يقدم جناح الأزهر الشريف بـمعرِض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزواره كتاب دعوى الإسلاموفوبيا (النشأة - الأسباب - الآثار – العلاج) بقلم د. محمد عبد العزيز، من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.

 

ينبه مؤلف الكتاب أن هذه الدراسة ليست دعوة للعداء مع الغرب، وإنما هي محاولة لتصحيح الصورة النمطية المشوهة عن الإسلام والمسلمين في الغرب، ودعوة إلى مد جسور التعاون والتعارف والتعايش المشترك بين الشرق والغرب انطلاقا من المبدأ الإسلامي المتمثل في قول الله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْتَكُم مِّن ذكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَنْقَنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).


ويوضح الكتاب أن دعوى الإسلاموفوبيا عبارة عن مجموعة من مشاعر الكراهية للإسلام والخوف منه، غرسها في نفوس الغربيين مجموعة من الساسة ورجال الدين والمستشرقين المتعصبين، وبعض المنظمات والحركات الغربية التي تعمل على صناعة التخويف من الإسلام في الغرب، وروج لهذه الدعوى كثير من الإعلام الغربي بمختلف وسائله وإمكاناته.


ويلفت مؤلف الكتاب أن بداية ظهور مصطلح (الإسلاموفوبيا) كان في القرن العشرين، وبخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وظهور النظريات المحرضة ضد الحضارة الإسلامية، وعلى رأسها نظريتا: صدام الحضارات، ونهاية التاريخ، فقد بدأ المصطلح في الذيوع والانتشار بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي وجد فيها بعض الإعلام الغربي مادة إعلامية دسمة، استخدمها في التحريض ضد الإسلام والمسلمين.


ويشير الكتاب إلى أن الفكر اليهودي المتعصب، الذي تسيطر عليه نزعات الاستعلاء، كان من أبرز الجذور الفكرية التي قامت عليها دعوى الإسلاموفوبيا، فبدأ هذا الفكر المتعصب بالطعن والتشكيك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم؛ بغية التخويف من الدعوة الإسلامية، وساعد في الأمر، الترويج الإعلامي الكبير لهذه الأكاذيب من قبل الإعلام الغربي، الذي يمتلك اليهود جزءًا كبيرًا منه.


وإلى جانب الفكر اليهودي المتعصب، أسهمت الدراسات الاستشراقية - بشكل كبير - في تشكيل التصور الخاطئ عن الإسلام في الذهنية الغربية؛ من خلال تشويه حقائق التاريخ الإسلامي، والطعن في رموزه، واتهام الإسلام بأنه انتشر بالسيف، وأنه يحض على التطرف والإرهاب، كما أسهمت الحروب والمعارك التي وقعت بين الشرق والغرب على مدار التاريخ، في تشكيل خلفية الصراع بينهما، والتي تعتبر من أبرز الأسباب السياسية لدعوى الإسلاموفوبيا.


ويستخلص مؤلف الكتاب  أن الغرب الذي أنفق مليارات الدولارات فيما أسماه: (الحرب على الإرهاب)، لم يكلف نفسه عناء البحث في مفهوم الإرهاب، أو تحديد ماهيته فتركه مصطلحا فضفاضا؛ ليتسنى له استخدام هذا المصطلح بما يحقق مصالحه ومصالح الكيان الصهيوني المحتل.

 

انتشار ظاهرة الإلحاد


ويشير كتاب دعوى الإسلاموفوبيا إلى أن خطورة دعوى الإسلاموفوبيا تكمن في الآثار الخطيرة الناتجة عنها في البيئة الغربية والمجتمع الإسلامي، التي من أهمها في الغرب تزايد معدلات جرائم الكراهية والممارسات العنصرية ضد المسلمين في المجتمع الغربي، وفي العالم الإسلامي: انتشار ظاهرة الإلحاد.


ويشتمل كتاب دعوى الإسلاموفوبيا على أربعة فصول، الأول: «نشأة وأهداف ووسائل دعـوى الإسلاموفوبيا»، الثاني: «أسباب دعوى الإسلاموفوبيا» مفصلا هذه الأسباب، بين أسباب فكرية، وأخرى سياسية، وثالثة دينية، ورابعة اجتماعية، فيما جاء الفصل الثالث تحت عنوان: «الآثار المترتبة على دعوى الإسلاموفوبيا»، سواء داخل المجتمعات الغربية، أو داخل المجتمعات العربية والإسلامية، ثم كان الفصل الرابع والأخير الذي خصه لعلاج هذه الظاهرة من خلال المواجهة الفكرية، بجانب أدوار فردية، وأخرى جماعية، وثالثة مؤسسية، ورابعة علمية.


ويشارك الأزهر الشريف للعام الثامن على التوالي بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.


ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكتاب معرض الكتاب جناح الأزهر الإسلاموفوبيا أسبابها وعلاجها

إقرأ أيضاً:

الثورة الصناعية .. تحولات في الفكر والعمل والإنتاج

محمد بن أحمد الشيزاوي -

لم تغيّر الثورة الصناعية شكل العمل فحسب، بل أعادت صياغة الاقتصاد والمجتمع وطريقة تفكير الإنسان، ومع التحولات المتسارعة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي اليوم، يتكرر المشهد بقالب جديد يعيد تعريف الوظائف، وسلاسل الإنتاج، وحدود المنافسة، ويفرض على الأفراد والشركات يقظة مستمرة واستعدادًا حقيقيًا، ففرص المستقبل لن تكون متاحة إلا لمن يلتقطها في وقتها، بينما سيتراجع من يتباطأ عن مواكبة ما يحدث.

لم تكن الثورة الصناعية الأولى التي انطلقت في أواخر القرن الثامن عشر مجردَ ثورة في نموذج العمل الذي انتقل من يدوي إلى آلي ومن زراعي إلى صناعي بل هي أكبر من ذلك. كانت بمثابة ثورة في المفاهيم والرؤى والطموحات التي قادتنا إلى عصر التحول الرقمي وأنترنت الأشياء والبيانات الضخمة والروبوتات المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتي سوف تقودنا مستقبلا إلى ثورة صناعية خامسة محورها التطور الهائل في استخدامات الذكاء الاصطناعي مع الاهتمام أيضا بإيجاد مصادر جديدة للطاقة تحافظ على هذا الكوكب وتُدير مصانعه وتُسهم في رفاهية الإنسان ونمو المجتمعات وازدهارها.

وعلى مدى السنوات الماضية منذ اختراع الآلة ودخولها عنصرا أساسيا في دورة العمل شهد العالم ازدهارا اقتصاديا واضحا، وازدادت كمية الإنتاج، وتغيرت نماذج العمل بشكل كبير، ولم تقتصر هذه التغيرات على القطاع الصناعي فقط وإنما شملت الكثير من القطاعات الاقتصادية الأخرى، وبدأ العالم يلحظ نشوء قطاعات اقتصادية جديدة لم يكن لها وجود قبل الثورة الصناعية الأولى مثل قطاع السياحة الذي استفاد من تطور وسائل النقل وظهور الطائرات المدنية بعد الحرب العالمية الأولى، واليوم فإن قطاع السياحة أصبح قطاعا اقتصاديا رئيسيا لدى العديد من الدول وأصبح مصدرا مهما للدخل.

وإذا كان الكثير من الاقتصاديين يرون أن الثورة الصناعية تعتبر أحد أبرز التحولات في تاريخ البشرية وأسهمت في إحداث تطورات اقتصادية إيجابية ودفعت مستويات الإنتاج إلى النمو فإنها في نظر العمال كانت عدوا حقيقيا لهم؛ فدخول الآلات إلى المصانع أدى إلى الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمال وهو ما زاد من قلقهم وخوفهم ومحاربتهم للوضع الجديد، ولكن مع مرور الزمن واستيعاب هذه التغيرات أصبحت مجالات العمل المتاحة كثيرة، فقد أدت التطورات اللاحقة إلى ظهور أنشطة اقتصادية عديدة انعكست إيجابا على فرص العمل، فازدهار قطاع السياحة ونمو قطاع اللوجستيات وأنشطة الاستيراد والتصدير والنقل والتخزين وأعمال البنوك وتطور الأنشطة الصناعية من مجرد أنشطة بسيطة تعتمد أساسا على المنتجات الزراعية إلى قطاعات ذات إمكانات صناعية أكبر بما في ذلك استخراج النفط والغاز والصناعات البتروكيماوية وصناعات الحواسيب ومدخلاتها والرقائق الإلكترونية وغيرها من الصناعات الدقيقة؛ أدت كل هذه التطورات إلى تحفيز بيئة العمل مع ازدياد الطلب على المهارات والخبرات العالية التي أحدثت ثورات أخرى ناتجة عن الابتكار الذي انعكس إيجابا على المجالات الطبية والصحية والصناعية والتجارية والمجالات الأخرى ودفعت هذه التغيرات إلى ازدهار صناعي غير مسبوق.

لم تقتصر التطورات المتلاحقة التي شهدناها منذ الثورة الصناعية الأولى فقط على تغيير نموذج العمل القائم على انتقال السلعة من البائع إلى المستهلك عبر طرق تقليدية وإنما أدت لاحقا - مع التطور التكنولوجي والعولمة - إلى تطوير مفاهيم البيع والتسويق على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، فعلى سبيل المثال بإمكانك أن تطلب أي سلعة ترغب في شرائها؛ عبر متجر إلكتروني من أقصى بقاع الأرض وتصل إليك خلال أيام معدودة وبأسعار منافسة دون أن تتحمل عناء السفر والبحث بين المحلات ومعارض البيع؛ فمنصات البيع الإلكتروني عبر هاتفك الذكي أصبحت تغنيك عن كل هذا وبإمكانك شراء ما تريد شراءه من أي دولة وتدفع الثمن ويأتيك إلى باب منزلك، ولم تقتصر التطورات التكنولوجية على بيع السلع وإنما شملت أيضا بيع الخدمات، ولعل قطاع السياحة يعتبر أكثر القطاعات التي استفادت من هذه التطورات فبإمكانك شراء تذكرة السفر وحجز الفندق والجولة السياحية من خلال هاتفك الذكي، وحتى تتمكن هذه التطبيقات من كسب رضا الزبائن أصبحت تلجأ إلى توفير خيارات تقييم البائعين وأصبح بائع الخدمات وبائع السلعة يهتم كثيرا ببناء علاقة طويلة الأمد مع المستهلكين، ولم يعد هدفه مجرد بيع سلعة واحدة أو عدة سلع لسكان قريته أو مدينته كما كان يفعل في السابق وإنما أصبح ينظر إلى التوسع العالمي ويبحث عن مستهلكين من مختلف دول العالم، وأصبحت ثقة المستهلكين وتقييمهم أساسا مهما في زيادة إيرادات الشركات التي أصبحت تركز على الجودة أكثر مما مضى وأصبحت تُخضع منتجاتها للمراكز والجهات العالمية المعنية بتقييم جودة المنتجات.

وبالإضافة إلى ما أحدثته الثورة الصناعية من تغييرات في سلوك المستهلك والبائع فإن الثورة الصناعية أدت أيضا إلى نمو غير مسبوق في حلقات الإنتاج التي منحت المنتجات قيمة مضافة لم تكن موجودة في السابق، فعلى سبيل المثال كانت حلقات الإنتاج قبل الثورة الصناعية بسيطة ومحدودة حيث كان العمل اليدوي هو السائد ولكن دخول الآلة أدى إلى تحقيق استفادة أكبر من المواد الخام، وفي بعض الصناعات أصبحت لدينا سلسلة طويلة من المراحل التي يمر بها المنتج حتى يخرج بصورته النهائية بدءا من تجميع أو استخراج المواد الخام ثم مرحلة معالجة هذه المنتجات كما يحدث في مصافي النفط أو صناعة السيارات أو الطائرات وحتى الأدوات الشخصية والاستهلاكية، وفي كثير من الأحيان فإن تعدد مراحل الإنتاج التي تخضع لها السلع والإضافات التي يتم إجراؤها على المنتجات هي أحد أهم الأسباب وراء ارتفاع أسعار بيعها للمستهلكين، وخلال حلقات الإنتاج هذه نحتاج إلى مزيد من القوى العاملة وإلى مزيد آخر من المواد الخام التي قد تأتي من عدة دول، وحتى السيارات التي يتم تصنيعها في اليابان أو الولايات المتحدة أو الصين أو الاتحاد الأوروبي تحتاج إلى قطع معينة أو برامج إلكترونية لا يتم إنتاجها في الدولة نفسها وإنما في دولة أخرى، والأمر نفسه ينطبق على صناعة الحواسيب والهواتف ومئات المنتجات الأخرى التي نمت وازدهرت نتيجة للثورة الصناعية التي غيرت كثيرا من المفاهيم حول الإنتاج وأسهمت في ربط العالم بعضه ببعض ودفعت كثيرا من الشركات للبحث عن فرص للنمو في دول أخرى تتوفر فيها مصادر الإنتاج أو المواد الخام أكثر من غيرها، ولعل بروز الشركات متعددة الجنسيات في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين يعد من أبرز المخرجات غير المباشرة للثورة الصناعية التي مهّدت لنشوء هذا النوع من الشركات نتيجة للتوسع في الإنتاج وازدياد العلاقات التجارية بين الدول ورغبة الشركات في جذب رؤوس أموال جديدة تدعم استراتيجياتها للنمو والتوسع وخفض تكاليف التشغيل وتعزيز قدرتها على الانتشار والعمل عبر الحدود الدولية.

إن المخاوف التي هيمنت على العمال مع ظهور الثورة الصناعية الأولى كانت نتيجة لعدم استعدادهم للتغيير الذي يتطلبه نظام العمل الجديد؛ مع محدودية قدرتهم على التعامل مع الآلة والميكنة الحديثة، وقد لاحظنا خلال السنوات الماضية أن كثيرا من العاملين الذين لم يهتموا بتطوير مهاراتهم في التقنيات الحديثة لم يعد لهم مكان في مواقع العمل، والأمر نفسه ينطبق على الشركات التي تأخرت في مواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي، وحتى تتمكن الشركات من المحافظة على تنافسيتها فإنها تقوم بشكل مستمر بصقل مهارات وخبرات موظفيها لتقليص أي فجوة بين واقع الإمكانيات وتطلعات الشركات، وهذا يعني أن استعدادنا للمستقبل يبدأ من قدرتنا - أفرادا وشركات - على مواكبة ما يشهده العالم من تطورات تقنية وثورة في عالم الأعمال. علينا أن ندرك أن التطورات التقنية والتكنولوجية لن تلغي الحاجة إلى الإنسان في دورة العمل بل – في اعتقادنا – أن هذه التطورات تفتح مجالات أرحب لنمو الوظائف وقد نشهد قطاعات اقتصادية لم تكن موجودة في السابق، وإذا كانت الثورة الصناعية الأولى قد أعادت صياغة مفهوم إدارة الأعمال الصناعية والتجارية وأدت إلى تسريع العمليات الإنتاجية وتقليل الاعتماد على العمل اليدوي ومهّدت لنمو قطاعات اقتصادية جديدة وشركات متعددة الجنسيات وطورت قدرات وإمكانيات القوى العاملة البشرية فإن المستقبلَ واعدٌ أيضا بالعديد من الفرص والإمكانيات للإضافة والتغيير والنمو وهو ديدن البشرية منذ نشأتها على كوكب الأرض. كل هذا يعني أن علينا الاستعداد لمرحلة أكثر تطورا في نماذج العمل، وتطلعات الشركات، والمستقبل الذي يتجدد باستمرار.

محمد بن أحمد الشيزاوي كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية

مقالات مشابهة

  • تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي (6-11)
  • مجمع البحوث يعلن إصدار جديد بمعرض الكتاب"دليل السالك إلى مالك الممالك"
  • غلق 27 منشأة طبية مخالفة وإنذار 18 مُنشأة طبية لتلافي المخالفات بقنا
  • الأزهر يوضح مفهوم الوسطية في الإسلام ودورها في تحقيق التوازن
  • وزير الكهرباء يزور جناح هيئة الطاقة الذرية بمعرض IRC EXPO
  • تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «5- 11»
  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يكشف ملامح شخصية عمر بن الخطاب قبل إسلامه
  • إصابة رئيسة لجنة انتخابية بمدرسة جواهر بهبوط وعلاجها ببولاق الدكرور
  • «المغيدي» يستعرض مع سفير مصر لدى المملكة جهود «التحالف الإسلامي» في مواجهة التهديدات الإرهابية
  • الثورة الصناعية .. تحولات في الفكر والعمل والإنتاج