صحفيو غزة ينعون الزميل حمزة الدحدوح
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
غزة- أبدى الصحفيون الفلسطينيون تضامنا واسعا مع الزميل وائل الدحدوح، مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة بعد استشهاد نجله البكر حمزة، برفقة الصحفي مصطفى ثريا.
وأجمع الصحفيون الذين تحدثوا للجزيرة نت على أن الشهيد حمزة، كان مشهورا بطيبته وعطائه الكبير، ومهنيته، وحبه لعمله الصحفي، كما ذكروا أن إسرائيل لن تستطيع "كسر عزيمة الزميل وائل، عبر الاستمرار في استهدافه، وعائلته".
واستشهد حمزة، الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف صحفيين غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة. كما استشهد إلى جانبه الصحفي مصطفى ثريا جراء صاروخ من طائرة إسرائيلية مسيّرة استهدف السيارة التي كانا يستقلانها، جنوبي غربي قطاع غزة.
وسبق أن استشهد عدد من أفراد عائلة الزميل وائل الدحدوح -بمن فيهم زوجته وابنه وابنته وحفيده- في قصف إسرائيلي استهدف منزلا نزحوا إليه بمخيم النصيرات وسط القطاع.
"حمزة كان روح الروح".. مراسل الجزيرة وائل الدحدوح ينعى ابنه حمزة بعد استشهاده بخان يونس pic.twitter.com/HmkV8e4lje
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) January 7, 2024
اغتيال مباشريقول الصحفي عامر أبو عمرة، وهو شاهد عيان على الحادث إن مجموعة من المصورين تضم بالإضافة إليه، حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا وأحمد البرش، كانوا يصورون تقريرا إخباريا حول استهداف منزل يعود لعائلة "أبو النجا" شمال رفح والذي أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين.
ويضيف في حديث للصحفيين، ومن ضمنهم مراسل الجزيرة نت "بعد أن أنهينا التصوير، تجمعنا أنا وحمزة، ومصطفى، وأحمد البرش في مكان معين، وبعدها تم إطلاق أول صاروخ من طائرة مسيّرة وسقط بالقرب منا".
وذكر أن جميع الصحفيين الأربعة أصيبوا بجراح بسبب الصاروخ، مضيفا "نظرا لوجود سيارة إسعاف كانت تنقل جثامين الشهداء، صعدتُ أنا وأحمد (البرش) فيها، بينما صعد حمزة ومصطفى في سيارة أخرى، وتوجهنا نحو مستشفى أبو يوسف النجار".
وفي الطريق إلى المستشفى أطلقت الطائرة الإسرائيلية صاروخا آخر على السيارة التي كانت تقل الدحدوح الابن وثريا، ما أدى إلى استشهادهما، بحسب أبو عمرة.
أخلاق ومهنيةيقول محمد أبو دقة المصور في مكتب قناة الجزيرة في قطاع غزة، إنه عمل مع الشهيد حمزة على مدار فترات طويلة، كان خلالها مثالا يحتذى به في المهنية والأخلاق الرفيعة، والهمة العالية.
وأضاف أبو دقة للجزيرة نت "حمزة إنسان حنون، معطاء، ويحب المهنة ويعشقها مثل أبيه، كان لديه إحساس كبير بمعاناة سكان غزة وحرص على كشف جرائم الاحتلال".
وكشف أبو دقة أن حمزة رفض السفر من قطاع غزة، قبل أسبوع من استشهاده، وقرر البقاء كي يستمر في أداء رسالته الإعلامية من جهة، ومن جهة أخرى كي يبقى إلى جانب والده الزميل وائل.
واستبعد أن تنجح إسرائيل في كسر عزيمة الزميل وائل الدحدوح عبر الاستمرار في استهدافه وعائلته، مضيفا "عزيمة وائل قوية وصعب كسره، لأنه جبل، وطاقة التحمل عنده كبيرة لأنه مؤمن بالقضية ومؤمن بالله".
من جانبه، عبّر الصحفي الفلسطيني فتحي صبّاح رئيس تحرير شبكة "مصدر" الإخبارية عن اعتزازه بمعرفته الشخصية بالشهيد حمزة، مشيرا إلى أنه التقاه آخر مرة، قبل يومين من استشهاده.
وأضاف صباح للجزيرة نت بعد أن غلبه البكاء "حمزة شاب خلوق، وأوجع قلبي رحيله، ورحيل شقيقه وشقيقته وأمه (في بداية الحرب)".
وتابع "هذا الشبل من ذاك الأسد، خلوق ومؤدب ومحترم، نموذج للشاب الفتى الواعد الذي لديه حس وطني، وآمال وطموحات هي جزء من طموحات الشعب الفلسطيني".
وذكر صبّاح أن سياسة اغتيال الصحفيين من قبل إسرائيل "قديمة جديدة"، وبدأت باغتيال الأديب والإعلامي غسان كنفاني عام 1972، وهي "جزء من حرب الرواية بين الشعب والاحتلال".
صحفي واعدبدوره، أشاد الصحفي صالح المصري، رئيس تحرير وكالة "فلسطين اليوم"، بالزميل الشهيد حمزة، وقال إنه كان "صحفيا واعدا ويقوم بمهام متعددة مع طاقم قناة الجزيرة".
وذكر المصري، في حديثه للجزيرة نت، أن حمزة حقق نجاحا كبيرا كناشط في شبكات التواصل الاجتماعي، وكان يفرح كثيرا حينما يزيد متابعوه، الذين وصلوا إلى نحو المليون على تطبيق إنستغرام.
ويضيف "صباح استشهاده، تناولتُ طعام الإفطار معه وشربتُ الشاي، ثم كعادته انطلق ليصور القصص الصحفية قبل أن نفجع بخبر استشهاده".
وأشاد المصري كذلك بالزميل وائل الدحدوح، الذي قال إنه أصبح "قدوة للكثير من الصحفيين في فلسطين، حول العالم، نظرا لمهنيته العالية".
ويجزم المصري أن إسرائيل لن تستطيع كسر عزيمة الزميل الدحدوح باستمرارها في استهداف عائلته، وأضاف "أعتقد أن لديه من العناد ما يكفي ليدفعه للاستمرار في مسيرته الإعلامية".
خسارة كبيرةوعلى مدار سنوات، أقام الصحفي معتصم مرتجى، صداقة متينة مع الشهيدين حمزة ومصطفى. ويقول معتصم الذي يدير شركة إنتاج إعلامي في غزة، إن حمزة "صديقي الحميم، منذ سنوات طويلة، وعملنا معا في شركة خاصة في العمل الصحفي وإنتاج الأفلام".
وأضاف للجزيرة نت "كنتُ مع حمزة صباح اليوم قبل استشهاده، وشربنا القهوة معا، حتى أنه شرب من فنجاني، وقلت له أنت أفضل من يصنع القهوة".
وذكر أنه كان "حنونا ومعطاءً ويحب فعل الخير ومساعدة الناس، ولديه طموح كبير"، ويضيف "خسارتنا في حمزة على المستوى الإنساني، كبيرة جدا، ولا يمكن تعويضها".
أما بخصوص صديقه الثاني الشهيد مصطفى ثريا، يقول مرتجى إنه يبلغ من العمر 28 عاما، وهو موظف في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وإلى جانب عمله الحكومي يعمل في مجال الصحافة.
وذكر أن مصطفى من أفضل من يصورون بواسطة الطائرات المسيّرة "الدرون" في قطاع غزة، وكان مشهورا بكفاءته العالية في هذا المجال.
ويتابع "مصطفى كان معطاءً بصورة كبيرة، وتقريبا أغلب الصحفيين الموجودين في رفح استفادوا من مساعداته لهم، وفي توفير متطلبات العمل الصحفي".
بدوره، تقدم الصحفي سعيد السبع مصور قناة الكويت في قطاع غزة، بالتعزية في الزميل الدحدوح، وقال للجزيرة نت "نعزي أبا حمزة في حمزة، ونقول له ربط الله على قلبك ورحم الله الشهيد وألهمك الصبر والسلوان". وأضاف أن "حمزة كان معروفا بأخلاقه ومهنيته العالية".
كما نعى المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة إسماعيل الثوابتة، الزميلين حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا، واصفا استهدافهما بالجريمة النكراء.
وقال الثوابتة للجزيرة نت "رحم الله الزميلين الصحفيين الدحدوح وثريا، وأسكنهما فسيح جناته، وخالص العزاء للأسرة الصحفية الفلسطينية وللزميل الصحفي وائل الدحدوح ولذوي الشهيد ثريا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الزمیل وائل الدحدوح الشهید حمزة فی قطاع غزة مصطفى ثریا للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. جورج عبد الله للجزيرة نت: عودتي ليست نهاية النضال والكفاح المسلّح حقٌ مشروع
عكار- في بلدته الكنعانية القبيّات، شماليّ لبنان، كانت والدة المناضل اللبناني جورج عبد الله تترقب عودته كل صباح، تُحصي الأيام على أمل أن يعود ابنها حرًّا، لكن الموت عاجلها قبل أن ترى لحظة الإفراج وتعيش فرحتها.
على مدى أكثر من 4 عقود، لم تغب صورة عبد الله عن ذاكرة المكان، وصارت أيقونة للنضال، تُرفع في المسيرات الشعبية، وتُعلّق على جدران البيوت والمحال، وتحملها أمهات القرى كما يحملن صور أبنائهن المفقودين في الحروب والمنفى.
وفي زاوية من منزله القروي، ما تزال الرسائل بخطّ يده محفوظة بعناية، تفوح منها رائحة العناد والكرامة. وبجانبها، رُصّت الكتب التي قرأها مرارًا تحت ضوء الزنزانة الخافت، فهو الذي اختار أن يُبقي فكره حرًّا وروحه عصيّة على الأسر.
ومنذ لحظة الإفراج عنه قبل أيام من سجن لانميزان الفرنسي، تحوّلت القبيّات إلى محجٍّ للوفود الآتية من مختلف المناطق اللبنانية، واستقبلته بلدته كما الأبطال، على وقع الزغاريد ودموع الفخر، وسط أهازيج تروي حكاية الصبر والانتصار.
وفي بيته الحجري البسيط، لا تهدأ الحركة، ولا تنقطع الزيارات، نساء يحملن الورود، وشبان يرفعون الأعلام وصوره، ورفاق درب يأتون ليصافحوا الصمود في شخصه.
وبين أرز عكار، ما يزال جورج عبد الله يستقبل الضيوف بابتسامة واثقة، ونظرة ثابتة، وذاكرة لا تشيخ، كأن الأسر لم يُفلح في كسر شيء من صلابته، بل صقله ليكون شاهدًا حيًّا على زمن لا يُنسى.
في مقابلة خاصة للجزيرة نت، يؤكد المناضل عبد الله أن لحظة خروجه من السجن ليست نهاية الرحلة، بل بداية لمرحلة نضالية جديدة تعكس تحوّلًا في موازين القوى، وتُعبّر عن هزيمة سياسية للدولة الفرنسية التي باتت تدرك أن استمرار اعتقاله تحوّل من ورقة ضغط إلى عبء ثقيل.
إعلانويقول: "نحن أمام مرحلة جديدة، مفتوحة على كل من سألتقيهم في لبنان من مناضلات ومناضلين وجماهير، والاستقبال فاق كل توقّعاتي والوجوه التي احتشدت كانت مرآة لصلابة شعبنا ووفائه، وهذا ما يبعث على الطمأنينة والثقة".
واستعاد عبد الله مشهد الاستقبال من عناصر أمن الدولة عند وصوله، واصفًا إياه بـ"المفاجئ والدافئ"، وأضاف أن قائد القوة وضباطه تصرفوا "كأحبّة"، ولم أتوقّع هذا المستوى من الحميمية، وهذه اللمسة التي تعكس جوهر لبنانيّتنا إن صحّ التعبير".
وعن أجواء اللحظة الأولى، يقول: "منذ أن كنت على متن الطائرة، شعرت بهذا التضامن الشعبي الذي يُفرح أي مناضل، سواء في السجن أو خارجه".
وعن سنوات الأسر، التي تجاوزت 40 عاما، يقول عبد الله: إن قسوة السجن لم تنجح في عزله عن شعبه وقضيته، ويضيف أن الاعتقال بحد ذاته مؤلم، لكنه كان محاطًا بحركة تضامن واسعة، خاصة من مناضلين فرنسيين وممثلين سياسيين كانوا يزورونه بانتظام، ويبقونه على تواصل دائم مع ما يجري.
وكان عبد الله يتلقى -حسب قوله- 5 رسائل أسبوعيا، كل واحدة منها تحتوي على 90 صفحة من الصحافة اللبنانية والعربية والفلسطينية، مؤكدا أنه "لم يكن منقطعا، بل منخرطا في التفاصيل، وفاعلا في نضالات رفاقي، رغم قضبان السجن". ويختم "المناضل لا يُحفظ في البرّاد، لا يُجمَّد كقطعة لحم، ليبقى حيّا عليه أن يظل في قلب النضال".
ويرى عبد الله أن النضال ليس مجرّد تضحيات تُقدّم على مذبح الوطن، بل فعل وجودي نابع من ارتباط عميق بالقضية، ويقول: "من يرى النضال عبئا لن يصمد، أما من يستمد صموده من وجدان شعبه فإنه يستمر، صمودي هو امتداد لصمود أهلي وشعبي".
وفي السياق، عبّر عن أمنيته بأن يحظى الأسرى الفلسطينيون ولو بجزء من التضامن والدعم الذي تلقّاه هو خلال سنوات أسره، مؤكّدًا أن فاشية الاحتلال الإسرائيلي تستدعي موقفا أمميّا جامعا.
وحين سؤاله عن مشروعية الكفاح المسلح اليوم، رد عبد الله بحزم "الكفاح المسلح ليس شعارا نظريا، بل أداة ضرورية في مواجهة العنف الصهيوني والعنصرية الإمبريالية، هو واقع نعيشه يوميا في غزة، ولبنان، وساحات نضالية أخرى".
وشدد أن هذا الخيار لا يتناقض مع بناء الدولة، بل يعكس غيابها، ويقول: "نريد دولة تحمي أبناءها، بجيش قوي مسلّح، ونحمل السلاح حين يُجرّد الجيش من سلاحه، وعندما يتوفّر جيش وطني قادر، فنحن جنوده وضباطه من أهلنا".
ويضيف "المليشيا لا تنشأ من الفراغ، بل من تقاعس الدولة، والطبقة السياسية هي من جرَّدت الجيش من أدوات الدفاع، وليس الأمهات أو عمال الأفران".
وحول أداء الدولة اللبنانية في متابعة قضيته، يقول عبد الله: "في بعض المراحل، قامت بما يلزم، لكن في كثير من الأحيان كانت غائبة بالكامل، لا أطلب منها أن تتحمّل عني عبء الأسر، لكن في محطات مفصلية، كان هناك من أدّى واجبه بمسؤولية ووطنية".
وخصّ بالشكر وزيرة العدل التي زارته في سجنه، وقال: "كانت حاملة لرسائل تضامن، ومجسّدة لصورة لبنان الحقيقي الذي نحلم به"، وأشاد بدور بعض الدبلوماسيين اللبنانيين الذين كلّفوا بمتابعة ملفه، مبديا امتنانه لهم، ومعتبرًا أن تقدير الجهد لا يعني بالضرورة تبنّي موقف رسمي.
إعلانويصف عبد الله فرنسا بأنها دولة "مرتبطة عضويا بإسرائيل، تاريخيا ومصلحيا"، ويقول إنها "تُجاهر بعدائها للحركة الوطنية العربية"، لكنه يُشدّد على أن لبنان –رغم صغره الجغرافي– يبقى منبعا للحياة والنضال.
ويؤكد "كنت مناضلًا وسأبقى، أمضيت 41 عامًا في السجون، و21 عامًا قبلها في النضال، وموقعي تحدده المعركة، لكن أملي يكبر حين أرى هذا الاصطفاف الشعبي العريض في وجه مشروع صوملة لبنان".
ويُحذِّر عبد الله من محاولات تحويل لبنان إلى "بقعة رخوة تحرسها إسرائيل"، موضحا أن "لبنان ليس هشًّا، بل قلعة صمود، من صمد وحده في وجه إسرائيل يستحق احترام العالم العربي، وليس خذلانه".
ويضيف "قُصفت أحياؤنا في بيروت، ولم نجد دولة عربية واحدة تزوّد الجيش بصاروخ، واليوم، يُطلب نزع سلاح المقاومة (حزب الله) من دون أن يقدّم أحد بديلا، نحن من سيعيد للجيش كرامته، ونحن –مع شعبنا– نتّفق: لا يحمي لبنان إلا جيشه القوي".
ووجَّه عبد الله رسائل مباشرة إلى العواصم العربية، متسائلا "من سيحمل الخبز والماء إلى أطفال غزة؟ أين المسلم الواحد بين ملايين المصريين، يتقدّم نحو غزة لإسقاط آلة الإبادة؟".
ويُذكّر بـ"غريتا"، الفتاة الأوروبية التي قطعت المحيط بقارب صغير حاملة علبة حليب إلى غزة، متسائلًا: "إذا كانت غريتا فعلتها، فما بال شعوب بأكملها لا تستطيع أن تُرسل شربة ماء؟".
ويختم "الأزهر ليس مؤسسة رمزية، بل ضمير حيّ للأمة، واليوم عليه أن يصرخ، لا صمت بعد المجازر، لا حياد مع الإبادة".