في أعقاب ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين الفلسطينيين خلال الصراع الأخير بين إسرائيل وحماس، هناك جدل متزايد حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تضع شروطاً على مساعداتها لإسرائيل. شدد السيناتور بيرني ساندرز، في خطاب ألقاه في أواخر نوفمبر، على ضرورة الابتعاد عن نهج "الشيك على بياض" التاريخي في تقديم المساعدات لإسرائيل.

 

يناقش دينيس روس، زميل ويليام ديفيدسون المتميز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، السياق التاريخي وتحديات النفوذ الأمريكي على إسرائيل في تحليله الأخير. ويسلط روس الضوء على أنه في حين أن الولايات المتحدة استخدمت في كثير من الأحيان المساعدة العسكرية لتشكيل السياسة الإسرائيلية بما يتماشى مع المصالح الأمريكية، فإن فعالية هذه الجهود تتوقف على وجود توازن دقيق.

 

يؤكد روس على تأثير الرأي العام في إسرائيل، وهي دولة ديمقراطية تتشابك فيها خيارات السياسة بشكل عميق مع مشاعر مواطنيها. ويشير إلى أن الأمثلة التاريخية تكشف أنه إذا رأى الناخبون الإسرائيليون أن المطالب الأمريكية غير معقولة، فمن المرجح أن يرفضوها، بغض النظر عن التكاليف المحتملة.

 

تطورت العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على مر السنين، وتميزت بالتعاون الاستراتيجي والمصالح الجيوسياسية والتقدم التكنولوجي المشترك في قطاع الدفاع. فمن اعتراف ترومان بإسرائيل في عام 1948 إلى الالتزام بالمساعدة السنوية في عام 1979 والاتفاقيات اللاحقة، سعى كل رئيس أمريكي إلى تعزيز تحالف قوي مع إسرائيل.

 

ويحلل روس مقاربات الرؤساء الأميركيين السابقين، مستشهداً بالحالات التي تُرجم فيها فهم مأزق إسرائيل وتهديداتها إلى مكاسب سياسية مع الجمهور الإسرائيلي. ويقارن استجابة الرئيس بايدن الأخيرة لصدمة 7 أكتوبر مع نهج أوباما في عام 2016، مؤكدا على أهمية بناء المصداقية مع القادة الإسرائيليين.

 

وبينما يعترف روس بأن إسرائيل يجب أن تفعل المزيد للحد من الخسائر البشرية وتلبية الاحتياجات الإنسانية، فإنه يحذر من التهديد بحجب المساعدات الأمريكية، مؤكدًا أن ذلك لن يؤدي إلا إلى دفع إسرائيل إلى المضي قدمًا بمفردها في مواجهة الشدائد.

 

يدعو روس إلى النفوذ الاستراتيجي، ويحث الولايات المتحدة على استخدام نفوذها بحكمة. ويشير إلى أنه، نظراً للوحدة الحالية في زمن الحرب في إسرائيل، فإن محاولات فرض قرارات فورية بشأن قضايا مثل الدولة الفلسطينية قد تأتي بنتائج عكسية. ومع ذلك، فهو يؤكد على حاجة إدارة بايدن إلى انتقاد الإجراءات التي تقوض إمكانية قيام دولة فلسطينية مع الحفاظ على توازن دقيق في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

 

يختتم التحليل بالتأكيد على أن جعل المساعدة لإسرائيل مشروطة بسياسات معينة لن يعزز النفوذ الأمريكي أو يعزز المصالح الأمريكية. وبدلاً من ذلك، يؤكد روس أن مكانة الرئيس بايدن لدى الجمهور الإسرائيلي تظل أقوى رصيد للولايات المتحدة في تشكيل الأحداث في المنطقة.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية

نيويورك: إسلام الشافعي
في خطوة تعيد رسم خريطة تنظيم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا بعنوان «ضمان إطار وطني للسياسة الخاصة بالذكاء الاصطناعي»، يهدف إلى ترسيخ هيمنة واشنطن في هذا القطاع عبر تقليص سلطة الولايات في سنّ قوانينها المنفردة. يأتي الأمر استكمالًا لمسار بدأه ترامب في يناير 2025 بالأمر التنفيذي 14179 «إزالة العوائق أمام قيادة أمريكا في الذكاء الاصطناعي»، الذي ألغى عددًا من سياسات الإدارة السابقة واعتبر أنها تعرقل صناعة الذكاء الاصطناعي وتكبّل الابتكار.

يقدّم الأمر التنفيذي الجديد رؤية واضحة: الولايات المتحدة تخوض سباقًا عالميًا على الريادة في الذكاء الاصطناعي، وأي «ترقيع تنظيمي» على مستوى الولايات من شأنه إضعاف الشركات الأميركية في مواجهة منافسيها الدوليين. الإدارة ترى أن تعدد القوانين بين ٥٠ ولاية يخلق عبئًا تنظيميًا معقدًا، خاصة على الشركات الناشئة، ويحوّل الامتثال القانوني إلى متاهة مكلفة تهدد الاستثمارات التي تقول الإدارة إنها بلغت تريليونات الدولارات في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة.

يلفت الأمر التنفيذي النظر بشكل خاص إلى تشريعات بعض الولايات، وعلى رأسها قانون في كولورادو يستهدف «التمييز الخوارزمي» في أنظمة الذكاء الاصطناعي. ترامب يهاجم هذا النوع من القوانين بوصفه محاولة لفرض «انحياز أيديولوجي» على النماذج، بل يذهب إلى القول إن متطلبات تجنّب «الأثر التفاضلي» على الفئات المحمية قد تجبر الأنظمة على تقديم نتائج خاطئة أو غير دقيقة من أجل استيفاء الاعتبارات القانونية.

لتنفيذ هذه الرؤية، يكلّف الأمر التنفيذي وزارة العدل بإنشاء «فريق تقاضٍ للذكاء الاصطناعي» تكون مهمته الوحيدة الطعن في قوانين الولايات التي تتعارض مع السياسة الفدرالية الجديدة، سواء بحجة انتهاك سلطة الحكومة الاتحادية في تنظيم التجارة بين الولايات، أو بحجة تعارضها مع اللوائح الفدرالية القائمة، أو أي أسباب قانونية أخرى تراها الوزارة مناسبة. بالتوازي، يطلب من وزارة التجارة إعداد تقييم شامل لقوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات، مع تحديد تلك التي تُلزم النماذج بتعديل مخرجاتها الصحيحة أو تجبر المطورين على إفصاحات يُحتمل أن تصطدم بالتعديل الأول للدستور الأمريكي وحماية حرية التعبير.

أحد أكثر بنود الأمر إثارة للجدل هو ربطه بين موقف الولايات التشريعي من الذكاء الاصطناعي وبين إمكانية حصولها على تمويل اتحادي في مجالات حيوية، مثل برنامج «الإنصاف في النطاق العريض وإتاحته ونشره» (BEAD) المخصص لتوسيع الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة. فالأمر التنفيذي يفتح الباب أمام حرمان الولايات ذات القوانين «المُرهِقة» من بعض التمويل غير المخصص للبنية التحتية المباشرة، بذريعة أن البيئة التنظيمية المجزأة تهدد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الشبكات فائقة السرعة وتعطّل هدف تحقيق اتصال شامل للمواطنين.

ويمضي الأمر أبعد من ذلك، إذ يدعو هيئات فدرالية مثل لجنة الاتصالات الفدرالية ولجنة التجارة الفدرالية إلى بحث وضع معايير وطنية ملزمة للإبلاغ والإفصاح عن نماذج الذكاء الاصطناعي، تكون لها الأسبقية على القوانين المتعارضة في الولايات، وإلى توضيح متى تُعتبر قوانين الولايات التي تفرض تعديل المخرجات «الحقيقية» للنماذج نوعًا من الإلزام بالسلوك المضلِّل المحظور بموجب قانون التجارة الفيدرالي.

في الخلفية، تلوّح الإدارة أيضًا بمسار تشريعي طويل الأمد؛ إذ يوجّه الأمر المستشار الخاص بالذكاء الاصطناعي والتشفير، ومستشار الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، لإعداد مشروع قانون يضع إطارًا فدراليًا موحدًا للذكاء الاصطناعي يَسمو على قوانين الولايات المتعارضة مع هذه السياسة، مع استثناءات تتعلق بحماية الأطفال، والبنية التحتية للحوسبة، واستخدام الحكومات المحلية للذكاء الاصطناعي.
بهذا، لا يقتصر الأمر التنفيذي على كونه وثيقة تنظيمية تقنية، بل يتحول إلى محطة جديدة في الصراع بين الحكومة الفدرالية والولايات حول من يملك الكلمة العليا في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي في أميركا، بين من يرى أن التساهل التنظيمي شرطٌ للحاق بالسباق العالمي، ومن يخشى أن يتحول ذلك إلى فراغ رقابي يترك الحقوق المدنية والبيانات الحساسة دون حماية كافية.
و بينما تصف إدارة ترامب هذه الخطوة بأنها ضرورية لحماية الابتكار الأميركي وتفادي “فسيفساء تنظيمية” تعطل الاستثمار، ترى حكومات ولايات ومجموعات حقوقية أن الأمر التنفيذي يضعف طبقة الحماية المحلية التي فُرضت استجابة لمخاوف حقيقية تتعلق بالتمييز الخوارزمي والخصوصية، ما يفتح جولة جديدة من الجدل القانوني والسياسي حول من يملك حق رسم قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
حذّرت حكومات عدد من الولايات من أن الأمر التنفيذي يعتدي على سلطاتها الدستورية في تنظيم شؤون مواطنيها، خصوصًا في مجالات حماية الخصوصية والتمييز في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد مسؤولون في هذه الولايات أن القوانين المحلية لا تستهدف عرقلة الابتكار، بل وضع حدّ لاستخدامات قد تضر بالحقوق المدنية أو تعزز التحيّز ضد مجموعات بعينها.
ومن جانبها، سارعت المجموعات الحقوقية  إلى انتقاد القرار، معتبرة أنه يمنح الشركات التكنولوجية حرية واسعة على حساب آليات المساءلة والشفافية، ويُضعف قدرة الضحايا المحتملين على مواجهة الأضرار الناجمة عن أنظمة خوارزمية متحيزة أو غير شفافة.
وترى هذه المنظمات أن ربط التمويل الفيدرالي بمواقف الولايات التشريعية قد يتحوّل إلى أداة ضغط سياسي تُستخدم لثني المشرّعين المحليين عن سنّ قوانين لحماية المستهلكين.

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”
  • مصادر لرويترز: أميركا حجبت معلومات مخابرات عن إسرائيل خلال عهد بايدن
  • أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن
  • إدارة بايدن تجمد التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل بسبب جرائم حرب في غزة
  • ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
  • الولايات المتحدة ترحب بإعادة بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل
  • إسرائيل تبلغ الولايات المتحدة بأنها ستتحرك بنفسها لنزع سلاح حزب الله في لبنان
  • إعلام عبري: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بالتحرك لنزع سلاح حزب الله
  • الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض من غزة
  • ما حدود خيارات ترامب في فنزويلا؟