الدعوات إلى تسليح المدنيين تتصاعد مع اتساع نطاق الحرب في السودان
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
تتصاعد الدعوات الى تسليح المدنيين في السودان مع تقدم قوات الدعم السريع في اتجاه الجنوب ويلوح شبح الحرب الأهلية في البلاد بعد ثمانية أشهر من النزاع الدامي على السلطة بين تلك القوات وبين الجيش.
فبعد أن استولت قوات الدعم السريع على أجزاء كبيرة من ولاية الجزيرة وسيطرت على العاصمة ود مدني، واصلت تقدمها في اتجاه الجنوب وسيطرت على عدة مناطق في ولاية سنار المجاورة.
ويشكو مواطنون سودانيون من "انتهاكات" ارتكبتها قوات الدعم في مناطق الجزيرة و يخشون تكرارها.
وأطلقت مجموعات تسمي نفسها "المقاومة الشعبية المسلحة" دعوات لتسليح المدنيين في ولايات النيل الابيض ونهر النيل والقضارف الشمالية وكسلا والبحر الاحمر وهي كلها مناطق خاضعة لسيطرة الجيش.
أما قوات الدعم السريع فتدعو من يشاء من سكان المناطق التي يسيطر عليها الى التطوع لديها لتسلحيهم مؤكدا أن الهدف من ذلك هو أن يحمي هؤلاء مناطقهم.
في مدينة شندي بولاية نهر النيل، على بعد 150 كيلو متر شمال الخرطوم، قال محمد بدوي والي الولاية وهو يتحدث الاسبوع الماضي امام آلاف من السكان "سندرب الشباب علي حمل السلاح والدفاع عن الارض والعرض وحماية اهلهم من التمرد"، في اشارة الى قوات الدعم السريع.
وفيما تؤكد مجموعة الأبحاث "سمول ارمز سرفاي" أن 6،6% من السودانيين يملكون سلاحا ناريا، قال محمد الأمين زعيم قائل البجا أمام حشد من ابناء قبيلته الاثنين في مدينة سواكن بولاية البحر الاحمر (شرق) "نحن جاهزون لحمل السلاح لدحر" قوات الدعم السريع.
وفي احدى قرى شرق الجزيرة قال مواطن طلب عدم الافصاح عن هويته لأسباب امنية إن "قوات الدعم السريع تسلح من كل قرية عددا من الشباب باسم حماية قريتهم وتسلمهم بنادق كلاشينكوف وعربة أو اكثر بحسب حجم القرية".
مخاوفوتثير هذه الدعوات والتحركات مخاوف من توسع دائرة الصراع ومن أن يتحول الى حرب أهلية.
وقال مسؤول أمني طلب عدم ذكر اسمه لانه غير مخول الحديث الي الاعلام "هذه خطوات كارثية في بلد أصلا يعاني من انتشار السلاح فكانما تزيد النار حطبا".
وأكد أن "المجموعات التي تحصل علي السلاح لا احد يضمن كيف ستستخدمه ولأي اغراض ".
وقال شريف محمد عثمان القيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير إن "الموقف الأخلاقي والقيمي هو حث الأطراف على إنهاء الحرب وليس دفع المواطنين إلى المقاومة الشعبية والحشد العسكري ورفع وتيرة القتال لأن هذا يطيل أمد الحرب" التي اسفرت عن مقتل أكثر من 12 الف سوداني ونزوح ما يزيد عن 7 ملايين، وفق الأمم المتحدة.
وتحالف قوى التغيير هو الكتلة المدنية الرئيسية في السودان التي كانت تشارك في السلطة بعد اسقاط عمر البشير وقبل أن يطيحها الانقلاب الذي ثلده الجيش بالتعاون مع قوات الدعم السريع في 2021.
بعد نزوح سبعة ملايين شخص.. مجلس الأمن "قلق" إزاء انتشار العنف في السودانقوات الدعم السريع تتقدم نحو جنوب السودان والمواطنون يشتكون من عمليات نهب في ولاية الجزيرةعدد النازحين جراء الحرب في السودان تخطى سبعة ملايين شخص تاريخ حافلولدي السودانيين تجارب في تسليح المدنيين أدت الي تأجيج الصراعات كما حدث في اقليم دارفور غربي البلاد حيث اندلع النزاع في العام 2003 وراح ضحيته 300 الف قتيل ونزوح 2.5 مليون من منازلهم، وفق للامم المتحدة.
وتفيد احصائية رسمية صدرت في 2018، بأن هناك خمسة مليون قطعة سلاح في حوزة المدنيين بمختلف مناطق البلاد.
لكن المسؤول الأمني قال لفرانس برس إن هذا الرقم أقل بكثير من الواقع "ولم يتضمن ما بيد المليشيات المتمردة التي تقاتل الحكومة في دارفور او جنوب كردفان والنيل الازرق".
واضاف "قبل الحرب صارت اجراءت ترخيص السلاح سهلة وتتحكم فيها الاستخبارات العسكرية وليس من خلال قانون الاسلحة والذخائر"، كما كان الأمر من قبل.
وأوضح أن "تجارة السلاح ازدهرت عبر الحدود الغربية والشمالية الغربية والشرقية للبلاد".
وقال يوسف علي وهو مواطن يقيم في شرق الجزيرة "اذا لم تقدم لي أي جهة سلاحا فالحصول عليه اسهل من الحصول علي مواد تموينية. يمكنني ببساطة شراءه".
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: زجاجات حارقة تصيب مدرعات إسرائيلية اقتحمت رام الله رومانيا وبلغاريا تتوصلان إلى اتفاق مع النمسا لدخول منطقة شنغن شاهد: 40 قتيلاًً على الأقل في انفجار شاحنة صهريج في ليبيريا جمهورية السودان أسلحة حرب أهلية مدنيون قوات الدعم السريع - السودان جرائم حربالمصدر: euronews
كلمات دلالية: جمهورية السودان أسلحة حرب أهلية مدنيون قوات الدعم السريع السودان جرائم حرب غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الشرق الأوسط إسرائيل تركيا فرنسا حركة حماس أوكرانيا قطاع غزة طوفان الأقصى قصف غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الشرق الأوسط إسرائيل تركيا فرنسا قوات الدعم السریع یعرض الآن Next فی السودان
إقرأ أيضاً:
زوبعة الحكومة الموازية في السودان
يمكن لأي جماعةٍ أن تعلن تشكيل حكومة على الورق أو في الفضاء الرقمي، لكن هذا لا يعطيها شرعيةً أو وجوداً حقيقياً. فأي حكومة لا تملك السيطرة على أرضٍ ذات سيادة، ولا تمثل إرادة شعبية واسعة، ولا تحظى باعتراف دولي، تعد حكومة وهمية، أو في حالات أخرى محاولة لكسب نقاط تفاوضية، أو لمنازعة السلطة القائمة والمعترف بها في المحافل الدولية.
الحكومة «الموازية» التي أعلنتها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في منصة «تأسيس» هي مزيج من كل ذلك، وهي محاولة لفرض واقع جديد بعدما فشل مشروع السيطرة على الدولة السودانية بالكامل بعد اندلاع حرب 15 أبريل (نيسان) 2023، والهزائم التي أخرجت «الدعم السريع» من الأراضي التي تمددت فيها، وحصرت سيطرتها في أجزاء من إقليم كردفان ومساحات من دارفور. لكن هذه المحاولة ليست مرشحةً للفشل فحسب، بل قد تنقلب وبالاً على «الدعم السريع» وحلفائها.
الخطوة قُوبلت بإدانة واسعة من كثير من الدول، ومن المنظمات الإقليمية، ومن الأمم المتحدة، وكلها اتفقت على عدم مشروعية هذه «الحكومة»، محذرةً من أنها قد تمس بوحدة البلاد ولا تعبر عن إرادة الشعب السوداني. بل إن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وجّها دعوة للدول لعدم الاعتراف بها، مع التأكيد على دعم وحدة السودان وسيادته وأمنه، والتشديد على التعامل مع السلطة القائمة والمعترف بها.
داخلياً فجّرت الخطوة نقمة وخلافات في أوساط «قوات الدعم السريع» التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة تصدعاً خرج إلى العلن بسبب صراعات النفوذ، والتوترات القبلية، والشكاوى من وجود تمييز وعنصرية من مكونات على حساب أخرى، مع انفلات أمني في مناطق سيطرتها أدى إلى مواجهات مسلحة مرات عدة.
ومع إعلان الحكومة أعلن عدد من مستشاري «الدعم السريع» انشقاقهم احتجاجاً، بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لمقاتليها الساخطين على تشكيلة الحكومة والمجلس الرئاسي لـ«تأسيس». في هذه المقاطع هاجم المجندون قياداتهم وأعلنوا رفضهم لما وصفوه بالتهميش لهم ولقبائلهم، وطالبوا بحصتهم في قسمة السلطة على أساس أنهم من حمل السلاح وقاتل وفقد أعداداً كبيرةً من الشباب، ولكن لم يتم تمثيلهم في حين ذهبت المناصب لأصحاب «البدلات» من المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال.
وبينما شن المحتجون في «الدعم السريع» هجوماً شديداً على عبد العزيز الحلو، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الذي حصل على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي وحصة 30 في المائة من المناصب الأخرى، فإن الرجل قُوبل أيضاً بموجة من السخرية من ناشطين في مناطق سيطرته في جبال النوبة لقبوله أن يكون نائباً لمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، متسائلين ما إذا كانت «الحركة الشعبية» قاتلت من أجل المناصب على حساب شعارات التهميش ورفع المظالم.
الواقع أن تحرك «قوات الدعم السريع» ومجموعة «تأسيس» لإعلان حكومة لا يعكس قوة، بقدر ما يظهر يأسها من قلب الموازين العسكرية مجدداً، ويزيد من تصدعاتها. فهذه الحكومة سيصعب عليها الوجود على الأرض في ظل الهجمات التي يشنها الجيش السوداني في دارفور وكردفان، بعدما انتقلت المعارك غرباً، وسط مؤشرات على أن الجيش يستعد لشن هجمات كبرى منسقة على غرار ما حدث في الجزيرة والخرطوم. وعلى الرغم من الصخب الإعلامي عن أن إعلان الحكومة كان من نيالا، فالحقيقة أن اجتماعات ترتيب خطواتها وتشكيل المجلس الرئاسي كانت في كينيا، وفقاً لبيان الخارجية السودانية.
لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع
«قوات الدعم السريع» قد تكون مسيطرة حالياً على أجزاء كبيرة من دارفور وبعض المواقع في كردفان، لكنها لا تمثل بأي حال أغلبية السكان هناك، ولا تحظى بتأييد مكونات ومجموعات مقدرة، لا سيما بعد الانتهاكات الواسعة وجرائم الإبادة التي ارتكبتها. وحتى داخل مكونها القبلي فإنها تواجه عداء شخصيات نافذة مثل الشيخ موسى هلال رئيس «مجلس الصحوة الثوري» الذي انتقد تشكيل الحكومة الموازية، وشن هجوماً عنيفاً على حميدتي وشقيقه عبد الرحيم، وسخر من فكرة أن يحكما السودان.
المفارقة أنه مع إعلان هذه الحكومة أعلنوا أيضاً تعيين ولاة لأقاليم السودان في الوسط والشمال والشرق والنيل الأزرق والخرطوم، وهي المناطق التي كان أهلها يحتفلون بانتصارات الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه، وإخراجه «قوات الدعم السريع» منها. هذه التعيينات تضيف بلا شك إلى عبثية المشهد، لسببين؛ الأول أنه لا أمل لهؤلاء «الولاة» في تسلم سلطة فعلية على هذه المناطق، ولا معطيات حقيقية بإمكانية عودة «الدعم السريع» للسيطرة عليها، والثاني أنه حتى عندما كانت قواتها تسيطر عليها سابقاً فإن الإدارات المدنية التي شكلتها فيها لم تكن سوى مسميات وهمية لا وجود حقيقياً لها، ولا إنجازات.
الحقيقة أنه على الرغم من الفورة الإعلامية التي رافقت إعلانها، فإنه لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع ناهيك عن أن تصبح حكومة بديلة تحكم السودان كله.
الشرق الأوسط