فريق من طلبة سنة أولى هندسة في أمريكية الشارقة يطورون حلول مواصلات مبتكرة باستخدام الفطر الغروري
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
الشارقة-الوطن
عمل فريق من طلبة الهندسة في السنة الأولى في الجامعة الأمريكية في الشارقة على مشروع اعتمد على استخدام نوع من الفطريات لتعزيز نظام المواصلات والنقل في مدينة الشارقة، حيث استخدم الطلبة في المشروع فطر غروري أحادي الخلية وسريع التعلم يعرف باسم “فيزاروم بوليسي فالوم”، والذي عندما يوضع في متاهة يوجد على أحد طرفيها مادة غذائية، يقوم بالتفرع في المتاهة حتى يصل إلى الغذاء ثم يسحب تفرعاته التي لم تصل إلى الطعام ليعرف ألا يذهب في تلك الاتجاهات في المستقبل.
وفي حديثه عن المشروع، قال الطالب حسن عقل، تخصص علوم الحاسوب والرياضيات: “قمنا في تجربتنا بإنشاء متاهة تمثل مدينة الشارقة وتركنا الفطر ينمو ويشكل شبكة نقل ومواصلات تكون مثالية. وما ألهم نهجنا هو أن هذا المفهوم كان قد حقق نجاحًا سابقًا في اليابان، وهي المعروفة بامتلاكها أحد أفضل أنظمة النقل على مستوى العالم. إن مقترحنا مبني على البدء بعملية إعادة تنظيم منخفضة المخاطر لوسائل النقل الحالية عبر هذه الشبكة، والتي بمجرد ثبات فعاليتها ضمن النظام الجديد، يمكن مثلاً لهيئة الطرق والمواصلات في الشارقة الاستثمار التدريجي فيها إلى أن تحقق الشارقة أحد أنظمة النقل الرائدة في العالم. وقد تميز مشروعنا بنهجه الواقعي وخطط الإدارة الواضحة، مما يجعله حلاً ممكنًا وقابلاً للتطبيق أمام تحديات النقل والمواصلات”.
ويتطلع المشروع المقترح الذي تم تقديمه تحت فئة “المدن المستدامة” في المسابقة، إلى الاستفادة من وسائل النقل الحالية مثل الحافلات، فضلاً عن تطوير وسائل نقل أخرى مثل قطار مغناطيسي معلق وأنظمة نقل تحت الأرض ونظام مترو.
وعمل الطالب عقل، الذي اقترح فكرة المشروع الأولية، بشكل وثيق مع زملائه في الفريق طالب هندسة الكمبيوتر رضوان العابدين عاصم، وطالب الهندسة الميكانيكية محمد سلمان، وطالب هندسة الكمبيوتر ريحان نجم على المشروع.
قال الطالب عاصم: “تمكنا في ظل حلنا الجديد بمساعدة الفطريات التي تختار أفضل طريق ممكن للوصول إلى وجهتها، من وضع اقتراح لأفضل الطرق الممكنة للحافلات وخطوط المترو التي يمكن مدها إلى حدود عجمان ودبي، مما يمكن الإمارات الثلاث من العمل بشكل تعاوني، فضلاً عن قطار مغناطيسي معلق يمتد من المجاز إلى خورفكان مما يسهل السياحة. كما أن أنظمة النقل تحت الأرض التي يمكن أن تبدأ من المناطق المكتظة بالسكان إلى المناطق الصناعية في الشارقة سوف تعمل على تقليل حركة المرور على الطرق السريعة مثل E311 وE11”.
كما تناول الطلبة في عرضهم التقديمي أمام لجنة تحكيم المسابقة، والذي استمر لمدة 10 دقائق، الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والإدارية لمشروعهم.
وكان الطالب سلمان والمسؤول عن الجانب الاجتماعي للمشروع قد حدد آلية تحسين نظام النقل لإحداث تأثير اجتماعي إيجابي على حياة الناس، وأشار أن أنه وعلى الرغم من أنه لا يزال في عامه الأول في الجامعة، إلا أن المهارات التي اكتسبها من بعض المساقات التي أخذها في الكلية ساهمت في عمله على المشروع، خاصًا بالذكر مساق “هندسة 110” الذي يأخذه جميع طلبة الهندسة في السنة الأولى في الجامعة الأمريكية في الشارقة، والذي من بين متطلباته المشاركة في مسابقة تدعو الطلبة للابتكار، وتعلمهم مهارات العمل ضمن فريق والتفكير التحليلي وحل المشكلات، وهي مهارات قال سلمان أنها كانت مهمة خلال مشاركتهم في السابقة وعملهم على المشروع، وهو ما تحدث عنه الطالب إقبال أيضًا قائلاً: “لقد تعلمنا الكثير عن العمل الجماعي وبناء الفريق خلال مساق “هندسة 110″ وقد ساعدنا ذلك كثيرًا. كنا منفتحين على الأفكار والنقد البناء، وحرصنا أن تكون جميع القرارات الرئيسية المتعلقة بالمشروع والعرض التقديمي مبنية على إجماع لفريق”.
تحرص كلية الهندسة في الجامعة الأمريكية في الشارقة على توفير بيئة تعليمية تعاونية، وتشجع الطلاب على المشاركة في المشاريع العملية والمبادرات البحثية والتدريب الداخلي الذي يعدهم لمواجهة تحديات العالم الحقيقي. كما توفر الكلية من خلال مرافقها ومختبراتها الحديثة جميع الوسائل التي يحتاجها الطلبة للتفوق في دراساتهم وإعدادهم ليكونوا قادة في مجالات تخصصهم، والمساهمة في تقدم الحلول التكنولوجية والهندسية على نطاق عالمي.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: فی الجامعة فی الشارقة هندسة فی
إقرأ أيضاً:
أمريكا.. من إرث الإبادة إلى هندسة الخراب العالمي
هذا النموذج الاستيطاني الذي قام على أنقاض أمة كاملة هو الذي يفسر -اليوم- الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي؛ فكلا الكيانين يشتركان في سياسية الإحلال وإبادة السكان الأصليين عن طريق التهجير والتدمير والقتل. فواشنطن ترى في الكيان الإسرائيلي امتداداً لنفسها، ولذلك تستمر في توفير الغطاء السياسي والعسكري للكيان ليمارس جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، معتبرةً أن السيطرة على موارد الشعوب هي حق طبيعي لـ "شرطي العالم".
إن الشرطَ الأَسَاسيَّ لمسيرة التاريخ الأمريكي وصيرورته وكل ما حقّقه من قوة وإنجازات مادية هو غياب الفضائل والحكمة والعقل والأخلاق والروح والعاطفة والرحمة والإنسانية، وسيادة التوحش والإباحية والكراهية والقسوة والانحلال الخلقي، أي باختصار نفي كُـلّ فضيلة إنسانية وأخلاقية وروحية عن الشخصية الأمريكية الرئيسية القيادية والنخبوية التي لعبت الدور الحاسم في أحداث التاريخ الأمريكي.
تبدأ القصة الدموية للولايات المتحدة من نقطة الصفر، حيث تأسس هذا الكيان على أشلاء السكان الأصليين بعد إبادتهم والاستيلاء على أراضيهم بقوة السلاح، لتؤسس واشنطن نهجها القائم على التوسع عبر الدماء.
ولم تكد تجف دماء التأسيس حتى دشنت أمريكا سلسلة حروبها الخارجية، كان أبرزها العدوان المبكر على شعب "نيكاراغوا" في عام 1833، مؤسسةً بذلك لسياسة "الحديقة الخلفية" في جنوب القارة الأمريكية، ومستخدمة عملاء محليين لضمان هيمنتها التي لا تزال مستمرة في اعتدائها على هذا الشعب حتى اليوم.
ومع طي صفحة الحرب العالمية الثانية، دشنت واشنطن حقبة جديدة من "إرهاب الدولة" المنفرد؛ ففي السادس والثامن من أغسطس 1945، ارتكبت الجريمة النووية الوحيدة في التاريخ بقصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، حاصدة أرواح ثلاثمائة ألف مدني في لحظات، ومخلفة إرثاً من التشوهات الخلقية يلاحق الأجيال.
امتدت الأذرع الأمريكية لتفتك بشبه الجزيرة الكورية مدمرة إياها ومكرسة تقسيمها إلى دولتين، قبل أن تغوص في وحل فيتنام في عدوان استمر عقدين من الزمان، وانتهى عام 1975.
هناك، أحرق الجيش الأمريكي الأخضر واليابس بمادة "العامل البرتقالي" السامة وقنابل "النابالم" المحرمة دولياً.
لم تتوقف الشهية العدوانية عند حدود آسيا، بل امتدت لتشمل المنطقة العربية والإسلامية؛ فخاضت حروباً مباشرة ومدمرة ضد أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن وإيران، مستخدمة أسلحة دمار شامل كاليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض الذي فتك بعشرات الآلاف من العراقيين، وصولاً إلى احتلالها الحالي لمناطق في سوريا، وتدخلاتها في الصومال، وتهديداتها المستمرة لكوبا وفنزويلا وإيران بذريعة البرنامج النووي.
وتتويجاً لهذا المسار التصعيدي، أوصلت السياسة الأمريكية الوضع في أوكرانيا إلى حافة الهاوية، مهددة الأمن القومي الروسي بشكل وجودي، ما أجبر موسكو على شن عمليتها العسكرية في فبراير 2022. وبدلاً من الحل، حولت واشنطن أوكرانيا إلى ساحة استنزاف لروسيا، مزودة كييف بكافة الأسلحة الفتاكة لفرض عزلة دولية على موسكو.
في عملية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أطاحت واشنطن عام 1954 برئيس غواتيمالا المنتخب ديمقراطيًا خاكوبو آربنز، ونصّبت هذه العملية الديكتاتورية العسكرية بقيادة كارلوس كاستيو أرماس، وهو الأول في سلسلة حكام مستبدين مدعومين أمريكيًا، واستعادت واشنطن مصالحها العسكرية والاقتصادية في غواتيمالا، التي شهدت -بسبب هذا الانقلاب- حربًا أهلية دامت 36 عامًا، سقط فيها أكثر من 200 ألف قتيل.
وفي جمهورية الدومينيكان يعتبر رافائيل ليونيداس تروخيو مولينا، ديكتاتور جمهورية الدومينيكان المدعوم أمريكيًا، مسؤولا عن مقتل ما بين عشرين ألفا وثلاثين ألف شخص في بلده، استمر في الحكم من 1930 وحتى اغتياله عام 1961، ثم جرى انتخاب حكومة جديدة ديمقراطيًا بقيادة اليساري خوان بوش، عام 1962، إنما تمت الإطاحة به في العام التالي، في ظل اتهامات أمريكية له بالضعف في مواجهة الشيوعية.
وفي 1965، تدخلت واشنطن خلال تمرد، لإعادة بوش للحكم، عبر جنرالات موالين لها، لكنها فشلت، فاحتلت هذا البلد بما يزيد عن أربعين ألف جندي.
وأُجريت في العام التالي انتخابات فاز بها موالون لواشنطن.. وأظهرت وثائق سرية (تم الكشف عنها عام 1980) أن تلك الانتخابات لم تكن نزيهة.
في 1983، احتلت واشنطن جزر غرينادا خشية امتداد نفوذ الاتحاد السوفيتي إليها، ولم تكن واشنطن راضية عن استيلاء الاشتراكي موريس بيشوب على السلطة في الجزيرة، عبر انقلاب غير دموي، عام 1979، ونتيجة لذلك الاحتلال قُتل بيشوف رميًا بالرصاص، وأصبحت الجزيرة تحت النفوذ الأمريكي.
في 1973 انقلب الجيش والشرطة في تشيلي على الرئيس المنتخب، سلفادور أليندي، وخلفه الجنرال أوغستو بينوشيه.
تحت حكم بينوشيه -الذي دام 27 عامًا- اختفى ثلاثة آلاف و200 سياسي في ظروف غامضة، واعتُقل أكثر من ثلاثين ألفًا آخرين تعرضوا للتعذيب في السجون، وكشفت المخابرات الأمريكية، عام 2000، عن وثائق تظهر أنها هي التي هيأت -بالتعاون مع جيش تشيلي- انقلاب بينوشيه.
خلال الثورة في المكسيك، أرسلت واشنطن قواتها لمحاربة الثوار دعما لنظام الديكتاتور الجنرال بروفيريو دياز، الذي سيطر على البلد لأكثر من ثلاثين عامًا، وفي 1913، أيدت واشنطن الانقلاب الدموي على ماديرو؛ للحفاظ على نفوذها، وتم تعيين الجنرال فيكتوريانو هويرتا رئيسًا.
عام 1915 يحتل الجيش الأمريكي هايتي للحفاظ على مصالح واشنطن الاقتصادية بها، وخلال الاحتلال، لقي آلاف الأشخاص حتفهم، حيث دعمت واشنطن الديكتاتور جان فيلبرون غيوم، ونظام العبودية، كما ساعدت شركات أمريكا الشمالية في مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي (الدونم يساوي ألف متر مربع)، وفي 1934 انسحبت واشنطن من هايتي، تاركة جيشًا مخلصًا لها، وبعد ستين عامًا أعادت احتلالها بزعم “الحفاظ على الديمقراطية”، بعد الإطاحة بنظام جان برتران أريستيد، عبر انقلاب، انتهى هذا التدخل بمغادرة الجنرال راؤول سيدراس، الذي كان يقف خلف الانقلاب، لهايتي، وظل فيها جنود أمريكيون وآخرون من الأمم المتحدة.
إن تتبّع المسار التاريخي للولايات المتحدة يكشف بوضوح أنّ السلوكيات العدوانية التي طبعت الحاضر ليست طارئة ولا منفصلة عن جذورها الأولى؛ فهي امتداد طبيعي لبنية قامت على الإبادة والتوسع القسري ومصادرة حق الشعوب في الحياة والاختيار، فمنذ أن بُنيت الدولة الأمريكية على ركام ملايين الضحايا من السكان الأصليين، وهي تواصل تمددها في العالم تحت الشعارات ذاتها: تفوق القوة، وشرعية السيطرة، وحق “الهيمنة الأخلاقية” المفترضة.
لقد أثبتت التجارب الدموية الممتدة من آسيا إلى أمريكا اللاتينية، ومن "الشرق الأوسط" إلى أوروبا الشرقية، أن واشنطن أكبر مصدر لعدم الاستقرار في العالم، مستخدمة أدوات متشابكة من الحصار والانقلابات والاحتلالات المباشرة والحروب بالوكالة. وكل هذا يجري تحت مظلة خطاب يبرّر القوة ويمحو الضمير الإنساني، ويعيد إنتاج منطق “الحديقة الخلفية” على نطاق عالمي.
واليوم، بينما تتورط الولايات المتحدة في صراعاتٍ مفتوحة بلا مخرج، وتخوض مغامرات استراتيجية تستنزف قوتها وتزيد من عزلة نفوذها، تظهر ملامح انتقالها من مرحلة “الدولة المهيمنة” إلى مرحلة “الدولة التي تحفر قبر نفوذها بيدها”، فإصرارها على فرض إرادتها بالقوة، وتجاهلها التحولات الكبرى في موازين القوى، يجعلها تسير بخطى ثابتة نحو انتحار استراتيجي لا يقل خطورة عن الجرائم التي رافقت صعودها.
وهكذا يتأكد أن التاريخ الأمريكي، الذي بدأ بالإبادة والاقتلاع، يمضي اليوم نحو نهايات تُشبه بداياته: صراع داخلي، ارتباك خارجي، وتآكل مكانة دولية لم تعد واشنطن قادرة على إنقاذها بالقوة أو الخطاب، فالعالم يتغير، والشعوب تنتفض، ومشروع الهيمنة الذي طالما استند إلى الدم والدمار يتهاوى أمام جغرافيا سياسية جديدة، ترفض الخضوع وتعيد كتابة قواعد الصراع والقوة.