قناة القاهرة الإخبارية قناة مصرية أثبتت تميزها وتفردها خلال الأحداث الأخيرة فى حرب غزة، خاصة أنها طورت من آلياتها وطرحها، واستطاعت أن تواكب جميع المتغيرات التى حدث على الساحة السياسية والإعلامية وغيرت وجهة العالم خاصة تلك الأنظمة العنصرية ومن يرعى الإرهاب الحقيقى وأطماع الغرب وازدواجية المعايير وحقوق الاستعمار القديم، وقد عاد بأوجه مختلفة أعلنت عنها تلك الحرب التى هى حرب للإبادة الجماعية لأهلنا فى فلسطين.
الوعى الإعلامى قضية مهمة لم تعد ترفاً أواستثماراً أو مجرد وسيلة ترفيه أو عملاً موجهاً لقضايا بعينها أو عملية إلهاء وتسطيح للفكر والتحكم فى المتابعين والمشاهدين أن الإعلام الجديد الذى ظهر حديثاً كبديل للكثير من الوسائط الإعلامية القديمة صار إعلاماً جديداً علينا دراسته ومتابعته والتواصل مع معطياته وآلياته حيث إنه إعلام قد غيَّر الوعى الجمعى الدولى والعالمى على المستوى الشعبى فى المقام الأول، كما استطاع أن يغير المواقف الدولية على المستوى الثانى من خلال التوثيق الحى بالصوت والصورة وأيضاً المتابعة والنشر والتعليق ومعرفة بوصلة الرأى العام فى بلدان عدة...
الإعلام الجديد متعدد الوسائط ولم تعد للصحف وحدها المكانة الأولى، وإن كانت لم تزل توثيقاً وتحليلاً وفكراً تستطيع أن تتعامل وتستفيد من الوسائط الإعلامية الجديدة وتقدم أطروحات فكرية وآراء علمية ومتخصصة تتابع وتحلل وتدرس كل ما يقدم الإعلام الجديد داخلياً وخارجياً على مستويات متعددة، فالصحافة القديمة عليها أن تتغير لتكون صحافة سباقة بالمعلومة والخبر والتحليل الذى تفتقر إليها الوسائط الإعلامية الجديدة من تويتر إلى فيسبوك وتليجرام وإنستجرام وتيك توك فكلها وسائط بحاجة إلى دراسة وضبط إيقاع وسلوك ومواكبة فى التحليل والنقد والفكر ومجموعة من القوانين والمعايير الإعلامية والقانونية الحاكمة التى لا يتحكم فيها مجرد المستخدم أو مجموعة الكتائب الإلكترونية فى طرح الشائعات أو توجيهه ممنهج للرأى العام أو نشر صورة مفبركة وغيرها من وسائل الاحتيال الفكرى من خلال إعلام مغلوط، لذا فإنه يتحتم على كليات وأقسام الإعلام والآداب والحاسبات أن تبدأ متابعة ما يجرى وطرح برامج جديدة للإعلام الجديد تعتمد على ما جرى وحدث من تقنيات وتكنولوجيا متطورة علينا جميعاً أن نسبق الحدث لا أن نكون ردة فعل.
إن التغير والتطوير العلمى والفكرى يحتاج إلى ثورة تعليمية أكاديمية تقبل بالجديد وتعترف بأن الوعى الإعلامى تغير تماماً من جريدة وصورة متداولة أو برامج تليفزيونية أو إذاعية معادة تنشر أخباراً تم تداولها عبر عدة منصات إعلامية ميسورة التداول والتفاعل.. فلنبدأ الآن بسرعة فى تحديث مجالات الدراسات الإعلامية التى تمزج الثقافة باللغة بالاجتماع بالتكنولوجيا بعلم النفس بالسياسة قبل الاقتصاد والأمن.. إنه الوعى الإعلامى الذى غير وسوف يغير موازين الكثير من القوى الفكرية والحضارية فى العالم الجديد..
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قناة القاهرة الإخبارية قناة مصرية حرب غزة الارهاب القناة الإخبارية المصرية فلسطين
إقرأ أيضاً:
قتل اثنين أخطر من قتل ٥٠ ألفا!
ما هذا العالم المنافق الذى نعيش فيه؟!
وما هذه الغابة التى صار الأقوى يأكل فيها الضعيف بكل قسوة؟!
إذا كان قتل اثنين من موظفى السفارة الأمريكية فى واشنطن يوم الأربعاء الماضى عملا إرهابيا ومعاديا للسامية ولليهود، ولا بد من اتخاذ إجراءات متعددة لمنع تكراره، فما هو المفترض أن يحدث حينما تقوم دولة ــ تسمى نفسها ديمقراطية وأخلاقية ــ بقتل أكثر من ٥٠ ألف فلسطينى، وإصابة أكثر من ١٠٠ ألف شخص آخرين وتشريد نحو ٢ مليون شخص، وتحويل المكان الذى يعيشون فيه إلى مكان غير قابل للحياة؟!
مواطن أمريكى لم يستطع أن يتحمل رؤية المزيد من جرائم الإبادة الجماعية فى غزة، فقتل اثنين من موظفى السفارة الإسرائيلية ثم سلّم نفسه بكل هدوء، وقامت الدنيا ولم تقعد، وتحرك غالبية المسئولين الأمريكيين ، وتحدث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن بشاعة الحادث، وأدانت دول كثيرة الحادث.
ليس خطأً أن تدين أى دولة فى العالم عمليات الاغتيال، والتى يفترض أن ندين كل هذا النوع من الأعمال لكن بشرط بسيط أن يكون موقفها أخلاقيا فى الحالات المماثلة، فإذا كانت هذه الدول قد أدانت قتل الموظفين الإسرائيليين، فما الذى يمكن أن تفعله إزاء جرائم الإبادة الإسرائيلية فى قطاع غزة؟!
هذا الحادث وحوادث أخرى مماثلة يؤكد لنا معنى شديد الخطورة وهو أن إسرائيل ومعها الإدارة الأمريكية ترى أن قتل اثنين من الإسرائيليين أهم وأخطر من قتل وإصابة ١٥٠ ألف فلسطينى وتشريد معظم سكانه، وهدم القطاع على رءوس ساكنيه.
وربما هذا المعنى هو الذى يفسر لنا سر عدم اكتراث إسرائيل بكل هذا العدد من الضحايا. فلو كانت إسرائيل تنظر لهم باعتبارهم بشرا متساوين ولهم حقوق إنسانية، لما ارتكبت كل هذه الجرائم.
ومن يتابع الجدل الدائر حاليا فى إسرائيل بشأن المجازر والمذابح المروعة فى غزة سوف يفهم هذا المعنى أكثر.
يائير غولان رئيس حزب الديمقراطيين ـ وهو الحزب المؤلف من تحالف بين حزب العمل القديم وحزب ميرتس اليسارى - أطلق تصريحا مهما خلاصته أن إسرائيل تقتل الأطفال فى غزة كهواية، وأن أى دولة عاقلة لا تتسلى بقتل الأطفال الرضع، وبالتالى فإن إسرائيل فى طريقها لتصبح دولة منبوذة على غرار ما حدث لجنوب إفريقيا العنصرية سابقا، وأن القتل وتهجير السكان يجب أن يتوقف».
تصريحات غولان أثارت الفزع فى المشهد السياسى الإسرائيلى، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصفها بأنها «منحطة ودليل على انحلال أخلاقى، وأن غولان الذى شبّه إسرائيل من قبل بالنازيين بلغ الآن دركا جديدا.
وحينما وقعت عملية مقتل الإسرائيليين الاثنين فى واشنطن فإن نتنياهو ووزير خارجيته جدعون ساعر اعتبر تصريحات غولان وأمثاله وقودا فى زيادة مشاعر العداء للسامية.
فى نفس التوقيت فإن رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود أولمرت، قال إن ما تقوم به إسرائيل فى قطاع غزة يقترب من كونه إبادة جماعية.
هذا ملخص لحالة الجدل فى إسرائيل هذه الأيام.
أقلية ضئيلة جدا ترى الصورة الصحيحة، وهى أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية، وأغلبية ساحقة تدعم نتنياهو وحكومة التطرف ترى عكس ذلك، وكان أبرز دليل عليها هو قول وزير المال سموتريتش مؤخرا، كما سوينا رفح بالأرض سنسوى كل غزة بالأرض، نحن لا ندمر البيوت لأننا نستمتع بذلك، بل لأن كل بيت هو نفق وسموتريتش نفسه قال أيضا لا تقلقوا، نحن نعمل بأقصى قوتنا فى غزة وفى الطريق لتدمير حماس فإننا ندمر ما بقى من القطاع».
وقبله وبعده فإن العديد من المسئولين الإسرائيليين يقولون: «يجب قتل كل طفل فلسطينى أو حتى رضيع لأن الجميع سواء».
حكومة نتنياهو اضطرت تحت ضغوط أوروبية وتلميحات أمريكية خجولة أن تهدئ من الاندفاع قليلا، ليس اعترافا بخطورة ما تفعله، بل وحسبما جاء فى افتتاحية صحيفة «هاآرتس» يوم الخميس الماضى، كحملة علاقات عامة، بل إن نتنياهو شرح لأنصاره الصورة بقوله: «نشأت مشكلة لأننا نقترب من الخط الأحمر» أى مشاهد المجاعة. وعلى حد تعبير «هاآرتس» فإن الخط الأحمر قد تم تجاوزه منذ زمن طويل، والدليل أن نتنياهو نفسه وفى نفس التوقيت وعد أنصاره بإكمال السيطرة على غزة، والمشكلة فى نظر نتنياهو وسموتريتش وبن غفير وأمثالهم ليست فى القتل والتدمير بل فى ضرورة شن حملة علاقات عامة حتى تهدئ عاصفة الانتقادات ضد إسرائيل وبعدها تعود آلة القتل للعمل فى النور بأقصى طاقتها.
(الشروق المصرية)