كيف تدعم طهران الحوثيين في هجماتهم البحرية؟ وماذا تعمل سفينة تجسس قبالة سواحل عدن؟
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
لطالما أكدت الولايات المتحدة أن إيران تدعم جماعة الحوثي في اليمن، فضلا عن العديد من الفصائل المسلحة سواء في العراق أو سوريا، وبطبيعة الحال حزب الله في لبنان.
إلا أن تلك الاتهامات تكررت مؤخراً بوتيرة أكبر على لسان مسؤولين عسكريين في البنتاغون، مع تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر.
ولعل ما زاد الطين بلة، ما اكتشفته القوات البحرية الأميركية في 11 يناير عند سيطرتها على سفينة كانت تقل أسلحة إيرانية إلى الحوثيين.
فكيف تدعم طهران الحوثي في هجماته البحرية؟
بينت الشحنة التي تمت مصادرتها في ذلك اليوم أي قبل يوم واحد من ضربة أميركية بريطانية كبيرة استهدفت مواقع حوثية في اليمن، احتواءها على أحدث التقنيات العسكرية الإيرانية، ومكونات صواريخ عالية التقنية وأجهزة تشويش للطائرات بدون طيار.
كما شملت تلك المعدات المصادرة مجموعات تجميع صاروخ غدير، وهو صاروخ إيراني مضاد للسفن يصل مداه إلى أكثر من 200 ميل، لم يستخدمه الحوثيون من قبل؛ فضلا عن فوهات المحرك لصاروخ "طوفان"، وهو صاروخ باليستي كشفت عنه المجموعة في الفترة الأخيرة، ويمكنه استهداف إسرائيل في شكل أكثر فاعلية، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".
كذلك ضمت الشحنة تمديدات بصرية مصممة لتحسين دقة هجمات الطائرات بدون طيار.
وقبل ثلاثة أيام، صادرت السلطات العمانية أيضًا أجهزة تشويش على الطائرات بدون طيار، والتي قال مسؤولون ومستشارون غربيون إنها جاءت أيضًا من إيران.
مستشارون ومدربون أيضا
إلى جانب تلك الأسلحة، أرسل الحرس الثوري الإيراني وحليفه اللبناني حزب الله، مستشارين إلى اليمن لمساعدة جماعة الحوثي في الهجمات البحرية وإطلاق الصواريخ وطائرات الدرون، وفق ما أكد مستشارون ومسؤولون أمنيون غربيون.
كما أضافوا أن طهران تستعين بمهربين لجلب الأسلحة إلى اليمن من إيران ووسطاء لشراء قطع الغيار عبر شركات واجهة.
وأوضحوا أن مهندسين في اليمن يساعدون في تجميع الصواريخ والمسيرات وتشغيلها، فيما يقدم عمال صناعة الشحن معلومات استخباراتية حية حول السفن التي سيتم استهدافها.
إلى ذلك، كشف المستشارون والمسؤولون الأمنيون أن نقل تقنيات الصواريخ الباليستية والتدريب تشرف عليه الوحدة 340، التي دربت أفراداً من الحوثيين في إيران ولبنان ويقودها حامد فاضلي، الرئيس السابق لبرنامج الصواريخ الفضائية الإيراني.
"سفينة تجسس"؟!
من جهته، شدد الباحث الأميركي شارلز ليستر على الدور الإيراني الفعال في توجيه هجمات الحوثيين البحرية.
ورأى في تغريدات على حسابه بمنصة إكس مساء أمس الثلاثاء أن القول بأن إيران لا تستطيع السيطرة على الحوثيين بات منتشراً على نطاق واسع خلال الأسابيع الأخيرة، لكنه غير صحيح لاسيما فيما يتعلق بالهجمات في البحر الأحمر.
كما أشار إلى أن الحرس الثوري يعطي معلومات وتوجيهات من البحر لكل ضربة ينفذها الحوثيون.
وقال: "لا يخطئن أحد، الهجمات على الشحن التجاري ليست حملة حوثية بل عملية إيرانية، يتم تنسيقها من خلال وكيل تم تسليحه لسنوات لهذا الغرض على وجه التحديد".
إلى ذلك، لفت إلى أن "سفينة التجسس السرية بهشاد تتواجد حاليًا قبالة سواحل عدن وتقوم بتنسيق مع الحرس الثوري في توفير المعلومات الاستخبارية وبيانات الاستهداف للحوثيين".
وختم معتبراً أنه إذا أرادت أي جهة أن توقف وتشل تلك الهجمات البحرية، فما عليها سوى إغراق السفينة الإيرانية.
ومنذ 19 نوفمبر الماضي، أي بعد أكثر من شهر على تفجر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، هاجم الحوثيون 33 سفينة بأنواع مختلفة من الصواريخ الباليستية والمسيرات، زاعمين أن ضرباتهم هذه تستهدف السفن المتجهة نحو إسرائيل. ما تسبب في تعطيل حركة الشحن العالمي، وأثار مخاوف من التضخم العالمي.
كما فاقمت تلك الهجمات الحوثية المخاوف من أن تؤدي تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، والمستمرة منذ 7 أكتوبر الفائت، إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط، وتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
اعتقالات وإعدامات.. إيران تفكك شبكات تجسس إسرائيلية
طهران- أعلنت الأجهزة الأمنية الإيرانية، مطلع الأسبوع الماضي، ومع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، تنفيذ سلسلة من العمليات الأمنية والاستخباراتية الواسعة التي استهدفت ما وصفته بـ"شبكات تجسس تابعة للموساد الإسرائيلي"، في ظل الحرب غير المعلنة المتصاعدة بين طهران وتل أبيب.
وبحسب تقارير صادرة عن الوكالات الرسمية في طهران، فقد شنَّت قوات الأمن الإيرانية بالتنسيق مع وزارة الاستخبارات والحرس الثوري، عمليات أمنية متزامنة في محافظات متفرقة، شملت مازندران (في الشمال) وكردستان ولورستان (في الغرب) والضواحي الغربية لطهران، والمناطق الحدودية مع إقليم كردستان العراق وغيرها من المناطق.
ويشير تنوّع الجغرافيا التي شملتها الاعتقالات إلى "وجود بنية شبكية موزعة للعملاء"، وليست حالات فردية منعزلة، وفق ما نقلته وكالة نورنیوز.
معدَّات متطورةكما ضبطت القوات الأمنية، وفق وكالة تسنيم، معدات متطورة بحوزة المتهمين، منها طائرات مسيّرة، وأنظمة إطلاق، وأجهزة تشويش، واتصالات مشفّرة، كانت معدّة -حسب الرواية الرسمية- لتنفيذ عمليات "تخريبية ومنسقة".
وأفادت وكالة مهر للأنباء أن أحد المعتقلين في محافظة مازندران كان "عنصرا ميدانيا"، وتلقى تدريبات عسكرية في الخارج، وعُثر في مخبئه على متفجرات وأجهزة اتصال مربوطة بنظام تحكم عن بُعد.
وفي محافظة كردستان، ذكرت "تسنيم" أن أحد الموقوفين أقرّ خلال التحقيق بتهريب معلومات حساسة عن منشآت دفاعية مقابل مبالغ مالية بالدولار واليورو.
وصرّح مصدر أمني لوكالة نور نیوز، أن "طبيعة الأدوات المضبوطة تشير إلى أن الشبكات التي تم تفكيكها لم تكن في طور التجميع، بل كانت في مرحلة التنفيذ المتقدم، وبتوجيه مباشر من الخارج".
وفي لقاء مع التلفزيون الرسمي، قال العميد المتقاعد محمد رضا نقدي إن "الحرب الاستخباراتية باتت الوجه الحقيقي للمواجهة الحالية مع الكيان الصهيوني، ونحن نتعامل مع خلايا نائمة ومأجورين محليين تم تجنيدهم عبر الفضاء الإلكتروني".
إعلانونقلت وكالة فارس عن تحقيقات وزارة الاستخبارات أن بعض العملاء استخدموا تطبيق "واتساب" كوسيلة اتصال مباشرة مع مشغّليهم، لإرسال صور ومواقع مستهدفة تتعلق برادارات ومنشآت عسكرية.
كما ضبطت قوات الأمن أجهزة تشويش لاسلكي ونُظم إرسال كانت موضوعة في مناطق يصعب كشفها، بعضها داخل معدات منزلية معدّلة.
وأعلنت وكالة میزان (التابعة للسلطة القضائية) تنفيذ حكم الإعدام بحق شخصين أدينا بالتجسس لصالح جهاز الموساد، بعد محاكمات جرت "وفق الضوابط القانونية الكاملة" وهما:
إسماعيل فكري؛ أُعدم في 16 يونيو/حزيران الجاري، بعد إدانته بجمع معلومات أمنية لصالح إسرائيل، وقد اعتقل في محافظة أصفهان، حيث كان محل مراقبة استخباراتية منذ أشهر. مجید مسیبی؛ ونُفّذ الإعدام بحقه في 22 يونيو/حزيران الجاري، بتهم "المحاربة" و"الإفساد في الأرض"، وذكرت وكالة مهر أنه أقرّ بتلقيه تدريبا في إحدى دول الجوار، ونقل معلومات عبر أجهزة تشفير متقدمة.وأكدت تقارير التلفزيون الرسمي أن المعتقلين ليسوا أفرادا منفصلين، بل يشكلون خلايا ضمن شبكات استخباراتية أوسع.
كما تم توقيف 8 أشخاص أثناء محاولتهم الفرار من الحدود الغربية، في خطوة وُصفت بأنها "تعبير عن انهيار ثقة العملاء بمشغّليهم بعد فشل العمليات الأخيرة".
وسبق لإيران أن أعلنت في أعوام 2021 و2022 و2023 تفكيك خلايا مماثلة مرتبطة بالموساد، تورطت في اغتيالات طالت علماء في المجال النووي والدفاعي، أبرزهم العالم محسن فخري زاده.
مواجهة علنيةوترسم المعطيات المنشورة في الوكالات الإيرانية الرسمية ملامح مرحلة جديدة في المواجهة بين طهران وتل أبيب، يتصدرها:
إيران تواجه حربا استخباراتية نشطة لا تقلّ أهمية عن التهديدات العسكرية. شبكات التجسس الإسرائيلية اخترقت نسيجا محليا في عدد من المحافظات. الرد الإيراني بات أسرع وأكثر حسما، عبر الدمج بين العمل الأمني والمحاسبة القضائية، وتنفيذ الأحكام خلال أيام قليلة من النطق بها.وفي ظل التصعيد المتزايد، يبدو أن إيران تتجه إلى تصفية حاسمة لكل وجود استخباراتي أجنبي على أراضيها، إذ عبَّرت الإعدامات والاعتقالات الأخيرة عن انتقال من سياسة "الاحتواء الصامت" إلى مواجهة معلنة ومباشرة، حيث أصبح الرد الأمني يوازي بل يتقدّم على الرد العسكري أو الدبلوماسي.
ملفات وتحديات تفجيرات نطنز (2020–2021): شهدت منشأة نطنز تفجيرات متعاقبة، آخرها في أبريل/نيسان 2021، واعترفت وكالة الطاقة الذرية والمصادر الأمنية أنها "عمليات تخريب إسرائيلية". اغتيال محسن فخري زاده (نوفمبر/تشرين الثاني 2020): حيث اغتيل العالم النووي البارز في طهران بواسطة بندقية مثبتة على شاحنة بيك آب، بتخطيط مباشر من الموساد. تسلل طائرات مسيرة (2023): إذ حدث هجوم بطائرات مُسيرة في يناير/كانون الثاني 2023 استهدف مصنع ذخيرة عسكريا في أصفهان، وأُلقي باللائمة على الموساد. اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في طهران (يوليو/تموز 2024)، حيث استهدف غداة حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الحالي مسعود بزشكيان. إعلان
وتكشف التحقيقات والأدلة المصادرة أن بعض خلايا التجسس تجاوزت مرحلة الرصد والمراقبة إلى طور التخطيط التنفيذي، ما يدل على تعقيد الاختراق الإسرائيلي وتشعّبه في الجغرافيا الإيرانية.
ومع أن إيران أظهرت قدرة على تفكيك خلايا متقدمة ومنع هجمات وشيكة، إلا أن سجل العمليات السابقة، من تفجيرات لمنشآت نووية إلى اغتيالات نوعية، يؤكد أن التحدي لا يزال قائما في جانب الوقاية الاستخباراتية وبناء الحصانة الأمنية الداخلية.
وفي السياق، تبدو التحركات الأخيرة جزءا من مواجهة طويلة الأمد تدور في الظل، حيث تتقاطع أدوات الحرب الحديثة مع شبكات التجسس والاختراق السيبراني، في صراع مفتوح لم يعد مقتصرا على الجبهات العسكرية، بل بات يدور في عمق الداخل.