كيف تحولت عاصمة القتل إلى فخ للأميركيين الباحثين عن العلاقات الغرامية خارج بلادهم؟
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
تحولت مدينة كولومبية معروفة بتردد السياح الأميركيين، لفخ لأولئك الباحثين عن العلاقات الغرامية خلال الشهرين الماضيين، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
تقول الصحيفة إن السفارة الأميركية حذرت مؤخرا السائحين بعد مقتل ثمانية أميركيين في مدينة ميديلين، ثاني أكبر كولومبيا بعد العاصمة بوغوتا، ومعظمهم بعد مقابلة نساء عبر تطبيقات مواعدة.
من بين هؤلاء الممثل الكوميدي من ولاية مينيسوتا تو غير شيونغ، الذي عثر على جثته في وقت سابق من الشهر الماضي.
وفقا للسلطات فقد خرج شيونغ في موعد غرامي مع فتاة في الـ10 من ديسمبر، لكن بعد ساعات اتصل بعائلته وأخبرهم أنه مختطف وأن خاطفيه يريدون فدية قدرها ألفي دولار لإطلاق سراحه.
في اليوم التالي، عثرت الشرطة على شيونغ جثة هامدة وعليها عدة طعنات وكدمات بعد رميها من منحدر يبلغ ارتفاعه نحو 80 مترا في منطقة غابات كثيفة خارج المدينة.
وقال مسؤولون في ميديلين إن شيونغ هو واحد من ثمانية أميركيين على الأقل لقوا حتفهم خلال شهري نوفمبر وديسمبر، مع عشرات الحالات الأخرى التي شملت سياحا ذكورا تم احتجازهم وسرقتهم، غالبًا بعد مقابلة نساء عبر تطبيقات المواعدة.
أدت الوفيات، التي وقع بعضها بعد تخدير الضحايا، وارتفاع الهجمات ضد الأجانب، إلى قيام السفارة الأميركية في كولومبيا بإصدار تنبيه هذا الشهر يحث المواطنين الأميركيين على توخي الحذر عندما يلتقون بأشخاص عبر منصات المواعدة على الإنترنت.
وتقول الصحيفة إن هذه التحذيرات تعد بمثابة ضربة قوية لمسؤولي ميديلين الذين أمضوا عقودا من الزمن لإعادة الأمن للمدينة، التي كانت في التسعينيات تعرف باسم "عاصمة القتل" في عهد إمبراطور الكوكايين بابلو إسكوبار.
تحولت المدينة خلال السنوات الأخيرة لمنطقة جذب سياحي بحياة ليلية مزدهرة، حيث انخفضت نسبة جرائم القتل بنحو 97 في المئة خلال العقود الثلاث الماضية.
لكن الصحيفة أشارت إلى أن بعض المجرمين بدأوا يستهدفون الأجانب، الذين يتدفق الكثير منهم إلى المدينة بحثا عن الحفلات الصاخبة المصحوبة بتناول المخدرات وبحضور العاملات في مجال الجنس.
ويقول مسؤولون أميركيون ومحليون إن الكثير من الأميركيين يترددون في الإبلاغ عن الجرائم عندما يقعون كضحايا.
في بعض الحالات، التي اعتبرتها السفارة الأميركية مشبوهة، تم العثور على رجال أميركيين ميتين في غرفهم بالفنادق أو شققهم المستأجرة بعد خروجهم مع نساء محليات.
وفي هجمات أخرى، قام بلطجية بسرقة وقتل السياح الأميركيين في الشارع أثناء وجودهم في مواعيد غرامية، بحسب تقارير الشرطة.
ويعتقد أن آخرين لقوا حتفهم بسبب شرب الخمر بكثرة ونوع من المخدرات القوية، التي يقوم الجناة بخلطها مع الخمر من أجل السيطرة على الضحايا قبل سرقتهم.
ووفقا للصحيفة، تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع شركات سياحية بإعلانات سفر مع تعليقات تشجع الرجال الأميركيين في منتصف العمر على المجيء والاستمتاع بممارسة الجنس في المدن الكبرى في كولومبيا، حيث الدعارة قانونية.
تقول السلطات إنها اعتقلت ما يقرب من 50 شخصا في عام 2023 بتهمة العمل مع جماعات إجرامية استهدفت أجانب في ميديلين.
في سبتمبر الماضي على سبيل المثال، أعلنت الشرطة القبض على 14 عضوا في إحدى العصابات الإجرامية التي تضم فتيات قاصرات يستخدمن لإنشاء حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي لاستدراج الضحايا، وجميعهم رجال تتراوح أعمارهم بين 27 و 60 عاما، ومن ثم سرقتهم.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
ما الملفات التي يحملها وزير خارجية أفغانستان في زيارته لإيران؟
طهران – وصل وزير الخارجية في حكومة طالبان الأفغانية أمير خان متقي إلى العاصمة الإيرانية طهران، أمس السبت، على رأس وفد رفيع المستوى، بدعوة رسمية من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، للمشاركة في أعمال "الملتقى الـ14 لحوار طهران"، وعقد لقاءات مع كبار المسؤولين الإيرانيين.
وتُعد هذه الزيارة جزءا من مساعي حركة طالبان لتعزيز حضورها الدبلوماسي في المنطقة، رغم استمرار عدم اعتراف إيران الرسمي بالحكومة التي شكلتها الحركة عقب سيطرتها على كابل في أغسطس/آب 2021.
يُعقد الملتقى على مدى اليوم وغدا الاثنين بمشاركة ممثلين من 53 دولة، ويبحث قضايا التعاون الاقتصادي، ووضع اللاجئين الأفغان في إيران، وأمن الحدود، إلى جانب مشاريع إقليمية مشتركة.
ويرافق متقي في زيارته نائب وزير الاقتصاد في حكومة طالبان عبد اللطيف نظري، حيث تأتي الزيارة في ظل توترات متزايدة بين الجانبين الأفغاني والإيراني بشأن عدد من الملفات الحساسة، أبرزها أزمة تقاسم مياه نهر هيرمند، وملف اللاجئين الأفغان الذين يُقدّر عددهم في إيران بنحو 10 ملايين، فضلا عن قلق طهران من تعامل طالبان مع الأقليات، خاصة الطائفة الشيعية.
إعلانكما تشمل المباحثات قضايا أمن الحدود والتعاون بالتصدي للتهديدات العابرة خلالها، في ظل تكرار الاشتباكات في المناطق الحدودية خلال الأشهر الماضية.
وبحسب مصادر إيرانية، غاب علم طالبان عن مراسم الاستقبال الرسمية، في مخالفة للبروتوكول الدبلوماسي، في حين كانت كابل قد رفعت العلم الإيراني بجانب علم طالبان خلال زيارة عراقجي السابقة إلى أفغانستان.
ورغم عدم الاعتراف الرسمي، حافظت طهران على قنوات تواصل مفتوحة مع طالبان منذ سيطرتها على الحكم، واستضافت خلال العامين الماضيين عدة وفود من الحركة، في لقاءات تناولت قضايا أمنية وإنسانية واقتصادية.
وتشير زيارة متقي لرغبة الطرفين بإدارة الخلافات وتفادي التصعيد، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية، لا سيما بين باكستان والهند في كشمير، وهي تطورات تتابعها طهران عن كثب بالنظر إلى تأثيراتها المحتملة على حدودها الشرقية مع أفغانستان وباكستان، حيث من المرجح أن تُطرح هذه الملفات ضمن محادثات الجانبين، وسط تعقّد التوازنات وتداخل الأدوار الإقليمية.
وفي حديث للجزيرة نت، قال الدبلوماسي الإيراني السابق محسن روحي صفت إن المباحثات الثنائية تركز على عدة ملفات رئيسية، تشمل القضايا السياسية والاقتصادية وقضايا اللاجئين والترانزيت بين البلدين.
ولفت روحي صفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن إيران تسعى لتعزيز استثماراتها في أفغانستان وزيادة صادرات كابل إلى طهران، وهو من المتوقع أن يكون من بين طلبات الوفد الأفغاني خلال الزيارة.
كما نوه إلى ملف اللاجئين، مؤكدا أن الجانب الإيراني يطالب بأن يكون وجود اللاجئين الأفغان في إيران قانونيا وموثقا بالأوراق الرسمية، محذرا من أن من لا يحملون الوثائق اللازمة سيُطلب منهم مغادرة البلاد تدريجيا.
إعلانوأشار الدبلوماسي السابق إلى أن أزمة مياه نهر هيرمند كانت من المواضيع التي نوقشت مؤخرا في اجتماع اللجنة المشتركة للمياه في كابل، مشددا على ضرورة اتخاذ قرارات سياسية تفضي إلى إجراءات عملية ملموسة في هذا الملف الحيوي.
وأكد أن تطوير خط سكة الحديد بين خواف وهرات وزيادة الاستفادة منها من المواضيع المهمة التي يبحثها الطرفان في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي.
التواصل الواقعيمن جهته، يرى خبير العلاقات الدولية أشكان ممبيني أن زيارة وزير خارجية حكومة طالبان خان متقي إلى طهران تكتسب أهمية متعددة الأبعاد، معتبرا أنها تعكس محاولة الطرفين لإعادة صياغة العلاقة وفق معطيات الواقع الإقليمي الجديد، رغم غياب الاعتراف الرسمي الإيراني بالحكومة التي شكلتها طالبان.
وأوضح ممبيني، في حديث للجزيرة نت، أن الزيارة تأتي في إطار سياسة "التواصل الواقعي" التي تتبعها طهران مع كابل، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي هو تثبيت قنوات الاتصال المباشر، بما يتيح للطرفين إدارة الخلافات، خاصة في ظل استمرار التحديات الأمنية والإنسانية.
وأضاف أن إيران تستضيف ملايين اللاجئين الأفغان، مما يجعل ملف الإقامة والتعامل مع الآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على وجودهم من القضايا الملحة في المفاوضات.
كما لفت إلى أن التعاون الاقتصادي والترانزيت بين البلدين سيحظى بأولوية خلال المحادثات، في ظل رغبة طالبان بتوسيع نطاق تعاملها التجاري مع طهران لتعويض جزء من عزلتها الدولية.
ورأى ممبيني أن هذه الزيارة تمثل اختبارا فعليا لإمكانية تطوير العلاقة بين الطرفين نحو مزيد من الاستقرار، مؤكدا أن غياب إطار دولي واضح للتعامل مع طالبان يدفع دول الجوار، وعلى رأسها إيران، إلى تبني أدوات دبلوماسية ثنائية لإدارة الملفات المعقدة ومنع الانزلاق نحو صراعات حدودية أو فراغ أمني أوسع.
إعلانوبينما تسعى طالبان إلى كسر عزلتها الدولية عبر تعزيز علاقاتها مع دول الجوار، تبدو طهران حريصة على التعامل مع الواقع الأفغاني بحذر محسوب، يمزج بين المصالح الأمنية والاقتصادية وتجنب الانخراط في شرعنة حكومة لا تحظى باعتراف دولي.
ومع استمرار الملفات العالقة وتعدد ساحات التوتر الإقليمي، تبقى قدرة الطرفين على إدارة الخلافات ضمن قنوات دبلوماسية هادئة هي العامل الحاسم في استقرار العلاقة بينهما، في وقت يُعاد فيه رسم خرائط النفوذ والتحالفات في آسيا الوسطى وجنوب غرب آسيا.