انشغل الوسط السياسيّ بزيارة كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الأمن والطاقة أموس هوكشتاين، الخاطفة الى بيروت واجتماعاته مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، معربا عن شعوره بالأمل من أن «نتمكن من العمل والمضيّ قدماً في هذه الجهود للوصول سوياً لحل يسمح للشعب اللبناني من الجهة اللبنانية ومن الجهة الأخرى العيش بأمان والتركيز على مستقبل أفضل».


وقال الرئيس بري لـ«الشرق الأوسط» إن هوكستين «أتى بأفكار لا مبادرة، وطرحنا في المقابل أفكاراً أخرى». وأضاف: «لم نتفق على كل شيء، لكننا سندرس أفكاره وسيدرس أفكارنا، ونعود للقاء».
وأوضح بري أن الموفد الأميركي «لم يحمل طرحاً محدداً، لكنه يحاول تخفيف التوتر في لبنان وفي غزة». وختم قائلاً: «لا أستطيع أن أقول إني متفائل أو متشائم، لكني أقول إن هناك فرصة».

وكتبت" النهار": لعلّ الواقعية التامة التي طبعت ما نقله الموفد الأميركي كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين الى بيروت امس، شكلت مبعث أمل حقيقيا لدى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم في امكان احتواء الواقع الميداني والتصعيدي عند الحدود الجنوبية مع اسرائيل ولو لم يعبروا عن ذلك علنا في انتظار رصد ما ستتركه "اقتراحات" أودعها في لبنان وإسرائيل. اذ ان مهمة هوكشتاين تشمل شقين متدرجين على قاعدة تبريد الجبهة الميدانية أولا، ومن ثم الانطلاق في مفاوضات غير مباشرة لحل ديبلوماسي. والمعلومات المتوافرة تشير الى ان هوكشتاين يعمل على الصيغة التي تشكل جوهر حركته ووساطته، وينطلق في تلك الصيغة من القرار الدولي 1701 الذي يريده ركيزة للحل الديبلوماسي، مستبعداً الخيار العسكري، وداعياً في كل لقاءاته إلى ضرورة العمل بأقصى درجات الحذر وضبط النفس لمنع الانزلاق إلى الحرب الموسعة، مؤكداً الضغوط التي تمارسها بلاده في كل الاتجاهات ولا سيما في اتجاه إسرائيل لمنع انزلاق كهذا. هو اكد ان امام لبنان فرصة جدية لبداية حل جدي لتطبيق الـ 1701 والتركيز يجري حالياً على الآليات التي ستسمح بذلك في ظل النقاط الخلافية الأساسية التي لا تزال عالقة.
هوكشتاين لم يحمل عرضا بل مجموعة من الافكار. وسمع من رئيس مجلس النواب نبيه بري ضرورة وقف اسرائيل حربها في غزة وجنوب لبنان. وسبق لهوكشتاين ان ناقش هذه الأفكار مع الجانب الاسرائيلي.
وفي المعلومات انه جرى التركيز في اجتماعاته على التمسك بالقرار 1701 وان اي ترتيبات على الحدود في الجنوب مع اسرائيل لا يمكن البحث في تفاصيلها قبل وقف المواجهات العسكرية. وكان هناك تشديد من جانب الرئيس بري ان تشمل كل عملية تثبيت الحدود في البر ومعالجة كل النقاط من الى b1 في راس الناقورة وصولا الى مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.
وردا على سؤال اذا طرح هوكشتاين ابعاد "حزب الله" من البلدات الحدودية، رد بري : اذا كان هذا المطروح فليطبق عندها (اسرائيل) أيضا".
وكتبت" نداء الوطن": إنّ جوهر ما طرحه هوكشتاين يستند إلى ثلاث نقاط:
أولاً- إنّ التوجه في غزة هو وقف الأعمال القتالية مع الحفاظ على الأعمال الحربية الانتقائية.
ثانياً- ليس من مصلحة لبنان الاستمرار في تسخين الجبهة الجنوبية ما دامت الأمور متّجهة إلى بداية حل على المستوى الفلسطيني.
ثالثاً- إقترح هوكشتاين العودة إلى وقف الأعمال الحربية بين لبنان وإسرائيل على أن يتراجع «الحزب» 8 كيلومترات عن الحدود ما يسمح بعودة النازحين على جانبي الحدود. وهذا التراجع هو مدخل لطرح مشروع حل لنقاط النزاع على الحدود البرية. وفي الوقت نفسه، يجري العمل على نشر 10 آلاف جندي لبناني كي يعملوا مع قوات «اليونيفيل» على تطبيق القرار 1701.
وعُلم أنّ التفاوض على الحدود البرية، لن يكون عبر اللجنة العسكرية الثلاثية، إنما بإجراء جولات تفاوض غير مباشر تقوم على تبادل الأوراق والمقترحات والجولات المكوكية بين بيروت وتل ابيب، وسيتولاها هوكشتاين نفسه.
كما عُلم أنّ هوكشتاين أطلع من الذين التقاهم على موقف «حزب الله» وخلاصته: «الخطوة الأولى يجب ان تكون وقف العدوان على غزة، وأي مبادرة خارج هذا الإطار غير جدية وهدفها التغطية على الجرائم الإسرائيلية، وأنّ «الحزب» عندما تتوقف الحرب سيكون مسانداً للدولة في مسألة الحدود البرية، وليس بديلاً منها».
ونقل زوار مرجع سياسي عنه قوله إنّ زيارة هوكشتاين «تفتح مساراً ايجابياً، وأنّ كل شيء في هذا المضمار يبنى عليه دولياً». وأعرب عن اقتناعه بأنّ الحرب «لن تتوسع في لبنان» على الرغم من جنوح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى «التصعيد»، مؤكداً أنّ «حزب الله» لا يريد توسيع النزاع في الجنوب، وهو لهذه الغاية يحرص على أن يستهدف في مواجهات الجنوب المراكز العسكرية الإسرائيلية.

وأشارت مصادر مواكبة للزيارة لـ»البناء» الى أن «الموفد الأميركي قدّم تصوراً لتسوية النزاع على الحدود على قاعدة الحل الوسط بين لبنان و»إسرائيل» من دون أن يأتي على ذكر مزارع شبعا، لكنه لم يدخل بالتفاصيل ولم يتحدّث عن توقيت التنفيذ، بل أكد على ضرورة تهدئة الجبهة بأسرع وقت ممكن لكي لا تتمدّد الحرب أكثر»، ولفتت الى أن هوكشتاين كان بجو أن الوضع على الحدود ارتبط بالحرب في غزة، ولا يمكن البحث عن مقترحات جدّية قبل انتهاء العدوان على غزة، وهذا فحوى ما سمعه من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، بأن أيّ حل يجب أن يستند على قاعدتين: انسحاب قوات الاحتلال من جميع الاراضي المحتلة لا سيما مزارع شبعا ونقطة بـ 1 والثانية توقف العدوان على غزة.
وأوضحت المصادر أن «هوكشتاين كان أكثر واقعية بصعوبة الحلول في ظل استمرار الحرب في غزة، وهذا ظهر في تصريحاته، ولذلك هوكشتاين يعمل على مسارين الأول: البحث عن حلول وسطية ترضي الطرفين، والثاني تهدئة الجبهة والتخفيف من حدة القصف والتصعيد المتبادل ريثما يتم وقف إطلاق النار في غزة لتطبيق أي اتفاق. وطالما أن المرحلة الثالثة من الحرب ستنطلق قريباً وبالتالي ستخف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ما يسمح بتهدئة الجبهة الجنوبية».

ووصفت مصادر سياسية ما نقله هوكشتاين من أفكار وطروحات بانه لم يكن بمثابة إنذار إسرائيلي  مباشر  للبنان، ولكنه يدق ناقوس الخطر وينبه إلى خطورة الاوضاع، وقد بات ذلك  يتطلب معالجة سريعة وباقرب فرصة ممكنة، قبل فوات الأوان.
وتوقعت المصادر ان يعود المستشار الرئاسي الاميركي إلى لبنان في وقت قريب، لتسلم ردود حزب الله على الافكار التي حملها، والمرتقب ان ينقلها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليقرر الخطوة المقبلة في اطار مهمته.
وعلمت»  اللواء»  ان زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الى لبنان هي امتداد لزيارة وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن الى المنطقة، وهي ذات طابع استطلاعي من دون ان يحمل معه اي مشروع اتفاق نهائي حول القضايا المطروحة ربطا بالجبهة الجنوبية وذلك بحسب مصدر دبلوماسي غربي واسع الاطلاع. اذ تبدى اخيرا ان حزب الله لن يتيح اي باب للتفاوض قبل وقف العدوان الاسرائيلي على غزة وهذا ما كان واضحا من كلام امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير،  وكذلك من المناخ الذي نقله الرئيس نبيه بري واللواء عباس ابراهيم الى حزب الله، وهما بحسب المصدر الدبلوماسي  الغربي «المعنيان الوحيدان  بالتفاوض الجاري حاليا حول الوضع الجنوبي».

الزيارة الخاطفة لهوكشتاين بدأت بلقاء قائد الجيش العماد جوزف عون ثم زار السرايا حيث التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وشدد على "ضرورة العمل على تهدئة الوضع في جنوب لبنان، ولو لم يكن ممكنا التوصل الى اتفاق حل نهائي في الوقت الراهن". ودعا الى "العمل على حل وسط مؤقتا لعدم تطور الامور نحو الاسوأ". ثم التقى هوكشتاين رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث أدلى على الاثر بتصريح قال فيه "نحن في مرحلة ووقت صعب وطارئ يتطلبان العمل بسرعة وأنا مسرور لأنني تمكنت من لقاء الحكومة اللبنانية وقائد الجيش للبحث في كيفية الوصول الى حل ديبلوماسي للأزمة على الحدود بين لبنان وإسرائيل … أننا نفضل الحلول الديبلوماسية للازمة الحالية، وانا اؤمن بقوة أن الشعب اللبناني لا يريد ان يرى التصعيد في الازمة الحالية لازمة أبعد من ذلك، لذا نحن بحاجة للوصول الى حل يسمح للشعب اللبناني العودة الى منازله في جنوب لبنان والعودة الى حياتهم الطبيعية، كما ينبغي ان يتمكن سكان الشمال في إسرائيل من العودة الى منازلهم والعيش في أمان، هذا هو هدفنا". وقال:"لقد سمعتم ما قالته الحكومة الاسرائيلية بأن هناك نافذة ضيقة وانهم يفضلون حلاً ديبلوماسياً ، وأعتقد ان هذا هو الواقع نحن نعيش الآن في أزمة ونود ان نرى حلا ً ديبلوماسيا وأعتقد ان الجهتين تفضلان الحل الديبلوماسي ومهمتنا ان نصل الى هذا الحل".
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجبهة الجنوبیة على الحدود نبیه بری حزب الله على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

اليمن نموذج ناصع في مواجهة أطماع التوسع الاستعماري

عمير:الجبهة اليمنية وصراع الصمود ضد الهيمنة الضبيبي:صنعاء والضاحية.. وفاءٌ مؤصل وعهدٌ أبدي لا يسقطه التقادم التبعي:اليمن وصمود الأُمَّــة في مواجهة العدوان

 

اليمن نموذج ناصع نكس كل رايات المستكبرين على امتداد الأرض اليمنية وسيظل يمن الإيمان والحكمة والجهاد سندا للأشقاء في فلسطين ولبنان.. اليمن نموج حي نكس كل رايات المستكبرين على أمتداد الأرض اليمنية حتى تحرير الأرض العربية من التواجد العسكري الاستعماري وتطهير مسرى الرسول الكريم ..

الثورة  / أمين رزق

البداية مع الأخ / رهيب التبعي الذي تحدث قائلا: في قلب الجزيرة العربية، يقف اليمن اليوم نموذجًا حيًّا للصمود والتحدي، حَيثُ تواجه الجبهة الوطنية مشروعًا توسعيًّا يفرضه تحالف واسع يضم السعوديّة والإمارات، مدعومًا من أمريكا وكَيان الاحتلال، مع المنافقين الذين عملوا على نشر الفرقة وتقويض الإرادَة الوطنية ومع كُـلّ هذه الضغوط، ظل الشعب اليمني ثابتًا، يثبت يومًا بعد يوم أن القوة الحقيقية لا تُقاس بالسلاح أَو المال، بل بالإيمان العميق بالقضية، وبالتمسك بالحق الوطني والديني في مواجهة كُـلّ محاولات الهيمنة.

لقد أثبت اليمنيون أن الصمود يمكن أن يكون استراتيجية ناجحة عندما يتحد الناس حول مشروع واضح وهدف سامٍ وفي قلب هذا الصمود، يقف السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله، الذي أسّس قيادة مبنية على رؤية واضحة ودروس مستمدة من القرآن الكريم، تربط بين الصمود والإيمان، وتحوِّل المعاناة إلى طاقة دافعة للعمل والوعي فقد أكّـد منذ البداية أن مواجهة العدوان ليست معركة على السلطة أَو النفوذ، بل هي صراع للحفاظ على سيادة اليمن وحماية كرامة شعبه، وأن أي نصر حقيقي يبدأ بالوعي الجماعي وبالثقة في النفس قبل أية حسابات ميدانية.

وقد أثبتت السنوات أن هذه الرؤية كانت حجر الأَسَاس في بناء جبهة وطنية متماسكة، قادرة على مواجهة أصعب التحديات ومع تزامن احتفال الشعب اليمني بعيد الجلاء الذي شهد طرد آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، يواصل الشعب اليمني اليوم نضاله المُستمرّ ضد الاحتلال السعوديّ والإماراتي والأمريكي، ولن يهدأ حتى استكمال تحرير الجمهورية اليمنية من هذا الاحتلال، وتحقيق أهداف الثورة اليمنية التي انطلقت في 21 سبتمبر 2014 ضد الوصاية الأمريكية والسعوديّة والإماراتية والصهيونية وأدواتهم العميلة في اليمن وفي هذا السياق، يحتفل الشعب اليمني اليوم أَيْـضًا بذكرى ثورة 30 نوفمبر، ليجسد رابطًا بين الماضي الوطني العريق والحاضر المقاوم، مؤكّـدًا أن إرادَة الشعب اليمني لم تنكسر وأن الكرامة الوطنية أسمى من كُـلّ محاولات الهيمنة لم يكن العدوان على اليمن مُجَـرّد حرب تقليدية، بل حملة شاملة استهدفت تفكيك البنية الاجتماعية والاقتصادية، ومحاولة إخضاع الإرادَة الوطنية، وتمويل صراعات داخلية عبر أدوات محلية وخارجية ولكن قدرة القيادة اليمنية على قراءة المشهد بوعي، وتحويل الضغوط إلى أدوات تعزيز للوحدة الداخلية، أكسبت الجبهة صلابة غير متوقعة، وجعلت أي محاولة لكسر إرادتها أشبه بمحاولة هدم جبل صخر وهنا يظهر بوضوح الفرق بين قوة الموارد المادية وقوة الإرادَة الحقيقية، حَيثُ أثبت اليمنيون أن الإيمان بالقضية والالتزام بالحق يكسبان الأُمَّــة عزيمة لا يمكن لأي حصار أَو تهديد أن يضعفها.

كما أن اليمنيين لم ينسوا دورهم في دعم الشعوب المظلومة، فقد كانت مواقفهم تجاه فلسطين نموذجًا للتلاحم بين الواجب الإنساني والقيم الوطنية، فقد وقفت الجبهة اليمنية إلى جانب المظلومين في غزة ولبنان وغيرها، مردّدة صوت الحق في وجه الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، مؤكّـدين أن التضحية ليست خيارًا، بل مسؤولية أخلاقية ووطنية تتجاوز الحدود.

وهكذا أصبح اليمن رمزًا للمقاومة الحرة، وأضحى نموذجًا في المنطقة على أن الشعوب لا تُهزم عندما تكون على حق، مهما عظمت القوى التي تحاول استلاب إرادتها وما يميز التجربة اليمنية اليوم هو أن القيادة لم تكتفِ بمواجهة الخارج، بل نجحت في تعزيز الوعي الداخلي، وتوحيد المجتمع حول مشروع مشترك يحمي الوطن ويصون القيم، ويحوِّل الصراع من معركة عسكرية إلى مشروع ثقافي وسياسي شامل فالجبهة اليمنية، بقيادة السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله، استطاعت أن تبني استراتيجية متكاملة تجمع بين القوة، الوعي، والإيمان، وتثبت أن الأُمَّــة التي تؤمن بقضيتها لا يمكن أن تنكسر مهما اجتمع عليها الأعداء وفي خضم هذا الصراع الطويل، يظل الدرس اليمني حاضرًا لكل الشعوب الحرة:

إن الانتصار الحقيقي يبدأ بإيمان الناس بحقهم، وبقيادة صادقة تعرف طبيعة المعركة، وتربط بين الأرض والسماء، والميدان بالقيم ولذلك فَــإنَّ اليمن اليوم ليس مُجَـرّد صمود، بل رسالة واضحة للعالم بأن الجبهة التي تؤمن بقيمتها وبإرادَة شعبها، وتتمسك بالحق، قادرة على مواجهة أي تحالف من القوى الظالمة، وأن الاستسلام ليس خيارًا أبدًا للشعب الذي يعرف قدره ويثق بقيادته

وفي نفس السياق يقول الأخ / أحمد الضبيبي إن في لحظة تاريخية فارقة، حَيثُ تتهاوى أبنيةُ التبعية تحت وطأة الخِذلان المريع، وتتعالى صيحاتُ الاستكبار الكوني لتحيل خارطة الأُمَّــة إلى حطام، تبرز ظاهرة قدسية تكسر حاجز الصمت والتخاذل إنها فكرة، وعقيدة، وخط دفاع أخير يُعرَف بـ”محور المقاومة” لم يعد الأمر مُجَـرّد تجمع عسكري أَو تكتل سياسي عابر؛ بل هو اندماج قدري، بين إرادات صلبة، تتجلى فيه أواصر لا ترهبها طائرات العدوّ الأمريكي والصهيوني ولا تذيبها رمال النسيان.

إن ما يربط صنعاء العصية بضاحية بيروت المقاومة ليس مُجَـرّد تنسيق جغرافي، بل هو قسم علوي مهيب، محفور بأبجدية الدم المنجز لقد كانت المقاومة الإسلامية، سيف الأُمَّــة وغمد عزتها، أول من أدركت ببصيرتها الثاقبة أن العدوان على اليمن والمأساة اليمنية لم تكن حدثًا منعزلًا، بل هي محور استئصال واختبار مصير يستهدف قلب المحور الاستراتيجي وكسر العمود الفقري للمقاومة، مدركة أن العدوان لم يكن على الجغرافيا اليمنية وحسب، بل على شريان العقيدة الواحدة منذ اليوم الأول للعدوان الغاشم على اليمن، انبثق صوت سيد شهداء الأُمَّــة والإنسانية، السيد الأسمى حسن نصر الله -رضوان الله عليه-، مدويًا كالجلجلة، لا يخطئه صمت المتخاذلين ولم تكن خطاباته مُجَـرّد بيان سياسي، بل كانت مظلة سيادة وصيحة حق نافذة، نسفت أوهام شرعية العدوان المزعومة وكشفت عري المشروع التآمري وفضحت زيف ادِّعاءاته، مصنفة إياه نكسة أخلاقية وتاريخية بامتيَاز، هذا الموقف شكّل درعًا إعلاميًّا ومعنويًّا حمى الصمودَ اليمني من الانهيار في عصف التضليل الدولي.

إن ارتقاءَ الترسانة اليمانية الباسلة، من الصواريخ الباليستية وفوق الصوتية إلى المسيرات الكاسرة للهيمنة، التي باتت تخرق عمق دول العدوان وتخنقُ كَيان الاحتلال الصهيوني في البحر الأحمر والعربي، هو ثمرة جهادية مشتركة تعلن ميلاد مفهوم جديد للأمن الإقليمي تحت سلطة الإرادَة الجماعية للمقاومة، إن الموقف اليمني اليوم تجاه حزب الله في لبنان، في غمرة المعركة الوجودية، ليس وليد استجابة ظرفية، بل هو وفاء مؤصل لأهل الوفاء، وفرض عين قدري ووفاء سرمدي لفضل لا يُمحى، ودين كرامة مستحق ومؤبد لا يسقطه التقادم لأهل العزة الذين لم يتزلزلوا حين ارتعشت الأقدام، واعتراف بفضل سابق حفرته المقاومة بأظافرها الفولاذية في جسد المعركة اليمنية القدسية الموقف اليمني اليوم، بإعلانه الصارم واللا متناهى، بأن أي عدوان على لبنان وحزب الله سيجد اليمن بكامل قوته في قلب المعركة، هو تأكيد لدين الكرامة والوفاء المنقوش في ذاكرة الأحرار وعهد الشرف الذي لا يسقط بالتقادم، وأن اليمن لا ينصر أخاه وحسب، بل يشاركه المصير والفتح، فبينَ صمود اليمن الشامخ ووعي لبنان الثابت، تُعاد صياغة المعايير ليشرق فجرُ السيادة الحقيقية كطود أشم لا تبلغه سهام التخاذل هذا الميثاق هو إعلان بليغ يعيد تشكيل وجه التاريخ بمطرقة الحق، ويرسم خطًا أحمر جديدًا للعزة لا يمكن تجاوزه، مؤكّـدًا أن تجزئة المصير هي استحالة عقائدية في قاموس الأحرار هذه الملحمة اليمنية بصمودها الأُسطوري هي دليل دامغ على أن عقيدة المقاومة لا تعرف الجغرافيا، بل تتحد في وجه الاستكبار الكوني وهذا التلاحم يرسل برقية مشفرة إلى كُـلّ من يراهن على تجزئة المحور وعزله، لن يُفرد أي جزء من محورنا بالاستئصال، فالعدوان على طرف هو عدوان على الكل إن النصرَ الحقيقي لليمن وهزيمة المعتدين فيه، هو الذي يعيد للأُمَّـة مجدها وعنوانها الأقدس، وهو الطريق الذي يمر حتمًا بفك قيد المسجد الأقصى وقد علمنا موقف حزب الله أن المبادئ تُصان بالتضحية لا بالمساومة، وأن الأخوة الإيمانية تتجلى في أصعب الظروف وأخطر الثغور.

أما الأخ /شاهر أحمد عمير فيقول :إنَّ جبهةً معها الله لا تنكسر ولو كان ضدَّها الوجود كلُّه، وهذه الحقيقة تتجلى اليوم في المشهد اليمني بكل وضوح، حَيثُ يقف الشعب اليمني في جبهة متماسكة تقودها إرادَة الإيمان والوعي، ويقودها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله بثباتٍ ورؤيةٍ استراتيجية جعلت من هذه الجبهة رقمًا صعبًا في معادلات المنطقة فالمعركة التي يخوضها اليمن ليست معركة حدود أَو نفوذ فحسب، بل معركة وجو في مواجهة مشروع واسع تتشارك فيه أمريكا وكَيان الاحتلال والسعوديّة والإمارات، ومعهم المنافقون الذين باعوا مواقفهم وتحولوا إلى أدوات في آلة الهيمنة الخارجية.. لقد حاولت هذه القوى أن تكسر إرادَة اليمنيين عبر الحرب الاقتصادية والعسكرية والإعلامية، لكنَّ كُـلّ تلك المحاولات اصطدمت بجدار الوعي الشعبي الذي أدرك أنَّ الهجمة ليست على طرفٍ سياسي أَو جغرافي، بل على هُوية اليمن واستقلال قراره وهنا يبرز دور القيادة التي نجحت في تحويل الحصار إلى فرصة للاعتماد على الذات، وتحويل الاستهداف إلى سببٍ إضافي لتعزيز وحدة الجبهة الوطنية في مواجهة العدوان ويمكن القول إنَّ الجبهة اليمنية اليوم تشكِّل حالة نادرة في المنطقة من حَيثُ قدرتها على الجمع بين الصمود الشعبي والقيادة الواعية والرؤية الواضحة لطبيعة الصراع، فالسعوديّة والإمارات، رغم ثرواتهما الضخمة ودعم واشنطن وتل أبيب لهما، لم تستطيعا تحقيق أهدافهما، بل تحوَّلتا إلى طرف مأزوم يسعى إلى الخروج من الحرب بأقل الخسائر الممكنة أما أمريكا وكَيان الاحتلال فقد وجدا في اليمن قوَّة ترفض الخضوع، وتستطيع أن تغيِّر موازين الصراع في البحر الأحمر والممرات الدولية رغم كُـلّ الضغوط.

إن ما يميز الجبهة اليمنية هو أنها لا تقاتل بالوكالة عن أحد، ولا تنفِّذ مشاريع خارجية، بل تدافع عن سيادتها وكرامة شعبها ولهذا استطاعت أن تفضح مشروع التطبيع الإقليمي، وأن تكشف حقيقة المتواطئين الذين يبرّرون العدوان ويهاجمون المقاومة اليمنية إعلاميًّا وسياسيًّا خدمةً للمحتلّ الصهيوني والأمريكي وفي الوقت نفسه، فَــإنَّ هذه الجبهة أثبتت أنَّ القوة ليست في حجم الترسانة العسكرية، بل في روح الصمود والإيمان بعدالة القضية ويأتي ذكر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي هنا؛ باعتبَاره حجر الزاوية في هذا الصمود، فقد استطاع بخطابه الواعي وقراءته العميقة للمشهد أن يحافظ على اتّجاه البوصلة نحو العدوّ الحقيقي، وأن يجنِّب اليمن الانزلاق إلى الصراعات الداخلية التي حاولت أطراف العدوان إشعالها منذ اليوم الأول، كما نجح في تعزيز مفهوم الجبهة الجامعة التي تضم كُـلّ من يؤمن بأن اليمن لا يجب أن يكون تابعًا ولا ساحة نفوذ للمحتلّإن صمود الجبهة اليمنية اليوم ليس إنجازا عسكريًّا فحسب، بل هو إنجاز سياسي وأخلاقي يعيد الاعتبار لفكرة التحرّر الوطني في زمنٍ حاولت فيه القوى الكبرى أن تفرض منطق الاستسلام على الشعوب ومع استمرار اليمن في الدفاع عن قضيته، ومع تزايد الوعي الشعبي في مواجهة التضليل الإعلامي، بات واضحًا أنَّ مشروع الهيمنة يواجه مأزقًا حقيقيًّا، وأن الجبهة اليمنية أصبحت نموذجًا يُدرَّس في الإرادَة والقدرة على تحويل المعاناة إلى قوة وهكذا، فَــإنَّ الجبهة اليمنية في صراعها الواسع ضد السعوديّة والإمارات وأمريكا وكَيان الاحتلال ومن دار في فلكهم من المنافقين، تقدم اليوم درسًا في أن الشعوب الحرة، مهما كانت الظروف، تستطيع أن تصنع مستقبلها عندما تمتلك القيادة الواعية والإرادَة الصلبة والوعي الجمعي بأن الكرامة لا تُشترى ولا تُباع.

مقالات مشابهة

  • عون: الطريق المسدود أخذنا إلى التفاوض وجاهزون لترسيم الحدود مع سوريا
  • وزير العمل بحث مع مفوضية اللاجئين تسوية أوضاع العمالة الأجنبية
  • بالصور... حريق في الضاحية الجنوبية
  • اليمن نموذج ناصع في مواجهة أطماع التوسع الاستعماري
  • إسرائيل: التطورات على الحدود مع حزب الله تتجه نحو التصعيد
  • البقاع على خط الحذر… والجيش يتشدد على الحدود
  • لا ضمانات اميركية للبنان
  • مؤشرات التصعيد مستمرّة ومساع ديبلوماسية لاطالة التهدئة
  • سوريا تتهم لبنان بعدم الجدية في ملف المعتقلين السوريين
  • بلغاريا تمتنع عن تسليم مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت.. والسبب: لا ضمانات