيح لهم فرصة المشاركة في العرض، ويسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم بحرية: «أحس بنجاح العرض من صوت ضحك الأطفال، وأعتبره نجاحا لي».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: وزارة الثقافة القومي لثقافة الطفل الأراجوز
إقرأ أيضاً:
انتصار الحبسية.. فنانة تنسج حكايات الماضي في صورة
تتجه عدسة المصوّرة الفوتوغرافية العُمانية إنتصار الحبسية إلى عيون الناس، تبحث عن الحكايات في نظراتهم، عن تاريخ حافل بالذكريات، وكأنها تريد أن تروي سيرة إنسان من خلال تفاصيل حياته اليومية، عاداتهم، تقاليدهم، وموروثهم المادي وغير المادي.
كلُّ لقطة تصنعها ليست مجرد صورة عابرة تُنشر في صفحاتها الافتراضية فحسب، بل تكون بمثابة شهادة على حياة بسيطة، مليئة بالذكريات، وبالقصص التي تحكي حضارة شعب.
انتظار لحظة الالتقاط، اختيار الزاوية، ترتيب المشهد أو التقاطه عفويًا، كلها عناصر ترافقها في رحلتها اليومية مع آلة التصوير التي لا تتوقف عن العطاء، ولو أخذت فترة من الاستراحة.
تقول انتصار: "بعض المشاهد عفوية فعلا، ولكن لا غنى عن صناعة المشاهد، خاصة تلك التي تُحاكي أيام الأسلاف الغابرة والتي عفا عليها الزمن، نصنع المشهد لنوثق برؤيتنا الفنية قدر الإمكان، لنقول: هكذا كانت حياتنا البسيطة الجميلة، وهكذا كانت أمهاتُنا يلبسن، وأطفالنا يتزينون، هكذا كانت البيوت والجدران ذات يوم مضى".
بدأت إنتصار الحبسية رحلتها مع التصوير منذ أيام المدرسة، حين كانت تلتقط الصور باستخدام الهاتف المحمول آنذاك.
تقول مصوّرتنا: "بعد أن اشترت لي والدتي آلة تصوير، بدأت أصوّر حياة الناس والأطفال بشكل خاص، ومع الوقت تعمّقت في هذا مجال التصوير الضوئي وشاركت في مسابقات ومعارض محلية ودولية".
ومع مرور الوقت، قررت أن تحوّل شغفها إلى مهنة حقيقية وتستثمر في موهبتها وشغفها: "من ثم قررت أن أدخل عالم الأعمال لأطوّر نفسي أكثر فأكثر، والحمد لله نسعى دوما لإبراز قدراتنا، وإثبات أنفسنا أمام الآخرين بأن تجاربنا الضوئية تصنع لهم الذكرى الجميلة".
كانت أول تجربة لها بالتصوير الاحترافي في سوق مطرح، حيث شدّها حيوية الناس ومحلات سوق مطرح التقليدية الباقية إلى اليوم، وحَرّك بداخلها شعور بأن لديها ما تُصوّره وتوثقه، في بيئة غنية بالتفاصيل المكانية والحيوية، من تفاصيل معمارية وحياة الناس.
تقول: "كانت أول تجربة لي في سوق مطرح، حيث لفت انتباهي حيوية الناس والأسواق القديمة، وشعرت حينها أنني أريد أن أسجّل هذه اللحظات التي لا تُعَوَّض".
يغلب على انتصار الحبسية ميولها نحو تصوير الحياة اليومية، خصوصا المشاهد المرتبطة بالبساطة والماضي العُماني، لأنها تمنح الصور صدقًا ودفئًا إنسانيًا. تقول: "اللحظات اليومية تكون طبيعية وغير مصطنعة، والناس فيها يكونون على حقيقتهم، هذا يعطي الصورة إحساسًا حيًا وقريبًا للقلب ويحكي قصتهم وثقافتنا العُمانية".
يمكن للمتابع من خلال صورها أن يرى الأم التي تمشط شعر ابنتها خصلة تلو الأخرى، لتتشكل جديلة متقنة تزين رأس الفتاة، أو الحِرَفيةَ القديمة التي ما زالت بعض النساء يفخرن بها وهي تغزل الخيوط، وكل ذلك يصنع لدى المشاهد إحساسًا بالألفة والحنين للماضي الجميل.
تركز إنتصار الحبسية وتصبّ تركيزها على ملامح الأشخاص وتعابير وجوههم، فهي ترى في كل ابتسامة أو عبوس أو نظرة قصصًا كاملة: "أبحث عن ملامحهم وتعابيرهم وقصصهم ومشاعرهم، كل تفصيلة في الوجه تحكي جانبًا من حياتهم". هكذا تعلّل انتصار سبب تركيزها بالملامح. اختيارها بين اللقطة العفوية والمعدّة مسبقًا يعتمد على طبيعة المكان والأشخاص، إذ تقول: "يعتمد الأمر على المكان والأشخاص، بعض اللقطات تكون عفوية وبعضها أصنع تكوينها لأجل المشهد المناسب".
تعتمد إنتصار في أعمالها على كاميرا نيكون 850 وعدسة 24-70، لكنها تؤكد أن الأدوات ليست كل شيء، قائلة: "المهم هو كيف يستخدم الشخص المعدات، فالإبداع لا يقتصر على التكنولوجيا".
يمكن للأداة الجيدة أن تساعد، لكنها لا تستطيع نقل الإحساس والتقنية والعمق البصري الذي يصنعه الفنان بيده وروحه وعينه الحساسة للفن.
مسيرة مصوّرتنا انتصار الحبسية مليئة بالإنجازات، وعضويتُها في الجمعية العمانية للفنون فتحت لها آفاق المشاركات الدولية والمحلية، ونالت عدة جوائز على المستويين، إضافة إلى تكريم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب بمناسبة يوم الشباب العُماني.
وتصف مشاركاتها في المعارض المحلية والدولية بأنها "تعزز الخبرة من خلال التفاعل المباشر مع المصورين والمنافسين، سواء داخل السلطنة أو خارجها".
قد يجد الفنان نفسه ذات يوم أنه قدم كل ما لديه، فيصاب بنوع من الإحباط، وذلك الأمر ذاته الذي لامس إحساسَ انتصار الحبسية، فانقطعت عن التصوير فترة من الزمن، إلا أن هذا التوقف لم يكن سوى استراحةَ محارب، استراحةَ فنان أخذ من الإجازة وقتا كافيا لإعادة ترتيب أوراقه. ما يثبت أن الشغف المتحالف مع انتصار لا يزال باقيًا ومشتعلًا، مُتَوقدا بحرارة لا تهدأ، وهو المحرك الحقيقي في رحلتها، فهو يجمع بين الرغبة في التعبير، تحدي النفس، تطوير المهارة، والاحتفاظ بالذكريات.
تقول: "الاهتمام والتفاعل الإيجابي مع التصوير، والفرص الإبداعية المتعددة، والشعور بالإنجاز، كل هذا يسهم في الحفاظ على استمرارية شغفي بالتصوير".
بهذا المزج بين الحس الإنساني والعمق البصري، تحوّل إنتصار الحبسية تفاصيلَ الحياة اليومية إلى لحظات تنطق بالجمال، وتثبت أن الصورة -إلى جانب تعريفها البسيط بأنها "محتوى بين إطار"- فإنها كذلك وسيلة لرواية الإنسان والزمان والمكان برؤية فنية متفردة.
وفي كل معرض تشارك فيه أو مسابقة تُنظَّم، أو جلسة تصوير تُعِدُّ لها، يظل حضورها دليلا على أن التصوير بالنسبة لها لغة تعكس روح الإنسان وعلاقته بأرضه وتراثه، ولغة وافرة بلا كلمات ولا
صوت.