في تحول لافت على الساحة الدولية، أثار القرار الفرنسي بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين ردود فعل متباينة، وسط ترحيب فلسطيني واسع وتحفظ إسرائيلي واضح، وينظر إلى هذه الخطوة باعتبارها مؤشرًا على تغير في السياسة الأوروبية ، ومحاولة لإعادة التوازن إلى مواقف ظلت لعقود منحازة لإسرائيل.

وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، أن الموقف الفرنسي يمثل نقلة نوعية في التعامل مع القضية الفلسطينية، وقد يكون بداية لتحول أوسع في المواقف الدولية تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

هاني سليمان: الاعتراف الفرنسي بفلسطين خطوة محورية تربك الحسابات الإسرائيلية وقد تعيد تشكيل المواقف الدولية

قال الدكتور هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن الاعتراف الرسمي من فرنسا بدولة فلسطين يعد من أهم القرارات السياسية في الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أنه قد يمثل نقلة نوعية في مسار القضية الفلسطينية، ويفتح الباب أمام تحول دولي واسع النطاق تجاه الصراع.

وأكد سليمان أن هذه الخطوة تحمل طابعًا محوريًا وتأثيرًا كبيرًا على صعيد الأصداء الإقليمية والدولية، مشددًا على أنها قد تكون نقطة انطلاق لعدد من الدول التي قد تحذو حذو فرنسا، مما يشكل ضغطًا مضاعفًا على الجانب الإسرائيلي.

وأوضح أن الصورة الذهنية لإسرائيل تتعرض لتآكل كبير في المحافل الدولية، نتيجة الجرائم والانتهاكات الموثقة التي ارتكبتها في غزة، وانتشار الحقائق على نطاق واسع، إضافة إلى صعود أصوات الحقوقيين والنشطاء الذين يكشفون جرائم الاحتلال، وهو ما يضعف قدرتها على تسويق روايتها الإعلامية التقليدية.

وأشار إلى أن رغم القوة العسكرية الإسرائيلية وهيمنتها الإقليمية في بعض المناطق، إلا أن الخسارة على مستوى الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية تعد خسارة لا تعوض ، بل تفوق في تأثيرها المكاسب العسكرية الظرفية.

وشدد سليمان على أن التحول الفرنسي من دولة داعمة تقليديًا لإسرائيل إلى جهة تعترف بدولة فلسطين يعد تحولًا بالغ الخطورة بالنسبة لتل أبيب، خاصة أن باريس كانت لسنوات طويلة شريكًا سياسيًا وثيقًا لإسرائيل، ليس فقط تاريخيًا، بل أيضًا خلال الحرب الأخيرة على غزة، حيث دعمت التحركات الإسرائيلية بشكل مباشر.

وأضاف أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر كان لها دور محوري في إعادة تشكيل الموقف الفرنسي، مشيرًا إلى أن انتقال فرنسا من مربع الدعم لإسرائيل إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيجعل إسرائيل في حالة ارتباك وتوجس من مواقف دول أخرى قد تتغير لاحقًا.

وأكد أن إذا ما تكررت خطوة الاعتراف الفرنسي من دول أخرى في سبتمبر القادم، فإن ذلك سيخلق زخمًا سياسيًا حقيقيًا يعيد ملف حل الدولتين إلى الواجهة، ويفرض واقعًا جديدًا أمام الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية.

ورغم أهمية الخطوة الفرنسية، حذر سليمان من التحديات المستمرة، وعلى رأسها استمرار حكم اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يسعى إلى فرض واقع عسكري كامل على غزة، ومواصلة مخططات التهجير والتوسع، متجاهلًا التحركات الدولية والضغوط الدبلوماسية.

وأوضح أن الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل سياسيًا وعسكريًا يمثل عقبة رئيسية أمام أي تحرك دولي حقيقي، معتبرًا أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطًا نزيهًا، بل طرفًا مباشرًا في الحرب ضد الفلسطينيين، وهو ما يقوض فرص الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.

ولفت إلى أن حل الدولتين كان مطروحًا سابقًا بجدية خلال فترة إسحاق رابين، لكن اغتياله وصعود اليمين المتطرف أنهيا أي أفق لتطبيقه، كما ساهمت ردود الفعل العنيفة وتصاعد العمليات في إضعاف فرص الحل بشكل نهائي.

وفي السياق نفسه، أوضح سليمان أن الظروف الحالية ليست مهيأة لتنفيذ حل الدولتين فعليًا، بسبب غياب الإرادة الإسرائيلية، فضلًا عن الهشاشة التي تعاني منها الجبهة الداخلية الفلسطينية، سواء على مستوى ضعف السلطة الفلسطينية أو تراجع حماس والفصائل من الناحية التنظيمية والمؤسسية.

واختتم سليمان تصريحاته بالتأكيد على أن الاعتراف الفرنسي يحمل دلالة رمزية كبيرة، قد تمهد لتحولات مهمة في المستقبل، لكنه أشار إلى أن الخطوة وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى تحركات دولية متتابعة، ودعم عربي وفلسطيني منسق حتى تترجم إلى نتائج ملموسة على الأرض.


 

طباعة شارك فرنسا فلسطين بالاعتراف بفلسطين جرائم الاحتلال القوة العسكرية الإسرائيلية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فرنسا فلسطين بالاعتراف بفلسطين جرائم الاحتلال القوة العسكرية الإسرائيلية بدولة فلسطین هانی سلیمان إلى أن

إقرأ أيضاً:

الخارجية الفلسطينية: إعلان كندا الاعتراف بدولة فلسطين تاريخى

رحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، بإعلان رئيس وزراء كندا، مارك كارنى، الاعتراف بدولة فلسطين فى سبتمبر المقبل.

وذكرت الوزارة، في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» اليوم الخميس «أن الإعلان الكندي موقف تاريخي وشجاع ينسجم مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ويساهم في تحقيق السلام، ويؤسس لعلاقات ثنائية متطورة بين كندا ودولة فلسطين في المجالات كافة».

وجددت مطالبتها للدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، أن تبادر لهذا الاعتراف وتختار الجانب الصحيح من التاريخ لوقف الظلم الذي حل بالشعب الفلسطيني، داعية جميع الدول لتوقيع واعتماد إعلان «نيويورك» وتحمل مسؤولياتها في وقف الإبادة والتهجير والضم وفي حماية حل الدولتين، بما يحقق أمن واستقرار وازدهار شعوب ودول المنطقة والعالم.

اقرأ أيضاًالخارجية الفلسطينية: نواصل التحرك لردع اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية

الخارجية الفلسطينية: إسرائيل تقوم بـ حملة إبادة جماعية ممنهجة في غزة

الخارجية الفلسطينية تدين «مجزرة المجوعين» في رفح.. وتطالب بوقف فوري للإبادة

مقالات مشابهة

  • الرئيس الفنلندي يعلن استعداد بلاده للاعتراف بدولة فلسطين
  • أردوغان: نرحب بكل خطوة نحو الاعتراف بدولة فلسطين
  • WSJ: اعتراف بريطانيا وفرنسا بدولة فلسطين يفتح الباب أمام تحولات غربية أوسع
  • تركيا ترحب بالخطوات المتخذة نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • حماس تثمن المواقف الدولية الإيجابية بشأن الاعتراف بدولة فلسطين
  • تركيا ترحب بالخطوات المتخذة للاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • الخارجية الفلسطينية: إعلان كندا الاعتراف بدولة فلسطين تاريخى
  • لإنفاذ لحل الدولتين.. كندا "تعتزم" الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر
  • كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين.. وتربط ذلك بشروط محددة
  • الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين خطوة رمزية تقلق إسرائيل