جريمة علي ضفاف النيل.. مقتل سائق ونجله بأطفيح "رفضا دفع الدين فقتلهما الدائن وابنه"
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
النيابة أحالت المتهمين إلى "الجنايات".. والمحكمة تعاقبهما بالمؤبد والمشدد 15 عامًاالمتهمان اصطحبا المجني عليهما لإجبارهما علي رد مبلغ مالي وهدداهما بسلاح نارينشبت مشاجرة بين الطرفين والمتهمان باغتا المجني عليهما بمطواة وقطعة حديدية فسقطا قتيلين
سطرت محكمة جنايات الجيزة الفصل الأخير في جريمة مأساوية شغلت الرأي العام خلال العام المنقضي راح ضحيتها سائق ونجله علي يد نجار وابنه، بسبب خلافات مالية، بمنطقة أطفيح جنوب محاقظة الجيزة، حيث عاقبت المحكمة المتهم الأول «الأب» بالسجن المؤبد، بينما عاقبت المتهم الثاني «الابن» بالسجن 15 سنة مع الشغل.
وجاء في أمر الإحالة في القضية رقم «5820 لسنة 2023» جنايات أطفيح المقيدة برقم 3243 لسنة 2023 كل جنوب الجيزة، أن المتهمين "س ع إ س" 42 سنة، نجار ومقيم بقرية صول بأطفيح، ونجله "د س ع" "بدون عمل" قاما بتاريخ 7 إبريل 2023، بقتل المجني عليهما "م س م" ونجله "ع م س" عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم علي قتلهما إثر خلافات استمرت بينهم.
وكشفت تحقيقات النيابة أنه بمجرد أن ظفرا المتهمان بهما حتي فاجأهما الأول بإشهار هيكل معدني لسلاح شالاً مقاومتهما، مباغتاً للمجني عليه الأول بطعنة بسلاح أبيض "مطواة" بالبطن، واستتبعه الثاني بضرب المجني عليه الثاني بأداة حديدية علي رأسه ملقيان بهما بنهر النيل قاصدين من ذلك قتلهما، فأحدثا إصابتهما الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما علي النحو الثابت بالتحقيقات.
وأضاف أمر الإحالة بالقضية أن المتهمين حازا وأحرزا بغير ترخيص ذخائر "طلقة" دون أن يكون مرخص لهما بحيازتها أو إحرازها، كما أحرز المتهمين سلاح وأداة مما تستخدم في الاعتداء علي الأشخاص "مطواة، وحديدة" دون مسوغ قانوني أو مقتضي من الضرورة المهنية أو الحرفية علي النحو المبين بالأوراق.
وأكمل أمر الإحالة في القضية أنه بناءً على ما تقدم يكون المتهمين قد ارتكبا الجناية والجنحة الموضحين بالمواد 230، 221 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 6، 25 مكرر/1 ، 26/4، 20/1، من القانون رقم 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 5 لسنة 2019، والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007.
وجاء بأمر الإحالة بعد الإطلاع علي المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981، أمر المستشار طارق حسنين كروم المحامي العام الأول لنيابة جنوب الجيزة الكلية بـ أولاً: بإحالة القضية إلي محكمة جنايات الجيزة بدائرة محكمة استئناف القاهرة لمحاكمة المتهمين طبقاً لمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة وقائمة بأدلة الثبوت المرفقة، مع استمرار حبس المتهمين احتياطياً علي ذمة المحكمة، وثانياً: إعلان المتهين بأمر الإحالة، ثالثاً: إرفاق صحيفة الحالة الجنائية للمتهمين، رابعاً: ندب المحامي صاحب الدور للدفاع عن المتهمين.
كانت بداية تلك الواقعة في غضون شهر أبريل الماضي بناحية قرية «صول» مركز أطفيح جنوب محافظة الجيزة، بعدما تعرض سائق لضائقة مالية واقترض مبلغا ماليا من عاطل "له معلومات جنائية مسجلة"، فبدلا من أن يحفظ له الجميل ويحاول رد المبلغ وتوجيه الشكر للدائن، بدأ فى التنصل والامتطال فى دفع دينه.
حاول الدائن مرارا وتكرارا مع السائق لرد المبلغ المالى ولكن دون جدوى وعندما شعر بأن أمواله ضاعت ولن تعود مرة أخرى استعان بنجله واستدرج السائق وابنه من محافظة الجيزة إلى مركز الواسطى بمحافظة بنى سويف محل سكن الدائن، وأشهر فى وجه السائق ونجله سلاحا ناريا طبنجة ليتحول التهديد لمشاجرة قام خلالها الدائن ونجله بذبح ابن السائق بسلاح أبيض مطواه وأجهزا على السائق بقطعة حديدية وحجر حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
تحول الدائن ونجله من ضحايا إلى جناة تلوثت أيديهما بالدماء فلا مبرر للقتل؛ وأكملا ما بدأه وقاما بالتخلص من الجثتين بمياه النيل لإبعاد الشبهة عن أنفسهما والهروب بجريمتهما من حبل المشنقة، على الجانب الآخر كانت أهلية المجنى عليهما بقرية صول قد أبلغت مباحث مركز شرطة أطفيح بمديرية أمن الجيزة بتغيب السائق ونجله فى ظروف غامضة؛ لم يمض كثيرا حتى وردت إشارة إلى ضباط مباحث مركز شرطة أطفيح بالعثور على جثة طافية بمياه النيل وعقب انتقال الشرطة ومطابقة مواصفات الجثة المعثور عليها ببلاغات التغيب تبين أنها جثة الابن بها آثار ذبح ولم تمح المياه ملامح المجنى عليه.
بدأت رحلة البحث عن الجناة بفريق بحث مكبر بمشاركة قطاع الأمن العام وإدارة البحث الجنائى بمديرية أمن الجيزة وخلال تنفيذ خطة البحث وفحص علاقات المجنى عليه وبيان وجود خلافات مع آخرين وردت إشارة أخرى بالعثور على جثة أخرى طافية بمياه النيل.
وبالانتقال والفحص تبين أنها جثة السائق مهشم الرأس؛ وعلى قدم وساق ظلت التحريات مستمرة للوصول إلى هوية الجناة ونجحت جهود فريق البحث إلى أن وراء ارتكاب الواقعة عاملا له معلومات جنائية، نجله مقيمان بدائرة مركز شرطة الواسطى ببنى سويف.
وعقب تقنين الإجراءات تم استهدافهما وأمكن ضبطهما، وبمواجهتهما اعترفا بارتكاب الواقعة لوجود خلافات مالية بينهما وبين المجنى عليه الثانى لكونه مدينا لهما بمبلغ مالى وقررا بقيامهما بتاريخ الواقعة باصطحاب المجنى عليهما لدائرة مركز شرطة الواسطى ببنى سويف لإجبار المجنى عليه الثانى على دفع المبلغ المالى المشار إليه، وقاما بتهديده بطبنجة كانت بحوزة أحدهما فحدثت مشاجرة بينهم قام خلالها المتهمان بطعن المجنى عليه الأول بسلاح أبيض «مطواة» مما أدى إلى وفاته، والتعدى على المجنى عليه الثانى بقطعة حديدية ثم أجهزا عليه بحجر حتى فارق الحياة، وقاما بإلقاء جثتيهما بمياه نهر النيل كما أرشدا عن «الطبنجة، والمطواة» المستخدمتين فى الواقعة وبالعرض علي النيابة العامة أحالت المتهمين للمحاكمة واصدرت المحكمة حكما سالف الذكر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إرتكاب الواقعة البحث الجنائي السجن 15 سنة السجن المؤبد الصفة التشريحية العثور على جثة بسبب خلافات مالية بالسجن المؤبد جنايات الجيزة خلافات مالية ضفاف النيل ظروف غامضة محكمة جنايات الجيزة مركز الواسطى منطقة اطفيح قتل سائق في ظروف غامضة
إقرأ أيضاً:
قصة أب ونجله مع التجويع بغزة.. الطريق إلى لقمة العيش محفوف بالموت
غزة- صباح كل يوم، يبدأ أحمد نوفل، وهو أب فلسطيني يعيل أسرته المكوّنة من 6 أفراد، رحلته الشاقة والخطرة على أطراف مخيم النصيرات، في منطقة المفتي المحاذية لمحور نتساريم، مصطحبا معه نجله الصغير محمد (14 عاما)، لجمع الحطب والحديد وبيعه وشراء ما يسد رمقهم من الطعام، في ظل الحرب على قطاع غزة والظروف المعيشية والإنسانية الصعبة.
بحزن وأسى، يقول أحمد (38 عاما) الذي بدّلت الحرب وسامته وغيّرت ملامحه، للجزيرة نت "كل يوم أخرج مع ابني محمد، نجرُّ عربتنا الثقيلة، ونقطع مسافات طويلة ببطون فارغة وتحت أشعة الشمس الحارقة، ونصل أماكن خطرة قرب منطقة نتساريم التي يحتلها الجيش الإسرائيلي".
ويضيف "الطائرات فوقنا، والدبابات أمامنا، نبحث عن بعض الحطب أو بقايا الحديد من البيوت المُهدَّمة والمقصوفة، ونجمعها بمشقة وتعب، ونضعها على العربة، ثم نسير بها مسافات طويلة لبيعها في السوق مقابل مبلغ من المال يساعدني بتوفير الطحين والطعام لأسرتي".
ومنذ بداية الحرب، لم يعرف أحمد وولده طعم الراحة، حيث تتكرر معاناتهما يوميا بين التعب والإرهاق والجوع، وبين متطلبات الحياة أمام ظروف العيش الصعبة والغلاء الفاحش، وبين المعاناة في جمع الحطب والحديد، التي تتطلب المشي طويلا، والبحث عن مناطق جديدة، ومواجهة صعوبات كبيرة، وأخطار جسيمة، وتحدي الموت.
وتعرض أحمد ونجله للقصف بقذائف الدبابات التي كانت تسقط أمامهما، إضافة لإطلاق النار من طائرات الكواد كابتر المُسيَّرة فوقهما، ونجيا مرات عديدة من موت محقق.
ويقول "كل يوم نخرج فيه نعتقد أنه سيكون الأخير، وأتخيل أننا سنعود يوما ما، محمولين على الأكتاف أو في أكفان، لكن لا مناص؛ فالحاجة والعوز يجبرانا على الخروج، وإن لم نفعل ذلك نموت جوعا".
وذات مرة، وخلال بحثه عن الحطب والحديد تعمَّق رفقة ابنه قليلا إلى منطقة خطرة جدا طمعًا في الحصول على كمية أكبر من الحطب وبقايا الحديد، يتابع "انهالت علينا القذائف المدفعية والرصاص من كل حدب وصوب، ونجونا بأعجوبة، وعدنا فارغي الأيدي، ولم نستطع شراء الطحين والطعام".
إعلانوانقطعت المساعدات في غزة حين تجددت الحرب بعد شهرين من وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني الماضي، وأحكمت إسرائيل حصارها على القطاع، واستخدمت سياسة التجويع، فانقطعت المعونات وقسائم التوزيع، وأُغلقت مراكز التوزيع والتكايا، وانتشرت سرقة شاحنات الطحين، وظهر تجار السوق السوداء، وبدأ الناس يعانون الأمرّين في الحصول على الطعام.
وأحمد هو جريح انتفاضة الأقصى عام 2000، وكان يتقاضى راتبا حكوميا، وتم إيقافه بعد القرار الإسرائيلي باستقطاع أموال الأسرى والجرحى الفلسطينيين من المقاصة (عائدات الضرائب الفلسطينية) بحجة قانون تجميد أموال السلطة الفلسطينية المرتبطة بالإرهاب، وفق وزارة المالية الإسرائيلية.
ويتابع أحمد بحرقة "لا يوجد راتب ولا عمل في غزة بسبب الحرب، وتزداد ظروفي صعوبة في ظل الغلاء الفاحش والاحتكار، وأطفالي يحتاجون للطعام، ولا يكفون عن سؤالي كل يوم: متى سنأكل؟ وماذا سنأكل؟ وكيف؟".
ويشير إلى أن هذه الأسئلة التي تحاصره تجبره على الخروج والمخاطرة من أجلهم، حتى لا يشعر بالعجز أمامهم، وكأنه يحمل ذنبًا لم يرتكبه، ويضيف أن كل شيء في غزة صار يحتاج لمعركة للحصول عليه من أجل البقاء من الطحين والخبز والماء والدواء.
ويردف "القتل والقصف حولنا، والأسعار المشتعلة تكوينا، والجوع يحاصرنا ويفتك بنا. في غزة، حتى الحياة العادية صارت حلمًا بعيدًا، معلقة بين الحصار والقصف، وبين الجوع والموت".
وتُعتبر المناطق القريبة من محور نتساريم أراضي زراعية خصبة، مثل أبو مدين والزهراء والمغراقة، حيث قام الجيش الإسرائيلي بتجريفها عند توسيع المحور، وهدم البيوت واقتلع الأشجار، وعدها مواقع عسكرية خطيرة لا يُسمح لأي شخص بالاقتراب منها، وتراقبها الطائرات والدبابات وجنود القناصة.
لكنها بالنسبة لأحمد منطقة مليئة بجذور الحطب الكبيرة نتيجة التجريف، وبقايا مخلفات الدفيئات الزراعية من الحديد، ولهذا فهو يتسلل إليها وابنه محمد، ويخاطر لجمع بعض الحطب والحديد، وهو يستخدم أدوات بدائية في تقطيع الحطب وتجميعه، حيث يبيع جزءا منه لشراء بعض الطحين والطعام لأولاده، ويحتفظ ببعضه لإشعال النار وطهي الطعام لعائلته.
وفي ظل انقطاع غاز الطهي، لجأ الغزيون للحطب لطهي الطعام، وهو ما ضاعف سعره 5 مرات، ووصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى نحو دولارين، بعد أن كان يُباع بربع دولار.
الابن الصغير محمد، الذي انقطع عن دراسته بسبب الحرب، وأصبح مرافقًا لوالده في أعماله الشاقة، يقول للجزيرة نت "أتمنى العيش كباقي أطفال العالم، أذهب إلى مدرستي، وأرتدي ملابسي الجميلة، وأشاهد برامج الكرتون التي أحبها، وأعيش في بيتي، وبين أحضان أسرتي بهدوء، وأنام دون خوف على ضوء الكهرباء، وأتناول الطعام متى أشاء".
"لكن الحرب حرمتنا كل هذه الأشياء الجميلة. وإسرائيل، الله ينتقم منها، دمّرت حياتنا وقلبتها رأسًا على عقب"، يضيف محمد الذي صار حاله وحياته بين موت وخوف وتعب وجوع، "ويجب أن تموت 100 مرة حتى تأكل بعض الطعام ودون شبع، وتستطيع الوقوف على قدميك وإكمال حياتك".
ويقول إنها وجبة واحدة فقط، وبالكاد يمكن تسميتها كذلك، تحتوي بعض قطع الخبز الحاف (ليس معه شيء)، وفي وقت الرفاهية يرافقها صحن عدس، إذا أمكن شراؤه.
ويضيف "بدلا من ذهابي للمدرسة، أعمل مع أبي في الأشغال الشاقة بجمع الحطب وبقايا الحديد، وأقوم بمساعدته وجر العربة إلى السوق، وهناك نقف تحت أشعة الشمس الحارقة حتى نبيع ما جمعناه".
إعلانويختم "نشتري أي شيء لنأكله، وعندما ننتهي نكون بحالة تعب شديد، وملابسنا متّسخة، وأجسامنا ملتهبة من شدة الحر، وبعد كل ذلك، لا نجد الماء لنستحم أو نغسل ملابسنا وننام على هذا الحال، لك أن تتخيَّل".