لا يمكن الجزم بنجاح جولة «أنتونى بلينكن» وزير الخارجية الأمريكية فى المنطقة، وهى الجولة التى شملت عدة دول عربية منها مصر والأردن وقطر والإمارات والمملكة العربية السعودية، والتى واتته فيها الفرصة ليلعب دور الوسيط المحابى لإسرائيل، حيث طرح على مسئولى المملكة إمكانية المضى قدمًا فى إنجاز تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بيد أن السعودية كاشفته بأن الأمر مرتبط بإنهاء الحرب فى قطاع غزة، واتخاذ مسار عملى تجاه قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 67 كشرط مسبق قبل أى إجراء فى هذا التوجه.
جولة «بلينكن» للمنطقة فرضتها التطورات الجارية، وبدا أن الهدف من ورائها هو الحيلولة دون اتساع نطاقها، وحتى لا تتسبب فى المزيد من انعدام الاستقرار والمعاناة. واليوم دخلت حرب إسرائيل على غزة شهرها الرابع لتخلف الكثير من الضحايا الفلسطينيين، فهى إبادة جماعية وثقتها الإحصائيات التى أكدت ارتكاب إسرائيل حتى الآن أكثر من 1944 مجزرة راح ضحيتها أكثر من 24 ألف قتيل، بالإضافة إلى سبعة آلاف مفقود، وإصابة نحو ستين ألفا. ورغم ذلك تمادت إسرائيل فى غيها ورفضت وقف عملياتها العسكرية التى تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى. وبادر وزير ماليتها فأعلن رفض إسرائيل لوقف الحرب قائلًا: (نحن نقدر الدعم الأمريكى لنا، ولكن عندما يتعلق الأمر بوجودنا فى أرضنا سنتصرف دائمًا وفقًا للمصلحة الإسرائيلية، لذا سنواصل القتال بكل قوة لتدمير حماس). أكثر من هذا دعا هذا الوزير إلى فتح الأبواب أمام الهجرة الطوعية للاجئين الفلسطينيين كما فعل المجتمع الدولى فيما يتعلق باللاجئين من سوريا وأوكرانيا.
يواصل الكيان الصهيونى المجرم القول إنه يعتزم اقتلاع حماس من قطاع غزة عسكريًا وسياسيًا. وليس من الواضح كيف سيتم هذا الطموح غير المسبوق. دبلوماسيون غربيون دخلوا على خط الأحداث وأكدوا أنهم يجرون مناقشات مكثفة مع الكيان الصهيونى. لكن لم يتضح شىء حتى الآن، كما أنه لا توجد خطة ثابتة على الإطلاق. غير أن «نتنياهو» خرج يتعهد بتغيير الشرق الأوسط، وبادرت إسرائيل ومضت فى تصعيد هجماتها على قطاع غزة وأصدرت التحذيرات العاجلة للفلسطينيين كى يخلوا مناطق الهجمات. ووسط هذا نتساءل: إلى متى تستمر هذه الحرب؟ وما الذى سيأتى بعد ذلك؟ لا سيما وأن العالم كله شاهد على ما يقوم به الكيان الصهيونى الغاصب، ولكنه وللأسف يلتزم الصمت التام. وهو ما يشجع إسرائيل على أن تمضى قدمًا فى مخططاتها التدميرية والتى طالت البشر والحجر معًا.
واليوم تركز إسرائيل على تدمير حماس كلية من خلال خطط عسكرية تتراوح بين إضعاف قدراتها العسكرية إلى الاستيلاء على أجزاء كبيرة منها. بيد أن من يتمتعون بالخبرة الطويلة فى التعامل مع الأزمات السابقة يقولون اليوم إن التخطيط الذى تجهز له إسرائيل لا يتجاوز التعهد، وهو حلم بعيد المنال. وفى هذا يقول ضابط كبير سابق فى «الموساد»: (لا أعتقد أن هناك حلًا عمليًا وقابلًا للتطبيق بالنسبة لقطاع غزة فى اليوم التالى لإجلاء قواتنا). ورغم ذلك يتفق الإسرائيليون بالإجماع على ضرورة إلحاق الهزيمة بحماس، بحيث لا يمكن السماح لها بالسيطرة على غزة. ويغيب عن هؤلاء أن حماس تجسد فكرة، وبالتالى ليست شيئًا يمكن محوه ببساطة، وهو ما أكده «مايكل ميلشتاين» رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية فى مركز موشيه ديان عندما قال: (حماس من الصعب محوها).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سناء السعيد أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكية دول عربية العلاقات مع إسرائيل قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
مجزرة شمال غزة تقتل أكثر من 100 فلسطيني.. وواشنطن تتحرك لقرار تاريخي يعترف بالنكبة
قُتل أكثر من 100 شخص، ليل الخميس – الجمعة، في قصف جوي إسرائيلي عنيف استهدف مناطق سكنية شمال قطاع غزة، في واحدة من أعنف الهجمات التي تشهدها المنطقة منذ بداية الحرب، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام فلسطينية، في وقت أعلنت فيه حركة حماس عن محادثات مباشرة مع شخصيات في الإدارة الأميركية، معربة عن استعدادها لتسليم إدارة غزة في إطار اتفاق شامل لإنهاء الحرب.
وقال الدفاع المدني في غزة إن طواقمه “لم تتوقف عن العمل لحظة واحدة منذ منتصف الليل، وتهرع من استهداف إلى آخر في ظل كثافة القصف الإسرائيلي شمال القطاع”، وأوضح أن حجم الدمار وعدد الضحايا يفوق قدرات الطواقم على الاستجابة السريعة، مشيراً إلى أن القصف يعيق تحركات فرق الإنقاذ.
وذكرت وكالة “شهاب” أن الطائرات الإسرائيلية تعمدت استهداف الطرق المؤدية إلى المناطق المنكوبة، ما حال دون وصول فرق الإسعاف والدفاع المدني إلى العديد من المنازل المدمرة غرب مدينة بيت لاهيا ومخيم جباليا.
وتواصلت الغارات الإسرائيلية فجر الجمعة على مناطق مختلفة في شمال غزة، بينما امتدت الهجمات الجوية إلى وسط وجنوب القطاع، حيث شن الطيران الحربي غارات على مدينة دير البلح، وبلدتي خزاعة والقرارة شرق مدينة خان يونس، تزامناً مع قصف مدفعي استهدف الأحياء الجنوبية من المدينة.
وكان المتحدث باسم الدفاع المدني قد أعلن، في وقت سابق أمس الخميس، أن حصيلة القتلى في قطاع غزة تجاوزت 100 شخص خلال الساعات الماضية، بينهم أكثر من 61 قتيلاً في خان يونس وحدها.
في غضون ذلك، أعلن القيادي في حركة حماس، باسم نعيم، في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز” البريطانية، أن الحركة تجري محادثات مباشرة مع شخصيات من داخل الإدارة الأميركية، بشأن شروط إنهاء العمليات العسكرية في غزة، وأكد أن حماس تطالب بتبادل للأسرى، ووقف القصف، وانسحاب القوات الإسرائيلية، والسماح بدخول المساعدات، وإطلاق عملية إعادة الإعمار دون تهجير قسري.
وأضاف نعيم: “نحن مستعدون لتسليم إدارة غزة فورًا إذا تم التوصل إلى نهاية لهذه الحرب”، في ما يُعد أول إعلان رسمي من الحركة عن استعدادها للتخلي عن إدارة القطاع منذ توليها السلطة فيه عام 2006.
وتسعى واشنطن، بحسب مصادر أميركية، إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين لدى حماس، والبالغ عددهم – وفق التقديرات الإسرائيلية – نحو 20 رهينة أحياء، وسط معلومات عن وجود رفات 35 رهينة أخرى.
وتأمل حماس أن يؤدي الإفراج عن المواطن الأميركي– الإسرائيلي عيدان ألكسندر إلى دفع إدارة الرئيس دونالد ترامب للضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل التوصل إلى صفقة شاملة تضمن وقف الحرب.
ورغم الموقف الأميركي الرسمي الذي يصنف حماس كمنظمة إرهابية، فقد ظهرت مؤخرًا مؤشرات على وجود قنوات تواصل، وهو ما لمحَت إليه المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عندما قالت إن المبعوث الرئاسي لشؤون الرهائن، آدم بويلر، “مخول للتحدث مع أي جهة” ضمن الجهود الإنسانية.
وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد المخاوف من كارثة إنسانية واسعة النطاق في القطاع، مع استمرار العمليات العسكرية وانهيار الخدمات الأساسية.
مشروع قرار أمريكي يدعو للاعتراف بالنكبة الفلسطينية ويحمّل إسرائيل مسؤولية التهجير والإبادة
قدّمت عضو الكونغرس الأميركي رشيدة طليب، الأربعاء، مشروع القرار رقم 409 الذي يدعو إلى الاعتراف الرسمي بـ”النكبة الفلسطينية المستمرة”، ويطالب الولايات المتحدة بالاعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وتسليط الضوء على السياسات الإسرائيلية التي تصفها بأنها شكل من أشكال التطهير العرقي.
وأكدت طليب، وهي نائبة عن ولاية ميشيغان ومن أصول فلسطينية، أن النكبة لم تنته عام 1948، بل لا تزال مستمرة حتى اليوم، مضيفة أن “نظام الفصل العنصري الإسرائيلي يرتكب إبادة جماعية في غزة ضمن حملة لمحو الفلسطينيين من الوجود”، كما وصفت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه “مجرم حرب يهدد بتطهير عرقي كامل لسكان غزة وضم الأراضي واحتلالها بشكل دائم”.
وأضافت النائبة الديمقراطية: “إحياء الذكرى السابعة والسبعين للنكبة هو مناسبة لتكريم جميع الضحايا منذ بدء التهجير القسري، والتأكيد على ضرورة معالجة الصدمة الجماعية للفلسطينيين، بما فيها فقدان الأحبة والانفصال عن المجتمعات الأصلية”، مشددة على أن “السلام الحقيقي لا يمكن تحقيقه دون عدالة”.
ويشير نص القرار إلى استمرار سياسات الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك بناء المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهدم منازل الفلسطينيين، ومصادرة الأراضي الزراعية، وسحب الإقامات، ورفض حق العودة للاجئين، المعترف به دوليًا.
كما ينتقد مشروع القرار الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل، معتبرًا أن “الولايات المتحدة شريكة في سياسات التطهير العرقي من خلال توفير تمويل وأسلحة غير محدودة”.
ويهدف القرار إلى تعزيز الوعي العام حول النكبة الفلسطينية، وإعادة الدعم لوكالة “الأونروا”، التي تقدم خدمات إنسانية أساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
وشارك في رعاية مشروع القرار عدد من النواب الديمقراطيين التقدميين، بينهم: أندريه كارسون (إنديانا)، سامر لي (بنسلفانيا)، ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز (نيويورك)، إلهان عمر (مينيسوتا)، أيانا بريسلي (ماساتشوستس)، دليا راميريز (إلينوي)، لطيفة سيمون (كاليفورنيا)، وبوني واتسون كولمان (نيوجيرسي).
يُذكر أن مشروع القرار لا يُتوقع تمريره في الكونغرس الذي يهيمن عليه توجه داعم لإسرائيل، لكنه يعكس تصاعد أصوات سياسية أميركية تطالب بإعادة النظر في السياسات التقليدية تجاه القضية الفلسطينية، خاصة في ظل الحرب المستمرة على غزة.