بوابة الوفد:
2025-07-28@17:42:29 GMT

وثيقة التوجهات الاقتصادية وحدها لا تكفى

تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT

أعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مؤخرا إعداد وثيقة جديدة لأبرز التوجهاتِ الاستراتيجيةِ للاقتصادِ المصرى للفترةِ الرئاسيةِ الجديدة 2024-2030، بما يحدد أولويات التحرك على صعيد السياسات بالنسبة للاقتصادِ المصرى حتى عام 2030 سواءً فيما يتعلقُ بتوجهاتِ الاقتصاد الكلى، أو التوجهات على مستوى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة لنهضة الدولة المصرية.

ولا شك أن مثل هذا التوجه كان محل توصية وإلحاح دائمين من المجتمع الاقتصادى فى مصر خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية المتصاعدة التى بدأت تباشيرها مع الجائحة واتسعت تدريجيا مع الحرب الروسية الأوكرانية وتوابعها.

فكل دولة تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة يجب أن تحدد مسارات أدائها وتوضح المؤشرات المستهدفة والتوجهات والسياسات التى ستعمل عليها بما يمثل خارطة طريق واضحة المعالم فى النواحى الاقتصادية أمام الرأى العام.

ووفقا للوثيقة التى اطلعت عليها، فقد انصبت جهود الدولة المصرية خلال الفترة من 2019 على تبنى كافة السياسات اللازمة لتخفيف آثار تداعيات الأزمات العالمية وهو ما ساهم فى تحقيق معدل نمو فى المتوسط 5 فى المائة، مقابل 2.7 فى المائة كمتوسط عالمى. وبتعبير الوثيقة فإن معدل النمو الاقتصادى كان من الممكن أن يكون أعلى إن كانت معدلات النمو السكانى محدودة كما هو الحال فى دول منطقة اليورو، أو دول منظمة التعاون الاقتصادى.

وتقر الوثيقة بشكل واضح بالآثار السلبية للأزمات العالمية على مصر وتشير بصراحة إلى خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات غير المباشرة، وهو ما ارتفع بمعدل التضخم إلى 38.7 فى المائة وتراجع قيمة الجنيه رسميا بأكثر من 60 فى المائة.

ووضعت الوثيقة توجهات محددة تعمل عليها الدولة لمواجهة التحديات أبرزها تحفيز دور القطاع الخاص والاستثمار المحلى والأجنبى لزيادة المساهمة فى النشاط الاقتصادى وتوسيع مساهمة الاستثمار والتصدير فى الناتج المحلى الإجمالى، والعمل على وضع الدين المحلى فى حال مستدام دون زيادات جديدة، والإنفاق بشكل أكبر على العنصر البشرى خاصة فى مجال خدمات التعليم والصحة.

ومن يقرأ تفاصيل الوثيقة يجد مستهدفات طموحة جدا فيما يخص مختلف مجالات الاقتصاد، ويشعر بتفاؤل حقيقى تجاه المستقبل، غير أن ذلك وحده فى رأيى غير كاف، وقد سبق أن طرحت الحكومة تصورات متقدمة للاستثمار والتصدير ولم تتحقق.

وفى تصورى، فإننا فى حاجة ماسة لقصة نجاح لافتة تمثل استعادة كبيرة للقطاع الخاص للعمل بقوة فى مجال الإنتاج والصناعة التصدير. ومثل هذا النجاح يستلزم حوارا فعالا وعمليا بشأن الإجراءات الإصلاحية العاجلة لتحفيز القطاع الخاص للتشغيل، والعمل بقوة بما يكفل تحقيق المرجو من استقرار وانتعاش وتنمية مستدامة.

ولقد قلت وكتبت بأننا يجب أن نبحث عن تيسيرات حقيقية وحوافز إيجابية وحلول غير تقليدية لجذب استثمارات واسعة ومتنوعة لمختلف المجالات، بما يوفر فرص العمل الضرورية للمجتمع.

إن أهل مكة أدرى بشعابها، كما يقول المثل الشهير، لذا فإن على الحكومة أن تستمع بصبر واهتمام لتصورات ممثلى منظمات الأعمال وعلى رأسها اتحادات الصناعات والغرف التجارية والمستثمرين، وكبار الاقتصاديين ورجال الأعمال للتعرف على مواطن الخلل ونقاط الضعف للتعامل معها باحترافية وسرعة وحسم للخروج من الأزمة.

لقد أثبتت التجربة العملية أن القطاع الخاص هو أفضل مستثمر وأفضل مصنع وأفضل مسوق، وأن نتائج الأداء الذى كان القطاع الخاص فيه يشكل النسبة الأكبر فى التشغيل كانت أفضل كثيرا من نتائج الأداء التى كانت تغلب على التشغيل فيها المؤسسات الحكومية. وكل هذا يدفعنا دفعا إلى وضع تصورات واضحة تمنح القطاع الخاص الريادة الحقيقية وتستعيده مرة أخرى، فوثيقة التوجهات الاقتصادية وحدها لا تكفى. ومرة أخرى أقول: نحن فى حاجة لقصة نجاح متحققة للبناء عليها.

وسلام على الأمة المصرية

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د هاني سري الدين مركز المعلومات التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد للاقتصاد المصرى القطاع الخاص فى المائة

إقرأ أيضاً:

المراكز الصيفية ومهارات المستقبل

يتشكل مستقبل التعليم حسب (التوجهات التي تشكِّل التعليم لعام 2025)، من مجموعة من المتغيرات التي تؤثر على المجتمعات وتنعكس بالضرورة على التعليم باعتباره أساسا فكريا ومهاريا، يُسهم في التنمية البشرية، ويزوِّد المتعلمين بالمهارات اللازمة لمواجهة التحديات المتزايدة والتربية على مفاهيم المرونة والقدرة على التكيُّف وتجاوز الصعوبات.

ولأن الذكاء الاصطناعي يُعد أحد تلك التوجهات التي تشكِّل التعليم والتعلُّم وبناء مهارات المستقبل فإن معظم ما يُقدَّم اليوم في مجالات التعليم والتدريب المهاري قائم على برامج تلك التقنيات، إضافة إلى ما تقدمه برامج الواقع الافتراضي من مجالات واسعة للتعليم، الأمر الذي وجَّه أنماط التعليم في بلدان العالم إلى تأسيس أشكال جديدة من التواصل مع المتعلمين بُغية الوصول إلى رؤى تكيفية لتلك التوجهات تتوافق مع مستقبل التنمية وآفاق التطوير المجتمعي.

فهذه التوجهات كما تشكِّل التعليم والتعلُّم فإنها تعيد تشكيل سوق الأعمال، وأتمتة المهام الوظيفية، وتوسيع قدرات الآلات الذكية، لذا فإن تهيئة أنماط التعليم وتقديمه بكيفية تتناسب وتلك التوجهات، تجعل منه أداة مهمة للتغيير الإيجابي وتهيئة القدرات البشرية لمواكبة المتغيرات، إضافة إلى المساهمة في تحديد الاحتياجات التي تدعم تلك التوجهات وتعزِّز مجالات الاستفادة منها في المستقبل.

ولأن التعليم والتعلُّم يقوم على تلك التوجهات والتغيُّرات التي تكشف عن مسارات جديدة لحياة المجتمعات ومستقبلها، فإن الحاجة إلى التركيز على أنماط أكثر حيوية من الفصول الدراسية داخل أروقة المدارس والجامعات، دفعت المجتمعات إلى تأسيس المراكز الصيفية، بُغية الاستفادة من العطلات الصيفية الطويلة، وملء فراغ الناشئة والشباب بالمفيد والشائق والماتع من ناحية، وتقديم بيئات أكثر انفتاحا وأكثر مرونة في التعامل مع المحتوى والمهارات المقدمة.

فالمراكز والمخيمات الصيفية تُعد بيئة فاعلة للناشئة والشباب لتطوير مهاراتهم وبناء علاقات إيجابية مع الأقران والمجتمع، وتعزيز الثقة بالنفس، ودعم قيم تحمُّل المسؤولية والتنظيم وحل المشكلات، إضافة إلى التدريب والتأهيل وتنمية القدرات المهارية القائمة على البرامج التقنية الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تعزِّز إمكانات الإبداع والابتكار لديهم.

إن هذه المراكز لا تزوِّد منتسبيها بالمهارات التقنية وحسب، بل أيضا بأخلاقيات التعامل مع تلك التقنيات ومسؤوليات حُرية الرأي والإبداع والابتكار بما يتوافق مع مبادئ المجتمع وعاداته، إضافة إلى الأخلاقيات الإنسانية التي تُراعي الصدق والأمانة والنزاهة ومسؤولية الكلمة؛ ذلك لأن هذه التقنيات بما تحويه من برامج وتطبيقات تحتاج إلى وعي ودراية كافية للتعامل معها، لذلك فإن أنشطة المراكز الصيفية تُعد فرصة لتعزيز هذه القيم وتدريب الناشئة والشباب بشكل خاص وأفراد المجتمع عامة على مهارات التعامل مع دهاليز هذه البرامج والتطبيقات.

والحق أن عُمان واحدة من تلك الدول التي تعتني عناية فائقة بالمراكز الصيفية؛ حيث تنتشر في المحافظات وولاياتها، تقدِّم لمنتسبيها العديد من المناشط والفعاليات ذات البُعد الترفيهي التعليمي الاجتماعي، القائم على تعزيز التعلُّم ودعم الصحة النفسية والرفاهية، إضافة إلى بناء بيئة اجتماعية إيجابية تحفِّز مبادئ التعاون والتشارك وحل المشكلات. إن المراكز الصيفية في عُمان تسعى إلى أن تكون امتدادا أكثر انفتاحا ومرحا، وتعلُّما مرنا أكثر مما هو عليه في أروقة المدارس والجامعات.

فما تقدمه وزارة التربية والتعليم والمؤسسات الثقافية في كافة المحافظات، من برامج صيفية تهدف إلى تحقيق التوازن بين التعلُّم والترفيه من ناحية، وبناء مهارات أفراد المجتمع وتطوير قدراتهم بما يتوافق مع المعطيات التقنية والاجتماعية المتغيِّرة من ناحية أخرى، تُسهم جميعها في دعم مهارات المستقبل، وتهيئ منتسبيها للاستفادة من تلك المعطيات في إنتاج أنماط إبداعية وابتكارية جديدة.

إن هذه المراكز فرصة ليست للناشئة والشباب وحسب بل أيضا لأفراد المجتمع، من خلال برامج التدريب والتأهيل القائمة على ما يُسمى بـ (محو الأمية الرقمية)؛ ذلك لأن الدولة تتوجَّه إلى التحوُّل الرقمي، ونحن نجد الكثير من الخدمات التي يمكن إنجازها عبر التطبيقات الذكية، لذا فإن الحاجة إلى تدريب أفراد المجتمع ممن لا يستطيعون التعامل مع تلك التطبيقات ضرورة أساسية، لضمان مبادئ الخصوصية وتحقيق أهداف التحوُّل الرقمي، وكذلك تطوير مهاراتهم في التعامل مع البرامج العامة خاصة، ووسائل التواصل الاجتماعي التي يلجها الكثير من أفراد المجتمع دونما الوعي بمخاطرها وتبعاتها الاجتماعية الأخلاقية والقانونية، وبالتالي تأصيل ما يُسمى بـ (الأمن الفكري) للأفراد.

إضافة إلى ذلك فإن التدريب على التقنيات والبرامج الرقمية والإلكترونية، يشمل أيضا التوعية بأشكال الاحتيال الرقمي الذي يقتنص الناشئة والشباب وحتى أفراد المجتمع عموما، فما تقدمه الدولة من خلال المؤسسات المعنية من توعية مستمرة، يحتاج إلى تعزيز أيضا من خلال هذه المراكز باعتبارها بيئة خصبة للتعلُّم والتدريب، بما توفِّره من آفاق اجتماعية تتسم بالمرونة والتكيُّف، خاصة وأنها تشهد إقبالا لافتا من قبل فئات المجتمع المختلفة.

ولعل ما تقدمه المخيمات الصيفية من أهداف مرتبطة ارتباطا مباشرا بالتنمية الجسدية والفكرية ومهارات حل المشكلات والمرونة وبناء الشخصية، يمثِّل شكلا من أشكال تلك الآفاق التنموية القائمة على الاستثمار في أفراد المجتمع، وتنمية مهاراتهم بما يُسهم في بناء وطنهم ويعزِّز مشاركتهم الفاعلة في تحقيق الأهداف الوطنية؛ فاللقاءات والمخيمات والمعسكرات والبرامج التي تقدِّمها مؤسسات الدولة بالتعاون والشراكة مع القطاعات الخاصة والمدنية، تسُم جميعها في دعم أهداف تلك التنمية.

إن اللقاء الصيفي الدولي للجوالة 2025، والمخيمات الكشفية المتعددة، والمعسكرات المتنوعة، إضافة إلى برنامج (الانضباط العسكري) الخاصة بالطلاب؛ تقدِّم نماذج مهمة من نماذج التنمية البشرية للناشئة والشباب، من خلال تعزيز مهاراتهم القيادية المختلفة، إذ تُعد رافدا من روافد التنمية البشرية التي تتواصل خلال العام، إلاَّ أنها تنشط خلال الإجازات الصيفية، بُغية الاستفادة من طاقات الناشئة والشباب بشكل خاص، وتوجيهها نحو ما يعزِّزها ويدعم مهارات التعلُّم والتفكير الناقد والاستعداد لمواجهة التحديات والصعوبات، بما يعزِّز روح المواطنة الإيجابية.

وعلى أهمية تلك المراكز والمخيمات فإنه لابد من تعزيز الاستفادة منها ليس على مستوى المهارات الأساسية التي يعرفها المنتسبون، والتي قد تتوَّفر لهم في الحياة اليومية أو حتى عبر الوسائط التقنية المختلفة التي يمارسونها بشكل يومي، بل يجب التركيز على مهارات المستقبل وآفاق الرؤى التقنية والثقافية والاقتصادية والبيئية التي تُسهم في تمكينهم وتهيئتهم، وتنمي قدراتهم، وتفتح أمامهم مداخل جديدة غير مرئية، فالمكرور والمُعتاد لا يقدِّم معرفة ولا يضيف إلى هذه الأجيال المتطلِّعة التي تسعى دوما نحو الجديد المختلف.

إن المراكز الصيفية والمخيمات بكافة أشكالها تُعد بيئة خصبة للتعلُّم واكتساب المهارات، ولذلك فإنها مختبرات علمية وفكرية واجتماعية وثقافية، تمكِّن أفراد المجتمع عامة، والناشئة والشباب بشكل خاص من تحقيق العديد من الأهداف على مستوى التنمية البشرية وتوسِّع مداركهم وآفاق معارفهم ليكونوا متطلعين نحو المستقبل، وهذا لن يتحقَّق سوى بالتعلُّم والتدريب على كل ما هو جديد في المجالات المعرفية المختلفة.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • تكامل القطاع الخاص والحكومة .. شراكة وطنية لتعزيز الصمود الاقتصادي في مواجهة العدوان
  • 4205 مستفيدين من “حافز” في القطاع الحكومي و6470 في الخاص
  • قرار يقضي بربط العلاوة السنوية بالأداء للعمانيين في القطاع الخاص
  • الدليمي:تشغيل الشباب في القطاع الزراعي يساهم في تقليص التصحر وتحقيق الأمن الغذائي
  • تمكيناً للكفاءات الوطنية في مستشفيات القطاع الخاص.. بدء تطبيق قرار توطين مهن طب الأسنان بنسبة 45 %
  • أكد على دور القطاع الخاص..أبونيان: خطة خمسية لتعزيز الشراكات الاقتصادية مع سوريا
  • البصرة.. الإعلان عن تجمع اقتصادي جديد لدعم القطاع الخاص
  • المراكز الصيفية ومهارات المستقبل
  • ياسر أبو شباب يظهر مجدداً في مقال رأي: الأراضي التي استولينا عليها في غزة لم تتأثر بالحرب
  • أكثر من 96 ألف وظيفة جديدة في 2024… القطاع الخاص الأردني يقود النمو