يأتي موسم الانتخابات الأميركية، هذا العام، مقترنا بتطور هائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، منذ ظهور منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي "تشات جي بي تي" التابعة لشركة "أوبن إيه آي" في نوفمبر الماضي.

وانتشرت لقطات مزيفة بتقنية الذكاء الاصطناعي، على مدار الأشهر الأخيرة، لاقت رواجا كبيرا، مثل مقطع فيديو غزو الصين لتايوان، وآخر لتدفق مجموعات من المهاجرين عبر الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة في تحذير مفترض من أصحابه لما يرون أنه قد يحدث بعد انتخاب الرئيس جو بايدن.

توجهات تكنولوجية "ستغير حياتنا" في 2024 خلال العام 2023 سيطرت توجهات الذكاء الاصطناعي على صناعة التكنولوجيا، والتي شهدت تنافسا في تطويرها من قبل كبار اللاعبين في سيلكون فالي.

وظهرت صور للرئيس السابق، دونالد ترامب، يركض وتلاحقه قوات أمنية، وصورة أخرى لمقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تشتعل فيه النيران، وجميعها مزيفة بتقنية الذكاء الاصطناعي.

وظهر هذا الأمر جليا في انتخابات تايوان الأخيرة، إذ تم استخدام تكنولوجيا التزييف العميق ومقاطع الفيديو والصور والمقاطع الصوتية التي تنتج بالذكاء الاصطناعي.

كيف تستهدف حملات التضليل الصينية انتخابات تايوان الرئاسية؟ رغم مخاوف تايوان التي أعربت عنها أواخر العام الماضي من أي تحرك عسكري أو سياسي صيني في الوقت الذي تشهد فيه البلاد انتخابات هامة، إلا أن بكين اتبعت نهجا مختلفا باستخدام حملات التضليل وأخبار مفبركة للتأثير على مسار الانتخابات.

وأثارت هذه الصور المزيفة، التي تبدو قريبة جدا من الواقع مخاوف من تضليل الرأي العام خاصة أثناء الانتخابات، وهو ما أثار انتباه المشرعين الأميركيين، وعقد مجلس الشيوخ، في مايو الماضي، جلسة استماع عرض فيها أعضاء المجلس مخاوفهم من انتحال شخصياتهم الحقيقية لإصدار بيانات ملفقة.

وحضر هذه الجلسة رئيس "أوبن إيه آي"، سام ألتمان، الذي قال إن التدخل الحكومي "سيكون مهما وحاسما للتخفيف من مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي المتزايدة بقوة". وقال إنه يشعر بقلق بالغ من قدرة التقنية على تعريض نزاهة الانتخابات للخطر.

وفي ذلك الوقت، أصدرت مجموعة من خبراء التقنية بيانا طالبوا فيه بـ"العمل على تخفيف خطر انقراض البشرية من جراء الذكاء الاصطناعي"، وجعله "أولوية مع مخاطر أخرى مثل الجائحات والحرب النووية".

وشملت قائمة الموقعين ألتمان، وجيفري هينتون، عالم الكمبيوتر المعروف بلقب الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، وكيفن سكوت، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة مايكروسوفت، وآخرين.

إجراءت جديدة

ومع قرب موسم الانتخابات في الولايات المتحدة، هذا العام، أعلنت شركة "أوبن إيه آي" عن إجراءات جديدة لضمان نزاهة العملية.

وتشمل التعديلات الجديدة تطبيقي "تشات جي بي تي" الذي يتيح إمكانية إنشاء نصوص أو صور أو أصوات أو مقاطع فيديو في ثوان بطلب من المستخدم، وكذلك برنامج الصور "دال- إي".

وأثارت مثل هذه الأدوات مخاوف من إمكانية استخدامها للتلاعب بالناخبين بنشر قصص إخبارية كاذبة وصور ومقاطع فيديو مزيفة يمكن أن تؤثر على عمليات التصويت.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الشركة ستحظر استخدام أدواتها للتلاعب في الحملات الانتخابية، وتشمل هذه الإجراءات حظر إنشاء روبوتات دردشة تنتحل شخصية المرشحين وغيرهم من الأشخاص الحقيقيين، أو روبوتات الدردشة التي تتظاهر بأنها تتبع حكومات، وستحظر أيضا التطبيقات التي تدعو الناخبين إلى عدم التصويت.

وابتكرت "أوبن إيه آي" طريقة لمساعدة الناخبين على تقييم ما إذا كانت الصور تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي دال- إي.

وأوردت وكالة رويترز، قبل أيام، أن الشركة ستضيف الرمز "cr" إلى الصور التي يتم إنشاء الصور بواسطة برنامج "دال- إي"، وستحظر إنشاء صور لأشخاص حقيقيين على هذا البرنامج، بما في ذلك المرشحين السياسيين، وستوجه الناخبين إلى موقع  CanIVote.org عند طرح استفسارات تتعلق بالانتخابات. 

وستعمل الشركة مع الرابطة الوطنية لوزراء الخارجية، وهي منظمة تركز على تعزيز الديمقراطية.

وسبقت خطوة "أوبن إيه آي" خطوات أخرى لشركة "غوغل" و"ميتا" قبل الانتخابات ستشهدها الولايات المتحدة والهند وإندونيسيا وجنوب أفريقيا والمكسيك، هذا العام،

وأعلنت غوغل، الشهر الماضي، أنها ستقيد الاستفسارات المتعلقة بالانتخابات على برنامج الدردشة "بارد".

وأعلنت "ميتا"، المالكة لمنصة فيسبوك، قيودا مماثلة على الإعلانات السياسية.

ويقول موقع "ذا فيرج" التقني الأميركي إن المقترحات الأخيرة لـ"أوبن آي إيه" قد لا تنجح في مكافحة المعلومات المضللة في موسم الانتخابات بالنظر إلى أن "الذكاء الاصطناعي في حد ذاته أداة سريعة التغير وتفاجئنا بانتظام".

ودعا "ذا فيرج" إلى ضرورة "التشكك في كل خبر أو صورة تبدو جيدة جدا لدرجة يصعب تصديقها"، والتدقيق على غوغل من صحة الأخبار التي تبدو غير حقيقية.

وتقول رويترز إنها عندما حاولت، العام الماضي، إنشاء صور لترامب وبايدن باستخدام "دال- إي" تم حظر الطلب، وظهرت رسالة تقول إنه "قد لا يتبع سياسة المحتوى الخاصة بنا"، ومع ذلك، تمكنت رويترز من إنشاء صور لما لا يقل عن 12 سياسيا أميركيا آخرين، من بينهم نائب الرئيس السابق، مايك بنس.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی أوبن إیه آی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يعزز دقة التنبؤ بهياكل الأجسام المضادة

طوّر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) نموذجًا حسابيًا جديدًا قادرًا على التنبؤ بهياكل الأجسام المضادة بدقة غير مسبوقة، مما قد يُحدث تحولًا كبيرًا في تصميم أدوية فعالة ضد أمراض معدية مثل كوفيد-19 وHIV.

الذكاء الاصطناعي يتجاوز التحديات السابقة
رغم التقدم الكبير الذي حققته نماذج الذكاء الاصطناعي المعتمدة على "نماذج اللغة الكبيرة" (LLMs) في التنبؤ بهياكل البروتينات، إلا أنها واجهت صعوبات عند التعامل مع الأجسام المضادة، خاصة بسبب المناطق شديدة التغير فيها والمعروفة بـ"المناطق مفرطة التغير". للتغلب على هذه العقبة، ابتكر فريق (MIT) تقنية جديدة تحسّن أداء هذه النماذج وتمنحها القدرة على فهم تعقيدات هذه البروتينات المناعية.
تقول بوني بيرغر، أستاذة الرياضيات في (MIT) ورئيسة مجموعة الحوسبة والبيولوجيا في مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي (CSAIL): «طريقتنا تسمح بالوصول إلى نطاق واسع من الاحتمالات، مما يتيح لنا إيجاد إبر حقيقية في كومة قش. وهذا قد يوفر على شركات الأدوية ملايين الدولارات بتجنب التجارب السريرية غير المجدية».

نموذج AbMap: أداة ذكية للتنقيب في بحر الأجسام المضادة
النموذج الجديد، الذي يحمل اسم (AbMap)، يعتمد على وحدتين مدربتين بشكل دقيق: الأولى تتعلم من بنى ثلاثية الأبعاد لحوالي 3000 جسم مضاد موجودة في قاعدة بيانات البروتينات (PDB)، والثانية تعتمد على بيانات تقيس مدى ارتباط أكثر من 3700 جسم مضاد بثلاثة أنواع مختلفة من المستضدات.
باستخدام (AbMap)، يمكن التنبؤ بهيكل الجسم المضاد وقوة ارتباطه بالمستضد، فقط من خلال تسلسل الأحماض الأمينية. وفي تجربة واقعية، استخدم الباحثون النموذج لتوليد ملايين التعديلات على أجسام مضادة تستهدف بروتين «سبايك» لفيروس SARS-CoV-2، وتمكّن النموذج من تحديد أكثرها فعالية.
وقد أظهرت التجارب بالتعاون مع شركة Sanofi أن 82 % من الأجسام المضادة المختارة باستخدام النموذج أظهرت أداءً أفضل من النسخ الأصلية.

اختصار الطريق نحو العلاجات الفعالة
يُعد هذا التقدم فرصة ذهبية لشركات الأدوية لتقليص الوقت والتكاليف اللازمة في مراحل البحث والتطوير. ووفقًا للبروفيسور روهيت سينغ، المؤلف المشارك للدراسة: «الشركات لا تريد المخاطرة بكل شيء في جسم مضاد واحد قد يفشل لاحقًا. النموذج يمنحها مجموعة من الخيارات القوية للمضي قدمًا بثقة».

تحليل الاستجابات المناعية على مستوى الأفراد
بعيدًا عن التطبيقات الدوائية، يُمكن للنموذج أن يُحدث نقلة في فهم التباين في الاستجابات المناعية بين الأفراد. فعلى سبيل المثال، لماذا يُصاب البعض بكوفيد-19 بشكل حاد، بينما ينجو آخرون دون أعراض؟ أو لماذا يبقى بعض الأشخاص غير مصابين بـHIV رغم تعرضهم للفيروس؟
الدراسة أظهرت أنه عند مقارنة البنية الثلاثية للأجسام المضادة بين الأفراد، فإن نسبة التشابه قد تكون أعلى بكثير من النسبة التي تُظهرها المقارنة الجينية التقليدية (10%). وهذا قد يفتح الباب لفهم أعمق لكيفية عمل جهاز المناعة وتفاعله مع مسببات الأمراض المختلفة.
يقول سينغ: «هنا يتجلى دور نماذج اللغة الكبيرة بوضوح، فهي تجمع بين نطاق التحليل الواسع القائم على التسلسل الجيني ودقة التحليل البنيوي».

دعم وتمويل دولي
حظي البحث بدعم من شركة Sanofi وعيادة عبد اللطيف جميل لتعلم الآلة في مجال الصحة، مما يعكس تزايد اهتمام المؤسسات العالمية بالذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية في الطب الحيوي.
بهذا الإنجاز، يُبرهن الذكاء الاصطناعي مجددًا على قدرته في إحداث ثورة صامتة في المختبرات الطبية، حيث لا تقتصر فوائده على التسريع والتحليل، بل تمتد لتوجيه القرارات الحاسمة التي قد تُنقذ أرواح الملايين.
أسامة عثمان (أبوظبي)

أخبار ذات صلة «جيميني» يلخص الرسائل الطويلة في «جي ميل» الذكاء الاصطناعي يدخل غرف العمليات الجوية

مقالات مشابهة

  • الماء والتربة والهواء.. إجراءات شاملة لمركز الالتزام البيئي بموسم الحج
  • هل يُعلن الذكاء الاصطناعي نهاية الفأرة ولوحة المفاتيح؟
  • بعد حصولها على جائزتين دوليتين: فَيّ المحروقية تطمح للتخصص في الذكاء الاصطناعي
  • بعد حصولها على جائزتين دوليتين: في المحروقية تطمح للتخصص في الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يعزز دقة التنبؤ بهياكل الأجسام المضادة
  • لماذا لن يُفقدنا الذكاء الاصطناعي وظائفنا؟
  • الذكاء الاصطناعي يثير ضجة حول عادل إمام
  • الذكاء الاصطناعي يقلب موازين البحث في في غوغل
  • الذكاء الاصطناعي.. إلى أين يقود العالم؟
  • الذكاء الاصطناعي يدخل عالم التسوق