من دونهم، ينهار النظام الصحي... دعوات لتسوية أوضاع الأطباء الأجانب في فرنسا
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
دعت نقابات الأطباء وإدارات المستشفيات الفرنسية بإلحاح إلى تسوية أوضاع الأطباء الأجانب الممارسين في البلد والمتخرّجين من جامعات من خارج الاتحاد الأوروبي بصورة عاجلة، إثر انتهاء آلية التوظيف الخاصة بهم، حيث "لا غنى عنهم" و"من دونهم، سينهار النظام الصحي".
ومنذ أكثر من 20 عاما، تستعين مراكز الاستشفاء في فرنسا بأطباء أجانب من خارج التكتل بسبب النقص الحاد في كوادرها الطبية.
وغالبا ما يتولّى هؤلاء الأطباء "الحائزون شهادات من خارج الاتحاد الأوروبي" ويتمّ التعاقد معهم بعقود قصيرة الأمد قابلة للتجديد ومنخفضة الأجور، نفس المهام التي يؤديها الأطباء المخضرمون. ومن حقّهم أن يأملوا "ترخيصا للممارسة الكاملة" بناء على نتائج امتحان انتقائي يُعرف بـ "إي في سي" (EVC) ودراسة ملفاتهم.
أما بالنسبة للذين لم يجتازوا الامتحان، فقد اعتُمد نظام استثنائي سمح خلال فترة طويلة للمستشفيات بالاستعانة بخدماتهم مقابل ما بين 1500 و2200 يورو في الشهر. لكن في 31 ديسمبر/كانون الأول انتهى العمل بهذا النظام الذي مُدّدت صلاحيته عدة مرات. وبات يتعذر راهنا تجديد عقودهم.
"2000 طبيب معدمي الحال والبعض بلا وثائق"تقول ميا (38 عاما) التي لم ترغب في الكشف عن هويتها وقدمت من مدغشقر في 2020: "قالوا لنا إنه إذا لم ننجح في امتحانات إي في سي هذه السنة، فقد انتهى الأمر بالنسبة لنا. غير أن المناصب الشاغرة قليلة جدا. ونحن نتنافس مع أشخاص مسجلين في الخارج أمامهم سنة للاستعداد. أما أنا، فينبغي لي العمل 70 ساعة أسبوعيا في قسم الطوارئ".
وتفيد تقديرات بشغور 2700 منصب لما بين 10 آلاف و20 ألف مرشح.
وتردف الطبيبة العمومية التي تزاول في ضاحية باريس وقد أُشيد بعملها خلال الأزمة الصحية وهي باتت اليوم من دون تصريح إقامة: "رسبت، بالرغم من الأصداء الممتازة التي أتلّقاها وأنا أصل الليل بالنهار في نوبات عملي".
وبات حوالي "ألفي طبيب معدمي الحال"، والبعض منهم يفتقر حتى إلى الوثائق الرسمية اللازمة، بحسب حليم بنسعيدي ممثّل نقابة "IPADECC" المعنية بالدفاع عن هؤلاء الأطباء. ويتطابق هذا العدد مع تقديرات نقابات أخرى.
وحازت أمل (اسم مستعار) البالغة من العمر 31 عاما شهادة الطب العام في الجزائر وحصلت على الجنسية الفرنسية وهي تدرس الطب النفسي في المرحلة الثالثة وتعمل في منطقة سين سان دوني الفقيرة في ضواحي باريس منذ ثلاث سنوات. لكنها لم تُعتبر أهلا للتسجيل في امتحانات "إي في سي". تقول الشابة: "أقدم استشارات في طب النفس وأتولى نوبات عمل. وأصبحت أعمل بلا عقد اليوم".
"من دونهم، ينهار النظام الصحي"في بعض المناطق، "تعتمد المستشفيات على خدمات هؤلاء الأطباء بالكامل تقريبا وهم يبقون في وظائفهم بدون الأوراق القانونية اللازمة. فلا خيار آخر أمام الإدارات"، بحسب ما يقول حسين سال رئيس قسم الطوارئ في مستشفى مونتروي (سين سان دوني). وهو يؤكد: "من دونهم، ينهار النظام الصحي".
بعد إصلاح أطلق مؤخرا، بات تعيين الناجحين في الامتحان التنافسي من صلاحيات خدمات الدولة وهو "لم يعد يتناسب بتاتا مع حاجاتنا"، بحسب سال الذي وقع مع 220 طبيبا رسالة نشرت في أسبوعية "لو بوان". وهو يكشف: "طلبت ملء 10 مناصب شاغرة ولم أحصل سوى على نصف المطلوب، ومن بينهم طبيب طوارئ واحد. ولن يكون في وسعي إذن تغطية نوبات العمل بالكامل، لذا سأضطر إلى إغلاق قسم الطوارئ جزئيا".
وفي قسم الطوارئ في مستشفى دولافونتين في سان دوني قرب استاد فرنسا، "ثلاثة أطباء تخرجوا من فرنسا من أصل حوالي ثلاثين"، على ما يخبر رئيس القسم ماتياس وارغون. وهو يقول: "إذا لم أحصل على العدد المرجو، سوف أغلق أقله في الليل. والألعاب الأولمبية ستجري من دوني"، في إشارة إلى دورة الألعاب الأولمبية المقبلة المزمع تنظيمها في باريس من 26 يوليو/تموز إلى 11 أغسطس/آب.
هذا، وتعهّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء خلال مؤتمر متلفز بـ "تسوية أوضاع عدد من الأطباء الأجانب"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. ولم تعط وزارة الصحة أي توضيحات إضافية في اتصال من وكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبه، دعا اتحاد من النقابات إلى النظر في ملف كل طبيب على حدة في لجنة خاصة من دون امتحان تنافسي، فمن الضروري التحقق من مؤهلاتهم وأيضا توفير "إقامة دائمة" لهم تليق بمكانتهم.
فرانس24/ أ ف ب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج فرنسا طب الهجرة إيمانويل ماكرون سوق العمل مستشفى نقابات صحة كرة القدم كأس الأمم الأفريقية 2024 للمزيد منتخب الجزائر بوركينا فاسو الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا النظام الصحی قسم الطوارئ
إقرأ أيضاً:
طبيب إسرائيلي خلال خدمته العسكرية بغزة: نقضي على الصراصير
أثار طبيب إسرائيلي يعمل في إحدى كبرى المؤسسات الصحية في الاحتلال الإسرائيلي موجة غضب واسعة، عقب نشره تصريحات صادمة شبّه فيها قتله لفلسطينيين خلال خدمته العسكرية في قطاع غزة بـ"مهمة القضاء على الصراصير".
وفي تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، وأعدّته الصحفية لبنى مصاروة، ورد أن الطبيب سابو عاموس، الجراح الذي استُدعي كجندي احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، نشر عبر منصة "إكس" سلسلة منشورات قال فيها إنه تطوّع للمشاركة في عملية قتل "عشرات الإرهابيين"، معتبرًا أن مشاركته تندرج ضمن "الطب الوقائي"، بينما وصفها طبيب آخر بأنها "صحة عامة".
وكتب عاموس: "عندما نفكر بالأمر مجددًا، نجد أن الوصف دقيق؛ نحن نتحدث عن القضاء على الصراصير والذباب الكريه"، في إشارة إلى الفلسطينيين في غزة.
كما نشر صورة لجنود إسرائيليين يؤدون صلاة يهودية داخل مسجد شمال غزة، وكتب مرفقًا: "في كل دقيقة نسمع صوت رشاش وقذيفة مدفعية.. افرموهم".
وفي منشور سابق يعود إلى آب/أغسطس 2024، دعا عاموس إلى "محو غزة عن الوجود"، مدّعيًا أنه "لا يوجد أبرياء" هناك، وأن "الجميع شارك" في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ويعمل عاموس ضمن شبكة "مكابي" الصحية، إحدى أبرز مزوّدي الخدمات الطبية في الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقًا للموقع الرسمي لـ"مكابي"، يعمل عاموس في مدينة مختلطة شمال البلاد تضم نسبة كبيرة من السكان الفلسطينيين.
وقد حاول موقع "ميدل إيست آي" التواصل مع "مكابي" للتعليق، دون أن يتلقى أي رد.
ونقل التقرير عن طبيب فلسطيني يعمل في القطاع الصحي الحكومي، فضّل عدم الكشف عن هويته، قوله إنه لم يُفاجأ بتصريحات عاموس، مشيرًا إلى أن بعض الأطباء في المستشفى الذي يعمل فيه احتفلوا عند بدء القصف على غزة، وأعربوا عن تأييدهم لتجويع سكان القطاع وإزالته من الوجود.
وقال الطبيب: "بدأت أتساءل كيف قادهم الطب إلى هذا النوع من التفكير.. هذا ليس منطق إنسان، ولا طبيب أدى قسم المهنة"، مبدياً قلقه من الانتهاكات التي يرتكبها بعض الأطباء أثناء خدمتهم العسكرية، كالتعذيب وسوء معاملة المعتقلين الفلسطينيين.
من جانبها، صرّحت غادة مجدلي، الناشطة في مؤسسة "الشبكة"، أن التداخل بين مهام الأطباء والجنود بات واضحًا، وقالت: "يتنقل الأطباء بين العيادات وساحات المعارك، حتى أصبح من الصعب التمييز بين دور الجيش والطب".
وأضافت أن انخراط المهنيين الطبيين في لغة الحرب وسلوكها يُعدّ خيانة للمبادئ الأساسية للطب، التي تقوم على الرعاية والحياد وحماية الحياة.
وأشارت إلى أن النظام الصحي في الاحتلال الإسرائيلي خصّص موارد ضخمة لدعم الحرب على غزة، دون أن يدين تدمير المستشفيات أو تجويع المدنيين، مما أسهم في تفاقم الأزمة الإنسانية.
وتأتي تصريحات عاموس بالتزامن مع تصعيد عسكري إسرائيلي جديد في غزة، حيث تعهّد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالسيطرة الكاملة على القطاع، في حين كرّر وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش دعواته إلى "إعادة غزو غزة وتطهيرها"، مؤكدًا: "سنبقى حتى تدمير حماس".
وفي أعقاب موجة الغضب، أعلنت الجمعية الطبية الإسرائيلية، أمس الإثنين، أنها فتحت تحقيقًا بشأن منشورات الطبيب عاموس، بعد تلقيها عدة شكاوى رسمية من داخل وخارج الوسط الطبي.