أصاب الغرور الصهيونى قيادات إسرائيل بجنون العظمة والانفصال عن الواقع، ففى الوقت الذى تنهار فيه تل أبيب من الداخل، بعد نحو تسعين يوما على تمكن المقاومة الفلسطينية من كسر شوكة الجيش العبرى أمام العالم فى السابع من أكتوبر عام 1923، لا يزال «جالنت» وزير دفاع الكيان المحتل يعلن وبكل صلف استمرار الحرب على غزة، ولا وقف لإطلاق النار مهما كلفتهم الحرب من أسرى وضحايا وجرحى، قائلا : إن لم نحقق الانتصار يقصد الإبادة الكاملة فلن يعيشوا فى الشرق الاوسط على حد زعمه.
كلام وزير الدفاع الاسرائيلى وهو يتفقد جنوده المنهارين نفسيا فى جنوب غزة، يكشف مدى الانهيار الذى يعيشونه، كما يكشف فى الوقت نفسه قوة المقاومة الفلسطينية التى مازالت تقارع العدو فى الميدان وتكبد جيشه المدعوم بالسلاح والمال الأمريكى خسائر فادحة فى العتاد والأرواح.
إن كل ما يمارسه جيش الكيان الصهيونى من ضربات عشوائية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، يؤكد وبما لا يدع مجالا للشك أن حكومة تل أبيب ( إتجننت)، وتعيش وهم انتصار كاذب جعلها تستدعى من الذاكرة ما كان يعامل به الجيش الأمريكى اليابانيين من عنف وقتل وتدمير، بعد ضربهم بالقنابل النووية فى 6 و9 أغسطس منتصف أغسطس عام 1945، بعد استسلام الامبراطور هيرو دوتو تخوفا من أن تكون لدى واشنطن قنابل نووية أخرى، ولو كان يعلم أن أمريكا لا تمتلك سوى هاتين القنبلتين ما استسلم أبدا، وظل يناضل حتى ينتصر بسلاحه الجوى الذى أربك جيش أمريكا وحلفاءها آنذاك.
المذهل أن قادة إسرائيل وهم يتعاملون بهذه الطريقة الأمريكية يتناسون أن هناك فارقا كبيرا بين يابانى محب للحياة يخشى الموت، وبين فلسطينى عربى مسلم صاحب عقيدة قوية، يؤمن بأن الحياة الدنيا دار ممر وليست دار مقر، وأنه صاحب حق لا يتركه أبدا، ويمتلك ذاكرة تراكمية فولاذية تتوارثها الأجيال.
90 يوما مرت على الصمود، وإسرائيل مازالت تمارس جنونها متحدية الرأى العام العالمى، متجاهلة أى إشارة تخرج من البيت الأبيض لوقف إبادة الأطفال والنساء والشباب والشيوخ، فى معركة تسجل فيها المقاومة كل يوم انتصارا جديدا على جيش مازال يعيش فى خدعة كبرى بأنه لا يقهر.
ويبدو أن نبوءة هنرى كيسنجر اليهودى وزير خارجية أمريكا السابق ستتحقق عندما قال « لن يكون هناك إسرائيل فى عام 2030 «، فالعالم كله ينتفض ضد طغاة تل أبيب، غضب فى أوربا وأمريكا وصار أبناء العم سام يضعون شروطا جديدة لمرشح الرئاسة، وفى مقدمتها أن لا يكون داعما لإسرائيل، بل يرفض الأمريكيون الآن دفع الضرائب حتى لا تذهب عائداتها لهذا الجيش الفتاك والدولة المجنونة، ويكفى هنا مثال ونموذج ما سطرته نائبة رئيس الاستخبارات الامريكية على حسابها من استنكار تام لما تمارسه حكومة تل أبيب بحق الفلسطينيين.
أقول للطاغية نتنياهو، هزمتك المقاومة الفلسطينية بإماكنياتها العسكرية المحدودة والمتواضعة إذا ما قورنت بامكانيات جيشك الذى يحظى بدعم اللوبى الصهيونى داخل الكونجرس والبيت الأبيض، وعليك أن تعترف بالهزيمة بدلا من هذا الجنون، فالضرب فيك شغال على الأرض ومن المسافة صفر، وإن كنت تحقق مكاسب غير إنسانية على حساب جثث الشهداء فى غزة والأراضى المحتلة، وتتلذذ بإراقة وسفح دماء الأبرياء وهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها، بالأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا، تذكر أنك ستحتل المركز الأول فى مزبلة التاريخ، ولن تفلت من عقاب الرب، بكل ما ترتكبه وزبانيتك من جرائم حرب، وسيظل الفلسطينى عقدة كل مجنون مثلك، وسيبقى السابع من اكتوبر يوم بداية استرداد الأرض والكرامة لشعب يضحى بحياته بأبنائه فى سبيل إقامة دولة خطفها الصهاينة فى غفلة من العالم.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إسرائيل الوقت الشرق الاوسط تل أبیب
إقرأ أيضاً:
قلب المجتمع!!
قلب أى مجتمع هو فى طبقته الوسطى واستقرارها، فإذا حدث وتراجع دور تلك الطبقة وهى التى تتوسط الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة «قول على الدنيا السلام». لذلك نجد الكثير من الدول تعمل على المحافظة على استقرار تلك الطبقة التى تتكون من أطباء ومهندسين وغيرهم من أصحاب المهن الحرة وموظفين سواء فى القطاع العام أو الخاص، يضاف إليهم العاملون فى المجالين الإنتاجى والتجارى متوسط التمويل، لذلك يكون دور هذه الطبقة شديد الأهمية، فهذه الطبقة هى التى تسهم فى التنمية من خلال قيامها بتحمل الضرائب التى تقوم الدولة بالصرف منها على احتياجاتها، وينفقون أموالهم فى الأنشطة التعليمية والعلاجية وغيرها. وما لا شك فيه أن غياب هذا الدور يؤدى إلى العديد من الاضطرابات داخل المجتمع، الأمر الذى يؤثر على استقراره، الأمر الذى يقلق ويهز دعائم الوطن وتسير المجتمعات فى طريق العصيان والتمرد، لأن غياب تلك الطبقة سوف يكون المجتمع فى مواجهة بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، وما أدراك ما سوف يكون عليه المجتمع بينهما فى غياب صمام الأمان الطبقة الوسطى التى هى رمانة الميزان بينهما. ولأن الكل لابد أن يكون له «الحق فى الحياة».