قانون إسرائيلي جديد للسيطرة على تعليم فلسطينيي الداخل
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
القدس المحتلة – أجمعت فعاليات تربوية وتعليمية وبحثية في أوساط فلسطينيي 48 على أن مشروع القانون الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو يهدف إلى المراقبة وإحكام السيطرة على جهاز التربية والتعليم العربي.
وينص مشروع القانون، الذي صادق عليه الكنيست سابقا بالقراءة التمهيدية وأعيد للمناقشات والتحضيرات في اللجان البرلمانية ذات الاختصاص خلال الحرب على غزة، على فرض الرقابة على المعلمين والمعلمات تحت ذريعة مكافحة "الإرهاب".
وأتى تحريك القانون في أعقاب توجّه وزارة المعارف الإسرائيلية إلى فصل كل معلمة أو معلم ظهر أنه نشر تغريدات عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبّر عن أي موقف أو رأي فيه كلمات "مديح أو تعاطف أو تشجيع"، قد يُفهم منها التماهي مع قطاع غزة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومعارضة الحرب على غزة.
وخلال مداولات لجنة التربية والتعليم في بنود القانون ومصطلح "الإرهاب"، طالب مندوب وزارة القضاء الإسرائيلية بتقليص الصلاحيات التي ستمنح لجهاز الأمن العام (الشاباك) بموجب القانون الذي سيشرع في تشديد إجراءات الرقابة على جهاز التربية والتعليم، وتوسيع الصلاحيات ضد المعلمين والعرب على وجه التحديد.
ووفق رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي الدكتور شرف حسان، يستهدف القانون بالأساس جهاز التربية والتعليم العربي، على الرغم من أن محتوى ونص التشريع يسري على الجميع.
وأشار حسان، في حديث للجزيرة نت، إلى أن القانون يندرج ضمن محاولات المؤسسة الإسرائيلية إخضاع التربية والتعليم لاعتبارات أمنية، حيث يتم التعامل مع المعلمين كمتهمين ووضعهم دائما في دائرة الشكوك وتحت عين الرقيب.
وعليه، يقول حسان، "استغلت الحكومة حالة الحرب والأجواء العنصرية من أجل تشريع قوانين لسلب الحقوق الأساسية للمعلمين وللمواطنين العرب"، محذرا من أن "القانون سيسهل إجراءات فصل أي معلم دون الحق في الاعتراض، وذلك تحت ذريعة التماهي مع ما يسمى الإرهاب".
بلا تفسيراتوأوضح أن الحكومة تعمدت في مشروع القانون الإبقاء على كلمة "الإرهاب" فضفاضة، مما يعني أن القانون يطال كل من ينتقد الحكومة ويعارض الحرب وقتل الأبرياء والمدنيين أو حتى يتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن النص الفضفاض بمثابة محور خلاف مع وزارة القضاء الإسرائيلية التي طالبت بوضع تفسيرات واضحة لمعنى مصطلح "إرهاب"، وتحديد نوعية الأعمال والنشاطات الداعمة لهذا "الإرهاب"، وهو الأمر الذي يرفضه من بادر لمشروع القانون من حزبي الليكود و"عظمة يهودية".
ولفت حسان إلى أن جهاز الأمن العام يبدي تحفظاته على صياغة بنود مشروع القانون كونه لا يرى أن جمهور المواطنين هم الخطر على أمن الدولة، قائلا إن "هذه التحفظات تشير إلى أن اليمين المتطرف يسعى إلى إخضاع كافة المؤسسات والنظم والمفاهيم لاعتباراته السياسية وتعميق هيمنته على جهاز الدولة العميق".
وحذر رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي من تداعيات القانون الذي سيطال من يخالف ويعارض سياسات الحكومة، منبها إلى أنه يمنح صلاحيات إدارية واسعة للوزارة بفصل أي معلم، مع تفريغ مسار اللجان التأديبية من صلاحياتها، وسلب المعلم حقه في الدفاع عن نفسه والطعن في الإجراءات التي قد تُفتح ضده.
والطرح ذاته تبنّاه مدير "معهد المسار للأبحاث الاجتماعية" البروفيسور خالد أبو عصبة، الذي قال إن "مشروع القانون يندرج ضمن مخطط تغييب الأقلية العربية عن الواقع والمحيط والبيئة، على اعتبار أن جهاز التربية والتعليم أداة إسرائيلية للسيطرة والتحكم".
وأوضح أبو عصبة للجزيرة نت أن تحريك القانون يأتي بعد سنوات طويلة من نضال فلسطينيي 48 من أجل إلغاء الرقابة على جهاز التربية والتعليم العربي منذ النكبة عام 1948.
وأشار إلى أن حكومة اليمين المتطرف توظّف الحرب وحالة الطوارئ من أجل إعادة فرض الرقابة على جهاز التعليم العربي بإعادة اقتراح مثل هذا القانون الهادف إلى الرقابة على المعلمين وفرض حالة من الخوف عليهم، وردعهم عن التعبير أو أي محاولة لفتح نقاش بين الطلاب والطالبات داخل الصفوف.
جيل متمرد
ويعتقد أبو عصبة أن مثل هذا القانون والإجراءات سيكون لهما تداعيات وتأثير على نهج وسلوك وأداء المعلمين والمعلمات والإدارات، التي لا تريد أن تكون في موضع شبهات حيال أي تصرف أو تعبير أو أي تغريدة، كما سيضع واضع المنهاج التعليم تحت الرقابة.
ولفت إلى أن القانون والإجراءات سيكون لهما تأثير على العملية التربوية في المدارس والمؤسسات التعليمية في الداخل الفلسطيني، لكنه استدرك أن الطالب "منكشف ومنفتح للعالم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والتربية في البيت والمجتمع".
وعليه، يعتقد أن مثل هذه التشريعات وإجراءات الرقابة ومحاولات السيطرة ستخلق جيلا متمردا من الطلبة، وسيلجأ هؤلاء إلى مصادر خارجية للحصول على العلم والمعرفة. "لكن تغييب دور المدرسة والمؤسسة التعليمية له من دون شك تداعيات على صقل شخصية وهوية الطالب".
بدورها، قالت الناشطة السياسية المعلمة نيفين أبو رحمون إن القانون الذي يبدو للوهلة الأولى أنه يطال المعلمين والمعلمات، يهدف في العمق للتحكم بجهاز التربية والتعليم العربي، والسيطرة على المدارس، وصياغة مناهج التعليم، وبالتالي إنتاج طالب عربي معزول عن روايته وقضيته والشعب الفلسطيني الذي ينتمي إليه.
ولفتت نيفين، في حديثها للجزيرة نت، إلى أن هذا القانون يأتي بعد "فشل جميع مشاريع الأسرلة ورفضها من قبل النشء الفلسطيني في الداخل الذي خلق حالة نضالية في الشارع الفلسطيني وتحديا لإسرائيل، سواء من خلال هبة الأرض والمسكن في إسقاط مخطط "برافر" أو "هبّة الكرامة" في مايو/أيار 2021 بالالتحام مع نضال الشعب الفلسطيني بكل أماكن وجوده".
وتعتقد أن مشروع القانون يندرج ضمن سياسة الحكومة ومحاولاتها "أدلجة التربية والتعليم والمعرفة" بما يتلاءم مع أيديولوجيتها التي تنص على احتقار الفلسطيني وتغييب الرواية الفلسطينية وخلق جيل بعيد عن الهم الوطني والقومي، وخنق المعلم الفلسطيني أمام طلابه ليكون كما الطالب معزولا عن الواقع.
ودعت نيفين إلى مواجهة القانون وتأمين حاضنة جماهيرية ومجتمعية للمعلم الذي يعتبر من أهم ركائز النضال والتنشئة للأجيال، وذلك عبر الوحدة وعدم السماح للمؤسسة الإسرائيلية بالتفرد بالمعلمين والمعلمات، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني وتنظيمها لتكون شريكة ورافعة للنضال من خلال إيجاد حيز تربوي بديل للطلبة وللمعلمين يتحدى السياسات الإسرائيلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المعلمین والمعلمات التعلیم العربی مشروع القانون القانون الذی الرقابة على على جهاز إلى أن
إقرأ أيضاً:
الوطني الفلسطيني: تصريحات السفير الأمريكي حول الاستيطان تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي
قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح إن التصريحات الصادرة عن السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي والتي حاول فيها تبرير سماح حكومة الاحتلال بإنشاء 19 مستوطنة جديدة، تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية وتمثل موقفا سياسيا خطيرا يوفر غطاء سياسيا للاستيطان غير الشرعي.
وأضاف فتوح - في بيان له اليوم /السبت/ أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) - أن الاستيطان بجميع أشكاله، سواء تم تسميته تراخيص أو توسعا عمرانيا أو إجراءات ادارية هو استيطان غير قانوني ومدان وفقا للقانون الدولي الإنساني ووفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي أكد بشكل واضح عدم شرعية جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وطالب بوقفها الفوري.
وأكد أن الإدعاء بأن هذه الإجراءات لا تمثل ضما أو إعلانا للسيادة، هو محاولة للتلاعب بالمصطلحات القانونية والسياسية ولا يغير من حقيقة أن الاستيطان هو أداة من أدوات فرض الأمر الواقع وتقويض حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وجزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال.
وشدد فتوح على أنه لا يوجد أي طرف في العالم مخول بمنح الشرعية للاحتلال أو لسياساته الاستيطانية، وأن الشرعية الوحيدة التي يجب احترامها هي شرعية القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والإجماع الدولي الذي رفض الاستيطان واعتبره عقبة أساسية أمام السلام، مطالبا الإدارة الأمريكية بالالتزام بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية، واحترام قرارات الشرعية الدولية، والكف عن المواقف التي تشجع على انتهاك القانون الدولي وتغذي سياسة الإفلات من العقاب.
وحذر فتوح من أن مثل هذه التصريحات لا تخدم السلام ولا تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بل تعمق الصراع وتكرس الاحتلال وتقوض أي فرصة حقيقية لسلام عادل ودائم قائم على إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه الوطنية المشروعة كاملة.