موقع النيلين:
2025-07-06@11:09:29 GMT

الكراهية بين تنظير علمي وواقع أليم

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT


يصادف يوم الثالث من يناير مرور سنة على قيام منشط علمي مهم، ففي هذا التوقيت من العام الماضي 2023 انعقدت الندوة الاستفتاحية للمؤتمر العلمي الأول لكلية الإعلام بجامعة أفريقيا العالمية بعنوان: (الإعلام وخطاب الكراهية- التحديات والحلول). أدار هذه الندوة البروفيسور علي محمد شمو الخبير الإعلامي المعروف، وكان حضورها أكثر مما توقعته لجنة تحضير المؤتمر، ويعزى ذلك إلى أن القضية المطروحة قد لامست وجدان كل الشعب السوداني، في وقت كنا نحسبه أسوأ ما يمر به تاريخ السودان إلى أن تبين لنا أن القدر كان يخبئ لنا الأسوأ، وأعقب الندوة في اليوم التالي افتتاح المؤتمر وجلساته التي ناقشت أكثر من عشرين ورقة علمية تناولت خطاب الكراهية بعدة مدلولات وجوانب سياسية واجتماعية وإعلامية ونفسية وقانونية، وجدت حظها من حضور متنوع أثرى هذه الأوراق بالنقاش الجاد والحلول التي كان يمكن بها إيجاد منفذ للخروج من نفق الكراهية الذي اقحم فيه شعب السودان المكلوم دون إرادته، إلا أنه ولعله سمة المجتمعات الأفريقية فيه أن العلم والسياسة فيه أعداء لا يتفقان، أو كامرأة وضرتها لا تجتمعان وإن كانت المصلحة بينهما مشتركة، ودائما ما أقول إننا لسنا في حاجة للتنظير والحديث، بقدر ما أننا في حاجة إلى وضع آليات التنفيذ ومراقبة ذلك واستمرارية الأدوات وديمومتها.

وأحزنني أن الكل اتفق على أن الكراهية هي المعوق الأول لنا في السودان لتحقيق تنمية وتطوير، ولكنه يظل حديث المساء المدهون بزبدة تخرج عليه شمس الصباح فتذيبها. لفت انتباهي في هذا المؤتمر الذي كلفت فيه بأعمال لجنة الإعلام أن المجتمع السوداني بكل طوائفه وقبائله أبدى حبه لهذه الفعالية التي تنبذ الكراهية، وأراد المشاركة وتفاعل مع كل ما دار فيها، واستبشرنا خيرا بأن لا يقف ذاك النقاش عند قاعة المؤتمر بل يتعداه إلى خروجنا كإعلاميين لتوعية المجتمع وخاصة مجتمعات الهامش وتعريفهم بضرورة المشاركة في صنع المحبة، إلا أننا لم نكن نعلم بأن الأيام كانت تدبر لنا من أنواع الكراهية ما لم نحسبه ولا نتخيله، حيث جاءت الحرب وكان لجامعة أفريقيا نصيبها من الدمار وأصابتها لعنة الكراهية التي أصابت الخرطوم كلها، وهي التي كانت تنادي بالمحبة والسلام. حينها سكت الكلام وحل بها ظلام وغمام ، وصارت خرابا وركام.
ولا أزال أتساءل يوما بعد يوم إلى متى نبحث عن حلول لمشاكلنا عبر البندقية، وإلى متى يظل العلم عندنا شهادة لا توفق بها حتى في إيجاد وظيفة، ولكنها تبقى مستندا مطلوبا في ملفك السري وإن كانت غير حقيقية. وإلى متى لا يكون العلم والمعرفة هما الهادي إلى سواء السبيل.
لا أجد في من يحمل السلاح متعديا على الآخر إلا جاهلا يستحق الاشفاق… وأراه لا يؤذي إلا نفسه، ولا يعلم من ذلك شيئا، إنهم قوم يجهلون لا يملكون وعيا، وتعريف الوعي أنه حالة دراية المرء بمحيطه والاستجابة له لكنه من الواضح أن هؤلاء لا يعلمون ماذا يحيط بهم ولماذا يفعلون ما يفعلون، ولو علموا و أدركوا لما فعلوا فعلتهم التي فعلوها، ولما اسكنونا دار البوار.
إن الكراهية لا تحارب بالكراهية، وإن السلام لا يأتي الا بالرأي الجمعي و إن الرأي الجمعي لا يتكون الا بوعي الأفراد ، والأفراد في عنق من وكلت لهم الزعامة و القيادة. وكل من علم ولم يعمل بما علم به وله بكلمة حق قالها ولم يسكت عن قولها، فقد أوفى بواجبه وقدم ما هو مطلوب منه. وفي ذلك يحضرني قول الشاعر أبو اسحاق الألبيري:
إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيراً
فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَو قَد جَهِلتا
وَإِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ
فَلَيتَكَ ثُمَّ لَيتَكَ ما فَهِمتا
إن حاجة المجتمع الآن إلى وعي وإدراك وصحوة من غفوة طالت كثرت فيها الكوابيس والأحلام، أكثر من حاجتها لاتفاقات دولية ترعاها جهات لا تعلم عن حالنا إذ نحن في حاجة لتربية وإعادة تأهيل وتعميق لعقيدة تسكن في القشور تذهب مع أولى رياح تدنو منها، ولا يتعلم الإنسان إلا من التجارب، وها نحن ننتظر ماذا يعلمنا الدرس… ويا ليته الدرس الأخير!

ليلى الضو أبو شمال

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

معاصر السمسم بين الماضي والحاضر.. إصدار علمي جديد يوثق إرثًا فلسطينيًا مهددًا بالاندثار

في خطوة علمية رائدة وغير مسبوقة في العالم العربي، أصدرت الدكتورة سارة محمد فارس الشماس كتابها الجديد بعنوان “معاصر السمسم بين الماضي والحاضر”، عن دار ببلومانيا للنشر، في توثيق علمي دقيق لصناعة السمسم التقليدية في فلسطين والمنطقة العربية، وهي صناعة ظلّت مهمشة لعقود طويلة في الدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، رغم أهميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكبيرة.

معلومات عن الكتاب

 

يُعد الكتاب أول دراسة علمية متخصصة تتناول هذه الصناعة، من زراعة نبات السمسم حتى عملية العصر، متتبعًا جذورها التاريخية والاجتماعية والاقتصادية، ومسجلًا مراحلها وأساليبها التقليدية، والتحديات التي تواجهها اليوم بفعل التغيرات المجتمعية والسياسية.

 

وينقسم العمل إلى محورين رئيسيين: الأول يُعنى بالجوانب الزراعية والثقافية والبيئية لنبات السمسم، والثاني يسلط الضوء على معاصر السمسم الفلسطينية التقليدية، مراحل العمل فيها، وأبرز نماذجها التاريخية التي ظلت شاهدة على صمود الشعب الفلسطيني وحفاظه على تراثه رغم كل الظروف.

 

تكمن أهمية الكتاب في كونه توثيقًا علميًا وحفظًا لذاكرة صناعة تقليدية مهددة بالاندثار، ليُعيد الاعتبار للتراث الفلسطيني ويساهم في تعزيز وعي الأجيال الجديدة بتاريخهم وهويتهم الوطنية، وإبقاء هذه الذاكرة حيّة كجزء من معركة البقاء والصمود الوطني.

 

نال الكتاب جائزة أفضل عمل علمي عن الحضارة الإسلامية لعام 2024 من اتحاد الأثريين العرب، تقديرًا لتميزه في الجمع بين البحث الأكاديمي الرصين، والتوثيق الثقافي العميق، كما يضم الكتاب خلاصات ودراسات حول تراجع هذه الصناعة وأسباب ذلك، إلى جانب تقديم رؤية علمية تسهم في إعادة إحيائها كرافد مهم للاقتصاد الفلسطيني، وتعزيز صمود المجتمع المحلي في مواجهة التحديات المختلفة.

الدكتورة سارة محمد فارس الشماس

 

الدكتورة سارة محمد فارس الشماس، باحثة فلسطينية مرموقة حاصلة على الدكتوراه في فلسفة مناهج الدراسات الاجتماعية وأساليب تدريسها، وتشغل حاليًا منصب مديرة متاحف الجنوب في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، ولها إسهامات بحثية وإعلامية واسعة في قضايا الهوية والتراث الوطني.

مقالات مشابهة

  • عودة: الأديان لا تدعو إلى العنف ولا تعلم الكراهية والحقد والإلغاء
  • جابر بغدادي: السلام أول مقومات الحضارة والإسلام لا يدعو إلى الكراهية
  • معاصر السمسم بين الماضي والحاضر.. إصدار علمي جديد يوثق إرثًا فلسطينيًا مهددًا بالاندثار
  • إجابات امتحان الحاسوب في الأردن – علمي وأدبي
  • همدان الروح
  • فرنسا بين شعارات الجمهورية وواقع التمييز.. المسلمون في مرمى السياسة
  • امتحانات الثانوية العامة 2025 .. ماذا سيؤدي طلاب علمي وأدبي غداً ؟
  • اليوم.. طلاب علمي بـ الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان الرياضيات التطبيقية
  • أنا ما عملت حاجة، أنا بس صفقَّت
  • محمد صلاح ينعى زميله جوتا بعد وفاته في حادث أليم: "لا أتخيل ليفربول من دونه"