الأورومتوسطي : "إسرائيل" مستمرة في الإبادة الجماعية منذ تقديم "فريقها القانوني" دفاعه أمام العدل الدولية
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
صفا
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت أكثر من ألف فلسطيني في غزة منذ أن رفعت محكمة العدل الدولية قبل أسبوع جلساتها للنظر بدعوى رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" بشأن انتهاكات لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وأكد الأورومتوسطي أنه بخلاف السرد الذي قدمه فريق محامين الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية لنفي تهمة الإبادة الجماعية، فإن الوقائع على الأرض تثبت أن "إسرائيل" لم تتوقف مطلقًا عن ارتكاب هذه الجريمة حتى أثناء جلسة دفاعها أمام المحكمة.
وادعت "إسرائيل" أمام محكمة العدل أنها لا تستهدف المدنيين أو الأعيان المدنية في قطاع غزة بينما خففت من وتيرة العملية العسكرية في القطاع، وأنها تبقى حريصة على زيادة المساعدات الإنسانية ضمن جميع الإمكانات المتاحة. وأضافت أنها لا تعرقل عمل الخدمات الصحية، بل تدعمها، وأن لا نية لها لتهجير سكان القطاع.
غير أن التوثيق الأولي للمرصد الأورومتوسطي يدحض انسجام ادعاءات الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية مع ما جرى على الأرض في قطاع غزة خلال الفترة الواقعة ما بين 12 حتى 18 كانون ثانٍ/يناير الجاري. فعلى صعيد استهداف المدنيين في قطاع غزة، قال الأورومتوسطي إن جيش الاحتلال استمر في تنفيذ عمليات قتل جماعي وفردي، حيث استشهد خلال سبعة أيام فقط 1.018 شخصًا، بينهم ما لا يقل عن 390 طفلا و208 امرأة، بمعدل 145 شخصًا يوميًا.
وذكر أن الإحصائية المذكورة شملت فقط من وصل المستشفيات في قطاع غزة، في حين تبقى هناك شهادات ومعطيات باستشهاد آخرين بواقع ما لا يقل عن 15 شخصًا يوميًّا خلال هذه المدة لم تصل جثامينهم للمستشفيات بفعل تعذر انتشال جثثهم أو دفنهم في مقابر مؤقتة، كما حدث شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة يوما 17 و18 من الشهر الجاري حين دفن 5 مدنيين، منهم سيدتان في مدرسة إيواء نازحين. كما أسفرت هجمات الاحتلال عن إصابة 1.934 آخرين بجروح، منهم 70% على الأقل من الأطفال والنساء.
وأبرز الأورومتوسطي أن جزءًا من هذه الهجمات وقعت في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي يصنفها الاحتلال كمنطقة آمنة لجأ إليها ما يقارب من 1.3 مليون نازح، وجرى فيها استهداف منازل وخيام وشاليهات تؤوي نازحين. كما استهدفت إحدى الغارات مدرسة في حي "الدرج" في مدينة غزة التي أعلن الاحتلال انتهاء عملياته الأساسية فيها، وفق ما جاء على لسان فريق الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن ما لا يقل عن 70 فلسطينيًّا استشهدوا وأصيب العشرات في عدة حوادث جراء تعرضهم لإطلاق نار مباشر من الدبابات وطائرات (كوادكابتر) الإسرائيلية، وذلك حين تجمعوا في شمال غرب غزة بانتظار شاحنات تحمل مساعدات.
وكان أصعب ما حدث بالتزامن مع انعقاد المحكمة حين استشهد نحو 50 شخصًا دفعة واحدة برصاص جيش الاحتلال أثناء محاولتهم الحصول على بعض المواد الغذائية من هذه الشاحنات.
أما على صعيد استهداف الأعيان المدنية، أشار الأورومتوسطي إلى أنه منذ تاريخ 12 وحتى ظهر 18 من شهر كانون ثانٍ/يناير الجاري، دمرت قوات الاحتلال 22 مربعًا سكنيًّا في أحياء وسط خانيونس ومناطق "بني سهيلا"، و"جورة اللوت"، و"معن"، و"بطن السمين" جنوبي قطاع غزة.
كما نسفت القوات أربعة مربعات سكنية في المحافظة الوسطى. وتشير التقديرات الأولية إلى تدمير نحو 6 آلاف وحدة سكنية كليًّا وجزئيًّا خلال المدة ذاتها، بالإضافة إلى استهداف الاحتلال جامعتين و7 مدارس، وإلحاق دمار كلي وجزئي بهم.
وأكد الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال ما يزال مستمرًا في شن الهجمات العسكرية والمتعمدة ضد المنازل السكنية للفلسطينيين وتدميرها، حتى في المناطق والأحياء التي لا تشهد أي أعمال قتالية. أي أن عمليات التدمير جرت بعد إحكام سيطرته على تلك المناطق والأحياء، وعلى نحو واسع ومنهجي.
وشدد على أن ذلك يدلل على أن الهدف من تلك العمليات هو تدمير حياة السكان في القطاع، ومنع عودة النازحين قسرًا إلى بيوتهم وأماكن سكناهم.
ونبه الأورومتوسطي إلى استمرار الجيش في الاعتداء على القطاع الصحي خلال هذا الأسبوع، بما يشمل منشآته وطواقمه وموارده. وذكر أنه في 17 من الشهر الجاري، لحقت أضرار بمقر "المستشفى الميداني الأردني" في خانيونس، جراء قصف إسرائيلي تزامن مع توغل في منطقة المقابر المحاذية لموقع المستشفى، ما تسبب بإصابة أحد الطواقم العاملة، وشخصٍ آخر كان يتلقى العلاج في قسم العناية الفائقة وأصيب بشظايا إضافية.
وفي اليوم ذاته، ألقت قوات الاحتلال قنابل إنارة في سماء مجمع "ناصر" الطبي في خانيونس جنوبي القطاع، بالتزامن مع قصف عنيف وتوغل في المنطقة الجنوبية من المستشفى ما تسبب بحالة من الهلع وفرار آلاف النازحين داخل المجمع.
وتكرر الأمر الأسبوع الماضي مع مستشفى "شهداء الأقصى"، الذي أطلقت طائرات الاحتلال النار في محيطه وقصفت شقة قرب بوابته، في وقت اقتربت الدبابات الإسرائيلية من محيط المستشفى، ما دفع آلاف النازحين إلى مغادرته. في الوقت ذاته، غادرت غالبية الطواقم الطبية المستشفى، قبل أن تعود لاحقًا بعد تراجع قوات الاحتلال.
بموازاة ذلك، استمرت سلطات الاحتلال بالتحريض على المستشفيات، مدعية أن مستشفى "ناصر"، الذي يعد حاليًا أكبر المستشفيات العاملة في قطاع غزة بعد انهيار العمل في مجمع "الشفاء" الطبي، يتم استخدامه لإطلاق النار تجاه قوات الاحتلال، دون وجود دليل على ذلك، في وقت يغص المستشفى بعشرات آلاف النازحين والمرضى والمصابين، الأمر الذي أكده منسق فرق الطوارئ الطبية بمنظمة الصحة العالمية "شون كيسي"، خلال مؤتمر انعقد يوم الأربعاء الماضي، صرح فيه أنه لم ير أي دليل على أن مستشفيات قطاع غزة تستخدم لأغراض أخرى، وأن مهمتهم الأساسية هي تقديم الخدمات الصحية.
على صعيد آخر، أكد الأورومتوسطي أن "إسرائيل" مستمرة في استخدام التجويع كأداة من أدوات الحرب، مشيرًا إلى أن حجم المساعدات الذي يدخل قطاع غزة عمومًا وما وصل إلى شمالي قطاع غزة تحديدًا لا يلبي الاحتياجات المتعاظمة بعد أكثر من مائة يوم على بدء هجمات الاحتلال العسكرية ضد قطاع غزة.
وأوضح الأورومتوسطي أن مجموع ما وصل من مساعدات إنسانية إلى القطاع خلال الأسبوع الماضي لم يتعد 1.200 شاحنة، وهو ما يزال محدودًا جدًا، فيما تبقى آليات توصيلها مهينة، بحيث تصل الشاحنات عند نقطة معينة ويتجمع مئات السكان حولها دون نظام فعلي. وخلال ذلك، تعرض عشرات السكان للاستهداف الإسرائيلي والموت نتيجة التدافع.
وأشار إلى أنه من ضمن الإمدادات الإنسانية التي دخلت القطاع خلال هذا الأسبوع، لم يدخل مناطق مدينة غزة وشمال القطاع سوى 50 مركبة تنقل المساعدات؛ منها 36 محملة بالمواد الغذائية، والباقي (أي 28 مركبة) حملت مساعدات أخرى توزعت بشكل رئيس ما بين الوقود والمواد الطبية.
وتجدر الإشارة إلى أن "إسرائيل" لم تسمح لأي من مركبات المساعدات الإنسانية بالدخول إلى مدينة غزة وشمالها في ثلاثة أيام من الفترة التي يشملها هذا الإحصاء وذلك أيام 12 و15 و17 من الشهر الجاري.
وأفادت تقديرات الأمم المتحدة في بداية شهر تشرين ثانٍ/نوفمبر الماضي، إلى حاجة سكان قطاع غزة إلى دخول ما لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات إنسانية يوميًّا، في حين تؤكد التقديرات المحلية على تضاعف حاجة السكان للمساعدات الإنسانية والبضائع التجارية في الفترة الأخيرة، في ظل طول أمد هجمات "إسرائيل" العسكرية وانقطاع المساعدات وانهيار القدرة على الإنتاج المحلي واتساع الاحتياجات.
وحذر المرصد الأورومتوسطي من خطر استمرار الشح الشديد في المواد الغذائية والطبية والأساسية في قطاع غزة، خاصة مع تزايد خطر المجاعة وتعرض المزيد من الأشخاص لتفشي الأمراض الخطيرة والقاتلة، مذكرًا بما قاله خبراء أمميون مستقلون إن سكان غزة يمثلون 80% من جميع الأشخاص في العالم الذين يواجهون خطر المجاعة أو الجوع الكارثي، في ظل استمرار القصف والحصار من جانب "إسرائيل".
وأشار إلى أن وكالات الأمم المتحدة حذرت في 15 كانون ثانٍ/يناير الجاري، وعلى رأسها برنامج الأغذية العالمي واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية، من خطورة الوضع في قطاع غزة وضرورة إجراء تغيير جوهري في تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وفي هذا الصدد، صرحت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي "سيندي ماكين" بأن "الناس في غزة يواجهون خطر الموت جوعًا وهم على بعد أميال من الشاحنات المحملة بالطعام" وأن " كل ساعة إضافية تهدر تضع حيوات لا حصر لها في خطر، وأنه يمكننا درء خطر المجاعة، فقط إذا كنا قادرين على تقديم الإمدادات الكافية وضمان وصول آمن لجميع السكان".
وأشار الأورومتوسطي إلى أن ما أعلنته "وسائل إعلام إسرائيلية" على لسان رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو" بشأن رفضه دخول أي شاحنات مساعدات دون تفتيش الاحتلال، يدحض الرواية التي قدمها "فريق دفاع" الاحتلال عن عدم مسؤولية "إسرائيل" عن عرقلة دخول هذه المساعدات إلى قطاع غزة.
وأكد الأورومتوسطي أن "إسرائيل" تتحكم في كل ما يدخل إلى قطاع غزة من كل المعابر والمنافذ، وهو أمر أكدته السلطات المصرية والوكالات الأممية، بحيث ما تزال تمنع "إسرائيل" دخول عشرات الأصناف وتحدد الكميات الواردة إلى القطاع، وتتعمد عرقلة دخول المساعدات الإنسانية وتأخيرها بشكل عام.
كما أشار إلى أن "إسرائيل" تتحكم أيضًا بمن يخرج من قطاع غزة عبر معبر رفح بما في ذلك المرضى والمصابين وكشوفات المسافرين، بحيث يجري تمريريها للجهات الإسرائيلية التي تسمح لأعداد محدودة بالخروج من القطاع، وهذه القيود تنطبق على المصابين الذين يبقون بأمس الحاجة لتلقي العلاج في الخارج، وحتى الآن لم يتمكن سوى عدد قليل جدا منهم من الخروج، في وقت هناك قائمة من 6.500 مصاب بجروح خطيرة بحاجة للعلاج في الخارج.
ورصد الأورومتوسطي استمرار التصريحات التحريضية من مسؤولين في الاحتلال تظهر وجود نية مبيتة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، بحيث استمر وزراء الاحتلال في إطلاق التصريحات التي تحرض على إبادة الفلسطينيين في قطاع غزة، واقتلاعهم من أرضهم من خلال إخضاعهم لظروف معيشية تدمرهم وتدفعهم في النهاية إلى تهجيرهم خارجها قسرًا.
ويوم أمس الخميس، صرح وزير "الأمن القومي" للاحتلال "إيتمار بن غفير" بأنه " يجب أن نحتل غزة ونظل فيها ونشجع على هجرة طوعية ونسمح لأهل القطاع بالمغادرة وسيغادرون إذا هزمناهم".
وخلال مؤتمره الصحافي الذي عقد في ذات اليوم، صرح "نتنياهو" عن وجود النية الكاملة لدى "إسرائيل" للسيطرة الأمنية على كل منطقة غرب الأردن؛ أي عمليا، من النهر إلى البحر، وهو ذات الشعار الذي أدانته مؤخرًا العديد من الأوساط الغربية والأمريكية باعتباره يحمل مضامين من شأنها التحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية ومعاداة السامية.
وأعرب "نتنياهو" في المؤتمر عن نية "إسرائيل" بتخفيض المساعدات الإنسانية إلى حدها الأدنى، مشيرًا إلى أن هذا القرار مرهون بمجريات العمليات العسكرية وتحقيق الأهداف.
واعتبر المرصد الأورومتوسطي أن نتنياهو لوّح بشكل مباشر باعتزام "إسرائيل" استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط ومساومة على المدنيين الفلسطينيين على نحو مخالف للقانون الدولي، وسبيلًا آخر لتنفيذ جريمة الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، وذلك من خلال تعميق الوضع الكارثي الذي يعيشه سكان القطاع أصلًا بسبب استمرار الهجمات العسكرية والحصار وشح المواد الأساسية، وإخضاعهم لظروف معيشية قاسية إضافية ستؤدي إلى هلاكهم الفعلي.
ولم تتخذ "إسرائيل" خلال مدة هذا الإحصاء، كما قبلها، أية إجراءات لمساءلة أي من الإسرائيليين الذين حرضوا على إبادة الفلسطينيين في قطاع غزة، وبغض النظر عن صفاتهم، أو وظيفتهم، أو شخوصهم.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه لم يرصد دخول أي من لجان التحقيق وتقصي الحقائق الدولية إلى قطاع غزة، وكذلك المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة، بفعل منع "إسرائيل" دخول هؤلاء إلى القطاع من خلالها، وعرقلة دخولهم كذلك إلى القطاع من معبر رفح البري.
وحذر المرصد الأورومتوسطي من المآلات الخطيرة الناتجة عن عدم السماح للجان الدولية بالدخول إلى قطاع غزة، وبخاصة فيما يتعلق بالأدلة الجنائية التي تدين "إسرائيل" على جرائمها المرتكبة هناك، وصعوبة الحفاظ عليها من التدمير أو الضياع، وازدياد خطر موت الشهود بالقتل بنيران جيش الاحتلال، أو الجوع أو الجفاف أو المرض بسبب الحصار الإسرائيلي على القطاع.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن هذه المعطيات تستوجب من محكمة العدل الدولية تسريع قرارها لجهة اتخاذ تدابير عاجلة لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد سكان قطاع غزة، وحمايتهم من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح.
يشار إلى أن محكمة العدل الدولية عقدت جلستي استماع علنيتين يومي 11 و12 كانون ثانٍ/يناير الجاري في مقر المحكمة في لاهاي، بخصوص دعوى جنوب إفريقيا فيما يتصل بادعاءات انتهاكات "إسرائيل" لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.
وطلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل "الحماية من أي ضرر إضافي جسيم وغير قابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية" و"ضمان امتثال "إسرائيل" لالتزاماتها بموجب الاتفاقية بعدم الانخراط في الإبادة الجماعية، ومنعها والمعاقبة عليها".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الأقصى جریمة الإبادة الجماعیة المساعدات الإنسانیة المرصد الأورومتوسطی محکمة العدل الدولیة قوات الاحتلال ینایر الجاری جیش الاحتلال إلى قطاع غزة ما لا یقل عن فی قطاع غزة إلى القطاع على أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تريد طمس الحقيقة من الجو.. حظر التصوير في رحلات إسقاط المساعدات
في خطوة أثارت انتقادات واسعة، منعت السلطات الإسرائيلية القوات الجوية المشاركة في عمليات إسقاط المساعدات فوق قطاع غزة من السماح للصحفيين بتوثيق مشاهد الدمار الكبير الذي خلفته الحرب.
وقالت صحيفة هآرتس، أمس الأربعاء، إن السلطات الإسرائيلية شددت على عدم السماح للصحفيين بتصوير مشاهد الدمار خلال رحلات الإنزال الجوي، وهددت بوقف هذه العمليات إن نُشرت فيديوهات أو صور توثق حجم الكارثة في القطاع.
وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة على منصات التواصل الاجتماعي، وسط اتهامات للاحتلال بمحاولة التستر على حجم الكارثة الإنسانية، ومنع نقل الصورة الحقيقية لما يحدث في غزة.
وجاء ذلك عقب نشر وكالة رويترز صورا التقطت من داخل إحدى طائرات الإنزال الجوي يوم الاثنين الماضي، أظهرت بعض مشاهد الدمار من الجو.
هذه صورة من 4 صور نشرتها وكالة رويترز على موقعها من إحدى طائرات الإنزال الجوي التي ألقت مساعدات فوق القطاع يوم 28 يوليو الماضي.
اليوم كشفت صحيفة هآرتس أن الاحتلال حظر على الصحفيين المشاركين في عمليات الإنزال نشر أي فيديوهات توثق الدمار الهائل في القطاع
في الحقيقة، هذه الصور لا… pic.twitter.com/XM4v6qh3uM
— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) July 30, 2025
ورأى مغردون أن الصور المنشورة لا تعكس إلا جانبا بسيطا من "الدمار المرعب" الذي ينهش غزة منذ نحو 22 شهرا، معتبرين أن ما يجري هو عملية محو شامل للقطاع بكل مكوناته، تتجاوز في فظاعتها مفاهيم التطهير العرقي والإبادة الجماعية، وتمثل نسفا ممنهجا للوجود الفلسطيني.
وأشار كثيرون إلى أن الاحتلال يسعى لطمس الحقيقة وإبقاء العالم رهينة روايته الكاذبة بما يتماشى مع سرديته "المضللة"، في محاولة لتقييد التغطية الإعلامية ومنع الرأي العام العالمي من الاطلاع على حجم الجريمة.
جيش الاحتلال حذر الصحفيين الأجانب المرافقين لعمليات إسقاط المساعدات الإنسانية في قطاع غزة من أنه إذا نشروا صوراً للقطاع من الجو، قد تتوقف عمليات الإسقاط.
يريد طمس الحقائق ويبقيها اسيرة لروايته الكاذبة التي غرقت في بحر دماء غزة
— م.محمد الشريف-غزة (@emshareif) July 29, 2025
إعلانوأوضح مغردون آخرون أنه حتى القنوات والوكالات المعروفة بانحياز تغطيتها لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي رغم المجازر في غزة، صدمت من حجم الدمار عند تحليقها فوق غزة.
حتى مراسلو قناة BBC
المعروفة بانحياز تغطيتها لصالح الكيان الصهيوني الغاصب المحتل رغم المجازر في غزة، صُدموا من حجم الدمار عند عبورهم فوق القطاع.
وأكدوا أن سلطات الاحتلال منعتهم من التصوير الجوي، حتى لا تُكشف الكارثة للعالم pic.twitter.com/XJUMAkuyr9
— Ahmad AlBarjas أحمد البرجس (@ahmadalbarjas) July 30, 2025
وفي السياق ذاته، رأى ناشطون أن" الصور أبلغ من الكلام"، إذ توثق الدمار الممنهج الذي شمل كافة أرجاء القطاع، في مشهد يكشف أن الاحتلال لا يريد للحياة أن تستمر في غزة، بل يسعى لتهجير سكانها قسرا عبر تدمير كل مقومات الحياة.
مراسلة أجنبية مشاركة في عملية إنزال المساعدات من الجو على غزة تفضح إسرائيل وتقول :
نحن الآن في طريقنا الى شمال غزة ، وسيتم اسقاط هذه الحاويات ، حيث ان الجيش الإسرائيلي لا يسمح لنا أن نعرض لكم لقطات لغزة من الجو.
وتضيف : لقد تلقينا تعليمات صارمة تقول بأننا إذا صورنا غزة من الجو… pic.twitter.com/ENL53QNQ0g
— الجنرال مبارك الخيارين (@GenAlkhayareen) July 30, 2025
وكتب أحد الناشطين "لا يريدون أن يفضحهم أحد.. يريدون قتلنا وإبادتنا بصمت". وأضاف آخر "لا يريدون للعالم رؤية دمار قطاع غزة.. كل شيء دمار وخراب ومهدم بالكامل".
كما تساءل مدونون: "ماذا يخفي الاحتلال؟ ولماذا يخاف من صورة تلتقط من الأعلى؟"، مشيرين إلى أن الاحتلال لا يخشى الكاميرا فقط، بل يرتعب منها، لأنها السلاح الوحيد القادر على فضح جرائمه، ولهذا يستهدف الصحفيين وعائلاتهم بلا هوادة.
ورأى المدونون أن الاحتلال لا يريد للحقيقة أن تعرض، لأن ما يظهر من السماء أكثر فظاعة مما قد تنقله الكلمات؛ فالمدن تحولت إلى رماد، والأطفال يموتون بصمت، وطوابير الجوع تمتد كالألم.
والسبت الماضي، بدأت عمليات جوية محدودة لإنزال مساعدات فوق غزة بمشاركة أردنية وإماراتية، وأعلنت دول أوروبية، منها إسبانيا وبريطانيا، أنها ستنضم إلى هذه العمليات.
وأحدث العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 دمارا غير مسبوق، وفي وقت سابق من العام الجاري قدرت الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 70% من المباني في القطاع دُمر أو تضرر.
وعن طريق القصف الجوي والمدفعي ونسف المباني بالمتفجرات، دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي معظم مناطق مدينة رفح (جنوب) وأحياء وبلدات عدة في خان يونس القريبة، ومناطق عدة شمالي القطاع على غرار بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا، إضافة إلى المناطق الشرقية لمدينة غزة.
وقدرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى حجم أنقاض المباني المدمرة في غزة بأكثر من 40 مليون طن، مؤكدة أن رفعها وإعادة إعمار ما دمره القصف يحتاج إلى سنوات عديدة.