مصر توقع الاتفاق الإطاري مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز الاستفادة من البرامج الأوروبية الفنية
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
وقّع سامح شكرى وزير الخارجية، وجوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، الاتفاق الإطارى بين مصر والاتحاد الأوروبى، لتعزيز استفادة مصر من عدد من البرامج الأوروبية الفنية، وذلك على هامش الاجتماع العاشر لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى.
«بوريل»: مصر تدعم غزة بشكل مباشر وليست مجرد شريك استراتيجى فى بناء السلام فى الشرق الأوسط بل فاعل استراتيجىوأكد جوزيب بوريل، نائب رئيس المفوضية الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، أن مصر ليست مجرد شريك استراتيجى فى بناء السلام فى الشرق الأوسط بل فاعل استراتيجى، لذلك لا يمكننا المضى قدماً بدون مشاركة مصر واتفاقها، فهى كانت فاعلة فى بناء السلام مع إسرائيل بعد سنوات عدة من الحرب، وهى تدعم وتوفر الدعم لغزة ودورها ليس فقط بالسماح بعبور الدعم لكنها تقدم ذلك الدعم.
وأضاف «بوريل»: «مصر تدعم غزة بشكل مباشر، وفى أى عمليات فى بناء السلام مصر عليها أن تلعب دوراً استراتيجياً فى العالم العربى والعالم الإسلامى وأيضاً علاقاتها بنا فى الاتحاد الأوروبى، وأريد التحدث عن تنفيذ حل الدولتين وعملية السلام، وأعتقد أنه من المهم إطلاق الأسماء على الأشياء، أعضاء الاتحاد الأوروبى يرون أن حل الدولتين طريقة لإحلال السلام، لذا دعونا نتحدث عن الهدف وبدء العجلة السياسية وتنفيذ هذا الحل الذى سنستمر عليه، إسرائيل ليس لديها حق الفيتو فى الأمم المتحدة التى أقرت حق تقرير المصير للفلسطينيين ولا يمكن لأحد أن ينقد ذلك».
جاءت تصريحات «بوريل» فى المؤتمر الصحفى المشترك مع وزير الخارجية سامح شكرى وأوليفيرا فارهيلى، مفوض الاتحاد الأوروبى لشئون الجوار، على هامش أعمال الاجتماع العاشر لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى الذى عقد أمس الثلاثاء ببروكسل، بحضور الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولى، والسفير بدر عبدالعاطى سفير مصر ببلجيكا، وكريستين بيرجر سفير الاتحاد الأوروبى بالقاهرة، والسفير عمر أبوالعيش أمين عام الأمانة الفنية للشراكة مع الاتحاد الأوروبى.
من جهته قال أوليفيرا فارهيلى، مفوض الاتحاد الأوروبى لشئون الجوار، إن عصراً ذهبياً يبدأ فى العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى، مشيراً إلى أن مصر أثبتت كونها شريكاً ثابتاً ويُعتمد عليه بالفعل فى المنطقة التى تواجه الكثير من التحديات، وهناك فرص ناقشناها وفرص أخرى اتفقنا على تعميقها واستغلالها على أكمل وجه، وتم الاتفاق على أن الأزمات فى المنطقة كبيرة للغاية.
«فارهيلى»: عصر ذهبى يبدأ فى العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى.. وازدهار واستقرار وسلام مصر هو أهم شىء لدى أوروباوأضاف «فارهيلى»: «ازدهار واستقرار وسلام مصر هو أهم شىء لدى أوروبا وأنا مسرور لذلك ونبنى معاً من خلال تعاوننا وفى آخر عدة سنوات وضعنا شراكتنا وشراكة عميقة وشاملة نأمل توقيعها فى أسرع وقت، وقد ذكر الوزير سامح شكرى الكثير من القضايا التى ناقشناها مثل نجاح خطة الاقتصاد وهى استثمار ٩ مليارات دولار فى مصر سواء فى الغذاء أو الطاقة والاقتصاد المستدام ونحن فخورون أن من ضمنها قمنا بتخصيص أكثر من ٥ مليارات للاستثمار فى مصر وهذا يشجعنا على المضى قدماً فى خطة الاستثمارات الاقتصادية الكبيرة، والمؤتمرات توفر فائدة كبيرة والاتحاد الأوروبى هو المستثمر الأول فى مصر، وشركات الاتحاد الأوروبى استثمرت فى مصر، ونحن فخورون بأننا الشريك التجارى الأول مع مصر بـ٧٠٪ من التجارة التى تقوم بها مصر، وناقشنا ملفات الطاقة ومذكرات التفاهم، وإمدادات الغاز».
«شكرى»: ناقشنا مع شركائنا الأوروبيين الوضع فى قطاع غزة.. ونسعى لتعميق الحوار فى جميع القضايا السياسية والاقتصادية.. وسنزيد من التعاون فى التعامل لبناء القدرات فى مكافحة الهجرة غير الشرعيةمن جهته أعلن سامح شكرى وزير الخارجية أن هناك تعاوناً مثمراً مع الشركاء فى أوروبا فى جميع المجالات.
وتابع وزير الخارجية: «ناقشنا وشركاؤنا الأوروبيون الوضع فى قطاع غزة، وسنستمر فى التعاون الثنائى ومناقشة وحل القضايا المتعلقة بالإقليم وخاصة الوضع فى قطاع غزة وركزنا على العلاقات الثنائية هناك لدعم وتعزيز التعاون وبدء علاقات من شأنها أن تدعم استقلالنا ونحن نقدر بشدة الدعم الذى يعطيه الاتحاد الأوروبى لنا».
وتابع: «سنستمر فى العمل على ستة محاور تؤكد التعاون بأكمله من الاقتصاد والاجتماع والسياسة وهى ذات فائدة لكلا الطرفين، وتحدثنا مطولاً عن الأزمات فى الشرق الأوسط، وأيضاً فى الوضع الحالى فى أوروبا وتعميق الحوار فى جميع القضايا السياسية والاقتصادية وقضايا مثل الهجرة، وسنزيد من التعاون بيننا فى التعامل لبناء القدرات فى مكافحة الهجرة غير الشرعية».
وعبر «شكرى» عن تقديره للاتحاد الأوروبى، للحصول على علاقات أكثر تأثيراً وأكثر فاعلية وأن يستمر العمل عليها والوصول لهذا المستوى من التفهم.
وقال: «نعتقد أن هذا فيه أفضل مصلحة لنا وللاتحاد الأوروبى وأنتم شريك معتمد وتقرون أن العلاقات مبنية على الاحترام والمنفعة المتبادلة وسنستمر فى المضى قدماً فى ذلك وتحقيق شراكة مستدامة وفعالة للتعامل مع الأزمات المشتركة والحصول على منفعة أفضل وقضايا مختلفة لتعزيز العلاقات على الصعيد الشعبى وكل العلاقات».
وكان سامح شكرى، وزير الخارجية، التقى صباح أمس الثلاثاء، مع رئيس لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان الأوروبى «دافيد ماك ألستر»، وذلك قبيل انعقاد الاجتماع العاشر لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى، للتشاور حول عدد من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وصرح السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، بأن اللقاء أعاد التأكيد على الأهمية التى يوليها الجانبان لتعزيز التواصل بين مصر والبرلمان الأوروبى، وفتح قنوات للحوار المباشر والبنّاء يستند إلى أسس الصداقة والاحترام المتبادل. كما أكد «دافيد ماك ألستر» على دعم البرلمان الأوروبى ولجنة الشئون الخارجية لمسار ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى فى ضوء الدور المحورى والإقليمى لمصر فى تعزيز أمن واستقرار المنطقة، فضلاً عما ستسهم به هذه الخطوة فى فتح مسارات جديدة للتعاون فى المجالات ذات الاهتمام المشترك. هذا، وأشار رئيس لجنة الشئون الخارجية إلى التقدير الذى تحظى به مصر داخل مختلف مؤسسات الاتحاد الأوروبى، وإجماع هذه المؤسسات على أهمية ترفيع العلاقات مع مصر باعتبارها شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبى.
هذا، وأضاف المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن اللقاء شهد أيضاً الترحيب بالزيارات المتبادلة مع التيارات السياسية بالبرلمان الأوروبى، وما تسهم به فى توضيح الرؤية إزاء مصر سواء على الصعيد الداخلى أو فى إطار محيطها الجغرافى ودورها الإقليمى الحيوى فى المنطقة، حيث أعرب رئيس لجنة العلاقات الخارجية عن تثمينه للزيارة التى قام بها إلى مصر خلال العام الماضى، وما تضمنته من نقاشات معمقة حول التطورات الإيجابية التى تشهدها مصر خلال الفترة الحالية على كافة الأصعدة، إلى جانب أهم القضايا المطروحة على الصعيدين الإقليمى والدولى.
وأردف السفير «أبوزيد» أن تطورات الأزمة فى غزة استحوذت على شق كبير من اللقاء، حيث حرص رئيس لجنة الشئون الخارجية على التعرف على تقديرات وزير الخارجية لسبل حلحلة الأزمة ونتائج اتصالاته مع مختلف الأطراف خلال الفترة الأخيرة، فضلاً عن نتائج لقاءاته مع وزراء الخارجية ومسئولى الاتحاد الأوروبى خلال أعمال مجلس الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبى الذى انعقد أمس الأول الاثنين.
ومن جانبه، استعرض الوزير «شكرى» بشكل تفصيلى محددات الموقف المصرى إزاء هذه الأزمة، وكذلك الأوضاع الإنسانية المتدهورة فى قطاع غزة، ما تفرضه من حتمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٧٢٠ لتسهيل وتنسيق ومراقبة عملية إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطينى بشكل كامل ومستدام.
هذا، وثمّن رئيس لجنة العلاقات الخارجية الدور الذى تلعبه مصر فى حل الأزمة الكارثية الراهنة فى قطاع غزة وتوصيل المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، مؤكداً ما تمثله مصر من ركيزة للأمن والاستقرار بالمنطقة، ودعم لجنة الشئون الخارجية للدور المصرى وتعويلهم عليه لإنهاء هذه الأزمة. كما تناول اللقاء تبادل التقييمات بشأن التطورات التى يشهدها أمن الملاحة الدولية فى البحر الأحمر ارتباطاً بالأزمة فى غزة، وكذلك الأوضاع فى السودان.
هذا، واختتم اللقاء بتأكيد الجانبين أهمية استمرار قنوات التواصل بينهما بهدف التشاور والتنسيق الوثيق حول التحديات المشتركة التى تواجه الإقليم.
كما التقى السيد سامح شكرى وزير الخارجية، أمس الأول الاثنين، بالسيدة «يلفا يوهانسون» المفوضة الأوروبية للشئون الداخلية والهجرة، وذلك خلال الزيارة التى يقوم بها حالياً إلى بروكسل لرئاسة وفد مصر فى اجتماعات مجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى.
واستعرض وزير الخارجية باستفاضة النهج الشامل الذى تتبناه مصر فى التعامل مع موضوعات الهجرة، بما يشمل تناول الظاهرة من مختلف جوانبها الأمنية والتنموية، ويسعى إلى الحد من تداعياتها من خلال التصدى للأسباب الجذرية التى تدفع بها. كما أبرز «شكرى» اهتمام الجانب المصرى بتعزيز التعاون الثنائى مع الاتحاد الأوروبى فى مجال الهجرة النظامية وإطلاق برامج للتدريب والتعليم الفنى والمهنى لتأهيل العمالة المصرية إلى سوق العمل الأوروبية، بما يسهم فى الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية على المدى الطويل.
فى سياق متصل، أبرز سامح شكرى خلال اللقاء التحديات والأعباء التى تتحملها مصر فى ضوء استضافتها لتسعة ملايين لاجئ ومهاجر يتلقون الخدمات الأساسية أسوة بالمواطنين المصريين. ومن هذا المنطلق، نوه «شكرى» إلى أهمية زيادة الدعم الأوروبى المقدم لمصر فى مجال الهجرة بما يتناسب مع الأعباء التى تتحملها مصر ويعكس النجاح الذى حققه النموذج المصرى فى مكافحة الهجرة غير الشرعية، الذى نتج عنه وقف كل مراكب الهجرة غير الشرعية المتجهة من مصر إلى أوروبا منذ عام ٢٠١٦.
والنقاش تطرق أيضاً إلى تداعيات الأزمات فى السودان وليبيا والأراضى الفلسطينية المحتلة، حيث استعرض الوزير شكرى الجوانب السياسية والأمنية لتلك الأزمات، ملقياً الضوء على الجهود المصرية التى قامت بها كافة الجهات الوطنية للتعامل مع تداعياتها. واتصالاً بتطورات الأوضاع فى قطاع غزة، جدد وزير الخارجية موقف مصر الراسخ بشأن استمرار رفض نزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم، مشيراً فى هذا الصدد إلى أن أى محاولات لتصفية القضية الفلسطينية على هذا النحو كانت وستظل مرفوضة فلسطينياً ودولياً ومصرياً.
وفى ختام اللقاء، حرص وزير الخارجية والمسئولة الأوروبية على تبادل الرؤى بشأن آليات تنفيذ مشروعات التعاون المتفق عليها، حيث أشادت «يوهانسون» بهذا التعاون، وتم التطرق لموضوع ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى لمستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والذى أكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى خلال لقائهم مع السيد وزير الخارجية أمس الأول الاثنين فى بروكسل، دعمهم الكامل له.
وقد حرص كل من السيد سامح شكرى والمفوضة الأوروبية للشئون الداخلية والهجرة على تناول المحور الخاص بالهجرة فى الشراكة الاستراتيجية فى المباحثات.
ويعتبر مجلس الشراكة من أهم أهدافه التركيز على العلاقات الثنائية، بما فى ذلك التعاون لتعزيز الاستقرار فى مصر وفى الاتحاد الأوروبى - بما فى ذلك حقوق الإنسان والأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة - فضلاً عن التعاون فى القضايا الاقتصادية والاجتماعية، بدءاً من الاستثمارات إلى البيئة والهجرة، والطاقة، وسيتناول مجلس الشراكة أيضاً شئون السياسة الخارجية، بما فى ذلك عدد من الأزمات الإقليمية.
وجدير بالذكر أن هذه المناقشات تأتى بعد التزام الاجتماع الأخير لمجلس الشراكة بمواصلة تعزيز الديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان ومعالجة التحديات المشتركة وتعزيز المصالح المشتركة وضمان الاستقرار على المدى الطويل والتنمية المستدامة لكلا الشريكين.
كما تطرق الاتحاد الأوروبى ومصر لمناقشة المبادرات الجارية التى تهدف، فى إطار اتفاقية الشراكة وأولويات الشراكة، إلى إطلاق العنان للإمكانات الكاملة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبى ومصر، ومرافقة التنمية الاجتماعية والاقتصادية فى مصر، والمساعدة فى التخفيف من تأثير الأزمات الحالية فى مصر.
وعلى هامش زيارته الحالية التى يقوم بها للعاصمة البلجيكية بروكسل لرئاسة الاجتماع العاشر لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى، التقى سامح شكرى وزير الخارجية مع ينس ستولتنبرج سكرتير عام حلف شمال الأطلنطى (الناتو)، مساء الاثنين.
وصرح السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، بأن اللقاء يأتى فى إطار الاهتمام بالتشاور مع الحلف بشأن تطورات التعاون الثنائى وتطورات الأزمات الإقليمية الراهنة.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية أن اللقاء أعاد التأكيد على الزخم الذى تشهده العلاقات الثنائية بين مصر والحلف، وتثمين مستوى التعاون القائم، وهو ما انعكس فى زيادة وتيرة تبادل الزيارات رفيعة المستوى خلال العام الماضى.
وقد تطرق المسئولان إلى سبل تعميق آليات التشاور المتبادل تجاه القضايا محل الاهتمام، والجهود الجارية لتدشين برنامج الشراكة المصمم بشكل فردى Individually Tailored Partnership Program (ITPP)، الذى ينظم العلاقات بين الجانبين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: وزير الخارجية سامح شكري الاتحاد الأوروبي بروكسل مصر غزة الشرق الأوسط الهجرة غير الشرعية سامح شکرى وزیر الخارجیة لجنة الشئون الخارجیة الهجرة غیر الشرعیة الاتحاد الأوروبى فى قطاع غزة رئیس لجنة أن اللقاء فى مصر فى ذلک مصر فى
إقرأ أيضاً:
أسرار الانتفاضة الأوروبية ضد الجرائم الإسرائيلية
مصير الإجراءات العملية.. وهل أصبحت علاقات الاحتلال مهددة بسبب حرب غزة؟
- ما علاقة المعركة الجانبية مع ترامب تجاريًا وأمنيًا؟ وهل تنتصر الإرادة والقدرة والسيادة الأوروبية؟
- هل توظّف القارة العجوز ورقة الاقتصاد واتفاقية الشراكة رغم انقسام الاتحاد حول العقوبات؟
- تحركات شعبية توجّه المواقف الرسمية.. والجاليات اليهودية ومواسم الانتخابات تحدد السياسات
ظلت أوروبا، تاريخيًا، تؤازر إسرائيل، بل شكّلت دولها ولاتزال عمقًا استراتيجيًا للسياسات الغربية المنحازة لتل أبيب، ومصدرًا أساسيًا للدعم السياسي والعسكري، فضلًا عن العلاقات التجارية والتكنولوجية.
غير أن التحولات الأخيرة في المواقف الأوروبية، التي تراوحت بين الإدانات العلنية الحادة، وبدء إجراءات عملية لمراجعة اتفاقيات الشراكة، تُهدد بما يشبه «انتفاضة دبلوماسية» لم تشهدها العلاقات الأوروبية الإسرائيلية، منذ عقود.
فما سر التحول، مؤخرا؟ وما الذي دفع دولًا مثل فرنسا، إسبانيا، أيرلندا، وهولندا إلى المجاهرة بمواقفها ضد تل أبيب؟ هل المجازر في قطاع غزة؟ أم تصاعد الضغوط الشعبية؟ وما مستقبل هذه الإجراءات؟ وهل يمكن أن تتحول إلى قطيعة حقيقية تهدد العلاقات الدولية لإسرائيل؟
تعاطف وإدانةخلال العامين الأخيرين، بدأت ملامح تغيُّر حاد في المزاج الأوروبي تجاه إسرائيل تظهر بشكل واضح، ولم تعد الإدانات خجولة، بل صارت تتسم بالحدة والوضوح، خاصة في ظل التطورات الدموية للعدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر عام 2023.
ومع تواصل المجازر، والحصار الخانق، والمجاعات الموثقة، تصاعد الغضب الشعبي الأوروبي، وخرجت عشرات التظاهرات في عواصم ومدن أوروبية كبرى تطالب بوقف الدعم لإسرائيل ومحاسبتها على انتهاكاتها.
لكن الأمر لم يتوقف عند حدود الرأي العام، بل تسلل إلى أروقة صناعة القرار السياسي الأوروبي، مؤخرا، فطالبت هولندا دول الاتحاد بمراجعة اتفاقيات الشراكة مع تل أبيب، وشددت الرقابة على تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج.
أما بريطانيا، فقد جمّدت المحادثات الاقتصادية الجارية مع إسرائيل، وأعلنت فرض عقوبات على بعض الحركات الاستيطانية بسبب أعمال عنف في الضفة الغربية، وفي سابقة غير مألوفة، أعربت 17 دولة من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي عن دعمها لتقييم العلاقة التجارية مع إسرائيل.
مبررات رسميةوتستند التحركات الأوروبية إلى الممارسات الإسرائيلية الدموية في غزة، لاسيما منع دخول المساعدات الإنسانية، والمخالفات الصريحة للقانون الدولي الإنساني، لكن التحول الأهم، يتمثل في تصويت معظم وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لصالح إعادة النظر في اتفاقية الشراكة.
وتعد اتفاقية الشراكة والتعاون الموقعة مع إسرائيل عام 1995، ودخلت حيز التنفيذ في يونيو 2000، الإطار القانوني للتعاون السياسي والاقتصادي بين الطرفين، وتشمل مجالات التجارة والبحث العلمي والطاقة والتكنولوجيا.
المراجعة الأوروبية تهدف إلى تقييم مدى التزام إسرائيل بالمادة الثانية من الاتفاقية، التي تنص صراحة على أن «احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يمثل شرطًا أساسيًا للعلاقة بين الأطراف المتعاقدة».
الخطوة وجدت ترحيبًا واضحًا من دول مثل هولندا وبلجيكا، اللتين أكدتا ضرورة احترام «سيادة القانون الدولي». هذا الموقف عزز من مواقف الحكومات الأوروبية التي باتت تُحرَج أمام شعوبها إن هي استمرت في دعم دولة متهمة بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية».
وجه آخرلا يمكن اختزال رد الفعل الأوروبي تجاه إسرائيل في الأبعاد الأخلاقية أو الإنسانية وحدها، في ظل عوامل جيوسياسية واقتصادية تفرض نفسها بقوة، أهمها عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسياسات أقل التزامًا بالتعددية والتنسيق مع الحلفاء الأوروبيين تظللها الإملاءات والصفقات.
ومن خلال موقفها تجاه، إسرائيل، تسعى أوروبا، حاليًا، إلى تأكيد قدر من السيادة السياسية والاقتصادية، لاسيما بعد أن فرضت الولايات المتحدة، رسومًا جمركية على السلع الأوروبية شملت السيارات والصلب والألومنيوم بنسبة وصلت إلى 25%.
ليس هذا فقط، لكنها تهدد برسوم إضافية بنسبة 20% ما لم يُقدِّم الأوروبيون تنازلات تجارية. رفض الاتحاد الأوروبي هذه الضغوط، مطالبًا باتفاقات متبادلة بدلًا من الامتثال الأُحادي، في إشارة إلى مساعٍ لتعزيز الاستقلال الاقتصادي عن الولايات المتحدة.
الجانب الأمني لا يقل أهمية، فمنذ فوز ترامب بالرئاسة مجددًا، تجددت الشكوك في العواصم الأوروبية بشأن مستقبل الضمانات الأمريكية لأمن القارة، ففي أكثر من مناسبة، عبّر ترامب عن استيائه من تحمّل الولايات المتحدة الجزء الأكبر من تكاليف حلف الناتو.
ويطالب الرئيس الأمريكي الأوروبيين بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 2% من ناتجهم المحلي، ومهددًا بخفض التزامات بلاده تجاه الدفاع المشترك. هذه الرسائل فتحت نقاشًا أوروبيًا جادًا حول جدوى إنشاء جيش أوروبي موحد.
تُظهر بيانات حلف الناتو (2023-2024) أن الولايات المتحدة ما زالت تسهم بنسبة تقارب 16% من ميزانية الحلف، بعد أن كانت 22%. هذا الانخفاض، إلى جانب أزمات مثل الحرب في أوكرانيا، دفع أوروبا إلى إعادة تقييم بنيتها الدفاعية.
ومع وعي تام بأن أي انسحاب أو تقليص أمريكي ستكون له كلفة باهظة، ليس فقط أمنيًا، بل اقتصادية أيضًا، نظرًا لاعتماد أوروبا الكبير على التكنولوجيا الدفاعية الأمريكية، تُشكِّل سياسات ترامب تجاه الشرق الأوسط عنصر توتر إضافي على الأوروبيين.
طرح ترامب لمقترحات مثيرة (تهجير سكانها، وتحويل غزة إلى منطقة سياحية) يضع دول الاتحاد الأوروبي في موقف حرج، فالشرق الأوسط ليس قضية إنسانية فقط، لكنه ملف أمني مباشر في ظل تدفقات اللاجئين، وتزايد المخاوف من التطرف وعدم الاستقرار.
كما أن تراجع الدعم الأمريكي التقليدي لإسرائيل، وتضاؤل حماسة ترامب لحكومة نتنياهو، يعزز من شعور الأوروبيين بضرورة صياغة مواقف أكثر استقلالية في هذا الملف، إلا أن الاتحاد لايزال عاجزًا عن اتخاذ خطوات جماعية حاسمة بسبب الانقسامات الداخلية.
هذا التحول في الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل نتيجة تفاعل مركّب بين سلوك ترامب الاستفزازي، والضغوط الشعبية، والانكشاف الأمني، وتراجع الثقة في التحالفات التقليدية، لكن التحول تحكمه قيود الواقع السياسي، والروابط التاريخية مع إسرائيل، والانقسامات الأوروبية نفسها.
خلافات داخليةما نراه من مواقف أوروبية نقدية لا يعكس قطيعة مع إسرائيل بقدر ما يعكس محاولات لموازنة المصالح والالتزامات، وسط عالم يزداد اضطرابًا، وحليف أمريكي يزداد تقلبًا، رغم الانقسام الداخلي في منظومة دول الاتحاد.
هذا الانقسام يعوق القدرة على اتخاذ خطوات موحدة، مثل فرض عقوبات شاملة، لكنه لا يمنع تحرك بعض الدول فرادى، أو ضمن تحالفات مصغرة، لمحاسبة إسرائيل، بما فيها تعليق التعاون الأكاديمي والثقافي، ووقف تمويل بعض المشاريع المشتركة.
لا يمكن فهم التحول الأوروبي دون رصد تأثير الرأي العام، فصور الأطفال الذين يموتون جوعًا، وتوابيت الضحايا في غزة، أحدثت صدمة أخلاقية في المجتمعات الأوروبية، دفعت الأحزاب اليسارية والوسطية إلى مراجعة مواقفها، خاصة في ظل أجواء انتخابية محتدمة في فرنسا وألمانيا وإسبانيا.
يشمل التقييم الأوروبي تحليل الآثار المحتملة على التجارة والنمو والتوظيف والاستهلاك، وتحديد ما إذا كانت تل أبيب لا تزال مؤهلة للاستفادة من الامتيازات الأوروبية. دعّم هذا التحرك: النمسا، بلجيكا، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، فرنسا، أيرلندا، لوكسمبورج، مالطا.
كما تدعم هذا المسار: هولندا، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، والسويد، وفي المقابل، تعارضه: ألمانيا، المجر، إيطاليا، التشيك، كرواتيا، ليتوانيا، قبرص، اليونان، وبلغاريا، معتبرة أن مراجعة الاتفاقية قد تعوق التعاون البناء، خاصة في المجالات الأمنية والبحثية.
تهديد حقيقيجاء قرار الاتحاد الأوروبي بمراجعة الاتفاقية مع إسرائيل ليشكّل خطوة سياسية بالغة الدلالة، دون أن يعني بالضرورة إلغاءها الفوري. إذ يفتح هذا القرار الباب أمام جملة من السيناريوهات المحتملة، من بينها تعليق الاتفاقية مؤقتًا، وفرض عقوبات اقتصادية تطال مستوطنات وصناعات عسكرية.
كما أن التحركات الأوروبية تفتح الأبواب أمام احتمال تجميد برامج التعاون الأكاديمي والعلمي بين المؤسسات الأوروبية ونظيرتها الإسرائيلية، غير أن تنفيذ هذه الإجراءات يظل رهنًا بإجماع الدول الأعضاء في الاتحاد، وهو ما يُعد تحديًا كبيرًا في ظل مواقف معارضة من بعض العواصم، وعلى رأسها المجر، التي قد تستخدم حق النقض «الفيتو» لإجهاض أي توجه لمعاقبة إسرائيل.
غير أن مجرد اتخاذ خطوة مراجعة الاتفاقية (وفقًا لتصريحات الممثلة العليا للشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس)، يمثل «ضربة سياسية قاسية» لتل أبيب، لما ينطوي عليه من مؤشرات واضحة على تآكل الغطاء الأوروبي التقليدي الذي طالما تمسكت به إسرائيل.
الاقتصاد الإسرائيليبلغ حجم التبادل التجاري بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في العام 2024 نحو 42.6 مليار يورو، ما جعل أوروبا الشريك التجاري الأول لإسرائيل، متقدمة على الولايات المتحدة. وتشكل واردات الاتحاد الأوروبي ثلث واردات إسرائيل من الأسلحة.
وتسعى تل أبيب لدمج صناعاتها في برامج أوروبية متقدمة بمجالات التكنولوجيا والصناعات الدوائية، غير أن التوتر الأخير يهدد برفض تمديد خطة العمل المشتركة بين الجانبين لمدة عامين، وتعليق المشاريع المشتركة في قطاعات حيوية.
كما أن عدم مراجعة الاتفاقية سيحول دون إدماج منتجات إسرائيلية جديدة في السوق الأوروبية، وهي نقطة مركزية في رؤية إسرائيل الاقتصادية، وتصدرت فرنسا، أيرلندا، وإسبانيا قائمة الدول الدافعة نحو اتخاذ مواقف أكثر حزمًا تجاه إسرائيل.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو دعم بلاده لإعادة النظر في الاتفاقية، واصفًا سياسات إسرائيل بـ«المهينة للقيم الأوروبية»، كما طالبت إسبانيا بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب المجازر في غزة.
بدورها، أعلنت بريطانيا (رغم كونها خارج منظومة الاتحاد) وقف المحادثات بشأن اتفاقية التجارة الجديدة مع تل أبيب، وأكدت أن الاتفاقات القديمة ستظل قائمة، لكنها لن تُحدث أو تُوسع، وحاولت إسرائيل الالتفاف والتحايل على الضغوط الأوروبية.
وأعلنت حكومة الاحتلال السماح بدخول شحنة مساعدات إنسانية محدودة إلى غزة، للمرة الأولى، بعد ثلاثة أشهر من الحصار التام، غير أن هذه الخطوة لم تقنع الأوروبيين، إذ بقيت مئات الشاحنات عالقة على المعابر، بينما لم تحصل الأمم المتحدة على التصاريح اللازمة للتوزيع.
محاولات مفضوحةورغم المحاولات الإسرائيلية المفضوحة للإيحاء بـ«تحركات إنسانية»، إلا أن عجزها عن ضمان وصول المساعدات، وسط استمرار العمليات العسكرية، قوّض مصداقية رئيسها بنيامين نتنياهو، ووزراء اليمين المتطرف أمام العواصم الأوروبية، والعالم.
الاتهامات الموجهة لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي (خاصة استهداف المدنيين، وتدمير البنية التحتية، ومنع المساعدات)، لم تعد مجرد اتهامات سياسية، بل دخلت مرحلة قانونية دولية، وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف ضد مسؤولين إسرائيليين بارزين.
وباتت الحكومات الأوروبية أكثر حساسية تجاه الشارع الداخلي، الذي يطالبها باتخاذ موقف واضح من الجرائم في غزة، بعدما كانت تكتفي بتبريرات إسرائيل عن «حق الدفاع عن النفس»، وإن كانت الإجراءات الأوروبية حتى الآن لا تزال في إطار المراجعة والتقييم.
مؤشرات المستقبل تُنذر بمزيد من التدهور، فإذا أثبتت المراجعة أن إسرائيل تنتهك التزاماتها الحقوقية، فقد يُفتح الباب لتعليق الاتفاقية بالكامل، أو فرض قيود تجارية، أو حتى حظر تصدير الأسلحة.
وإذا قررت محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية توجيه اتهامات مباشرة للحكومة الإسرائيلية، فإن الحكومات الأوروبية ستكون مضطرة قانونيًا لإعادة النظر في كل أوجه التعاون، كون أوروبا لم تعد كما كانت.
التبرير الأخلاقي الذي اعتمدت عليه إسرائيل لعقود بدأ يتآكل، والحصانة السياسية التي طالما تمتعت بها في المؤسسات والمحافل الأوروبية لم تعد مضمونة كما في السابق، فيما معظم العواصم الأوروبية تضع إسرائيل في موضع المساءلة.
اقرأ أيضاًالجامعة العربية تدين الغارات الاسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في سوريا
«مفيش حاجة حيبقى اسمها اسرائيل بعد كدة».. تحذير ناري من مصطفى بكري لدولة الاحتلال بعد تحرشها بمصر
جيش الاحتلال الاسرائيلي يواصل عدوانه على جنين ومخيمها لليوم الـ65