طالت الحرب على غزة كما كان متوقعا على نحو واسع، أو ربما على عكس ما توقع البعض، ما عزز الأسئلة والنقاش حول توقيت نهايتها والعوامل التي يمكن أن تساهم في ذلك. العوامل المحتملة لم تتغير منذ بداية الحرب، وهي مرتبطة ببعضها البعض بأشكال مباشرة وغير مباشرة، وتتمثل في الخسائر "الإسرائيلية" في الحرب وخصوصا ميدانيا، وتراجع الدعم الخارجي وخصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية، وضغط الداخل "الإسرائيلي" جماهيريا أو سياسيا وخصوصا في ملف الأسرى.



ولأن الخسائر البشرية والعسكرية والاقتصادية وغيرها تحولت لشيء يمكن للاحتلال تحمله والتعايش معه من باب تقييم المواجهة الحالية كحرب وجودية، ولأن تطورات المشهد الداخلي لدى الاحتلال لم تطرأ عليه تغيرات جذرية حتى اللحظة رغم بعض المؤشرات المهمة، تتركز الأنظار مؤخرا نحو الموقف الأمريكي لمحاولة استشراف مدى تأثيره على مسار الحرب.

أحد أسباب هذا التركيز هو ما يرشح في الأخبار مؤخرا عن خلافات وتوترات بين الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال، والتغيرات الطفيفة -لكن المهمة- في الموقف الأمريكي من الحرب وبخصوصها، ومرد ذلك لقراءة تقول إن إدارة بايدن تتعرض لخسائر بسبب موقفها.

هدف هذا الموقف الأمريكي إلى تقديم الدعم للكيان ولا شك، إضافة لأهداف أخرى كتثبيت جبهته الداخلية وطمأنته، وتأمين غطاء كامل للمؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" للقيام بما تريد وتحقيق أهدافها في غزة، وضمان استفرادها بغزة ومقاومتها بتحذير وردع مختلف الأطراف. ومن اللافت أن معظم دول المنطقة -العربية والمسلمة- قد التزمت بسقف أمريكي غير معلن
ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت تدخلت في الحرب بالانخراط المباشر إلى جانب الاحتلال، عبر إحضار حاملات الطائرات للمتوسط، وتصدير السلاح للاحتلال، وتقديم غطاء سياسي كامل لعدوانه، وتبنٍّ رسمي كامل لروايته، لدرجة أنه يمكن القول دون مبالغة كبيرة إن واشنطن أدارت الحرب ولم تكتف بالدعم.

وقد هدف هذا الموقف الأمريكي إلى تقديم الدعم للكيان ولا شك، إضافة لأهداف أخرى كتثبيت جبهته الداخلية وطمأنته، وتأمين غطاء كامل للمؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" للقيام بما تريد وتحقيق أهدافها في غزة، وضمان استفرادها بغزة ومقاومتها بتحذير وردع مختلف الأطراف. ومن اللافت أن معظم دول المنطقة -العربية والمسلمة- قد التزمت بسقف أمريكي غير معلن، إذ بقيت المواقف في غالبيتها الساحقة عبارة عن مواقف كلامية لا صدى عمليا لها مع البقاء في صفوف المتفرجين، وهو ما يعني عمليا السماح بالعدوان "الإسرائيلي" وانتظار تحقيق أهدافه، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا فواعل ما دون الدولة وفي مقدمتها حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن.

وعليه، يبدو السؤال وجيها، وهما على الحقيقة سؤالان لا سؤال واحد؛ هل الخلاف بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال حقيقي؟ وهل هو مؤثر في مسار الحرب؟ أي أنهما سؤالا الحدود/المدى والتأثير/النتيجة.

وقبل الولوج للبحث ومحاولة تقديم إجابات، ينبغي التذكير بأن الولايات المتحدة تعد هذه الحرب حربها وليست مجرد داعم لأحد طرفيها. فمن جهة كانت عملية طوفان الأقصى ضربة قاسية لما يُعد قاعدتها العسكرية أو حاملة طائراتها الكبرى في الشرق الأوسط، كما توصف عادة دولة الاحتلال، التي من المفيد استحضار أنها مجرد مشروع للغرب الاستعماري في منطقتنا. ومن جهة ثانية فالعملية أجّلت و/أو أضرت بعدد من المشاريع والمسارات الأمريكية في المنطقة، من محاولات تخفيف الحضور للتركيز على مناطق ونزاعات أخرى، لمشاريع التطبيع مع الاحتلال، للمشاريع الاقتصادية التي ستربط دولة الاحتلال بالدول العربية، لغير ذلك.

بالنظر لما سبق من اعتبارات وللتصريحات الأمريكية المتكررة والمواقف المتغيرة نسبيا، لا شك أن ثمة خلافا لا تخطئه العين بين الجانبين الأمريكي و"الإسرائيلي"، لكنه ليس خلافا بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" وإنما بين الإدارة الأمريكية والحكومة "الإسرائيلية"، والفارق بين الأمرين ليس هامشيا ولا تفصيليا فضلا عن أن يكون مجرد تباين لفظي.

بالنظر لما سبق من اعتبارات وللتصريحات الأمريكية المتكررة والمواقف المتغيرة نسبيا، لا شك أن ثمة خلافا لا تخطئه العين بين الجانبين الأمريكي و"الإسرائيلي"، لكنه ليس خلافا بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" وإنما بين الإدارة الأمريكية والحكومة "الإسرائيلية"، والفارق بين الأمرين ليس هامشيا ولا تفصيليا
ولو تتبعنا التصريحات الأمريكية المسربة للإعلام بهذا الخصوص لن نجد فيها معنى الاعتراض على الحرب ولا على "دولة إسرائيل"، وإنما على الحكومة بل تحديدا على بعض "المتطرفين" فيها أمثال بن غفير وسموتريتش، الذين ترى واشنطن أنهم لا يتصرفون بحكمة وبالتالي يضرون بمصالح "إسرائيل" -وليس فقط الولايات المتحدة- الاستراتيجية. هنا، تتصرف الولايات المتحدة كـ"أم الولد" الأحرص منه على مصلحته، ولذلك يتكرر في تصريحات المسؤولين الأمريكان تنبيه نظرائهم "الإسرائيليين" لمصالحهم طويلة الأمد، مثل تحذير وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حكومة الاحتلال من أن "تستبدل النصر التكتيكي بهزيمة استراتيجية".

كما أن الخلاف الأمريكي مع حكومة الاحتلال، في سياق الإجابة الثانية، لا يتعلق بصلب الحرب على غزة وتحديدا العملية البرية فيها، فهي ترى الحرب حربها كما أسفلنا، ولا تريد أن تسمح بانتصار المقاومة و/أو انكسار الاحتلال لما لذلك من تداعيات محتملة محليا وإقليميا ودوليا. الخلاف يرتبط إذن ببعض تفاصيل الحرب لا الحرب نفسها، وتحديدا بنقطتين؛ شكل الحرب وترتيب ما بعدها.

ونقصد بشكل الحرب حجم القوة المستخدمة ووتيرة القصف والنيران وتأثير ذلك على المدنيين، فيما يتعلق بالتعبير الإعلامي عن العملية وشكلها أمام العالم إن لم يكن بالضرورة تغييرا حقيقيا في شكلها على الأرض. ولعل ذلك كان في مقدمة ملفات وزير الخارجية الأمريكي في زيارته الأخيرة، والتي تزامنت مع حديث الاحتلال عن "مرحلة ثالثة" بدأت في الحرب.

والمقصود بترتيبات ما بعد الحرب البنية السياسية والأمنية في قطاع غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية، حيث تتفق كل من أمريكا و"إسرائيل" على ضرورة تغييب حركة حماس عنها، بينما تختلفان فيمن يفترض أن يحل مكانها، حيث تصر بعض التصريحات الصادرة عن الاحتلال على إعادة احتلال غزة أو أجزاء منها أو الإبقاء على نوع من السيطرة عليها، بينما ترفض الولايات المتحدة -فيما هو معلن- ذلك بعدِّه تقويضا لحل الدولتين، وتدعو لحلول أخرى مثل قوات عربية أو دولية أو -وهذا المفضل لها- عودة السلطة الفلسطينية "المعدّلة".

ومن المهم الإشارة إلى أن مرد هذا الخلاف الأمريكي مع دولة الاحتلال هو السعي للتنصل من بعض تبعات العملية البرية "الإسرائيلية". فمثلما لم يكن تغير الموقف الأمريكي الرسمي المعلن من الحديث "عما بعد حماس" لـ"ما بعد الحرب" وتغييب فكرة تهجير سكان غزة من التصريحات الرسمية؛ نابعا من قراءة الميدان من حيث فشل العملية البرية في تحقيق أهدافها وصمود المقاومة والشعب، فالخلاف كذلك ليس نابعا من موقف أخلاقي أو إنساني أو سياسي مبدئي. إن منطلق واشنطن هو محاولة التنصل من أي مسؤولية عن تبعات العملية البرية وما يتخللها من جرائم حرب، من حيث الرأي العام الأمريكي وتبعات ذلك في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، وكذلك في سياق القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، فضلا عن صورة الولايات المتحدة ومصالحها عالميا.

الولايات المتحدة تملك القدرة على الضغط الحقيقي على الاحتلال لوقف الحرب لكنها لم تلجأ له حتى اللحظة، ولن تفعل ذلك إلا إن اختلت المعادلات الميدانية بشكل دراماتيكي، في غزة أو الجبهات الأخرى المفتوحة، وهذا أمر محتمل ومتوقع في المرحلة القادمة
كما أنه لا ينبغي تجاهل إمكانية أن تكون التسريبات الأمريكية المتكررة بخصوص الخلافات أو التوتر مع حكومة الاحتلال مقصودة بحد ذاتها ومبالغا بها، لكسب الوقت وتخفيف الضغوط عن الولايات المتحدة وتحقيق هدف التنصل من التبعات، بينما تكون حكومة الاحتلال تكسب وقتا لصالح العملية البرية على المدى البعيد، كما تتاح الفرصة للاحتلال لتحقيق أهدافه باجتثاث المقاومة في ظل اتكاء مختلف الأطراف على فرضية أن الحرب قصيرة ووشيكة الانتهاء بفضل الضغط الأمريكي.

وفي الخلاصة، ثمة خلاف حقيقي بين الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال، لكن على هامش الحرب وليس في صلبها. ولذلك، فمن غير المتوقع أن يكون لها تأثير مباشر لإنهائها مباشرة أو في وقت قريب جدا، أي أن تأثيرها أقل بكثير من المتوقع والمتداول بالنظر للكم الهائل من الأخبار المسربة والتحليلات المبنية عليها.

لكن هذا لا يعني أنها بلا تأثير بالمطلق ولا أنها غير قادرة على تقصير أمد الحرب، بل يمكن أن يحصل ذلك في أي وقت تحت تأثير مخرجات الميدان. ذلك أن الولايات المتحدة تملك القدرة على الضغط الحقيقي على الاحتلال لوقف الحرب لكنها لم تلجأ له حتى اللحظة، ولن تفعل ذلك إلا إن اختلت المعادلات الميدانية بشكل دراماتيكي، في غزة أو الجبهات الأخرى المفتوحة، وهذا أمر محتمل ومتوقع في المرحلة القادمة.

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإسرائيلية بايدن إسرائيل امريكا غزة نتنياهو بايدن مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین الإدارة الأمریکیة الولایات المتحدة الموقف الأمریکی حکومة الاحتلال العملیة البریة دولة الاحتلال ما بعد فی غزة

إقرأ أيضاً:

طلاق سياسي بين ترامب وايلون ماسك.. تفكك أقوى التحالفات في الولايات المتحدة .. مواجهة نارية للرئيس الأمريكي تهزّ واشنطن

طلاق سياسي مدوٍّ بين ترامب وماسك.. اتهامات متبادلة تهز أروقة السلطة في واشنطنمن التحالف إلى العداء.. ماسك يهاجم ترامب بملفات إبستين وتهديد بإنهاء العقود الفيدراليةانهيار صداقة المليارات.. صدام علني بين ترامب وماسك يُربك المشهد السياسي والاقتصادي الأمريكي

يبدو أن أحد أكثر التحالفات نفوذًا في المشهد السياسي الأمريكي قد وصل إلى نهايته، بعد أن اندلعت مواجهة علنية وغير مسبوقة بين الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك على منصتيهما الخاصتين للتواصل الاجتماعي، "تروث سوشيال" و"إكس"، يوم الخميس.

المواجهة بدأت بتصريحات من ترامب عبّر فيها عن "خيبة أمله الشديدة" من ماسك، بعد أن وجّه الأخير انتقادات متكررة لمشروع القانون المحلي الضخم الذي يرعاه البيت الأبيض، والذي يتضمن تغييرات شاملة في مجالات الضرائب والإنفاق والطاقة والهجرة.

وقال ترامب من المكتب البيضاوي: "كانت علاقتي بإيلون رائعة، لا أعلم إن كانت ستستمر". جاء ذلك بعد أقل من أسبوع على تبادل الثناء بين الرجلين، في آخر يوم لماسك كمستشار حكومي خاص ضمن إدارة ترامب.

بعد خلافهما الحاد.. مستشار ترامب السابق يدعو للتحقيق مع ماسك وسحب جنسيته

لكن الرد جاء سريعًا من ماسك عبر منصة "إكس"، حيث كتب: "لولاي، لكان ترامب خسر الانتخابات، ولحكم الديمقراطيون مجلس النواب، وكان الجمهوريون يملكون فقط 51 مقعدًا في مجلس الشيوخ"، قبل أن يضيف: "أي نكران للجميل هذا!"

وكان ماسك قد فجّر الخلاف علنًا في وقت سابق هذا الأسبوع، عندما وصف مشروع القانون الجمهوري بأنه "مهزلة مقززة"، منتقدًا تأثيره السلبي المحتمل على العجز الفيدرالي. ومنذ ذلك الحين، لم يُسجَّل أي تواصل مباشر بينه وبين ترامب، وفقًا لمصادر تحدثت إلى CNN.

معركة ترامب وماسك

وتدهورت الأمور بشكل دراماتيكي حينما هدد ترامب بإنهاء جميع العقود الفيدرالية والدعم الحكومي الممنوح لشركات ماسك، بما في ذلك تلك المتعلقة بمشاريع حساسة كالتعاون مع محطة الفضاء الدولية. 

أما ماسك، فقد صعّد الموقف بشكل حاد، مدّعيًا – دون تقديم دليل – أن اسم ترامب وارد في ما يُعرف بملفات جيفري إبستين، الممول المدان بقضايا استغلال جنسي للأطفال، الذي توفي عام 2019 أثناء انتظار محاكمته.

أول تعليق من نتنياهو على عقوبات ترامب ضد المحكمة الجنائية الدولية

وفي المساء، علّقت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت قائلة: "هذه حلقة مؤسفة من إيلون، الغاضب من مشروع القانون الكبير لأنه لا يتضمن السياسات التي يرغب بها. الرئيس يركز على تمرير هذا التشريع التاريخي لإعادة عظمة البلاد."

أوضح مصدر مطّلع على الموضوع أن ملفات إبستين التي نشرتها الإدارة بالفعل تتضمن اسم ترامب، وأشار إلى أن الرئيس لم يُتَّهم بأي مخالفة تتعلق بالقضية. 

وأضاف المصدر متسائلًا: "إن كان ماسك يعتقد فعلًا أن للرئيس علاقة عميقة بإبستين، فلماذا ظلّ يصاحبه طوال ستة أشهر وقال إنه يحبه ‘بقدر ما يمكن لرجل مستقيم أن يحب رجلاً آخر’؟"، في إشارة إلى منشور سابق لماسك على "إكس".

سياسات ترامب الجمركية

تصريحات ماسك لم تتوقف عند هذا الحد، بل وصف سياسات ترامب الجمركية بأنها "ستتسبب في ركود اقتصادي خلال النصف الثاني من العام"، بل وذهب حدّ الدعوة إلى عزله من منصبه، وتعيين نائبه جي دي فانس رئيسًا بدلاً منه.

ماسك يفتح النار على ترامب: الرسوم الجمركية تدمر الاقتصادإسرائيل تبلغ ترامب بعدم ضرب إيران إلا حال فشل المحادثات

ورغم تصاعد الهجوم، جاء ردّ ترامب هادئًا نسبيًا، إذ قال: "لا أمانع أن ينقلب إيلون ضدي، لكن كان عليه أن يفعل ذلك منذ شهور." ورفض الرد على أسئلة الصحفيين خلال فعالية لاحقة في البيت الأبيض.

أسهم "تسلا" تنهار 

في الوقت نفسه، أبدى ماسك في منشورات لاحقة على "إكس" انفتاحًا على المصالحة، حيث أعاد نشر تغريدات تدعو إلى تهدئة الأجواء، بينما بدأت أسهم "تسلا" بالتراجع وسط القلق من تداعيات الصدام السياسي على مستقبل أعمال ماسك، خاصة بعد تهديدات ترامب بإلغاء العقود الحكومية.

ما بدا وكأنه "طلاق سياسي" علني بين الرجلين، لم يخلُ من نبرة شخصية، إذ علّقت الكاتبة المحافظة آشلِي سانت كلير – التي تقول إن ماسك والد طفلها – على الخلاف بقولها: “إذا احتجت إلى نصيحة بشأن الانفصال يا سيادة الرئيس، أنا هنا!”


اعتراض ماسك

وفي ظهوره مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس، زعم ترامب أن اعتراض ماسك على مشروع القانون نابع من حذف الحوافز المخصصة للسيارات الكهربائية التي تصب في مصلحة "تسلا"، قائلاً: "لم يبدِ أي اعتراض على القانون، إلا بعد مغادرته المنصب."

لكنه أضاف أيضًا: "إيلون كان يفقد صبره. طلبت منه المغادرة، وألغيت التفويض الذي يُجبر الناس على شراء السيارات الكهربائية التي لا يريدها أحد – وكان يعلم بذلك منذ أشهر – ثم فقد صوابه تمامًا!"

كذب فاضح

ماسك ردّ على هذه التصريحات بوصفها "كذبًا فاضحًا"، نافياً علمه المسبق بتفاصيل القانون، ومصرًا على أن اعتراضه لا علاقة له بحوافز السيارات الكهربائية، بل بالزيادة الهائلة في الإنفاق العام، والتي قد ترفع العجز بمقدار 2.4 تريليون دولار، وفق تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس.

بعد وصفه بالمجنون.. ماسك يؤيد فكرة عزل ترامبالقنبلة الكبرى..إيلون ماسك يتهم ترامب بالتورط في قضية استغلال القاصرات

ورغم ذلك، أظهر ترامب بعض الحنين للماضي قائلاً: "إيلون أيدني بقوة، بل شارك في حملتي. أعتقد أنني كنت سأفوز، لكن سوزي (ويلز) تقول إنني كنت سأفوز بسهولة في بنسلفانيا على أية حال."

ترامب مصدوم 

أحد مسؤولي البيت الأبيض أكد أن ترامب بدا مصدومًا أكثر منه غاضبًا خلال الأيام الأخيرة، مضيفًا: "الرئيس يكنّ احترامًا لماسك، ويقدّره شخصيًا. ولهذا لم يشأ مهاجمته علنًا."

لكن هذا الموقف بدأ يتغير تدريجيًا، خاصة بعد منشور ماسك الذي قال فيه: "لولاي، لكان ترامب خسر الانتخابات."

وبينما يتساقط غبار المعركة، ظلّت تذكار الصداقة السابقة ماثلة أمام البيت الأبيض: سيارة "تسلا" حمراء اشتراها ترامب في فعالية دعمًا لماسك، كانت لا تزال مركونة في الممر المؤدي إلى المبنى مساء الخميس.

حان وقت إسقاط القنبلة

في مشهد يعكس تصاعد التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك، سعى عدد من الحلفاء المقربين إلى التوسط بهدوء بين الطرفين يوم الخميس، في محاولة لاحتواء الخلاف المتنامي، قبل أن تُفجّر الأمور تغريدة مثيرة على منصة "إكس".

كتب ماسك: "حان وقت إسقاط القنبلة الكبرى: @realDonaldTrump موجود في ملفات إبستين. وهذا هو السبب الحقيقي وراء عدم الكشف عنها. يومك سعيد، دي جاي تي!"، في إشارة إلى الرئيس ترامب.

ترامب وماسك في نقطة اللاعودة

التغريدة فاجأت وأربكت الدوائر المقربة من الطرفين، ووصفت من قبل مطلعين على الكواليس بأنها نقطة اللاعودة، إذ نقلت الخلاف من مستوى السياسات إلى المواجهة الشخصية المباشرة، مما صعّب أي فرصة للتهدئة أو الوساطة.

انهيار أسهم تسلا بسبب تصاعد الخلافات بين ترامب وماسكإيلون ماسك يُلمّح إلى تأسيس حزب سياسي جديد بعد خلافه العلني مع ترامب

مسؤولو الجناح الغربي في البيت الأبيض أمضوا معظم يوم الخميس وهم يراقبون التراشق الكلامي عبر منصتي "إكس" و"تروث سوشيال"، بينما تبادل عدد من المساعدين التحديثات في محادثات جماعية، وعلّق أحدهم بالقول: "كأننا نشهد طلاقًا... توقعت حدوثه، لكن ليس بهذه السرعة. كنت أظن أنه سيحدث في أغسطس."

أول تعليق رسمي على معركة ترامب وماسك

وفي أول تعليق رسمي، وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، تصريحات ماسك بأنها "واقعة مؤسفة"، مضيفة في بيان لقناة CNN: "هذه حلقة مؤسفة من إيلون، الذي يشعر بالإحباط لأن مشروع القانون الكبير والجميل لا يتضمن السياسات التي كان يأمل بها. الرئيس يركز على تمرير هذا التشريع التاريخي من أجل إعادة عظمة البلاد."

تهم الاتجار بالبشر

جدير بالذكر أن ماسك لم يقدم أي دليل يوضح كيف حصل على ملفات لم تُنشر بعد تتعلق بالممول الراحل جيفري إبستين، والذي توفي في السجن عام 2019 أثناء انتظاره المحاكمة بتهم الاتجار بالبشر لأغراض جنسية.

وكانت العلاقة بين ترامب وماسك قد شهدت توترًا متزايدًا خلال الأسبوع، بعدما أعرب ماسك عن رفضه لمشروع قانون ترامب الاقتصادي الذي يناقش حاليًا في الكونغرس، وذلك عقب خروجه من منصبه كمستشار حكومي خاص.

ماسك يفتح النار على ترامب: الرسوم الجمركية تدمر الاقتصادانهيار أسهم تسلا بسبب تصاعد الخلافات بين ترامب وماسك

التصعيد بلغ ذروته عندما هدد ترامب بإنهاء العقود الحكومية مع شركات ماسك، فيما رد الأخير بالحديث عن ملفات إبستين، ودعا لاحقًا إلى عزل ترامب، وهدد بإيقاف تشغيل مركبة "دراغون" الفضائية التابعة لـ"سبيس إكس"، والتي كانت قد أعادت رواد فضاء ناسا من محطة الفضاء الدولية. كما حذر من أن الرسوم الجمركية التي يدفع بها ترامب قد تؤدي إلى ركود اقتصادي لاحقًا هذا العام.

لكن ماسك عاد وتراجع عن قراره بشأن مركبة "دراغون" بعد أن دعاه أحد مستخدمي "إكس" إلى "الهدوء والتروي"، فرد عليه قائلاً: “نصيحة جيدة... حسنًا، لن نُخرج دراغون من الخدمة.”

طباعة شارك دونالد ترامب إيلون ماسك مشروع القانون المحلي البيت الأبيض المكتب البيضاوي مجلس النواب مشروع القانون الجمهوري جيفري إبستين كارولين ليفيت تصريحات ماسك

مقالات مشابهة

  • أسطرة المقاومة في مواجهة عوالم الموت الإسرائيلية
  • حقيقة الدور الأمريكي في مفاوضات وقف الحرب على غزة
  • الفحل: اجتماع الرباعية مع الولايات المتحدة الأمريكية محاولة بائسة للهروب من مواجهة الدولة الراعية للميليشيا
  • طلاق سياسي بين ترامب وايلون ماسك.. تفكك أقوى التحالفات في الولايات المتحدة .. مواجهة نارية للرئيس الأمريكي تهزّ واشنطن
  • السفينة تحتاج لتوجيه.. الرئيس الصيني ونظيره الأمريكي يؤكدان أهمية الحوار لحل الخلافات
  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة ستواصل وقوفها إلى جانب إسرائيل
  • عاجل| حماس: الفيتو الأمريكي يجسد انحياز الإدارة الأمريكية الأعمى لحكومة الاحتلال ويدعم جرائمها ضد الإنسانية في غزة
  • مصر تسترد 11 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية
  • الأهلي يتوجه لاستاد القاهرة للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية
  • رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية يودع سفير الولايات المتحدة الأمريكية