جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزواره إصدار وسطية الإسلام بـ 11 لغة
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بـمعرِض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزوَّاره كتاب "وسطية الإسلام" بقلم الشيخ محمد محمد المدني، وذلك بـ 11 لغة؛ هي (الفرنسية، الإسبانية، الإندونيسية، الأردية، الفارسية، التركية، اليونانية، البشتو، العبرية، الإيطالية، السواحيلية)، من إصدارات مركز الأزهر للترجمة؛ وذلك انطلاقًا من دور الأزهر الشريف في نشر الفكر الوسطي المستنير والتَّعريف بمبادئ الإسلام ومقاصده في كل ربوع العالم.
يوضِّح الشيخ المدني أن هدفه الذي يرمى إليه من هذا الكتاب أن يقتنع القارئ المسلم بأنه يعتنق أكمل الأديان وأعدلها، وأن مبادئ هذا الدين وأحكامه ومُثُله ومقاييسه هي المبادئ السليمة الكفيلة بإسعاد الفرد والمجتمع، وأن يقتنع القارئ غير المسلم بهذا المعنى نفسه حتى لا يتصوَّر الإسلام دعوة تعصبية أو قاصرة عما يكفل الحياة السعيدة للناس، وأن يعرف أن ما جاء به الإسلام إنما هو برنامج عملي إصلاحي للبشرية كافة، وأنَّه ينظر إلى مخالفيه نظرة قوامها التسامح والبر، وليس كما يصوره أعداؤه دينًّا هجوميًّا اغتياليًّا، أو هادمًا مدمرًا.
ويشير المؤلف إلى أنَّ هذه "الوسطية" الَّتي جعل الله المسلمين عليها، هي التي جعلت -أو من شأنها أن تجعل- المسلمين "شهداء على الناس"، أي أنَّ هذه الشريعة من شأنها أن تكون أمة خيرة متوسطة مستقيمة على الجادة، لا انحراف لها في شيء من الأشياء إلى طرف، ولا التواء لها في أمرٍ من الأمور عن الصراط السوي، فهي أمة لها طابع الاعتدال، قد مرنت عليه حتى أصبح سليقة لها، وصلحت به لأن تكون أمة القيادة والتوجيه إلى المثالية الواقعية، وأن تكون أحكامها هي الفيصل حين يختلف الناس على الأحكام، ومبادئها ومثلها هي المبادئ والمثل حين يختصم الناس في المبادئ والمُثُل.
وبعد نظرةٍ من المؤلف لواقع مرير تمر به الأمة الإسلامية، ينبِّه المؤلف أن القرآن الكريم يرشدنا إلى أن هذا الوضع الذى ارتضيناه لأنفسنا وضعٌ مقلوب، وأن علينا أن نعرف قيمة أنفسنا، وندرك وضعنا الصحيح في الحياة، وهو لا يكتفي منا بأن نشعر بعِزَّتنا وبأننا أمة مستقلة لها مبادئها وأحكامها وأفكارها وفلسفتها؛ بل يريد منا مع ذلك أن نشعر بأننا ندبنا في هذا العالم لرسالةٍ ساميةٍ شريفةٍ، نحن فيها الموجهون والقادة والدعاة إلى المثل والحماة لها، وأصحاب المناهج والقائمون على تنفيذها.
وينبه المؤلف أن هذه الأمة بمجموعها أمة تدعو إلى الخير، قال تعالى: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ". ثم يفسر المؤلف الآية بالقول: "ينبغي أن نفهم قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة) على معنى: ولتكونوا أمة هذا شأنها -أما الذين فسروها بمعنى: وليكن بعضكم أو فريق منكم دعاة الى الخير، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر، فإني لست معهم، ولا أجد في القرآن الكريم ما يدل على هذا التبعيض، فإن الله تعالى يقول في آخر هذه الآية {وأولئك هم المفلحون} فهل تراه يأمر عباده بأن يكون منهم فريق يفعل كذا وكذا ثم يقول لهم إن هذا الفريق فقط هم المفلحون؟" لافتًا إلى أنَّ الإسلام يريد بهذا المعنى تكوين (رأي عام) قوي؛ إذ يشعر كل فرد في الأمة بأنه شيء معتد به في كيانها، عليه واجب نحوها، لا نحو نفسه فقط.
ويشتمل كتاب وسطية الإسلام على خمسة فصول، يتناول الفصل الأول معنى الوسطية، ويعدِّد الفصل الثاني مظاهر تلك الوسطية من المزاوجة في طبيعة الانسان والاعتراف بالواقع البشري ومسايرة الفطرة وتهذيب الغرائز وبساطة العقيدة ويسر التكليف، بينما يوضح الفصل الثالث هدي الإسلام في الزواج والطلاق، ويناقش الفصل الرابع تحديد الوضع الاجتماعي لكل من الرجل والمرأة، ويأتي الفصل الخامس والأخير من الكتاب بعنوان "بحوث في أصول الأحكام".
ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: IMG 20240123
إقرأ أيضاً:
مخاوف من تزايد العنف الجهادي يغذي اتساع رقعة الاضطرابات في منطقة الساحل
كثف الجهاديون هجماتهم في منطقة الساحل خلال الأسابيع الأخيرة حيث نفذوا عمليات دموية في مالي وتوغلات في مدن رئيسية في بوركينا فاسو وألحقوا خسائر كبيرة بالجيش في النيجر.
تحاول المجالس العسكرية الحاكمة في بلدان الساحل الثلاثة والتي تعهدت خلال الانقلابات التي أوصلتها إلى السلطة جعل الأمن أولوية، منع تقدم الجهاديين الذين باتوا يهددون البلدان المجاورة في ساحل إفريقيا الغربي أكثر من أي وقت مضى.
وكانت الأسابيع القليلة الماضية دموية على وجه الخصوص في الساحل، وهي منطقة فقيرة شبه قاحلة تقع جنوب الصحراء الكبرى.
وقتل مئات الجنود في عدة هجمات نفذتها « جماعة نصرة الإسلام والمسلمين » المرتبطة بالقاعدة في مالي وبوركينا فاسو و »تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل » في النيجر.
يوضح لاسينا ديارا من « الأكاديمية الدولية لمكافحة الإرهاب » في جاكفيل في ساحل العاج بأن « الرؤية العالمية للإرهاب الإقليمي تتغير. هناك جانب فكري، ولكن هناك الجانب العرقي أيضا ».
وأضاف « أعلن قادة الجهاديين في مارس نيتهم تكثيف الهجمات ضد الجيوش الوطنية لمنع وقوع إبادة بحق شعب الفولاني ».
وأفاد مركز صوفان للأبحاث في مذكرة بأن العنف العسكري ضد المدنيين « فاقم الشعور بالظلم وساهم في تعزيز رواية الجهاديين ما ساهم في تنامي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين »، علما بأنه يتم عادة استهداف شعب الفولاني على وجه الخصوص في منطقة الساحل واتهام أفراده بدعم الجهاديين.
وأشار إلى « استراتيجية أوسع لتقويض ثقة العامة بقوات الدولة وزيادة التجنيد ».
ولفت ديارا إلى أن « هناك أيضا مسألة التنافس على الأراضي.. تسرع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الهجمات للتخفيف في الساحل من تأثير تنظيم الدولة الإسلامية الذي يعاود الصعود ».
بحسب العديد من المراقبين، تتباين أهداف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية في الساحل.
يؤكد ديارا بأن « تنظيم الدولة الإسلامية في الساحل هدفه الجهاد العالمي بنية تأسيس خلافة والتطبيق المتشدد للشريعة واتباع مقاربة وحشية، بما في ذلك ضد المدنيين ». في المقابل، تتبنى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين « مقاربة سياسة أكثر ».
يوضح ديارا بأن عاصمتي مالي وبوركينا فاسو « محاصرتين ».
ويقول « نظرا إلى قدراتها العملياتية المتزايدة، تملك جماعة نصرة الإسلام والمسلمين القدرة على احتلال عاصمة. لكن التحدي سيكون في إدارتها. ليس واضحا إن كانت لديهم الإمكانيات والخبرة في هذا المجال ».
بدوره، يحذر جيل يابي، مؤسس « مركز أبحاث المواطنين في غرب إفريقيا » Wathi، من التوقعات « الكارثية ».
وقال إن الميزة الرئيسية التي يتمتع بها الجهاديون هي « قدرتهم على الحركة والاندماج بين السكان ».
وأفاد مصدر عسكري غربي « لا يمكننا استبعاد سيناريو في بوركينا فاسو أشبه بما هو الحال عليه في الصومال حيث تقاوم العاصمة بينما تخرج باقي البلاد عن السيطرة ».
وصلت المجالس العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر إلى السلطة من خلال انقلابات وقعت بين الأعوام 2020 و2023 وباتت موحدة حاليا في إطار اتحاد كونفدرالي أطلق عليه « تحالف دول الساحل ».
ورفضت المجالس العسكرية الحاكمة التعاون مع الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) والقوى الغربية المنخرطة في جهود مكافحة الجهاديين.
ونادرا ما يتحدث حكامها عن الهجمات الجهادية، مشددين على أنهم استعادوا مناطق كبيرة.
وقال يابي إن « الأمر المقلق والذي يزعزع استقرار الجيش هو استخدام المجموعات المسلحة للمسيرات، والذي يمكن بأن يخفض أو حتى يقضي على الميزة التي يبدو أن الجيوش اكتسبتها خلال الشهور الأخيرة ».
وأفاد ديارا « تعيش هذه الحكومات في عزلة وتواجه صعوبات مالية على غرار دفع أجور الجنود. هناك ما يدفع للتشكيك في قدرتها على المقاومة على الأمد البعيد ».
أعلن « تحالف دول الساحل » مطلع العام تشكيل قوة مشتركة من 5000 جندي لتجري جيوشها الثلاثة عمليات مشتركة.
وقال يابي « لا يمكن القول إنه لا توجد نتائج إطلاقا، لكنهم يخسرون العديد من الرجال، وهو أمر يرجح بأن يثير مخاوف في ما يتعلق بحشد الجنود ».
من جانبه، تحدث المصدر العسكري الغربي عن « مخاوف من انهيار إقليمي » بسبب « مزيج من العوامل هي: حكومات ليست صلبة كثيرا وكل أنواع التهريب والانفجار السكاني والتضليل على الشبكات الاجتماعية وسحب المساعدات الأميركية ».
تستهدف الأجزاء الشمالية من توغو وبنين المحاذيتين لبلدان الساحل، بالفعل بأعمال عنف جهادية.
ترتبط بنين بعلاقات متوترة مع بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين، اللتين اتهمتاها بإيواء قواعد لتدريب الجهاديين، وهو أمر تنفيه.
وقال ديارا « حقيقة أنه لا يمكن لبنين خوض محادثات مباشرة مع جيرانها وتعاني بالتالي لتأمين حدودها، تزيد من هشاشة وضعها ».
كما تسعى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين لترسيخ حضورها في السنغال وموريتانيا عبر مالي، بحسب دراسة أجراها « معهد تمبكتو ».
وأخذ رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو التهديد على محمل الجد. وخلال زيارة إلى بوركينا فاسو في مايو، قال إن الاعتقاد بأن الجهاديين سيبقون محصورين في منطقة الساحل هو « وهم ».
(وكالات)
كلمات دلالية اضطرابات العنف الجهادي منطقة الساحل