لطالما أكدت الولايات المتحدة أن إيران تدعم جماعة الحوثي في اليمن، فضلا عن العديد من الفصائل المسلحة سواء في العراق أو سوريا، وبطبيعة الحال حزب الله في لبنان.

إلا أن تلك الاتهامات تكررت مؤخراً بوتيرة أكبر على لسان مسؤولين عسكريين في البنتاغون، مع تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر.

ولعل ما زاد الطين بلة، ما اكتشفته القوات البحرية الأميركية في 11 يناير عند سيطرتها على سفينة كانت تقل أسلحة إيرانية إلى الحوثيين.

فكيف تدعم طهران الحوثي في هجماته البحرية؟

بينت الشحنة التي تمت مصادرتها في ذلك اليوم أي قبل يوم واحد من ضربة أميركية بريطانية كبيرة استهدفت مواقع حوثية في اليمن، احتواءها على أحدث التقنيات العسكرية الإيرانية، ومكونات صواريخ عالية التقنية وأجهزة تشويش للطائرات بدون طيار.

كما شملت تلك المعدات المصادرة مجموعات تجميع صاروخ غدير، وهو صاروخ إيراني مضاد للسفن يصل مداه إلى أكثر من 200 ميل، لم يستخدمه الحوثيون من قبل؛ فضلا عن فوهات المحرك لصاروخ "طوفان"، وهو صاروخ باليستي كشفت عنه المجموعة في الفترة الأخيرة، ويمكنه استهداف إسرائيل في شكل أكثر فاعلية، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".

كذلك ضمت الشحنة تمديدات بصرية مصممة لتحسين دقة هجمات الطائرات بدون طيار.

وقبل ثلاثة أيام، صادرت السلطات العمانية أيضًا أجهزة تشويش على الطائرات بدون طيار، والتي قال مسؤولون ومستشارون غربيون إنها جاءت أيضًا من إيران.

مستشارون ومدربون أيضا

إلى جانب تلك الأسلحة، أرسل الحرس الثوري الإيراني وحليفه اللبناني حزب الله، مستشارين إلى اليمن لمساعدة جماعة الحوثي في الهجمات البحرية وإطلاق الصواريخ وطائرات الدرون، وفق ما أكد مستشارون ومسؤولون أمنيون غربيون.

كما أضافوا أن طهران تستعين بمهربين لجلب الأسلحة إلى اليمن من إيران ووسطاء لشراء قطع الغيار عبر شركات واجهة.

وأوضحوا أن مهندسين في اليمن يساعدون في تجميع الصواريخ والمسيرات وتشغيلها، فيما يقدم عمال صناعة الشحن معلومات استخباراتية حية حول السفن التي سيتم استهدافها.

إلى ذلك، كشف المستشارون والمسؤولون الأمنيون أن نقل تقنيات الصواريخ الباليستية والتدريب تشرف عليه الوحدة 340، التي دربت أفراداً من الحوثيين في إيران ولبنان ويقودها حامد فاضلي، الرئيس السابق لبرنامج الصواريخ الفضائية الإيراني.

"سفينة تجسس"؟!

من جهته، شدد الباحث الأميركي شارلز ليستر على الدور الإيراني الفعال في توجيه هجمات الحوثيين البحرية.

ورأى في تغريدات على حسابه بمنصة إكس مساء أمس الثلاثاء أن القول بأن إيران لا تستطيع السيطرة على الحوثيين بات منتشراً على نطاق واسع خلال الأسابيع الأخيرة، لكنه غير صحيح لاسيما فيما يتعلق بالهجمات في البحر الأحمر.

كما أشار إلى أن الحرس الثوري يعطي معلومات وتوجيهات من البحر لكل ضربة ينفذها الحوثيون.

وقال: "لا يخطئن أحد، الهجمات على الشحن التجاري ليست حملة حوثية بل عملية إيرانية، يتم تنسيقها من خلال وكيل تم تسليحه لسنوات لهذا الغرض على وجه التحديد".

إلى ذلك، لفت إلى أن "سفينة التجسس السرية بهشاد تتواجد حاليًا قبالة سواحل عدن وتقوم بتنسيق مع الحرس الثوري في توفير المعلومات الاستخبارية وبيانات الاستهداف للحوثيين".

وختم معتبراً أنه إذا أرادت أي جهة أن توقف وتشل تلك الهجمات البحرية، فما عليها سوى إغراق السفينة الإيرانية.

ومنذ 19 نوفمبر الماضي، أي بعد أكثر من شهر على تفجر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، هاجم الحوثيون 33 سفينة بأنواع مختلفة من الصواريخ الباليستية والمسيرات، زاعمين أن ضرباتهم هذه تستهدف السفن المتجهة نحو إسرائيل. ما تسبب في تعطيل حركة الشحن العالمي، وأثار مخاوف من التضخم العالمي.

كما فاقمت تلك الهجمات الحوثية المخاوف من أن تؤدي تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، والمستمرة منذ 7 أكتوبر الفائت، إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط، وتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

3 عوامل دفعت ترامب لاتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين

واشنطن- فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأوساط السياسية في واشنطن بإعلانه عن اتفاق مع جماعة الحوثيين لوقف الضربات العسكرية الأميركية على اليمن، في خطوة وُصفت بأنها سريعة وغير متوقعة.

وأعلن ترامب أول أمس الثلاثاء وقف العمليات العسكرية ضد الحوثيين مقابل التزام الجماعة بعدم استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر، وهو ما اعتبرته الجماعة "انتصارا"، مؤكدة في الوقت ذاته أن استمرار استهداف السفن الإسرائيلية خارج نطاق الاتفاق.

وقال ترامب إن "الحوثيين قالوا البارحة إنهم لم يعودوا يريدون القتال، وهذه أخبار جيدة"، في حين أعلنت سلطنة عمان لاحقا أنها لعبت دور الوسيط بين الطرفين للتوصل إلى هذه النتيجة".

أهداف غير محققة

وكان ترامب قد أطلق في 15 مارس/آذار الماضي أكبر حملة عسكرية في ولايته الجديدة ضد الحوثيين أسفرت عن مقتل مئات المدنيين وتدمير أجزاء واسعة من البنية التحتية في اليمن، بحسب تقارير عسكرية أميركية أكدت استهداف أكثر من ألف موقع واغتيال عدد من قادة الجماعة.

لكن على الرغم من الحملة المكثفة فإن العملية لم تحقق هدفها المعلن المتمثل في "استعادة حرية الملاحة الدولية"، وفق تصريحات للجيش الأميركي.

وعلّقت شركات شحن عالمية عملياتها في البحر الأحمر بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو ما اعتبرته الباحثة في معهد كوينسي للشؤون الخليجية آنيل شلين فشلا إستراتيجيا لواشنطن في تحقيق هدفها.

إعلان

وأوضحت شلين في حديثها للجزيرة نت أن "الاتفاق مع الحوثيين جاء مدفوعا بـ3 دوافع رئيسية":

الاستجابة لمطالب خليجية ورغبة ترامب في تهدئة التوترات مع الحوثيين قبل جولته المرتقبة في منطقة الخليج، حيث يحتاج السعوديون إلى استقرار البحر الأحمر لإنجاح رؤية 2030 الاقتصادية. تسهيل المحادثات مع طهران: يوفر الاتفاق بيئة أقل توترا للمفاوضات النووية الأميركية الإيرانية، ولا سيما بعد استبعاد مستشار الأمن القومي مايكل والتز بسبب تقاربه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. القلق من قدرة الحوثيين: تسبب صاروخ حوثي سقط قرب مطار بن غوريون وتجاوز نظام "ثاد" الدفاعي الأميركي في إرباك واشنطن، مما عجّل بالسعي نحو التهدئة.

زيارة مفصلية للخليج

وتأتي هذه التطورات قبيل زيارة ترامب المقررة إلى السعودية والإمارات وقطر خلال أسبوع، في خطوة وصفها محللون بأنها ستكتسب زخما أكبر بعد وقف الضربات.

واعتبر جودت بهجت أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون أن وقف الهجمات "يمنح ترامب فرصة الظهور بمظهر الرئيس القوي، ويخفف الغضب الشعبي الخليجي تجاه الضربات الأميركية التي استهدفت مدنيين يمنيين".

من جهته، رأى الباحث الإستراتيجي جورجيو كافيرو مدير مؤسسة "دراسات الخليج" أن الرياض "ستشعر بالارتياح" حيال الاتفاق، لأنه "يخفف التوترات في اليمن ويحقق الاستقرار في البلاد، وهو ما يتماشى مع سعي المملكة لإنجاح خطط التحول الاقتصادي ضمن رؤية 2030".

حسابات ترامب الإقليمية

وأشار كافيرو في حديثه للجزيرة نت إلى أن ترامب لا يريد أن تقترن ولايته الثانية بتورط عسكري جديد في الشرق الأوسط، قائلا إن "إدارة ترامب تفضل تركيز جهودها على مواجهة الصين بدلا من الانخراط مجددا في صراعات المنطقة".

وأضاف أن "الحوثيين لم يظهروا تراجعا ملحوظا نتيجة القصف، لكنهم تعرضوا لخسائر في الترسانة والأسلحة، وهو ما قد يكون دفعهم إلى القبول باتفاق التهدئة الذي رعته سلطنة عمان".

إعلان

ومع ذلك، شدد كافيرو على أن "الاتفاق يشمل فقط الولايات المتحدة والحوثيين، ولا يشمل إسرائيل، مما يعني أن المواجهات بين الطرفين ستستمر طالما استمرت الحرب في غزة".

كما أشار إلى أن الاتفاق قد يسهم في تحسين الأجواء للمفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، فيما وصفها بمحاولة للوصول إلى نسخة جديدة من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة 2.0)، مع إمكانية تقليص التوترات في ملفات أخرى غير نووية.

اتفاق غامض وأهداف غير معلنة

ورغم الترحيب الحذر بالاتفاق فإن بهجت شكك في تفاصيله، مشيرا إلى أن الحوثيين لم يعلنوا رسميا وقف استهداف السفن الإسرائيلية.

وأوضح أن "ترامب يريد إثبات نجاحه مقارنة بسلفه جو بايدن في وقف هجمات الحوثيين، خاصة أن حرية الملاحة تمثل أولوية اقتصادية قصوى للولايات المتحدة والعالم".

وفي سياق متصل، أكد بهجت أن لإيران تأثيرا محدودا على قرارات الحوثيين، لكنه رأى أن التصعيد الأخير وفر "فرصة لإيجاد بيئة أقل توترا للمحادثات الأميركية الإيرانية"، مشيرا إلى أن الإعلام العربي والإيراني رحب بالاتفاق، في حين بدت إسرائيل "مهمشة وغير راضية" عن هذه التطورات.

أما الباحثة آنيل شلين فرأت أن اتفاق التهدئة مع الحوثيين "يعكس رغبة ترامب في إنجاح المفاوضات مع طهران حتى إن كانت على حساب موقف إسرائيل"، معتبرة أن "ترامب مستعد لتقديم المصلحة الأميركية على حساب رغبات نتنياهو، وهو تحول لافت في نهج التعامل مع ملفات الشرق الأوسط".

مقالات مشابهة

  • السفن العالقة قبالة سواحل الحديدة تأمل بالتحرك بعد الاتفاق بين صنعاء وواشنطن 
  • 3 عوامل دفعت ترامب لاتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين
  • صحيفة إسرائيلية: كيف تلعب إيران بحذر بين موازنة المحادثات النووية الأمريكية والسياسة تجاه اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • "تحرك دبلوماسي" لإقناع الحوثيين بوقف هجماتهم ضد إسرائيل
  • أبو شوصاء: الدورات الصيفية أقوى من الصواريخ في مواجهة أعداء اليمن
  • إيران تكشف: واشنطن قبلت بتقييم الوكالة الدولية بعدم امتلاك طهران أسلحة نووية
  • إيران ترحب بوقف الهجمات الأميركية على اليمن
  • الملاحة البحرية الأسترالية  تدين الهجوم على سفينة تحمل ناشطين ومساعدات إلى غزة قبالة مالطا
  • لا تحذيرات من "تسونامي".. زلزال بقوة 4.8 درجة يضرب سواحل نيوزيلندا
  • ماكرون: فرنسا تعمل بلا كلل للإفراج عن رهينتين محتجزتين في إيران