الجزيرة:
2025-05-31@01:41:17 GMT

كيف تجنّد الإعلام الإسرائيلي طوعا في الحرب على غزة؟

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

كيف تجنّد الإعلام الإسرائيلي طوعا في الحرب على غزة؟

حرب الإبادة في قطاع غزة لا تكاد تصل إلى الجمهور الإسرائيلي، ليس لأن إسرائيل أغلقت أبواب القطاع أمام وسائل الإعلام وأعملت سيف الرقابة العسكرية فحسب، بل لأن الأغلبية الساحقة من الصحفيين الإسرائيليين أغلقت على نفسها باب النقد أيضا، واختارت الاصطفاف مع المستويين السياسي والعسكري في معركة "ننتصر معا" على غزة وعلى الحقيقة!

فلم تعد إسرائيل في حاجة أصلا إلى تفعيل سيف الرقابة العسكرية، ولا حتى إلى تحريك وازع الرقابة الذاتية داخل الصحفيين.

من صحفي القناة 12 داني كوشمرو الذي ظهر في الأستوديو حاملا بندقية، إلى مذيعة القناة 14 ليتال شيمش التي تمنطقت مسدسا أثناء تقديمها نشرة الأخبار؛ انقلب صحفيون إسرائيليين بندقيةً تقاتل مع الجيش، وأقصى مسافة يقتربون بها من الحقيقة هي نزولهم ضيوف شرف على ظهر دبابة تجوب قطاع غزة، وتعيد اجترار ما تكرره آلة الدعاية، حسب تعبير معلق إسرائيلي.

مذيع القناة 12 الإسرائيلية داني كوشمارو تطوع ليكون سلاحا في الحرب على قطاع غزة "اعذرونا!"

لذلك ليس صدفة ألا يسقط هؤلاء في الحرب، لأنهم خارج المعركة أصلا، وهم إن كانوا داخلها فغير مستهدفين بالسلاح الإسرائيلي.

تكفي بالنسبة لهم جملة تقال لرفع العتب وتسويغ كم الأكاذيب المتدفقة، كما فعلت يونيت ليفي من القناة 12 عندما خاطبت جمهورها قائلة "هذا هو المكان المناسب لنقول لمشاهدينا ومشاهداتنا إننا في وضع غير مسبوق. دولة إسرائيل لم تُنكب أبدا بحدث بهذه الأبعاد (…) لذا نقول: هنا، نحن أيضا لم نعرف حدثا بمثل هذه الأبعاد. نعتذر سلفا إن لم يستجب أمر ما لمقاييس معاييركم".

لذا لم يجد صحفي إسرائيلي حرجا وهو يصيح وسط الدمار، مبتهجا وفي حالة هستيريا: "اختفت غزة!" ولم يكن صعبا على زميل آخر الانضمام إلى قوة إسرائيلية وهو يخاطب مشاهديه منفعلا: "إننا نحضر الآن عملية قصف يا رفاق!"

كثير من المنتسبين إلى صناعة الإعلام في إسرائيل قرروا الانضمام إلى معركة الدعاية باسم الدفاع عن "الدولة"، فـ"الحديث عن الموضوعية أصبح بلا معنى"، على حد تعبير صانع محتوى ومدير شركة خدمات إعلامية اسمه ناعام شلو في لقاء مع هآرتس، فـ"أنا أقول كل يوم للزبائن: لو حدث في دولتكم أمر كهذا لما كان ردكم أقل قوة".

الصحفية ليتال شيمش مذيعة القناة 14 الإسرائيلية متسلّحة على الهواء (مواقع التواصل) معركة نتنياهو

عدد من هؤلاء لم يختر الاصطفاف مع الجيش فحسب، بل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أيضا، حتى وهو يعرف أن الأمر لا يتعلق بمعركة وجودية يواجهها الكيان فحسب، وإنما بمعركة مصيرية يواجهها رئيس الحكومة في سعيه لإطالة أمد الحرب ليطيل أمد الإفلات من الملاحقات القانونية.

لم يكن عبثا أن يعين نتنياهو في الأسبوع الأول من الحرب -وفي خطوة غير معتادة- همزة وصل بين مكتبه وبين المراسلين العسكريين الإسرائيليين.

فقد اختار للمنصب إلي فلدستاين، المتحدث السابق باسم وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، رغم وجود منصب الناطق باسم الجيش، في حين جرت العادة أن تكون وسائل الإعلام في تماس مع وزير الحرب وقائد الأركان لا مع رئيس الحكومة.

وسائل الإعلام النادرة التي تغرد -قليلا فحسب- خارج السرب يُسلط عليها سيف التهديد، بحجب الإعلانات عنها مثلا، كما هي الحال مع هآرتس، رغم أن الصحيفة تصطف إجمالا في خندق معركة "ننتصر معا"، وما ينشر فيها في باب النقد متروك لمقالات الرأي حيث يكتب معلقون مثل جدعون ليفي.

صور معقّمة

من نافلة القول إن حجم الدمار في غزة غائب تماما عن الشاشات وصفحات الجرائد الإسرائيلية حيث لا تظهر إلا عمليات الجيش، ونجاحاتها المزعومة والمُعقّمة دائما من دم الأبرياء.

لا صور للدمار المروع، ولا للجثث الملقاة في الشوارع ينهشها الطير، ولا للمستشفيات التي انقلبت مقابر.

على الجانب الآخر، اختار عشرات الصحفيين الفلسطينيين أن ينقلوا للعالم جزءا مما يجري في معركة يمكن تسميتها "معا ننتصر للحقيقة"، واكتست معداتهم بطبقة سميكة من غبار الخراب، الذي لم يلامس أي منه كاميرات المراسلين الإسرائيليين التي حافظت على نقائها لبقائها خارج الخدمة أصلا.

دفع هؤلاء الصحفيون الفلسطينيون دون ذلك حياتهم، وكان حريًا بالصحفيين الإسرائيليين أن يُحنوا لهم الرؤوس احتراما لأنهم قرروا أن تبقى "التغطية مستمرة"، حتى وهم يراسلون من فوهة الجحيم نفسها، على حد تعبير الصحفية والكاتبة أورلي نو، ومع ذلك "يتقاسم هؤلاء وهؤلاء المهنة نفسها"، اسميا على الأقل.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أزمة نفسية في صفوف الجنود الإسرائيليين.. 66 ألف استغاثة وانتشار شعور ذنب الناجين

نشرت صحيفة "يديعوت" العبرية، تقريرا، لمُراسلها أور هدار، جاء فيه أنّ: "هناك الكثير من المكالمات من جنود الاحتياط الذين يشعرون بـ:ذنب الناجين، للبقاء على قيد الحياة"، وذلك نقلا عن المديرة المهنية الوطنية لـERAN -الإسعافات الأولية العقلية-، شيري دانييلز.

وبحسب التقرير، فإنّ: "أحد المتقدمين قد قال إنه من المؤسف أنه لم يُقتل في غزة؛ إنه يشعر بالذنب ليس فقط لبقائه على قيد الحياة، بل أيضًا لطلبه المساعدة"، مردفا أنّ: "تقرير عن جمعية عيران، أبرز تلقّي أكثر من 66 ألف استفسار من جنود نظاميين وأفراد من الخدمة الاحتياطية وعائلاتهم".

وتابع: "تقديرات الجيش تشير إلى أن عدد المتقدمين بعد الخدمة العسكرية أعلى من ذلك، ولكن العديد منهم يختارون عدم التعريف بأنفسهم كأعضاء في الخدمة الفعلية. إذ يقول بعض الاحتياطيين إن العمل قد انهار، وأنهم لا يستطيعون العثور على عمل، ولكن ما يزعجهم أكثر هو الشعور بالعبء على الأسرة".

وأوضحت دانييلز، بأنه شعور طبيعي جدًا، مشيرة إلى أنّ هناك من يشعر بالذنب لأنه صرخ على الأطفال، أو لأنه لم يكن موجودا من أجل شريكه. فيما تابع التقرير الذي أتى عقب مرور 600 يوم على "طوفان الأقصى"، أنّ: "ثلث المكالمات تناولت الشعور بالوحدة (31 في المئة)".


واسترسل: "تناولت ربع المكالمات الألم النفسي والاكتئاب (25 في المئة). تناولت حوالي 20 في المائة من الأبحاث العلاقات الشخصية، والتربية، والعلاقات الاجتماعية. وكانت أربعة في المائة من المكالمات تتعلق بالعنف والاعتداء الجنسي.

ومضى التقرير بالقول: "منذ بداية الحرب، كان الضرر الاقتصادي الذي لحق بالإسرائيليين أحد أبرز القضايا المطروحة على الأجندة العامة. وتُظهر البيانات أن ثلاثة في المائة من الاستفسارات كانت تتعلق بالتوظيف والضائقة المالية".

وأضاف: "كما شكلت قضية الانتحار، وهو الموضوع الذي برز للواجهة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ثلاثة في المائة من إجمالي الاستفسارات"، مبرزا تلقّي أكثر من نصف مليون استفسار عبر مراكز الهاتف والإنترنت منذ اندلاع الحرب.

وأوضح أنّ: "20 في المائة من المكالمات الواردة كانت من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً، أي ما يزيد عن 100 ألف مكالمة استغاثة؛ وبلغت نسبة الإحالات إلى المراكز 12 في المئة من الفئة العمرية 18-24 عاماً، فيما بلغت نسبة الأطفال والمراهقين حتى سن 17 عاماً 8 في المئة من إجمالي الإحالات إلى المراكز. وكان أقل عدد من الإحالات بين البالغين الذين تبلغ أعمارهم 75 عامًا فأكثر، أربعة في المائة".


وأردف: "كانت معظم المحادثات في بداية الحرب تتناول الصدمات والقلق، ومع استمرارها نرى المزيد والمزيد من المحادثات حول الألم النفسي والاكتئاب والشعور بالوحدة والعلاقات، لأننا في هذه الأماكن ندفع ثمنًا باهظا"، كما تصف بعد المحادثاث. 

وفي السياق نفسه، قالت نوريت، تعمل متطوعة في قسم الطوارئ منذ أكثر من ثلاث سنوات: "يتصل الناس أحيانًا في حالة ذعر شديد، والاستماع فقط يمكن أن يساعد. إنهم يحتاجون إلى شخص متعاطف يعترف بصعوباتهم، ونحن موجودون من أجلهم لتحمل بعض المشاعر المعقدة التي يحملونها معهم".

مقالات مشابهة

  • لن نعود إلى هنا.. مئات آلاف الإسرائيليين يفكرون بالمغادرة
  • معركة الفجر.. قوات الجيش تحبط هجوماً حوثياً مزدوجاً وتنتقل للهجوم في الضالع
  • مدير قناة العراقية الإخبارية: العراق يستلهم من مصر معركة البناء
  • في معركة الحرب الناعمة ومواجهة الغزو الفكري.. الهوية الإيمانية تنتصر
  • ‏موقع "واللا" الإسرائيلي: الجيش يستعد لتوسيع نطاق الحرب لتشمل المدن الكبرى في قطاع غزة
  • قناة النيل الدولية.. إعادة بعث
  • أولمرت: غزة أرض فلسطينية وأغلبية الإسرائيليين يرفضون تهجير سكانها
  • هيئة عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو فشل في إعادة محتجزينا رغم مرور 600 يوم على الحرب
  • نتائج التحقيق في معركة كرم أبو سالم: الجيش تخلى عن المستوطنين والجنود 
  • أزمة نفسية في صفوف الجنود الإسرائيليين.. 66 ألف استغاثة وانتشار شعور ذنب الناجين