تحليل ومقارنات.. لماذا أرقام الداخلية عن انخفاض الجرائم خلال 2023 مشكوك بها؟-عاجل
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
السومرية نيوز - خاص
خلال الأيام القليلة الماضية، صدرت من وزارة الداخلية العراقية وعلى لسان الناطق باسمها العميد مقداد ميري الموسوي، جملة من الاحصائيات "المثيرة" فيما يتعلق بانخفاض الجريمة والحوادث الجنائية والارهابية والاتجار بالبشر والمخدرات وغيرها من الملفات الأمنية المهمة، إلا أن معظم هذه الاحصائيات تثير الشكوك بشأن ارقامها، بالإضافة الى افتقارها للضوابط الإحصائية التي تتيح إمكانية التعامل معها بدقة من قبل المهتمين والمختصين بالبيانات الإحصائية.
*نقطة الضعف الأولى.. إحصائيات مجردة بلا أرقام
ومن أهم المؤشرات والملاحظات ونقاط الضعف في هذه الاحصائيات هو أنها جاءت كإحصائيات "مجردة"، أي انها ادعاءات لم تقترن بالدليل، فوفقًا لأدبيات علم الإحصاء والبيانات، يتوجب على وزارة الداخلية اعلان الأرقام المتعلقة بعام 2022 وعام 2023، لتتم المقارنة بين العامين والتحقق من حقيقة نسبة الانخفاض المذكورة.
وعلى سبيل المثال، لاتوفر وزارة الداخلية او الجهات الأمنية المختصة احصائيات محدثة عن عدد حالات وضحايا الجرائم الجنائية والجرائم عموما بمختلف أنواعها، او عدد الحوادث الإرهابية واماكنها او حوادث وحالات وعدد المعتقلين بالمتاجرة بالبشر، للعامين 2022 ومن ثم لعام 2023، ليتم المقارنة بين الاعداد، والتعرف على حجم الانخفاض.
*نقاط ضعف "لغويّة" تؤثر على الإحصاءات
لاتعد لغة الإحصاء، لغة أرقام فقط، بل ان استخدام حرف واحد في غير موضعه، قد يؤثر على النتيجة الرقمية بالكامل، بحسب مختصين.
وفي مثال على ذلك، استخدمت وزارة الداخلية تعبيرا في احدى الاحصائيات بالقول ان نسبة الجريمة انخفضت 20%، لكن لم توضح ما المقصود بالجريمة؟، حيث انه من المتعارف عليه ان الجريمة هي السرقة والقتل او غيرها من الحوادث التي تمثل جرائم، او ان يكون التعبير عن الجريمة هو الجريمة المنظمة، التي تضم القتل وتهريب البشر والمخدرات وغيرها من الجرائم العابرة للحدود، لكن الداخلة اكتفت بالقول بانخفاض الجريمة بنسبة 20% دون إيضاح تعريف الجريمة واعدادها في 2022 و2023 للتحقق من حقيقة انخفاضها.
التعبير اللغوي المحير الاخر، هو قول الداخلية بانخفاض الحوادث الجنائية "إلى 40%" والحوادث الإرهابية "إلى 46%"، حيث ان القول إن الحوادث انخفضت "بنسبة 40%" يختلف تماما عن القول بأنها انخفضت "إلى 40%".
فالانخفاض بنسبة 40% معناها انها فقدت 40% من ارقامها، اما الانخفاض إلى 40%، فهذا يعني انها فقدت 60% من ارقامها، ومن غير المعروف ماذا تقصد الداخلية، هل ان الحوادث الجنائية انخفضت 40% ام 60%؟
*ماذا عن الإحصاءات العالمية بشأن العراق؟
مما لاشك فيه، ان تحسن الوضع الأمني في العراق واضح جدا لكل مراقب مقارنة بالسنوات الماضية، ولاسيما الوضع المتعلق بامن المواطنين، وهذا مايجعل تصريحات الداخلية صحيحة نسبيا من ناحية المبدأ، ولكنها مشكوك فيها من ناحية الأرقام ونسب الانخفاض، وان نسب الانخفاض ربما تكون اقل او اكثر.
*الجريمة في العراق.. انخفاض ضئيل في 2023 فيما يخص الجريمة، فان العراق في عام 2023 جاء في المرتبة 74 عالميًا، بعدد نقاط جريمة بلغت 46.02 نقطة، مقارنة بعام 2022 جاء في المرتبة 72 بعدد نقاط جريمة بلغ 46.17، هذا يعني ان العراق انخفضت نقاطه بنسبة الجريمة بشكل طفيف جدا، وشهد تحسنا نسبيا مقارنة بـ2022 ما أدى الى ان يرتفع مرتبتين، وفق مؤشر نيمبو للجرائم، وهذه النسبة الضئيلة تجعل حديث الداخلية عن انخفاض الجريمة في العراق بنسبة 20%، او انخفاض الحوادث الجنائية بنسبة 40%، امر مشكوك فيه نسبيا.
*الجريمة المنظمة في العراق.. ارتفاع نسبي في 2023
اما فيما يخص الجريمة المنظمة، التي تضم "تهريب البشر والاتجار بهم والمخدرات والقتل والتسليب"، فبلغت عدد نقاط العراق في الجريمة المنظمة عام 2023 بلغت 7.13 من أصل 10، وهي مرتفعة عن اخر إحصائية لمؤشر الجريمة المنظمة العالمي في عام 2021 والتي بلغت حينها نقاط العراق 7.05.
وجاء العراق بالمرتبة الثامنة عالميا في 2023 وهي ذات المرتبة في 2021، ولكن ارتفعت مرتبته في بلدان غرب اسيا ليكون الأول بالجريمة المنظمة في غرب اسيا خلال 2023، ارتفاعا من مرتبته في 2021 التي كانت المرتبة الثانية، وكذلك كان الرابع في قارة اسيا في 2021، ليرتفع الى المرتبة الثانية في اسيا في 2023، بحسب مؤشر الجريمة المنظمة العالمي.
*الحوادث الارهابية
بينما يقول المتحدث باسم الداخلية ان الحوادث الإرهابية في العراق انخفضت الى 46%، ومن غير المعلوم ما اذا كان يقصد انخفضت بنسبة 46% أم انخفضت بنسبة 54% لتصل إلى 46%، بسبب استخدام تعبير "إلى" الذي يغير في النتيجة.
بالمقابل، يشير تحقيق أجرته الـBBC البريطانية، إلى أن تنظيم داعش في العراق تبنى ما مجموعه 141 هجومًا في عام 2023، مقارنة بـ 401 هجومًا في نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 65٪، أي انه بكل الأحوال فان نسبة الانخفاض بعدد الحوادث الإرهابية اكبر مما أعلنته الداخلية العراقية، كما ان الداخلية لم تكشف عدد الأرقام للعام الماضي والعام الحالي، مايجعل النسبة التي أعلنتها مشكوك فيها.
وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض الحوادث الإرهابية لم يكن في العراق فحسب، فحتى في سوريا التي مازالت ساخنة، تبنى التنظيم 112 هجوما هذا العام، انخفاضا من 292 هجوما في العام الماضي، مايعني انخفاض بنسبة 62% في نشاط داعش في سوريا.
*الاتجار بالبشر
بينما تقول الداخلية ان الاتجار بالبشر انخفض في العراق بنسبة 80%، من غير المعلوم ما اذا تقصد ان حالات الاتجار انخفضت ام انها انخفضت نتيجة ارتفاع عدد الملاحقات للمتاجرين بالبشر نتيجة "ارتفاع عدد المعتقلين بهذه الجريمة بنسبة 80%"، حيث ان الرقم جاء مجردًا دون إفصاح واضح عن المعيار المعتمد لقياس نسبة الانخفاض.
ولكن، مؤشر الجريمة المنظمة العالمي، يشير الى ان العراق بلغت عدد نقاطه بالاتجار بالبشر في 2023، بلغت 7.5 من أصل 10، انخفاضا من نقاطه في 2021 البالغة 8 نقاط.
وبالرغم من تحقيق انخفاض بالفعل، الا ان هذا الانخفاض "عشري" من 8 إلى 7.5، أي نسبة انخفاض تبلغ قرابة 7%، وليس 80%.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: الجریمة المنظمة انخفاض الحوادث وزارة الداخلیة فی العراق انخفاض ا عدد نقاط عام 2023
إقرأ أيضاً:
وزارة الداخلية تطلق أول مركز موحد لخدمات الطوارئ في بغداد
آخر تحديث: 27 يوليوز 2025 - 12:06 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أطلقت وزارة الداخلية العراقية، بالتعاون مع شركة الاتصالات العالمية Hytera، أول مركز موحد لخدمات الطوارئ في العاصمة بغداد، باستخدام منصة الاتصالات الذكية SmartOne، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تحديث البنية التحتية الأمنية وتطوير استجابة الطوارئ في البلاد.ويمثل المشروع، الذي دخل حيز التنفيذ في تموز 2025، تحولاً كبيراً في طريقة التعامل مع نداءات الاستغاثة، حيث تم استبدال 26 رقماً لخدمات الطوارئ بنظام اتصال مركزي موحد يعمل على الرقم 911، وهو ما يُعدّ الأول من نوعه في العراق.وتتيح منصة SmartOne الدمج بين أنظمة الاتصالات المتعددة مثل راديو DMR و TETRA وكاميرات البث الميداني، في إطار بيئة تشغيل موحدة ومترابطة، تشمل أكثر من 300 مقعد لمشغّلي المكالمات. كما توفّر المنصة نظام الإيفاد الإلكتروني (CAD) الذي يدعم استقبال المكالمات، وإنشاء ملفات للحالات، وتوجيه الفرق الميدانية المتخصصة بسرعة وكفاءة.”ويعتمد النظام على بنية الخدمات المصغّرة (Microservices) ما يوفّر مرونة عالية وقابلية للتوسعة، في حين تتيح قاعدة البيانات المتقدمة تحليل الحوادث ومراقبة الأداء وإطلاق تنبيهات استباقية، ما يعزز من سرعة اتخاذ القرار لدى الجهات المعنية.وسجّل المركز، منذ بدء التشغيل، استقبال نحو 100 ألف مكالمة طوارئ، في مؤشر على جهوزية المنصة للتعامل مع التحديات الأمنية والإنسانية المتزايدة في العاصمة. وقد أُدرج المشروع في القائمة النهائية لجوائز الاتصالات الحرجة الدولية لعام 2025 عن فئة “أفضل استخدام للاتصالات الحرجة في السلامة العامة”، في اعتراف دولي بأثره النوعي على تحسين خدمات الطوارئ في العراق.